المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة ثمان وسبعين وخمسمائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ٦

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد السادس]

- ‌كلمة حول منتخب شذرات الذهب لابن شقدة

- ‌سنة إحدى وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسمائة

- ‌سنة أربع وخمسمائة

- ‌سنة خمس وخمسمائة

- ‌سنة ست وخمسمائة

- ‌سنة سبع وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وخمسمائة

- ‌سنة تسع وخمسمائة

- ‌سنة عشر وخمسمائة

- ‌سنة إحدى عشرة وخمسمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وخمسمائة

- ‌سنة أربع عشرة وخمسمائة

- ‌سنة خمس عشرة وخمسمائة

- ‌سنة ست عشرة وخمسمائة

- ‌سنة سبع عشرة وخمسمائة

- ‌سنة ثمان عشرة وخمسمائة

- ‌سنة تسع عشرة وخمسمائة

- ‌سنة عشرين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة خمس وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة ست وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة أربعين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة خمس وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة ست وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة خمسين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة ثنتين وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة ست وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة ستين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وستين وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وستين وخمسمائة

- ‌سنة خمس وستين وخمسمائة

- ‌سنة ست وستين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وستين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وستين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وستين وخمسمائة

- ‌سنة سبعين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وسبعين وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وسبعين وخمسمائة

- ‌سنة خمس وسبعين وخمسمائة

- ‌سنة ست وسبعين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وسبعين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وسبعين وخمسمائة

- ‌سنة ثمانين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وثمانين وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وثمانين وخمسمائة

- ‌سنة خمس وثمانين وخمسمائة

- ‌سنة ست وثمانين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وثمانين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وخمسمائة

- ‌سنة تسعين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وخمسمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وخمسمائة

- ‌سنة ست وتسعين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وخمسمائة

- ‌سنة ستمائة

الفصل: ‌سنة ثمان وسبعين وخمسمائة

‌سنة ثمان وسبعين وخمسمائة

فيها سار صلاح الدّين، فافتتح حرّان، وسروج، وسنجار، ونصيبين، والرّقّة، ونازل الموصل فحاصرها، وتحيّر من حصانتها، ثم جاءه رسول الخليفة يأمره بالترحل عنها، فرحل ورجع، فأخذ حلب من عز الدّين مسعود الأتابكي وعوّضه بسنجار.

وفيها مات نائب دمشق فرّوخشاه، وولي بعده شمس الدّين محمد بن المقدّم.

وفيها توفي الشيخ الزاهد القدوة أبو العبّاس أحمد بن علي بن أحمد ابن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة، الشيخ الكبير الرفاعي البطائحي- والبطائح عدة قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة- كان شافعي المذهب، فقيها.

قال ابن قاضي شهبة في «طبقاته» [1] : وهو مغربي الأصل.

ولد في المحرم سنة خمسمائة، وتخرّج بخاله الشيخ الزاهد منصور.

قال ابن خلّكان: كان رجلا صالحا شافعيا فقيها، انضم إليه خلق من الفقراء، وأحسنوا فيه الاعتقاد، وهم الطائفة الرفاعية، ويقال لهم الأحمدية

[1] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 1- 3) .

ص: 427

والبطائحية، ولهم أحوال عجيبة من أكل الحيّات حيّة، والنزول إلى التنانير وهي تضّرم نارا، والدخول إلى الأفرنة، وينام الواحد منهم في جانب الفرن والخباز يخبز في الجانب الآخر، وتوقد لهم النّار العظيمة، ويقام السماع فيرقصون عليها إلى أن تنطفئ النار، ويقال: إنهم في بلادهم يركبون الأسود ونحو ذلك وأشباهه. انتهى.

وعن الشيخ أحمد أنه قال: سلكت كل الطرق الموصلة، فما رأيت أقرب ولا أسهل ولا أصلح من الافتقار والذّل والانكسار، فقيل له: يا سيدي! فكيف يكون؟ قال: تعظم أمر الله وتشفق على خلق الله، وتقتدي بسنة سيدك رسول الله.

وقد صنّف الناس في مناقب الشيخ أحمد- رحمه الله تعالى- وأفردوا ترجمته وذكروا من كراماته ومقاماته أشياء حسنة، وكان فقيها شافعيا قرأ «التنبيه» وله شعر حسن. توفي في جمادى الأولى.

قال ابن كثير: ولم يعقب، وإنما المشيخة في ابني أخيه. انتهى كلام ابن قاضي شهبة.

وقال في «العبر» [1] : وقد كثر الزّغل في أصحابه، وتجددت لهم أحوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق، من دخول النيران، وركوب السباع، واللّعب بالحيّات، وهذا لا يعرفه الشيخ ولا صلحاء أصحابه، فنعوذ بالله من الشيطان الرجيم. انتهى.

وقال سبط ابن الجوزي [2] : [حكى لي بعض أشياخنا قال:] حضرت عنده ليلة نصف شعبان وعنده نحو مائة ألف إنسان، فقلت له: هذا جمع

[1] انظر «العبر» (4/ 233) .

[2]

انظر «مرآة الزمان» (8/ 236) وما بين حاصرتين زيادة منه.

ص: 428

عظيم فقال: جسرت مجسر [1] هامان [2] ، أنى [3] خطر ببالي أني مقدم هذا الجمع؟.

وكان متواضعا، سليم الصدر، مجردا من الدّنيا، ما ادخر شيئا قطّ.

رآه بعض أصحابه في المنام مرارا في مقعد صدق ولم يخبره، وكان للشيخ أحمد امرأة بذيئة اللّسان تسفه عليه وتؤذيه، فدخل عليه الذي رآه في مقعد صدق يوما فرآه وفي يد امرأته محراك التّنّور، وهي تضربه على أكتافه، فاسود ثوبه وهو ساكت، فانزعج الرجل وخرج من عنده [فاجتمع بأصحاب الشيخ]، وقال: يا قوم يجري على الشيخ من هذه الامرأة هذا وأنتم سكوت؟

فقال بعضهم: مهرها خمسمائة دينار وهو فقير، فمضى الرجل وجمع خمسمائة دينار وجاء بها إلى الشيخ، فقال: ما هذا؟ قال: مهر هذه الامرأة السفيهة التي فعلت بك كذا وكذا، فتبسّم وقال: لولا صبري على ضربها ولسانها ما رأيتني في مقعد صدق.

وعن يعقوب ابن كراز، أن الشيخ كان لا يقوم لأحد من أبناء الدّنيا، ويقول: النظر في وجوههم يقسي القلب، وكان يترنم بهذا البيت:

إن كان لي عند سليمى قبول

فلا أبالي ما يقول العذول

وكان يقول:

ومستخبري عن سرّ ليلى تركته

بعمياء من ليلى بغير يقين

يقولون خبّرنا فأنت أمينها

وما أنا إن خبّرتهم بأمين

وذكر ابن الجوزي، أن سبب وفاته- رضي الله عنه أبيات أنشدت بين يديه، تواجد عند سماعها تواجدا كان سبب مرضه الذي مات فيه، وكان

[1] في «آ» و «ط» : «حشرت محشر» والتصحيح من «مرآة الزمان» والمعنى أقدمت مقدم هامان.

انظر «مختار الصحاح» (جسر) .

[2]

في «مرآة الزمان» : «ماهان» .

[3]

في «آ» و «ط» : «إن» والتصحيح من «مرآة الزمان» .

ص: 429

المنشد لها الشيخ عبد الغني بن نقطة حين زاره وهي:

إذا جنّ ليلي هام قلبي بذكركم

أنوح كما ناح الحمام المطوّق

وفوقي سحاب يمطر الهمّ والأسى

وتحتي بحار بالأسى تتدفّق

سلوا أمّ عمرو كيف بات أسيرها

تفكّ الأسارى دونه وهو موثق

فلا هو مقتول ففي القتل راحة

ولا هو مأسور يفكّ فيطلق

فمفهوم كلام ابن الجوزي أن الأبيات لغيره، مع أن ابن خلّكان [1] ذكر أنها من نظمه.

وفيها أبو طالب الخضر بن هبة الله بن أحمد بن طاووس الدّمشقي المقرئ. آخر من قرأ على أبي الوحش سبيع، وآخر من سمع على الشريف النّسيب، توفي في شوال وله ست وثمانون سنة.

وفيها أبو القاسم بن بشكوال خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى الأنصاري القرطبي، الحافظ. محدّث الأندلس ومؤرّخها ومسندها.

سمع أبا محمد بن عتّاب، وأبا بحر بن العاص، وطبقتهما، وأجاز له أبو علي الصّدفي، وسمع العالي والنازل، وكان سليم الباطن، كثير التواضع، ألّف خمسين تأليفا في أنواع العلوم، منها «الحكايات المستغربة» و «غوامض الأسماء المبهمة» [2] و «معرفة العلماء الأفاضل» و «القربة إلى الله بالصلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم» و «جزء» ذكر فيه من روى «الموطأ» عن مالك، رتبهم على حروف المعجم، فبلغوا ثلاثة وسبعين رجلا، وكتاب «المستعينين عند المهمات والحاجات وما يسرّ الله لهم من الإجابات» وغير ذلك، وولي قضاء بعض جهات إشبيلية، ثم اقتصر على إسماع العلم، وتوفي في ثامن رمضان، وله أربع وثمانون سنة.

[1] انظر «وفيات الأعيان» (1/ 172) .

[2]

وقد طبع حديثا في مكتبة عالم الكتب ببيروت طبعة متقنة محررة في مجلدين.

ص: 430

وفيها خطيب الموصل، أبو الفضل، عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر [1] الطّوسي ثم البغدادي.

ولد في صفر سنة سبع وثمانين، وسمع حضورا من طراد، والنّعالي، وغيرهما، وسمع من ابن البطر، وأبي بكر الطّريثيثي، وخلق، وكان ثقة في نفسه. توفي في رمضان.

قال ابن النجّار: وقرأ الفقه- أي فقه الشافعي- والأصول على إلكيا الهرّاسي، وأبي بكر الشّاشي، والأدب على أبي زكريا التّبريزي، وولي خطابة الموصل زمانا، وتفرّد في الدّنيا، وقصده الرّحّالون [2] .

وفيها أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن حمنيس [3] البغدادي السّرّاج. سمع أبا الحسن بن العلّاف، وأبا سعد بن خشيش، وجماعة.

قال ابن الأخضر: كان لا يحسن يصلي، ولا أن يقول التحيات، وتوفي في رجب. قاله في «العبر» [4] .

وفيها عز الدّين فرّوخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي، صاحب بعلبك وأبو صاحبها، الملك الأمجد، ونائب دمشق لعمه صلاح الدّين، وكان ذا معروف وبرّ، وتواضع، وأدب، وكان للتاج الكندي به اختصاص، توفي بدمشق ودفن في قبته التي بمدرسته المطلّة على الميدان في الشرق الشمالي

[1] في «آ» و «ط» و «العبر» طبع الكويت: «عبد القادر» والتصحيح من «العبر» طبع بيروت، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 87) .

[2]

كذا في «آ» و «العبر» (4/ 234) وفي «سير أعلام النبلاء» (21/ 89) : «الرّحّالون» . وفي «آ» :

«الراحلون» .

[3]

كذا في «آ» و «ط» و «العبر» بطبعتيه: «حمنيس» وفي «سير أعلام النبلاء» (21/ 89) :

«حمتيس» .

[4]

(4/ 235) .

ص: 431

في جمادى الأولى، وهو أخو صاحب حماة تقي الدّين.

وله شعر حسن، منه:

إذا شئت أن تعطي الأمور حقوقها

وتوقع حكم العدل أحسن موقعه

فلا تصنع المعروف مع غير أهله

فظلمك وضع الشّيء في غير موضعه

وفيها القطب النّيسابوري، الفقيه العلّامة، أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود الطّريثيثي- بضم الطاء المهملة، وفتح الراء، وسكون التحتية، ومثلثة، نسبة إلى طريثيث، ناحية بنيسابور- الشافعي.

ولد سنة خمس وخمسمائة، وتفقّه على محمد بن يحيى صاحب الغزالي، وتأدّب على أبيه، وسمع من هبة الله السّيدي وجماعة، وبرع في الوعظ، وحصل له القبول ببغداد، ثم قدم دمشق سنة أربعين، وأقبلوا عليه، ودرّس بالمجاهدية والغزالية، ثم خرج إلى حلب، ودرّس بالمدرستين اللتين بناهما نور الدّين، وأسد الدّين، ثم ذهب إلى همذان فدرّس بها، ثم عاد بعد مدة [1] إلى دمشق، ودرّس بالغزالية، وانتهت إليه رئاسة المذهب بدمشق، وكان حسن الأخلاق، قليل التصنّع، مطّرحا للتكلّف، صنّف مختصرا في الفقه سمّاه «الهادي» وتوفي بدمشق في شهر رمضان، ودفن بمقابر الصوفية.

وفيها أبو محمد بن الشّيرازي، هبة الله بن محمد بن هبة الله بن جميل [2] البغدادي المعدّل الصوفي الواعظ. سمع أبا علي بن نبهان وغيره، وقدم دمشق سنة ثلاثين وخمسمائة وهو شاب، فسكنها وأمّ بمشهد عليّ وفوّض إليه عقد الأنكحة، توفي في ربيع الأول وهو في عشر الثماني، وأمّ بعده في المشهد ابنه القاضي شمس الدّين أبو نصر محمد.

[1] قوله: «بعد مدة» لم يرد في «آ» .

[2]

كذا في «آ» و «ط» : «ابن جميل» وفي «العبر» بطبعتيه: «ابن مميل» .

ص: 432

وفيها أبو الفضل وفاء بن أسعد التّركي الخبّاز. روى عن أبي القاسم ابن بيان وجماعة، وتوفي في ربيع الآخر، وكان شيخا صالحا.

وفيها ممدود الذّهبي البغدادي المجاب الدّعوة. اتّهم بسرقة فأتي به إلى باب المتولّي [1] ، ومدّ ليضرب، فرفع النّقيب يده ليضربه فيبست يده، فقال له صاحب الباب: ما لك؟ قال: قد يبست يدي، فرفعوه عن الأرض، فعادت يده صحيحة، فعاد النّقيب ليضربه فيبست يده، فعل ذلك ثلاث مرّات، فبكى صاحب الباب، وقام إليه وأجلسه إلى جانبه واعتذر إليه.

وفيها أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن [2] صاحب المغرب، كان حسن السيرة، مجاهدا في سبيل الله تعالى، أغار الفنش [3] ملك طليطلة على بلاد الأندلس، فعدا إليه يوسف في مائتي ألف فارس وثمانين ألفا، فنزل على بلاد الفنش [3] ، فخامر عليه وزيره ابن المالقي، وقال للعساكر: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تعدوا إلى مراكش، فبقي في نفر يسير، وأرسل إلى الفنش [3] يقول له: ادهمه، فليس معه عسكر، فجاء الفنش [3] ، فالتقاه يوسف فطعن في جنبه فمات بعد يومين وحمل إلى إشبيلية، وكانت إمارته اثنتين وعشرين سنة، وقدّموا ولده يعقوب وبايعوه، ولقّبوه [4] بالمنصور، ولم يكن في ولد عبد المؤمن [5] مثل يعقوب.

وفيها أبو الحسن علي بن أبي المعالي المبارك، وقيل أحمد بن أبي

[1] في «ط» : «النوبي» .

[2]

انظر «سير أعلام النبلاء» (21/ 98- 102) .

[3]

كذا في «آ» و «ط» و «سير أعلام النبلاء» (21/ 100) : «الفنش» وفي بعض المصادر:

«الأذفنش» .

[4]

في «ط» : «ولقّب» .

[5]

في «ط» : «في بني عبد المؤمن» .

ص: 433

الفضل بن أبي القاسم بن الأحدب [1] الورّاق الدّارقزي المحوّلي [2] الفقيه الحنبلي، المعروف بابن غريبة.

ولد في منتصف رمضان سنة ست وخمسمائة، وسمع الكثير من أبي القاسم بن الحصين وغيره ببغداد وغيرها من البلاد، وتفقّه في المذهب على ابن سيف وغيره، وقرأ الفرائض على القاضي أبي بكر، وكان ثقة صحيح السماع، ذا عقل وتجربة، ولّاه الوزير ابن هبيرة رفع المظالم، وانقطع في آخر عمره بالمحوّل إلى أن مات، وأفلج قبل موته بشهور، وسمع منه جماعة، منهم: ابن الحنبلي، وابن القطيعي، وغيرهما، وروى عنه ابن الجوزي، وتوفي يوم الأحد حادي عشر جمادى الأولى بالمحوّل وحمل على أعناق الرجال، فدفن بمقبرة الإمام أحمد.

وفيها أبو القاسم عبيد الله [3] بن علي بن محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفرّاء القاضي ابن القاضي ابن القاضي أبي يعلى.

ولد ليلة الاثنين رابع عشر ذي الحجّة سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وأسمعه أبوه الكثير في صباه من جماعة أعيان، وسمع هو بنفسه من ابن ناصر الحافظ، وأبي بكر بن الزّاغوني وغيرهما، وبالغ في السماع والإكثار، وتفقّه وكتب، وكانت داره مجمعا لأهل العلم وينفق عليهم بسخاء نفس وسعة صدر، وسمع منه جماعة، منهم: ابن القطيعي، وجمع، وصنّف أنواعا من العلوم، وحمله بذل يده وكرم طبعه على أن استدان ما لا يمكنه وفاؤه، فغلبه الأمر حتّى باع معظم كتبه، وخرج عن يده أكثر أملاكه، واختفى في بيته من

[1] في «آ» و «ط» : «ابن الأديب» وما أثبته من «ذيل طبقات الحنابلة» .

[2]

انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 349) .

[3]

كذا في «آ» و «ط» : «عبيد الله» وفي «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 351) : «عبد الله» .

ص: 434

الديون، وبلغ به الحال إلى أن اغتيل في شهادة على امرأة بتصريف بعض الحاضرين، فأنكرت المرأة المشهود عليها ذلك الإشهاد، فكان سببا لعزله من الشهادة، فهو عدل في روايته ضعيف في شهادته، وتوفي يوم الجمعة يوم عيد الأضحى في هذه السنة أو في سنة ثمانين كما صححه بل جزم به ابن رجب.

ص: 435