الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسعين وخمسمائة
فيها سار بنارس أكبر ملوك الهند، وقصد الإسلام، فطلبه شهاب الدّين الغوري، فالتقى الجمعان على نهر ماحون [1] .
قال ابن الأثير [2] : وكان مع الهنديّ سبعمائة فيل، ومن العسكر على ما قيل ألف ألف نفس، فصبر الفريقان، وكان النصر لشهاب الدّين، وكثر القتل في الهنود، حتّى جافت منهم الأرض، وأخذ شهاب الدّين تسعين فيلا وقتل بنارس ملك الهند، وكان قد شدّ أسنانه بالذهب، فما عرف إلّا بذلك، ودخل شهاب الدّين بلاد بنارس وأخذ من خزانته ألفا وأربعمائة حمل، ومن جملة الفيلة فيل أبيض حدّثني من رآه.
وفيها توفي القزويني العلّامة رضي الدّين أبو الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطّالقاني، الفقيه الشافعي الواعظ.
ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وتفقّه على الفقيه ملكداذ العمركيّ [3] ، وقرأ بالرّوايات على إبراهيم بن عبد الملك القزويني، وفاق
[1] كذا في «آ» و «ط» و «العبر» (4/ 270) وفي «الكامل» لابن الأثير (12/ 105) : «نهر ماجون» وفي «سير أعلام النبلاء» (22/ 215) : «نهر ماخون» .
[2]
انظر «الكامل في التاريخ» (12/ 105- 106) وقد نقل المؤلف عنه بتصرف تبعا للذهبي في «العبر» .
[3]
في «آ» و «ط» : «ملكدار القزويني» وهو خطأ، وتحرفت «ملكداذ» في «العبر» بطبعتيه إلى «ملكدار» وما أثبته من «سير أعلام النبلاء» (21/ 191) .
الأقران، وسمع من الفراوي، وزاهر [الشّحاميّ][1] وخلق، ثم قدم بغداد قبل الستين ودرّس بها ووعظ، ثم قدمها قبل السبعين، ودرّس بالنظامية، وكان إماما في المذهب، والخلاف، والأصول، والتفسير، والوعظ، وروى كتبا كبارا، ونفق كلامه على الناس لحسن سمته، وحلاوة منطقه، وكثر محفوظاته، وكان صاحب قدم راسخ في العبادة، عديم النظير، كبير الشأن، رجع إلى قزوين سنة ثمانين ولزم العبادة إلى أن مات في المحرم.
قال ابن شهبة [2] : صنّف كتاب «البيان في مسائل القرآن» ردا على الحلولية [3] والجهمية، وصار رئيس الأصحاب، وكان يتكلم يوما وابن الجوزي يوما، ويحضر الخليفة من وراء الأستار، وتحضر الخلائق والأمم.
انتهى.
وفيها طغرل بك شاه بن أرسلان شاه بن طغرل بك بن محمد شاه السّلجوقي [4] السلطان، صاحب أذربيجان. طلب السلطنة من الخليفة، وأن يأتي بغداد ويكون على قاعدة الملوك السلجوقية سوى صاحب الرّوم، وكان سفاكا للدماء، قتل خلقا كثيرا.
قال السبط: رأيته وكأن وجهه القمر، ولم ير في زمانه أحسن صورة منه، قصده خوارزم شاه والتقيا على الرّيّ، فجاءته نشّابة في عينه فضربه مملوك له بالسيف فقتله وقطع رأسه، وحمله إلى خوارزم شاه، وهو آخر [الملوك][5] السلجوقية، وعدتهم نيف وعشرون ملكا، ومدة ملكهم مائة وستون سنة.
[1] زيادة من «سير أعلام النبلاء» .
[2]
انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 28- 29) .
[3]
تحرفت في «آ» إلى «الحولية» .
[4]
انظر «العبر» (4/ 272) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 267- 268) .
[5]
ما بين حاصرتين تكملة من «مرآة الزمان» (8/ 284) و «سير أعلام النبلاء» .
وفيها عبد الخالق بن فيروز الجوهري الهمذاني الواعظ، أكثر الترحال، وروى عن زاهر والفراوي وطائفة، ولم يكن ثقة ولا مأمونا. قاله في «العبر» [1] .
وفيها عبد الوهّاب بن علي القرشي الزّبيري الدمشقي الشّروطي، ويعرف بالحبقبق، والد كريمة. روى عن جمال الإسلام أبي الحسن السّلمي وجماعة، وتوفي في صفر.
وفيها الشّاطبي أبو محمد القاسم بن فيرّه- بكسر الفاء وسكون التحتية وتشديد الراء المضمومة، معناه بالعربي الحديد- بن أبي القاسم خلف بن أحمد الرّعيني- بضم الراء وفتح العين المهملة وسكون المثناة التحتية وبعدها نون، نسبة إلى ذي رعين، أحد أقيال اليمن- الشّاطبي الضرير المقرئ، صاحب القصيدة التي سمّاها «حرز الأماني ووجه التهاني» في القراءات وعدتها ألف ومائة وثلاثة وسبعون بيتا، ولقد أبدع فيها كل الإبداع، وهي عمدة قرّاء هذا الزمان في نقلهم، ولم يسبق إلى أسلوبها. روي عنه أنه كان يقول: لا يقرأ أحد قصيدتي هذه إلّا وينفعه الله عز وجل، لأنني نظمتها لله تعالى مخلصا في ذلك، ونظم قصيدة دالية خمسمائة بيت، من حفظها أحاط علما بكتاب «التمهيد» لابن عبد البرّ، وكان عالما بكتاب الله تعالى، قراءة، وتفسيرا، وبحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم مبرزا فيه، وكان إذا قرئ عليه «صحيح» البخاري ومسلم، و «الموطأ» يصحح النسخ من حفظه ويملي النّكت على المواضع المحتاج إليها، وكان أوحد في علم النحو واللغة، عارفا بعلم الرؤيا، حسن المقاصد، مخلصا فيما يقول ويفعل. قرأ القرآن العظيم بالروايات على ابن هذيل الأندلسي وغيره، وسمع الحديث من ابن سعادة
[1](4/ 272) وانظر «ميزان الاعتدال» (2/ 543) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 243) .
وغيره، وانتفع به خلق كثير، وكان يتجنب فضول الكلام، ولا ينطق في سائر أوقاته إلّا بما تدعو إليه ضرورة، ولا يجلس للإقراء إلّا على طهارة في هيئة حسنة، وتخشّع واستكانة، وكان يعتل العلّة الشديدة فلا يشتكي ولا يتأوه، وإذا سئل عن حاله قال: العافية، لا يزيد على ذلك، وكان كثيرا ما ينشد هذا اللغز في نعش الموتى:
أتعرف شيئا في السماء نظيره
…
إذا سار صاح النّاس حيث يسير
فتلقاه مركوبا وتلقاه راكبا
…
وكلّ أمير يعتليه أسير
يحضّ على التّقوى ويكره قربه
…
وتنفر منه النفس وهو نذير
ولم يستزر عن رغبة في زيارة
…
ولكن على رغم المزور يزور
وكانت ولادته سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، وكان ثقة في نفسه، وتوفي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة، ودفن بتربة القاضي الفاضل بالقرافة، وقبره مشهور مزور، وكان شافعي المذهب كما ذكره ابن شهبة في «طبقاته» [1] .
وفيها أبو مدين الأندلسيّ [2] الزاهد العارف شيخ أهل المغرب، شعيب بن الحسين، سكن تلمسان، وكان من أهل العمل والاجتهاد، منقطع القرين في العبادة والنسك، بعيد الصيت، ويسميه الشيخ محيي الدّين بن عربي بشيخ الشيوخ، ونشر الله ذكره، وتخرّج به جماعة من الفضلاء، كأبي عبد الله القرشي وغيره، وانتهى إليه كثير من العلماء المحقّقين وفضلاء الصالحين، كابن عربي، وله في الحقائق كلام واسع.
ومن شعره:
يا من علا فرأى ما في الغيوب وما
…
تحت الثّرى وظلام الليل منسدل
أنت الغياث لمن ضاقت مذاهبه
…
أنت الدّليل لمن حارت به الحيل
إنّا قصدناك والآمال واثقة
…
والكلّ يدعوك ملهوف ومبتهل
فإن عفوت فذو فضل وذو كرم
…
وإن سطوت فأنت الحاكم العدل
طلبه سلطان المغرب، فلما وصل إلى تلمسان قال: ما لنا وللسلطان، نزور الإخوان، ثم نزل واستقبل القبلة وتشهّد وقال: ها قد جئت ها قد جئت وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى 20: 84 [طه: 84] فمات، ودفن في جبّانة العبّاد، وقد قارب الثمانين، وقبره بها مشهور مزور.
وفيها ابن الفخّار أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن خلف الأنصاري المالقي [1] الحافظ، صاحب أبي بكر بن العربي. أكثر عنه، وعن شريح وخلق، وكان إماما ثقة مأمونا معروفا يسرد المتون والأسانيد، عارفا بالرجال واللغة، جليل القدر، طلبه السلطان ليسمع منه بمرّاكش فمات بها في شعبان وله ثمانون سنة.
وفيها محمد بن عبد الملك بن بونة العبدري [2] المالقي، ابن البيطار نزيل غرناطة، وآخر من روى بالإجازة عن أبي علي بن سكّرة. سمع أبا محمد بن عتّاب، وأبا بحر بن العاص، وعاش أربعا وثمانين سنة.
وفيها فخر الدّين بن الدّهّان محمد بن علي بن شعيب البغدادي الفرضي [3] الحاسب الأديب، النحوي الشاعر، جال في الجزيرة، والشام، ومصر، وصنّف الفرائض على شكل المنبر، فكان أول من اخترع ذلك، وله «تاريخ» [4] وألّف كتاب «غريب الحديث» في مجلدات، وصنّف في النجوم،
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 209- 210) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 241- 243) .
[2]
في «آ» و «ط» «ابن بويه الغندري» وهو تصحيف والتصحيح من «العبر» (4/ 274) .
[3]
انظر «العبر» (4/ 274) .
[4]
تحرفت في «آ» إلى «تاريخا» .
والزيج، وكان أحد أذكياء العالم، مات فجأة بالحلّة.
وفيها مصلح الدّين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن محمد ابن عبد الله ابن عبد الملك الأصبهاني الحمّامي [1] الحنبلي العابد الأديب الجورتاني- نسبة إلى جورتان [2] من قرى أصبهان-.
ولد سنة خمسمائة في رجب، وسمع من أبي علي الحداد وغيره.
قال ابن النجّار: كان فقيها فاضلا كامل المعرفة بالأدب، وأكثر أدباء أصبهان من تلامذته، وكان متدينا حسن الطريقة صدوقا. انتهى.
وكان يقول لما بلغ عقد الثمانين: أسأل الله تعالى أن يمهلني إلى التسعين، وأن يوفقني كل يوم لختمة، فاستجيبت دعوته.
وقال ابن النجار: سمعت أبا البركات الرّويدشتيّ [3] بأصبهان يقول: توفي محمد بن أحمد الحنبلي- يعرف بالحمامي- أستاذ الأئمة يوم الأربعاء ثالث عشر شهر ربيع الآخر.
وقال ابن رجب: توفي قبله بيسير ولده أبو بكر أحمد، وكان سمع سعيد ابن أبي الرجاء وغيره، وكان يلقب أمين الدّين. انتهى.
وفيها أبو عبد الله، ويقال أبو الفتح، محمد بن عبد الله بن الحسين ابن علي بن أبي طلحة نصر بن أحمد بن محمد بن جعفر البرمكي الهروي الإشكيذباني- بكسر الهمزة، وسكون الشين المعجمة، وكسر الكاف، وسكون الياء التحتية، وفتح الذال المعجمة وبعدها باء موحدة مفتوحة، وبعد
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 204- 205) و «ذيل تاريخ بغداد» لابن الدبيثي (1/ 129- 131) و «الوافي بالوفيات» (2/ 108) و «ذيل طبقات الحنابلة» .
(1/ 380- 381) .
[2]
انظر «معجم البلدان» (2/ 180) .
[3]
تحرفت في «آ» إلى «الدويسي» وفي «ط» إلى «الدويدسي» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» و «معجم البلدان» (3/ 105) .
الألف نون. قاله المنذري [1]- كان حنبليا محدّثا، نزل مكّة، فكان عظيم الحنابلة بها.
ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وسمع بهمذان من أبي الوقت، وأبي الفضل بن حمّان [2] وغيرهما، وببغداد من ابن النحّاس وغيره، وبمصر من أبي الطاهر الزيّات، وبالإسكندرية من الحافظ السّلفي، وحدّث بمكة، ومصر، والإسكندرية، وأقام بمكة في آخر عمره وأمّ بها في موضع الحنابلة.
قال ابن الحنبلي ناصح الدّين: سمعت منه بقراءته جزءا بمكة، وكان في عزمي أنني أدخل اليمن، وقد هيأت هدية لصاحبها من طرف دمشق، فاستشرته فقال: أنت أعلم. ثم قال: قرأنا ها هنا جزءا من أيام فجاء فيه عن بعض السلف علامة قبول الحجّ: أن الإنسان لا ينصرف عن مكّة طالبا للدّنيا، فزهدت في اليمن ورجعت عن ذلك العزم.
وفيها الشيخ الأجل إمام الحرم مكيّ بن نابت- بالنون- بن أبي زهرة الحنبلي [الغضاري][3] ، بمصر ليلة السادس من شهر ربيع الآخر. ذكره المنذري ولم يزد عليه.
وفيها أبو الكرم علي بن عبد الكريم بن أبي العلاء العطّار العبّاسي الهمذاني [4] مسند همذان. حدّث سنة خمس وثمانين عن أبي غالب العدل، وفيد الشعراني [5] .
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 213- 215) و «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 381- 382) .
[2]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «حماز» والتصحيح من «التكملة لوفيات النقلة» و «ذيل طبقات الحنابلة» .
[3]
انظر «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 203- 204) وما بين حاصرتين زيادة منه.
[4]
انظر «سير أعلام النبلاء» (21/ 110) .
[5]
في «آ» و «ط» : «وقيل الشعراني» والتصحيح من «سير أعلام النبلاء» وخبر وفاته فيه (19/ 208- 209) .
وفيها جاكير الزاهد القدوة، أحد شيوخ العراق، واسمه محمد بن رستم [1] الكردي الحنبلي، له أصحاب وأتباع وأحوال وكرامات. قاله في «العبر» .
وقال السخاوي: له كرامات ولم يتزوج، وله زاوية وضريح براذان، وهي على بريد من سامرا [2] وأن أخاه الشيخ أحمد قعد بعده في المشيخة.
وقال ابن الأهدل: لما شاع ذكره بعث إليه تاج العارفين أبو الوفاء طاقيته من الشيخ علي الهيتي ولم يكلفه الحضور، فقال الشيخ علي الهيتي: سألت الله أن يكون جاكير من مريديّ فوهبه لي، وكان يفتخر به وينوه بذكره، وكان ربما عرف ما في بطون البهائم المنذورة له ومن يذبحها ومن يأكلها. سكن صحراء من صحاري العراق على يوم من سامرا ومات بها، فبني إلى جانبه قرية بنيت للتبرك به. انتهى.
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «دشتم» والتصحيح من «العبر» (4/ 275) و «المنهج الأحمد» (2/ 220) .
[2]
انظر «معجم البلدان» (3/ 13) .