الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة
فيها التقى يعقوب صاحب المغرب وألفنش [1] فهزمه أيضا يعقوب، ولله الحمد، وساق وراءه إلى طليطلة وحاصره، وضربها بالمجانيق، فخرجت والدة ألفنش [1] وحريمه، وبكين بين يدي يعقوب، فرقّ لهنّ ومن عليهنّ، ولولا ابن غانية الملثم وهيجه ببلاد المغرب لافتتح يعقوب عدة مدن للفرنج، لكنه رجع لحرب غانية.
وفيها هبّت ريح سوداء عمّت الدّنيا، وذلك بعد خروج الناس من مكة، ووقع على الناس رمل أحمر، ووقع من الركن اليمانيّ قطعة، وتحرك البيت الحرام [مرارا] ، وهذا شيء لم يعهد [منذ بناه عبد الله بن الزّبير، رضي الله عنهما][2] .
وفيها ظهر ببوصير- قرية بصعيد مصر- بيت هرمس الحكيم [3] ، وفيه
[1] في «آ» و «ط» : «الفيش» والتصحيح من «دول الإسلام» (2/ 102) و «النجوم الزاهرة» .
(6/ 137) وقال صديقي الأستاذ عدنان عبد ربّه وتلفظ في الإسبانية ب «القنس» بالسين المهملة آخر الحروف.
[2]
انظر «النجوم الزاهرة» (6/ 139) وما بين حاصرتين زيادة منه.
[3]
قال السيوطي في «حسن المحاضرة» (1/ 62) : هو هرمس المثلث، ويقال له: إدريس عليه الصلاة والسلام، كان نبيّا، وحكيما، وملكا. وهرمس لقب
…
قال أبو معشر: هو أول من تكلم في الأشياء العلويّة من الحركات النجومية، وأول من بنى الهياكل، ومجّد الله فيها، وأول من نظر في الطب وتكلم فيه، وأنذر بالطوفان، وكان يسكن صعيد مصر، فبنى هناك
أمثلة كباش، وضفادع، وقوارير، كلها كاس، وفيه أموات لم تبل ثيابهم.
وفيها توفي أبو الرّضا أحمد بن طارق الكركي ثم البغدادي، التاجر المحدّث. سمع من ابن ناصر، وأبي الفضل الأرموي، وطبقتهما فأكثر، ورحل إلى دمشق ومصر، وهو من كرك نوح، وكان شيعيّا جلدا. قاله في «العبر» [1] .
وفيها نجيب الدّين أبو عبد الله حامد بن محمد بن حامد الصفّار الأصفهاني [2] ، الفقيه الحنبلي، المحدّث الإمام. سمع أباه أبا جعفر محمد، وأبا طاهر بن نصر، وجماعة بأصبهان، وبهمذان أبا زرعة المقدسي، وأبا العلاء العطّار [3] ، وقدم بغداد حاجّا سنة ثمان وثمانين، وسمع بها من جماعة، وقرأ على ابن الجوزي مناقب الإمام أحمد، وحدّث بها باليسير، وكتب عنه ابن النّفيس.
قال ابن النجّار: كان فقيها حنبليا فاضلا، له معرفة بالحديث. انتهى.
وفيها الإمام فخر الدّين قاضي خان [الحسن بن منصور][4] بن
الأهرام والبراني، وصوّر فيها جميع الصناعات، وأشار إلى صفات العلوم لمن بعده حرصا منه على تخليد العلوم بعده، وخيفة أن يذهب رسم ذلك من العالم، وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة، ورفعه إليه مكانا عليا.
أقول: وقال المرتضى الزّبيدي في «تاج العروس» (17/ 32) : وهرمس الهرامسة، يعنون به سيدنا إدريس عليه السلام وهو النبي المثلث. (ع) .
[1]
(4/ 378- 379) وانظر «النجوم الزاهرة» (6/ 140) وهو منسوب إلى «كرك» قرية في أصل جبل لبنان كما في «معجم البلدان» (4/ 452) .
[2]
انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 384) .
[3]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «القطّان» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» وانظر «الأنساب» (8/ 474) .
[4]
ما بين حاصرتين سقط من «آ» وأثبته من «ط» .
محمود بن عبد العزيز الأوزجندي [1] الإمام الكبير، بقية السلف، مفتي الشرق، من طبقة المجتهدين في المسائل. أخذ عن الإمام ظهير الدّين المرغيناني، وإبراهيم بن إسماعيل الصفّار، وتفقّه عليه شمس الأئمة الكردري [2] ، وله «الفتاوى» و «شرح الجامع الصغير» . قاله ابن كمال باشا في «طبقاته» [3] .
وفيها تقي الدّين أبو الفضل إلياس بن حامد بن محمود بن حامد بن محمد ابن أبي الحجر الحرّاني [4] الفقيه الحنبلي المحدّث. سمع ببغداد من شهدة وغيرها.
قال ناصح الدّين بن الحنبلي: وكان رفيقي في درس شيخنا ابن المنّي، وسكن الموصل إلى أن توفي بها في سلخ شوال، وولي مشيخة دار الحديث بها، وكان حسن الطريقة، وسمع منه بدل التبريزي.
وفيها سعد بن أحمد بن مكّي النّيلي [5]- بكسر النون نسبة إلى نيل بلد على الفرات [6]- المؤدب الشاعر، أكثر شعره مديح في أهل البيت.
قال العماد: كان غاليا في التشيع حاليا بالتورع، عالما بالأدب.
[1] قلت: ويقال أيضا: «الأزكندي» نسبة إلى «أوزكند» ويقال: «أزجند» أيضا بلد بما وراء النهر من نواحي فرغانة. قال ياقوت: وخبّرت أن «كند» بلغة أهل تلك البلاد معناه القرية كما يقول أهل الشام «الكفر» وانظر «معجم البلدان» (1/ 280) .
[2]
نسبة إلى «كردر» ناحية من نواحي خوارزم أو ما يتاخمها من نواحي الترك. انظر «معجم البلدان» (4/ 450) .
[3]
يعني في كتابه «طبقات المجتهدين» وهو مخطوط لم ينشر بعد فيما أعلم. انظر «الأعلام» للعلّامة الزركلي- طيّب الله ثراه- (1/ 133) .
[4]
انظر «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 266) و «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 387) .
[5]
انظر «معجم الأدباء» (11/ 190- 191) وقد أرّخ وفاته سنة (565) و «فوات الوفيات» (2/ 50- 51) وفيه «سعيد» بدل «سعد» .
[6]
انظر «معجم البلدان» (5/ 334) .
ومن شعره:
قمر أقام قيامتي بقوامه
…
لم لا يجود لمهجتي بذمامه
ملّكته كبدي فأتلف مهجتي
…
بجمال بهجته وحسن كلامه
وبمبسم عذب كأنّ رضا
…
به شهد مذاب في عبير
[1]
مدامه وهي طويلة.
وفيها الشيخ السّديد، شيخ الطبّ بالدّيار المصرية، شرف الدّين عبد الله بن علي [2] . أخذ الصناعة عن الموفّق بن المعين، وخدم العاضد صاحب مصر، ونال الحرمة والجاه العريض، وعمّر دهرا، وأخذ عنه نفيس الدّين بن الزّبير.
وحكى بعضهم أن الشيخ السّديد حصل له في يوم ثلاثون ألف دينار.
وحكى عنه ابن الزّبير تلميذه، أنه طهّر ولدي الحافظ لدّين الله، فحصل له من الذّهب نحو خمسين ألف دينار.
وفيها عبد الخالق بن عبد الوهّاب بن محمد الصّابوني المالكي الخفّاف [3] الحنبلي أبو محمد الضرير. سمّعه أبوه من أبي علي الباقرحي، وعلي بن عبد الواحد الدّينوري، وطائفة، وتوفي في ذي الحجّة. قاله في «العبر» .
ومن شعره:
دع النّاس طرّا واصرف الودّ عنهم
…
إذا كنت في أخلاقهم لا تسامح
فشيئان معدومان في الأرض درهم
…
حلال وخلّ في الحقيقة ناصح
[1] في «آ» و «ط» : «في عتيق» وما أثبته من «معجم الأدباء» و «فوات الوفيات» .
[2]
انظر «العبر» (4/ 279) و «حسن المحاضرة» (1/ 540) .
[3]
انظر «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 268- 269) و «العبر» (4/ 279) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 274- 275) .
وفيها أبو الغنائم بن المعلّم، شاعر العراق، محمد بن علي بن فارس بن علي بن عبد الله بن الحسين بن القاسم الواسطي الهذلي، الملقب نجم الدّين [1] الشاعر المشهور. كان شاعرا رقيق الشعر، لطيف حاشية الطبع، يكاد شعره يذوب من رقته، وهو أحد من سار شعره وانتشر ذكره ونبه بالشعر قدره وحسن به حاله وأمره وطال في نظم القريض عمره، وساعده على قوله زمانه ودهره. يغلب على شعره وصف الشوق والحب، وذكر الصّبابة والغرام.
وذكر بعضهم أن سبب لطافة شعر ابن المعلّم حفظ المنتسبين للشيخ أحمد بن الرفاعي لشعره واعتناؤهم به في سماعاتهم، فعادت عليه بركة أنفاسهم.
قال ابن خلّكان: وبالجملة فشعره يشبه النّوح، لا يسمعه من عنده أدنى هوى إلّا فتنة وهاج غرامه، وكان بينه وبين ابن التّعاويذي تنافس.
ومن شعر ابن المعلّم قوله من قصيدة:
ردّوا عليّ شوارد الأظعان
…
ما الدار إن لم تغن من أوطاني
[ومنها:]
ولكم بذاك الجذع من متمنّع
…
هزأت معاطفه بغصن البان
وقوله:
كم قلت إيّاك العقيق فإنّه
…
ضربت جآذره بصيد أسوده
وأردت صيد مها الحجاز فلم يسا
…
عدك القضاء فرحت بعض صيوده
وله من قصيدة:
[1] انظر «وفيات الأعيان» (5/ 5- 9) و «العبر» (4/ 279) .
أجيرتنا إنّ الدّموع التي جرت
…
رخاصا على أيدي النّوى لغوالي
أقيموا على الوادي ولو عمر ساعة
…
كلوث إزار أو كحلّ عقال
فكم ثمّ لي من وقفة لو شريتها
…
بنفسي لم أغبن فكيف بمالي
وكانت ولادته في ليلة سابع عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسمائة، وتوفي رابع رجب بالهرث- بضم الهاء وسكون الراء وبعدها ثاء مثلثة قرية من أعمال نهر جعفر بينها وبين واسط نحو عشرة فراسخ- وكانت وطنه ومسكنه إلى أن توفي بها.
وفيها ابن القصّاب الوزير الكبير مؤيد الدّين أبو الفضل محمد بن علي البغدادي [1] المنشئ البليغ، وزر [وسار بالعساكر، ففتح همذان وأصبهان، وحاصر الرّيّ، وصارت له هيبة عظيمة في النّفوس. توفي] بظاهر همذان في شعبان، وقد نيّف على السبعين [2] وردّ العسكر [3] ، فلما جاء خوارزم شاه نبشه [4] وحزّ رأسه وطوّف به بخراسان.
وفيها المجير الإمام أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطي ثم البغدادي [5] ، الفقيه الشافعي، أحد الأذكياء والمناظرين.
ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة، وتفقّه بالنظامية على أبي منصور بن الرزّاز وغيره، وأخذ علم الكلام عن أبي الفتوح محمد بن الفضل الإسفراييني، وصار المشار إليه في زمانه، والمقدّم على أقرانه. حدّث عن
[1] انظر «العبر» (4/ 279- 280) وما بين حاصرتين استدركته منه. و «سير أعلام النبلاء» (21/ 323- 324) .
[2]
في «آ» و «ط» : «على التسعين» والتصحيح من «العبر» وفي «سير أعلام النبلاء» : «وقد جاوز سبعين سنة» كما في كتابنا.
[3]
في «ط» «المعسكر» وفي «آ» «العساكر» وما أثبته من «العبر» وهو الصواب.
[4]
في «العبر» بطبعتيه إلى «بيّته» .
[5]
انظر «العبر» (4/ 280) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 255- 256) .
أبي الحسين وجماعة، ودرّس بالنظامية، وكان ذكيا طوالا غوّاصا على المعاني. قدم دمشق وبنيت له مدرسة جاروخ [1] ثم توجه إلى شيراز وبنى له ملكها مدرسة، ثم أحضره ابن القصّاب وقدّمه.
قال ابن شهبة [2] : قال ابن الدّبيثي: ما رأينا أجمع لفنون العلم منه، مع حسن العبارة. قال: وخرج رسولا إلى خوارزم شاه إلى أصبهان، فمات بهمذان في ذي القعدة.
وفيها يوسف معالي الأطرابلسي ثم الدّمشقي الكتّاني البزّار [3] المقرئ. روى عن هبة الله بن الأكفاني وجماعة، وتوفي في شعبان.
[1] وكانت تعرف بالمدرسة الجاروخية، وهي داخل بابي الفرج والفراديس، لصيقة الإقبالية الحنفية، شمالي الجامع الأموي والظاهرية الجوانية، بناها جاروخ التركماني الملقب ب سيف الدّين. انظر «الدارس في تاريخ المدارس» للنعيمي (1/ 225- 232) .
[2]
انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 62) .
[3]
انظر «العبر» (4/ 280) .