الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وثمانين وخمسمائة
وتسمى سنة الملوك.
فيها توفي بكتمر السلطان سيف الدّين صاحب خلاط، توفي في جمادى الأولى، وكان فيه دين وإحسان إلى الرّعية، وله همّة عالية، ضرب لنفسه الطبل في أوقات الصلوات الخمس، قتله بعض الإسماعيلية. قاله في «العبر» [1] .
وفيها صاحب مكّة داود بن عيسى بن فليتة بن أبي هاشم العلوي الحسني [2] ، وكانت مكّة تكون له تارة ولأخيه مكثّر تارة.
وفيها محمود سلطان شاه أخو الملك علاء الدّين خوارزم شاه ابنا أرسلان بن محمد الخوارزمي [3] . تملّك بعد أبيه سنة ثمان وسبعين، ثم قوي عليه [4] أخوه وحاربه، وتنقّلت به الأحوال، ثم وثب على مدينة مرو، وكان نظيرا لأخيه في الجلالة والشجاعة، دفع الغزّ عن مرو، ثم تجمعوا له وحاربوه وقتلوا رجاله ونهبوا خزائنه، فاستعان على حربهم بالخطا، وجاء
[1](4/ 268) وانظر «سير أعلام النبلاء» (21/ 277- 278) .
[2]
انظر «العبر» (4/ 268) و «العقد الثمين» (4/ 354- 356) .
[3]
انظر «العبر» (4/ 268- 269) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 218- 219) .
[4]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «على» والتصحيح من «العبر» بطبعتيه.
بجيش عرمرم، واستولى على مملكة مرو، وسرخس، ونسا، وأبيورد، ووردت الخطا بمكاسب عظيمة من مال المسلمين، ثم أغار على بلاد الغوري، وظلم وعسف، ثم التقى هو والغوريّة فهزموه، ووصل إلى مرو في عشرين فارسا، وجرت له أمور طويلة، وتوفي في سلخ رمضان.
وفيها الحضرمي قاضي الإسكندرية أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد [1] المالكي [2] . روى عن محمد بن أحمد الرّازي وغيره.
وفيها صاحب الموصل السلطان عز الدّين مسعود بن مودود بن أتابك زنكي بن آق سنقر.
قال ابن الأثير [3] : بقي عشرة أيام لا يتكلم إلا بالشهادتين وبالتلاوة، ورزق خاتمة خير، وكان كثير الخير والإحسان، يزور الصالحين ويقرّبهم ويشفّعهم، وفيه حلم وحياء ودين. انتهى.
ودفن بمدرسته التي أنشأها بالموصل تجاه دار السلطنة، وتمكن بعده ولده نور الدّين.
وفيها السلطان صلاح الدّين الملك الناصر أبو المظفّر يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدّويني الأصل [4] أول دولة الأكراد وملوكهم.
قال ابن خلّكان [5] : اتفق أهل التاريخ على أن أباه وأهله من دوين
[1] قوله: «ابن محمد» سقط من «آ» .
[2]
انظر «العبر» (4/ 269) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 216- 217) .
[3]
انظر «الكامل» لابن الأثير (12/ 101- 102) .
[4]
انظر «الكامل» لابن الأثير (12/ 95- 97) و «العبر» (4/ 270) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 278- 291) .
[5]
انظر «وفيات الأعيان» (7/ 139) .
- بضم الدال المهملة وكسر الواو وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها نون، وهي بلدة في آخر عمل أذربيجان من جهة أرّان وبلاد الكرج [1]- وإنهم أكراد رواديّة- بفتح الراء والواو وبعد الألف دال مهملة ثم ياء مثناة من تحتها مشددة وبعدها هاء، والروادية بطن من الفذّانيّه [2] بفتح الفاء والذال المعجمة، وبعد الألف نون مكسورة ثم ياء مشددة مثناة من تحتها وبعدها هاء [3] ، قبيلة كبيرة من الأكراد- انتهى.
وقال الذهبي: هو تكريتيّ المولد. ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، وكان أبوه شحنة تكريت، ملك البلاد ودانت له العباد، وأكثر من الغزو وأطاب، وكسر الفرنج مرّات، وكان خليقا بالملك، شديد الهيبة، محببا إلى الأمة، عالي الهمّة، كامل السؤدد، جمّ المناقب، ولي السلطنة عشرين سنة، وتوفي بقلعة دمشق في السابع والعشرين من صفر، وارتفعت الأصوات في البلد بالبكاء، وعظم الضجيج، حتّى إن العاقل يتخيل أن الدّنيا كلها تصيح صوتا واحدا، وكان أمرا عجيبا، فرحمه الله ورضي عنه. انتهى.
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : كان شجاعا، سمحا، جوادا، مجاهدا في سبيل الله، يجود بالمال قبل الوصول إليه، وكان مغرما بالإنفاق في سبيل الله، وما كان يلبس إلّا ما يحل له لبسه، ومن جالسه لا يعلم أنه جليس سلطان، وكان شديد الرغبة في سماع الحديث. ادعى رجل عليه أن سنقر الخلاطي مملوكه مات على رقّه، فتزحزح عن طرّاحته وساواه في
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الكرد» والتصحيح من «وفيات الأعيان» والكرج: مدينة بين همذان وأصبهان. انظر «معجم البلدان» .
[2]
كذا في «آ» و «ط» وفي هامش «ط» علّق الأستاذ حسام الدّين القدسي رحمه الله بقوله: في ابن خلّكان: «الهذانية» وأما في «وفيات الأعيان» الذي بين يدي فاللفظة طبعت على هذا النحو: «الهذبانية» فلتحرر.
[3]
لفظة «هاء» سقطت من «آ» .
الجلوس، وادعى الرجل، فرفع السلطان رأسه وقال: لمن تعرفون سنقر؟
قالوا: نشهد أنه مملوكك مات على رقّك، ولم يكن للرجل بيّنة فأسقط في يده، ثم إن السلطان وهب له خلعة ونفقة وبغلة.
وما شتم أحدا قطّ، ولا كتب بيده ما فيه أذى مسلم، وكان الحجّاب يزدحمون على طرّاحته، فجاء سنقر الخلاطي وقدّم له رقعة [1] يعلّم عليها، وكان السلطان قد مدّ يده اليمنى على الأرض ليستريح، فداس عليها سنقر ولم يعلم، وقال له: علّم لي على هذه القصة، وكرر القول، والسلطان لا يرد عليه، فقال له السلطان: أعلّم بيدي أو برجلي؟ فنظر سنقر فرأى يد السلطان تحت رجله، فخجل، وتعجب الحاضرون من حلمه.
وأول ما فتح الدّيار المصرية، والحجاز، ومكّة، والمدينة، واليمن من زبيد إلى حضرموت، متصلا بالهند، ومن الشام: دمشق، وبعلبك، وحمص، وبانياس، وحلب، وحماة. ومن الساحل: بلاد القدس، وغزة، وتل الصافية، وعسقلان، ويافا، وقيسارية، وحيفا، وعكا، وطبرية، والشّقيف، وصفد، وكوكب، والكرك، والشّوبك، وصيدا، وبيروت، وجبلة، واللّاذقية، والشّغر، وصهيون، وبلاطنس، ومن الشرق حرّان، والرّها، والرّقّة، ورأس عين، وسنجار، ونصيبين، وسروج، وديار بكر، وميّافارقين، وآمد، وحصونها، وشهرزور، ويقال: إنه فتح ستين حصنا، وزاد على نور الدّين بمصر، والمغرب، والحجاز، واليمن، والقدس، والساحل، وبلاد الفرنج، وديار بكر، ولو عاش لفتح الدّنيا شرقا وغربا، وبعدا وقربا، ولم يبلغ ستين سنة، وكذا نور الدّين، وكان له ستة عشر ولدا ذكرا وبنت واحدة، وأكبرهم الأفضل علي، وابنته مؤنسة خاتون، تزوّج بها الكامل بن العادل، وبنى الملك الأفضل قبة شمالي الجامع الأموي في جواره شباك إلى الجامع ونقله
[1] لفظة «رقعة» سقطت من «آ» .
إليها في يوم عاشوراء، سنة اثنتين وتسعين، ومشى الأفضل بين يدي تابوته، وأراد العلماء والفقهاء حمله على أعناقهم، فقال الأفضل: تكفي أدعيتكم الصالحة، وحمله مماليكه وأخرج من القلعة وأدخل إلى [1] الجامع، ووضع قدّام باب النسر، وصلّى عليه القاضي محيي الدّين بن الزّكي، ثم حمل على الرؤوس إلى بطن ملحده، ثم لحده الأفضل وجلس ثلاثة أيام للعزاء، وأنفقت ستّ الشام أخت السلطان في هذه الأيام أموالا عظيمة، وقد رأى بعض الصالحين النّبيّ- صلى الله عليه وسلم في جماعة من أصحابه رضي الله عنهم وقد زاروا قبر صلاح الدّين، ولما مات اختلفت اخوته، وطمع الفرنج فأخذوا جبيلا حاصروها وبها جماعة من الأكراد فباعوها للفرنج. انتهى ما أورده ابن شهبة ملخصا.
وفيها أبو المظفّر منصور بن المبارك الواعظ، الملقب جرادة [2] . كان ظريفا كيّسا. ذكر يوما في وعظه حديث:«من قتل حيّة كان له قيراطان من الأجر، ومن قتل عقربا كان له قيراط» [3] فقام رجل فقال: يا سيدي، ومن قتل جرادة؟ قال: صلب على باب المسجد.
[1] لفظة «إلى» سقطت من «آ» .
[2]
انظر «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 197) .
[3]
ذكره سبط ابن الجوزي في «مرآة الزمان» (8/ 272) في معرض ترجمته ولم يعزه لأحد، ولم أجده بهذا اللفظ، وفي معناه حديث «من قتل حية فكأنما قتل كافرا» ذكره الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (2/ 234) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وإسناده ضعيف، وانظر «ميزان الاعتدال» للحافظ الذهبي (4/ 492 و 493) .