الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وسبعين وخمسمائة
فيها أخذ ابن قرايا الرافضي، الذي ينشد في الأسواق ببغداد، فوجدوا في بيته سبّ الصحابة، فقطعت يده ولسانه، ورجمته العامة، فهرب وسبح، فألحّوا عليه بالآجر فغرق فأخرجوه وحرقوه [1] ، ثم وقع التقبح على الرافضة وأحرقت كتبهم وانقمعوا حتّى صاروا في ذلة اليهود، وهذا شيء لم يتهيأ ببغداد من نحو مائتين وخمسين سنة.
وفيها خرج نائب دمشق فرخ شاه ابن أخي السلطان، فالتقى الفرنج فهزمهم، وقتل مقدمهم هنفري [2] الذي كان يضرب به المثل في الشجاعة.
وفيها توفي أبو أحمد أسعد بن بلدرك البغدادي البواب المعمّر [3] في ربيع الأول، عن مائة وأربع سنين، ولو سمع في صغره لبقي مسند العالم.
سمع من أبي الخطّاب بن الجرّاح، وأبي الحسين بن العلّاف.
وفيها أبو العباس أحمد بن أبي غالب بن أبي عيسى بن شيخون الأبرودي الجبابيني- نسبة إلى الجبابين بكسر الموحدة الثانية وتحتية ونون،
[1] انظر رواية مقتله عند ابن كثير في «البداية والنهاية» (12/ 300) فقد توسع في الكلام عليه هناك.
[2]
تصحفت في «آ» و «ط» إلى «هنقري» بالقاف، والتصحيح من «الكامل في التاريخ» (11/ 537) و «وفيات الأعيان» (7/ 176) و «العبر» (4/ 219) .
[3]
في «آ» و «ط» : «أحمد بن أسعد بن بلدرك» والتصحيح من «سير أعلام النبلاء» (20/ 578) .
قرية ببغداد [1]- الفقيه الحنبلي الضرير. دخل بغداد في صباه، وحفظ القرآن، وقرأ بالروايات على أبي محمد سبط الخيّاط، وسمع منه الحديث، ومن سعد الخير الأنصاري، ومن جماعة دونهما، وقرأ الفقه وحصّل منه طرفا صالحا، وكان صالحا صدوقا، توفي يوم الجمعة عاشر رجب، وصلّي عليه يومئذ ودفن بمقبرة الإمام أحمد عن نيف وأربعين سنة.
وفيها الحيص بيص شهاب الدّين أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد ابن صيفيّ التّميمي [2] الشاعر المشهور، وله ديوان معروف. كان وافر الأدب، متضلعا من اللغة، بصيرا بفقه الشافعية والمناظرة.
قال ابن خلّكان: كان لا يخاطب أحدا إلّا باللغة العربية، ويلبس على زي العرب، ويتقلد سيفا، فرأى الناس في حركة مزعجة فقال: ما للناس حيص بيص، فلقّب بذلك.
وقال: تفقّه بالرّيّ على القاضي محمد بن عبد الكريم المعروف بالوزّان، وتميّز فيه، وتكلّم في الخلاف، إلّا أنه غلب عليه [الأدب، ونظم][3] الشعر. سمع الحديث، وحدّث. وقال: توفي في سادس شعبان ودفن من الغد غربي بغداد بمقابر [4] قريش. انتهى.
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : وسموا ابنه هرج مرج، وابنته دخل خرج.
حكى نصر بن مجلّي- وكان من أهل السّنّة- أنه رأى عليّ بن أبي طالب- كرّم الله وجهه- في النوم، فقال له: يا أمير المؤمنين! تفتحون مكّة
[1] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 343) .
[2]
انظر «وفيات الأعيان» (2/ 362- 365) و «العبر» (4/ 219) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 61- 62) و «البداية والنهاية» (12/ 301- 302) .
[3]
زيادة من «وفيات الأعيان» (2/ 263) .
[4]
في «آ» : «بمقبرة» .
فتقولون من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ثم يتم على ولدك الحسين يوم الطفّ ما تمّ؟ فقال: أما سمعت أبيات ابن صيفي في هذا المعنى؟ فقلت:
لا. قال: أسمعها منه. فاستيقظت، فأتيت إلى دار الحيص بيص فذكرت له المنام، فشهق وبكى، وحلف أنها ما خرجت من فمه لأحد، ولم ينظمها إلّا في ليلته، ثم أنشدني:
ملكنا فكان العفو منّا سجية
…
فلمّا ملكتم سال بالدّم أبطح
وحلّلتم قتل الأسارى وطالما
…
غدونا على الأسرى نمنّ [1] ونصفح
وحسبكم هذا التّفاوت بيننا
…
وكلّ وعاء بالذي فيه ينضح
وقال غيره: خرج حيص بيص ليلة ثملا، فرأى في طريقه جرو كلب، فضربه بسيفه فقتله، فعمد بعض الظرفاء إلى أبيات وعلقها في عنق أمه، وأدخلها ديوان الوزير هيئة مشتكية، ففضّت الورقة، فإذا فيها:
يا أهل بغداد إن الحيص بيص أتى
…
بخزية أكسبته العار في البلد
أبدى شجاعته في اللّيل مجترئا
…
على جريّ ضعيف البطش والجلد
فأنشدت أمّه من بعد ما احتسبت
…
دم الأبيلق عند الواحد الصّمد
لا أعتب الدّهر والأيام ما صنعت
…
كلتا يديّ أصابتني ولم أرد
كلاهما خلف من فقد صاحبه
…
هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي
يشير إلى قول [2] أعرابية قتل أخوها ولدها، والله أعلم.
وفيها شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الدّينوري ثم البغدادي [3] الكاتبة المسندة، فخر النساء. كانت ديّنة عابدة صالحة. سمّعها أبوها الكثير، وصارت مسندة العراق، وروت عن طراد، وابن البطر، وطائفة، وكانت ذات
[1] في «وفيات الأعيان» : «نعفّ» .
[2]
تحرفت في «آ» إلى «قتل» .
[3]
انظر «العبر» (4/ 220) و «سير أعلام النبلاء» (20/ 542- 543) .
برّ وخير، توفيت في رابع عشر المحرم، عن نيف وتسعين سنة.
وفيها أبو رشيد عبد الله بن عمر الأصبهاني [1] ، آخر من بقي بأصبهان من أصحاب الرئيس الثّقفي.
وفيها أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفي [2] أخو عبد الحق. روى عن ابن بيان وجماعة، وكان خيّاطا ديّنا، توفي بمكّة وله سبعون سنة.
وفيها أبو الخطّاب العليميّ عمر بن محمد بن عبد الله الدمشقي [3] التّاجر السفّار. طلب بنفسه، وكتب الكثير في تجارته بالشام، ومصر، والعراق، وما وراء النهر. روى عن نصر الله المصّيصي، وعبد الله بن الفراوي، وطبقتهما، وتوفي في شوال عن أربع وخمسين سنة.
وفيها أبو عبد الله بن المجاهد، الزاهد القدوة، محمد بن أحمد بن عبد الله الأنصاري الأندلسي [4] عن بضع وثمانين سنة. قرأ العربية، ولزم أبا بكر بن العربي مدة.
قال [ابن] الأبّار: كان المشار إليه في زمانه بالصلاح، والورع، والعبادة، وإجابة الدعوة، وكان أحد أولياء الله الذين تذكر به رؤيتهم. آثاره مشهورة وكراماته معروفة، مع الحظّ الوافر من الفقه والقراءات.
وفيها محمد بن عبد نسيم العيشوني [5] . روى عن ابن العلّاف، وابن نبهان، وقع من سلّم فمات في الحال في جمادى الآخرة. قاله في «العبر» .
[1] انظر «العبر» (4/ 220) و «سير أعلام النبلاء» (20/ 576) .
[2]
انظر «العبر» (4/ 220) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 48- 49) .
[3]
انظر «العبر» (4/ 220) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 49- 50) .
[4]
انظر «العبر» (4/ 220- 221) .
[5]
انظر «العبر» (4/ 221) و «سير أعلام النبلاء» (20/ 543) .