الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وخمسمائة
فيها قتلت الباطنية بهمذان قاضي قضاة أصبهان عبيد الله بن علي الخطيبي.
وقتلت بأصبهان يوم عيد الفطر أبا العلاء صاعد بن محمد البخاري، وقيل: النيسابوري الحنفي المفتي، أحد الأئمة عن خمس وخمسين سنة.
وقتلت بجامع آمل يوم الجمعة في المحرم فخر الإسلام القاضي أبا المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الرّوياني، شيخ الشافعية، وصاحب التصانيف، وشافعيّ الوقت. أملى مجالس عن أبي غانم الكراعي، وأبي حفص بن مسرور، وطبقتهما، وعاش سبعا وثمانين سنة.
قال ابن قاضي شهبة [1] : كانت له الوجاهة والرئاسة والقبول التام عند الملوك فمن دونها. أخذ عن والده وجدّه، وبميّافارقين عن محمد بن بيان [الكازروني] ، وبرع في المذهب، حتّى كان يقول: لو احترقت كتب الشافعيّ لأمليتها من حفظي، ولهذا كان يقال له: شافعي زمانه. ولي قضاء طبرستان، وبنى مدرسة بآمل، وكان فيه إيثار للقاصدين إليه.
ولد في ذي الحجة سنة خمس عشرة وأربعمائة، واستشهد بجامع آمل
[1] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (1/ 318- 319) وما بين الحاصرتين زيادة منه.
عند ارتفاع النهار بعد فراغه من الإملاء يوم الجمعة حادي عشر المحرم، ومن تصانيفه «البحر» وهو بحر كاسمه، و «الكافي» و «الحلية» مجلد متوسط، فيه اختيارات كثيرة، وكثير منها يوافق [1] مذهب مالك، وكتاب «المبتدي» - بكسر الدال- وكتاب «القولين والوجهين» مجلدان. انتهى ملخصا.
وعظم الخطب بهؤلاء الملاعين، وخافهم كل أمير وعالم، لهجومهم على الناس.
وفيها أبو القاسم الرّيفي علي بن الحسين الفقيه الشافعي المعتزلي، ببغداد. روى عن أبي الحسن بن مخلد، وابن بشران، وتوفي في رجب عن ثمان وثمانين سنة.
وفيها محمد بن عبد الكريم بن خشيش أبو سعد البغدادي، في ذي القعدة، عن تسع وثمانين سنة. روى عن ابن شاذان.
وفيها أبو زكريا التّبريزيّ الخطيب، صاحب اللغة، يحيى بن علي ابن محمد الشيباني، صاحب التصانيف. أخذ اللغة عن أبي العلاء المعرّي، وسمع من سليم بن أيوب بصور، وكان شيخ بغداد في الأدب. توفي في جمادي الآخرة عن إحدى وثمانين سنة.
وقال ابن خلّكان [2] : سمع الحديث من سليم الرّازي وغيره من الأعيان، وروى عنه الخطيب الحافظ البغدادي، صاحب «تاريخ بغداد» والحافظ ابن ناصر، وغيرهما من الأعيان، وتخرّج عليه خلق كثير وتلمذوا له.
ذكره الحافظ أبو سعد السمعاني في كتاب «الذيل» وكتاب «الأنساب» وعدّد فضائله، ثم قال: سمعت أبا منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون المقرئ يقول: أبو زكريا يحيى بن علي التّبريزي ما كان بمرضيّ
[1] في «آ» و «ط» : «موافق» وأثبت لفظ «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة.
[2]
انظر «وفيات الأعيان» (6/ 191- 196) .
الطريقة، وذكر عنه أشياء، ثم قال: وتذاكرت [1] أنا مع أبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ بما ذكره ابن خيرون المقرئ، فسكت وكأنه ما أنكر ما قال، ثم قال: ولكن كان ثقة في اللغة، وما كان ينقله. وصنّف في الأدب كتبا مفيدة، منها:«شرح الحماسة» و «شرح ديوان المتنبي» و «شرح سقط الزّند» و «شرح اللّمع» لابن جني، و «شرح مقصورة ابن دريد» [2] و «شرح المعلقات السبع» وله «تهذيب غريب الحديث» و «تهذيب الإصلاح» و «الملخص في إعراب القرآن» في أربع مجلدات، وغير ذلك من الكتب الحسنة المفيدة.
وكان، قد دخل مصر في عنفوان شبابه، فقرأ عليه بها ابن بابشاذ النحوي شيئا من اللغة، ثم عاد إلى بغداد واستوطنها إلى الممات، وكان يروي عن أبي الحسن محمد بن المظفر بن نحرير [3] البغدادي جملة من شعره، فمن ذلك قوله- وهي من أشهر أشعاره-:
خليليّ ما أحلى صبوحي بدجلة
…
وأطيب منه بالصّراة غبوقي
شربت على الماءين من ماء كرمة
…
فكانا كدرّ ذائب وعقيق
على قمري أفق وأرض تقابلا
…
فمن شائق حلو الهوى ومشوق
فما زلت أسقيه وأشرب ريقه
…
وما زال يسقيني ويشرب ريقي
وقلت لبدر التّمّ تعرف ذا الفتى؟
…
فقال: نعم هذا أخي وشقيقي.
وهذه الأبيات من أملح الشعر وأظرفه.
وكانت ولادة يحيى هذا سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وتوفي فجاءة [4] يوم الثلاثاء ثامن عشري جمادى الآخرة ببغداد.
[1] في «وفيات الأعيان» : «وذاكرت» .
[2]
قوله: «وشرح اللمع» لابن جنّي، و «شرح مقصورة ابن دريد» لم يرد في «وفيات الأعيان» الذي بين يدي.
[3]
كذا في «آ» : «ابن نحرير» و «وفيات الأعيان» ، وفي «ط» :«ابن محيريز» .
[4]
في «وفيات الأعيان» : «فجأة» وكلاهما بمعنى. انظر «مختار الصحاح» (فجأ) .