الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وأربعين وخمسمائة
فيها توفي القاضي ناصح الدّين أبو بكر الأرّجاني أحمد بن محمد ابن الحسين، قاضي تستر، وحامل لواء الشعر بالمشرق، وله ديوان مشهور.
روى عن ابن ماجة الأبهري، وتوفي في ربيع الأول، وقد شاخ.
وأرّجان: مشدّد [1] ، بلد صغير من عمل الأهواز. قاله في «العبر» [2] .
وقال ابن خلّكان [3] : منبت شجرته أرّجان، وموطن أسرته تستر وعسكر مكرم من خوزستان، وهو وإن كان في العجم مولده، فمن العرب محتده، سلفه القديم من الأنصار، لم تسمح [4] بنظيره سالف الأعصار، أوسيّ الأسّ خزرجيّه، قسّيّ النطق إياديّه، فارسيّ القلم وفارس ميدانه، وسلمان برهانه، من أبناء فارس الذين نالوا العلم المتعلق [5] بالثّريا، جمع بين العذوبة والطيب في الرّي والرّيّا. انتهى كلام العماد [6] .
وقال ابن خلّكان أيضا: وكان فقيها شاعرا، وفي ذلك يقول:
أنا أشعر الفقهاء غير مدافع
…
في العصر، أو أنا أفقه الشعراء
[1] في «آ» و «ط» : «مشددا» وما أثبتناه من «العبر» .
[2]
(4/ 121) .
[3]
انظر «وفيات الأعيان» (1/ 152- 154) .
[4]
في «آ» : «لم تسمع» وفي «وفيات الأعيان» : «لم يسمح» .
[5]
كذا في «آ» : «المعلق» وفي «ط» و «وفيات الأعيان» : «المتعلق» .
[6]
يريد انتهى نقل ابن خلّكان عن «الخريدة» للعماد الأصبهاني.
شعري إذا ما قلت دوّنه الورى
…
بالطبع لا بتكلّف الإلقاء
كالصوت في ظلّ [1] الجبال إذا علا
…
للسمع هاج تجاوب الأصداء
ومن شعره أيضا:
شاور سواك إذا نابتك نائبة
…
يوما، وإن كنت من أهل المشورات
فالعين تنظر منها ما نأى ودنا [2]
…
ولا ترى نفسها إلا بمرآة
ومن شعره وهو معنى غريب:
رثى لي وقد ساويته في نحوله
…
خيالي لمّا لم يكن لي راحم
فدلّس بي حتّى طرقت مكانه
…
وأوهمت إلي أنه بي حالم
وبتنا ولم يشعر بنا الناس ليلة
…
أنا ساهر في جفنه وهو نائم
وله أيضا:
لو كنت أجهل ما علمت لسرّني
…
جهلي كما قد ساءني ما أعلم
كالصّعو [3] يرتع في الرياض وإنما
…
حبس الهزار لأنه يترنّم
وله ديوان شعر فيه كل معنى لطيف، ومولده سنة ستين وأربعمائة، وتوفي بمدينة تستر، وقيل بعسكر مكرم، رحمه الله تعالى.
وفيها أبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق الهروي الحنفي، العبد الصالح، راوي «الصحيح» [4] و «الدارمي» [5] و [ «عبد» ][6] عن الداودي، عاش خمسا وثمانين سنة.
[1] في «وفيات الأعيان» : «في ملل» .
[2]
في «وفيات الأعيان» : «ما رنا ونأى» .
[3]
في «آ» و «ط» : «كالصقر» والتصحيح من «وفيات الأعيان» و «مرآة الجنان» (3/ 281) والصّعو: طائر.
[4]
يعني «صحيح البخاري» كما جاء مبينا في «سير أعلام النبلاء» (20/ 212) .
[5]
يعني «سنن الدارمي» .
[6]
ما بين حاصرتين مستدرك من «العبر» (4/ 121) ويعني ب «عبد» «مستند عبد بن حميد» .
وفيها الأمير معين الدّين أنر [1] الطّغتكيني، مقدّم جيش دمشق، ومدبّر الدولة، وكان عاقلا سايسا، حسن الديانة، ظاهر الشجاعة، كثير الصدقات، وهو مدفون بقبته التي بين دار البطيخ والشامية، توفي في ربيع الآخر وله مدرسة بالبلد.
وفيها الحافظ لدين الله، أبو الميمون، عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بالله العبيدي الرافضي، صاحب مصر، بويع يوم مصرع ابن عمه الآمر، فاستولى عليه أحمد بن الأفضل أمير الجيوش، وضيّق عليه، فعمل عليه الحافظ وجهز من قتله واستقلّ بالأمور، وعاش سبعا وسبعين سنة، وكان يعتريه القولنج، فعمل شيرماه الدّيلمي طبلا مركبا من المعادن السبعة، إذا ضربه من به داء القولنج خرج منه ريح متتابع واستراح. مات في جمادى الأولى، وكانت دولته عشرين سنة إلّا خمسة أشهر، وقام بعده ابنه الظافر.
وفيها أبو الفضل القاضي عياض بن موسى بن عياض، العلّامة اليحصبي السّبتيّ المالكي الحافظ، أحد الأعلام.
ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة، وأجاز له أبو علي الغسّاني، وأبو محمد بن عتّاب، وطبقتهما. ولي قضاء سبتة مدة، ثم قضاء غرناطة، وصنّف التصانيف البديعة، وسمع من أبي علي بن سكّرة وغيره، ومن مصنّفاته «الشفاء» الذي لم يسبق إلى مثله، ومنها «مشارق الأنوار» [2] في غريب «الصحيحين» و «الموطأ» ، وكان إمام وقته في علوم شتى، مفرطا في الذكاء، وله شعر حسن، منه قوله:
الله يعلم أني منذ لم أركم
…
كطائر خانه ريش الجناحين
[1] انظر «النجوم الزاهرة» (5/ 286) .
[2]
وهو من خيرة كتبه أيضا.
فلو قدرت ركبت البحر نحوكم
…
فإنّ بعدكم عنّي جنى حيني
وقوله:
انظر إلى الزرع وخاماته
…
تحكي وقد ماست أمام الرياح
كتيبة خضراء مهزومة
…
شقائق النّعمان فيها جراح
وبالجملة فإنه كان عديم النظير، حسنة من حسنات الأيام، شديد التعصب للسّنّة والتمسك بها، حتّى أمر بإحراق كتب الغزالي لأمر توهمه منها، وما أحسن قول من قال فيه:
ظلموا عياضا وهو يحلم عنهم
…
والظلم بين العالمين قديم
جعلوا مكان الراء عينا في اسمه
…
كي يكتموه وإنه معلوم
لو لاه ما فاحت [1] أباطح سبتة
…
والنّبت حول خبائها [2] معدوم
وفيها أبو بكر عبد الله بن عبد الباقي بن التّبّان الواسطي ثم البغدادي أبو بكر [3] ، الفقيه الحنبلي ويسمى محمد وأحمد أيضا.
قال ابن الجوزي: كان من أهل القرآن، سمع من أبي الحسين بن الطيوري، وتفقّه على ابن عقيل، وناظر، وأفتى، ودرّس، وكان أمّيّا لا يكتب، توفي في شوال عن تسعين سنة، ودفن بمقبرة باب حرب، رحمه الله تعالى. انتهى.
وقال ابن شافع: كان مذهبيا جيدا، وخلافيا مناظرا، ومن أهل القرآن.
بقي على حفظه لعلومه إلى أن مات، وله تسعون سنة أو أزيد.
وقال ابن النجّار: سمع منه المبارك بن كامل، وأبو الفضل بن شافع.
[1] كذا في «آ» و «ط» : «ما فاحت» وفي «وفيات الأعيان» (3/ 485) : «ما ناحت» .
[2]
في «وفيات الأعيان» : «والروض حول فنائها» .
[3]
انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 216) .
وفيها غازي [1] السلطان سيف الدّين، صاحب الموصل، وابن صاحبها زنكي بن آق سنقر. كان فيه دين وخير وشجاعة وإقدام. توفي في جمادى الآخرة، وقد نيّف على الأربعين، وتملّك بعده أخوه قطب الدّين مودود.
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «غاز» والتصحيح من «العبر» (4/ 123) .