الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة
قال العماد الكاتب: أجمع المنجمون في هذا العام في جميع البلاد على خراب العالم في شعبان عند اجتماع الكواكب الستة في الميزان بطوفان الرّيح، وخوّفوا بذلك الأعاجم والرّوم، فشرعوا في حفر مغارات، ونقلوا إليها الماء والزّاد [1] وتهيئوا، فلما كانت الليلة التي عيّنها المنجمون لمثل ريح عاد، ونحن جلوس عند السلطان، والشموع توقد فلا تتحرك، ولم نر ليلة مثل ركودها.
وفيها توفي العلّامة عبد الله بن برّي أبو محمد المقدسي ثم المصري [2] النّحوي، صاحب التصانيف، وله ثلاث وثمانون سنة. روى عن أبي صادق المديني وطائفة، وانتهى إليه علم العربية في زمانه، وقصد من البلاد لتحقيقه وتبحّره، ومع ذلك فله حكايات في التغفّل [3] وسذاجة الطبع، كان يلبس الثياب الفاخرة، ويأخذ في كمّه العنب [مع الحطب] والبيض، فيقطر على رجله ماء العنب، فيرفع رأسه ويقول: العجب! إنها [4] تمطر مع
[1] في «العبر» بطبعتيه: «والأزواد» .
[2]
انظر «إنباه الرواة» (2/ 110- 111) و «العبر» (4/ 247- 248) وما بين حاصرتين في الترجمة مستدرك منه و «سير أعلام النبلاء» (21/ 136- 137) .
[3]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الفضل» والتصحيح من «العبر» بطبعتيه.
[4]
في «آ» و «ط» : «إنما» والتصحيح من «العبر» بطبعتيه.
الصحو، وكان يتحدث ملحونا، ويتبرم بمن يخاطبه بإعراب، وهو شيخ الجزولي.
وفيها أبو السعود أحمد بن المبارك الزاهد الحريمي [1] . كان عطّارا فأقامه الله، فانقطع إليه، وصحب الشيخ عبد القادر الكيلاني، وله كرامات، وكان لا يأكل حتّى يطعم، ولا يشرب حتّى يسقي، ولا يلبس ثوبا حتّى يجعل في عنقه، ولا يتكلم إلّا جوابا، ولا يزال على طهارة، مستقبل القبلة، وقع عليه سقف، فجاء جذع فكسر رؤوس أضلاعه فلم يتحرك، حتى جاء أصحابه فأزالوا السقف عنه، فأقام عشرين سنة لا يعلم أحد أن أضلاعه مكسّرة حتّى مات، فوجدوها على المغتسل مكسّرة.
وفيها عبد الرّحمن بن جامع بن غنيمة بن البنّاء البغدادي الأزجي الميداني [2] الفقيه الحنبلي الزاهد، أبو الغنائم، ويسمى أيضا غنيمة.
ولد سنة خمسمائة تقريبا، وسمع الحديث من أبي طالب اليوسفي وغيره، وتفقّه على أبي بكر الدّينوري، وقرأ الخلاف على أسعد الميهني، وبرع، وأفتى، وناظر، ودرّس بمسجده، وكان عارفا بالمذهب، صالحا، تقيا.
قال ابن النجار: كان فقيها فاضلا ورعا زاهدا، مليح المناظرة، حسن المعرفة بالمذهب والخلاف. وحدّث عنه الشيخ موفق الدّين وغيره، وتوفي ليلة الاثنين ثامن شوال ودفن بمقبرة باب حرب.
وفيها علي بن مكّي [3] بن عبد الله أبو الحسن الضرير المقرئ الفقيه
[1] انظر «سير أعلام النبلاء» (20/ 502) .
[2]
انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 353- 354) .
[3]
في «ذيل طبقات الحنابلة» : «ابن عكبر» .
الحنبلي الأزجي [1] . قرأ القرآن، وسمع الحديث الكثير من ابن ناصر، وابن البطي، وغيرهما، وتفقّه على أبي حكيم النّهرواني، وكان من أهل الدّين والصلاح.
توفي ليلة الأربعاء عاشر شوال، ودفن بباب حرب إلى جانب شيخه أبي حكيم.
[1] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 354) .