الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة
فيها كما قال ابن الأثير [1] نزل ألف وسبعمائة من الإسماعيلية على روق [2] كبير التركمان [فجازوه][3] ، فأسرع عسكر التركمان فأحاطوا بهم ووضعوا فيهم السيف، فلم ينج منهم إلّا تسعة أنفس، فلله الحمد.
وفيها توفي مسند الدّنيا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السّجزي ثم الهروي الماليني [4] الصوفي الزاهد. سمع «الصحيح» [5] و «مسندي [6] » الدّارمي وعبد بن حميد، من جمال الإسلام الداودي في سنة خمس وستين وأربعمائة، وسمع من أبي عاصم الفضيل [7] ، ومحمد بن أبي مسعود، وطائفة، وصحب شيخ الإسلام الأنصاري وخدمه، وعمّر إلى هذا الوقت، وقدم بغداد فازدحم الخلق عليه، وكان خيّرا متواضعا متودّدا، حسن السمت،
[1] انظر «الكامل في التاريخ» (11/ 238) والمؤلف ينقل عن «العبر» (4/ 151) وقد تصرف الذهبي أثناء النقل.
[2]
تصحفت في «العبر» بطبعتيه إلى «زوق» والروق: بيت كالفسطاط يحمل على سطاع واحد في وسطه، والجمع أروقة. انظر «لسان العرب» (روق) .
[3]
سقطت من «آ» و «ط» واستدركتها من «العبر» .
[4]
انظر «سير أعلام النبلاء» (20/ 303- 311) .
[5]
يعني «صحيح البخاري» انظر «الأنساب» (7/ 47) .
[6]
في «آ» و «ط» : «ومسند» والتصحيح من «العبر» .
[7]
تحرفت في «العبر» بطبعتيه إلى «الفضيلي» فتصحح، وانظر «سير أعلام النبلاء» (20/ 304) .
متين الديانة، محبا للرواية. توفي سادس ذي القعدة ببغداد وله خمس وتسعون سنة. قاله في «العبر» [1] .
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : حمله أبوه من هراة إلى بوشنج، فسمع «صحيح البخاري» وغيره من جمال الإسلام الداودي. عزم على الحجّ وهيأ ما يحتاج إليه فأصبح ميتا، وكان آخر كلمة قالها: يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكْرَمِينَ 36: 26- 27 [يس 26- 27] ودفن بالشونيزية وعمّر حتّى ألحق الأصاغر بالأكابر. انتهى.
وفيها أبو الفتح سالم بن عبد الله بن عبد الملك الشيباني [2] الفقيه الحنبلي الزاهد. صحب أبا بكر الدّينوري، وسمع من الشريف أبي العزّ بن المختار، وأبي الغنائم النّرسي، وغيرهما.
قال ابن شافع: كان فقيها زاهدا مخمولا ذكره عند أبناء الدّنيا رفيعا عند الله وصالحي عباده. توفي ليلة الأربعاء سابع شعبان، ودفن بباب حرب.
وفيها الإمام العلّامة عبد الله بن يحيى الصّعبي [3] عن ثمان وسبعين، أو إحدى وثمانين سنة. وكان مدرّس سهفنة [4] وقد تفقّه عليه خلق باليمن، وكان صاحب «البيان» يحبه ويقول له: شيخ الشيوخ، وحضر جنازته يوم مات.
روي أن أناسا وقعوا عليه في طريق فضربوه بالسيوف فلم تقطع سيوفهم، فسئل عن ذلك فقال: كنت أقرأ سورة يس.
قال ابن سمرة: والمشهور أنه كان يقرأ قوله تعالى:
[1](4/ 151- 152) .
[2]
انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 232) .
[3]
انظر «مرآة الجنان» (3/ 306- 307) و «غربال الزمان» ص (433) .
[4]
تصحفت في «آ» و «ط» إلى «سهقنة» والتصحيح من «مرآة الجنان» و «غربال الزمان» وقد جاء في حاشية الأخير: وسهفنة من قرى ذي السفال من محافظة إب.
وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ 2: 255 [البقرة: 255] فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ 12: 64 [يوسف، 64] وَحِفْظاً من كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ 37: 7 [الصّافّات، 7] وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ 41: 12 [فصّلت: 12] إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ 85: 12 [البروج: 12] إلى آخر السورة، وتسمى آيات الحفظ، وسببه أنه وجدها معلقة في عنق شاة والذئاب تلاعبها لا تضرها.
صنّف الصّعبيّ كتاب «التعريف» في الفقه و «احتراز المذهب» وكان يقوم بكفايته وما يحتاج إليه رجل من مشايخ بني يحيى من يافع.
قال اليافعي- رحمه الله تعالى-[1] : [أهل] يافع يقولون: أهل يحيى وأهل عيسى وأهل موسى، ثلاثة بطون لهم [2] عز وشرف، فأهل موسى أخوالي، وفيهم الكرم والمشيخة، وأهل يحيى أخوال بني عمي، وفيهم العزّ والنجدة، ولا تزال الحرب بينهم وبين أعدائهم. وفيهم الفقيه الولي أبو بكر البحيري [3] الذي كان السلطان المؤيد في طوعه، واستدرك الفقيه حسين على اليافعي وغلّطه في ثنائه عليه، ونسبه- أي البحيري- إلى الزندقة لكونه من أتباع ابن عربي، والله أعلم بحاله. قاله ابن الأهدل.
وفيها كوتاه الحافظ أبو مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد الأصبهاني. توفي في شعبان عن سبع وسبعين سنة، وحدّث عن رزق الله التميمي، وأبي بكر بن ماجة الأبهري، وخلق.
قال أبو موسى المديني: أوحد وقته في علمه وطريقته [4] وتواضعه، حدثنا لفظا وحفظا على منبر وعظه.
[1] انظر «مرآة الجنان» (3/ 307) وما بين حاصرتين مستدرك من «غربال الزمان» .
[2]
في «مرآة الجنان» : «وفيهم» .
[3]
كذا في «آ» و «ط» و «المنتخب» (115/ ب) : «البحيري» وفي «غربال الزمان» : «اليحيوي» .
وفي «مرآة الجنان» : «التغزي» .
[4]
في «العبر» بطبعتيه: «مع طريقته» .
وقال غيره: كان جيّد المعرفة، حسن الحفظ، ذا عفّة وقناعة وإكرام للغرباء.
وقال ابن ناصر الدّين [1] : كان إماما حافظا من أولاد المحدّثين، كان ابن عساكر يفخّم أمره [ويصفه بالحفظ والإتقان] وأثنى عليه ابن السمعاني وغيره [من الأعيان] . انتهى.
وفيها علي بن عساكر بن سرور المقدسي ثم الدمشقي الخشّاب [2] .
صحب الفقيه نصر المقدسي [مدّة] وسمع منه سنة سبعين وأربعمائة، ثم سمع بدمشق من أبي عبد الله بن أبي الحديد. توفي في سنّ أبي الوقت، صحيح الذهن والجسم، وتوفي في شوال.
وفيها العلّامة أبو حفص الصفّار عمر بن أحمد بن منصور النيسابوري [3] . روى عن أبي بكر بن خلف، وأبي المظفّر موسى بن عمران وطائفة، ولقبه عصام الدّين. كان من كبار الشافعية يذكر مع محمد بن يحيى ويزيد عليه بالأصول.
قال ابن السمعاني، إمام بارع مبرّز جامع لأنواع من العلوم الشرعية، سديد السيرة، مكثرا، مات يوم عيد الأضحى.
وفيها الفقيه الإمام الورع الزاهد عمر بن إسماعيل بن يوسف اليمني. أخذ عن الإمام زيد بن الحسن الفايشي [4]«المهذب» وأصول الفقه، وصحب يحيى بن أبي الخير صاحب «البيان» في الطلب. قاله ابن الأهدل.
وفيها نصر بن منصور الحرّاني، عرف بابن العطار [5] . كان تاجرا
[1] في «التبيان شرح بديعة البيان» (164/ آ) وما بين حاصرتين زيادة منه.
[2]
انظر «العبر» (4/ 152) وما بين حاصرتين مستدرك منه.
[3]
انظر «العبر» (4/ 153) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 142- 143) .
[4]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الغايشي» والتصحيح من «طبقات فقهاء اليمن» ص (155) .
[5]
انظر «الكامل في التاريخ» (11/ 239) و «البداية والنهاية» (12/ 238) .
كبيرا كثير المال، قارئا للقرآن، يكسو العراة، ويفك الأسرى، ويسمع الحديث، ويزور الصالحين.
قال العكبري: رأيت النّبيّ، صلى الله عليه وسلم، فقلت: امسح بيدك على عيني فإنها تؤلمني، فقال:«امض إلى أبي نصر بن العطّار يمسح على عينك» فقلت في نفسي: أدع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأروح إلى رجل من أبناء الدّنيا! وعاودته القول، وقلت: يا رسول الله، امسح على عيني، فقال: أما سمعت الحديث «إن الصّدقة لتقع في يد الله قبل أن تقع في يد السّائل» [1]«وهذا نصر قد صافحت يده يد الحقّ- سبحانه وتعالى امض إليه» فانتبهت ومضيت إليه، فلما رآني قام حافيا وقال: ما الذي رأيته في المنام، ومسح على عيني وقرأ المعوذات، فذهب الألم. قال: وذهبت إحدى عيني نصر. قال: فخرجت يوما إلى جامع السلطان لأصلي الجمعة، فجلست على جانب دجلة لأتوضأ، وإذا بفقير عليه أطمار رثة، فتقدمت إليه وقلت له: امسح على عيني، فمسح عليها فعادت صحيحة، فدفعت إليه منديلا فيه دنانير، فقال: ما لي به حاجة، إن كان معك رغيف خبز، فقمت واشتريت له خبزا، ورجعت فلم أره، فكان نصر بعد ذلك لا يمشي إلّا وفي كمه الخبز إلى أن مات.
وفيها يحيى بن سلامة الحصكفي الخطيب [2] صاحب ديوان الشعر
[1] رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 114) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه موقوفا عليه، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/ 111) وعزاه للطبراني في «المعجم الكبير» من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقال: وفيه عبد الله بن قتادة المحاربي ولم يضعفه أحد، وبقية رجاله ثقات، وقد ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/ 141) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكر هذا الأثر أيضا السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 375) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق، والحكيم الترمذي، وابن أبي حاتم، وهو موقوف على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
[2]
انظر «وفيات الأعيان» (6/ 205- 210) و «سير أعلام النبلاء» (20/ 320- 321) وانظر التعليق التالي.
والخطب، الفقيه الشافعي معين الدّين، المعروف بالخطيب.
قال ابن خلّكان: والحصكفي بكسر الحاء المهملة [1] نسبة إلى حصن كيفا، قلعة حصينة.
[ولد] بطنزة- بطاء مهملة مفتوحة ونون ساكنة وزاي معجمة- وهي بلدة صغيرة بديار بكر فوق الجزيرة. انتهى.
نشأ معين الدّين هذا بحصن كيفا، وقدم بغداد فقرأ الفقه حتّى أجاد فيه، وقرأ الأدب على الخطيب أبي زكريا التبريزي شارح «المقامات» ثم رجع إلى بلاده واستوطن ميّافارقين، وتولى بها الخطابة، وانتصب للإفتاء والاشتغال، وانتفع عليه الناس [2] .
قال العماد في «الخريدة» : كان علّامة الزمان في علمه، ومعريّ العصر في نثره ونظمه، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. قاله الإسنوي [3] .
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : له الترصيع البديع، والتجنيس النفيس، والتطبيق والتحقيق، واللفظ الجزل الرقيق، والمعنى السهل العميق، والتقسيم المستقيم، والفضل السائر المقيم، فمن قوله في مليح في خصره زنار:
قد شدّ بالميم الألف
…
من جسمه ميم ألف
فقلت إذ مرّ بنا
…
بخوط بان منعطف
بالله يا زنّاره
…
رفقا به لا ينقصف
[1] كذا في «آ» و «ط» و «طبقات الشافعية» للإسنوي، والذي في «وفيات الأعيان» الذي بين يدي:«بفتح الحاء وسكون الصاد المهملة وفتح الكاف، وفي آخرها فاء» وهو كذلك في «اللباب» (1/ 369) .
[2]
في «وفيات الأعيان» : «واشتغل عليه الناس وانتفعوا بصحبته» .
[3]
انظر «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 438- 439) .
وكان الحصكفي يتشيع، وله الخطب المليحة والرسائل المنتقاة.
انتهى [1] .
[1] قلت: وفيها مات بمصر محمود بن إسماعيل بن حميد الدمياطي، أبو الفتح، المعروف بابن قادوس. الشاعر المنشئ. كان القاضي الفاضل يلقبه بذي البلاغتين (النثر والشعر) له ديوان شعر في مجلدين. انظر «حسن المحاضرة» (2/ 233) و «كشف الظنون» (1/ 767) و «الأعلام» (7/ 166) .