الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة
فيها أمر صلاح الدّين ببناء السور الكبير المحيط بمصر والقاهرة من البرّ، وطوله تسعة وعشرون ألف ذراع وثلاثمائة ذراع بالقاسمي، فلم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدّين وأنفق عليه أموالا لا تحصى، وكان مشيد بنائه قراقوش، وأمر أيضا بإنشاء قلعة الجبل، ثم توجه إلى الإسكندرية، وسمع الحديث من السّلفي. قاله في «العبر» [1] .
وفيها كانت وقعة الكنز، جمع الكنز الأسود مقدّم السودان خلقا وجيّش بالصعيد ليعيد دولة العبيديين، وسار إلى القاهرة في مائة ألف، فخرج لحربه نائب مصر سيف الدّين أبو بكر العادل، فالتقوا، فانكسر الكنز وقتل في المصاف.
قال أبو المظفر بن الجوزي: قيل: إنه قتل منهم ثمانون ألفا، يعني من السودان.
وفيها توفي أبو محمد صالح بن المبارك بن الرّخلة الكرخي [2] المقرئ القزاز. سمع النّعالي وغيره، وتوفي في صفر.
وفيها العثماني أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى الأموي
[1](4/ 213- 214) .
[2]
انظر «العبر» (4/ 214) .
الدّيباجي، محدّث الإسكندرية بعد السّلفي في الرتبة. روى عن أبي القاسم ابن الفحّام وغيره، ويعرف بابن أبي اليابس. كان ثقة صالحا يقرئ النحو واللغة، وكان السّلفيّ يؤذيه ويرميه بالكذب، فكان يقول: كل من بيني وبينه شيء فهو في حلّ إلّا السّلفي، فبيني وبينه وقفة بين يدي الله تعالى. توفي في شوال عن ثمان وثمانين سنة. قاله في «العبر» [1] .
وفيها أبو الحسن علي بن عساكر بن المرحّب بن العوّام البطائحي [2] الضرير المقرئ الحنبلي الأستاذ. قرأ القراءات على أبي العز القلانسي، وأبي عبد الله البارع، وطائفة، وتصدّر للإقراء، وأتقن الفنّ، وحدّث عن أبي طالب بن يوسف وطائفة.
قال الشيخ موفق الدّين بن قدامة: كان مقرئ [3] أهل بغداد في وقته، وكان عالما بالعربية، إماما في السّنّة.
قرأ عليه القراءات جماعة من الكبار، منهم: عبد العزيز بن دلف، وابن الحميري.
وحدّث عنه جماعة، منهم ابن الأخضر، وعبد الغني المقدسي، وعبد القادر الرّهاوي، وغيرهم.
توفي ليلة الثلاثاء ثامن عشري شعبان، وصلّى عليه من الغد الجواليقي، ودفن بباب حرب.
وفيها محمد بن أحمد بن ماشاذه [4] أبو بكر الأصبهاني، المقرئ
[1](4/ 213- 214) .
[2]
انظر «العبر» (4/ 215) و «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 335- 337) .
[3]
تحرفت في «آ» إلى «يقرئ» .
[4]
تصحفت في «آ» و «ط» إلى «ماساده» والتصحيح من «العبر» (4/ 215) .
المحقّق. قرأ القراءات، وتفرّد بالسماع من سليمان بن إبراهيم الحافظ، ومات في عشر المائة.
وفيها الأديب الرّفّاء أبو عبد الله محمد بن غالب الأندلسي [1] الشاعر المشهور، ديوانه كله ملح.
ومن شعره في غلام نسّاج:
قالوا وقد أكثروا في حبّه عذلي
…
لم ذا تهيم بمذّال ومبتذل
[2]
فقلت لو كان [3] أمري في الصّبابة لي
…
لاخترت ذاك ولكن ليس ذلك لي
أحببته [4] حببيّ الثّغر عاطره
…
حلو اللّمى ساحر الأجفان والمقل
غزيّل لم تزل في الغزل جائلة
…
بنانه جولان الفكر في الغزل
جذلان تلعب بالمحواك [5] أنمله
…
على السّدى لعب الأيام بالدّول
[6]
جذبا [7] بكفّيه أو فحصا بأخمصه
…
تخبّط الظّبي في أشراك محتبل
وفيها أبو المعالي محمد بن مسعود [8] . خرج إلى الحجّ فمات.
ومن شعره:
ولمّا أن تولّيت القضايا
…
وفاض الجور من كفّيك فيضا
ذبحت بغير سكّين وإنّي
…
لأرجو الذّبح بالسكّين أيضا
[1] انظر «وفيات الأعيان» (4/ 432- 433) و «رايات المبرزين» ص (211- 213) بتحقيق الأستاذ الدكتور محمد رضوان الداية، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 74) .
[2]
رواية البيت في «وفيات الأعيان» و «رايات المبرزين» :
قالوا وقد أكثروا في حبه عذلي
…
لو لم تهم بمذال القدر مبتذل
[3]
في «رايات المبرزين» : «لو أن» .
[4]
في «رايات المبرزين» : «غلقته» .
[5]
في «ط» : «المحراك» .
[6]
في «رايات المبرزين» : «بالأمل» .
[7]
في «رايات المبرزين» : «ضما» .
[8]
انظر «النجوم الزاهرة» (6/ 79) .
وفيها أبو الفضل بن الشهرزوري [1] قاضي القضاة كمال الدّين محمد ابن عبد الله بن القاسم بن المظفّر الموصلي الشافعي.
ولد سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وتفقّه ببغداد على أسعد الميهني، وسمع من نور الهدى الزّينبي، وبالموصل من جدّه لأمه علي بن طوق. وولي قضاء بلده لأتابك زنكي، ثم وفد على نور الدّين فبالغ في تبجيله، وركن إليه وصار قاضيه ووزيره ومشيره، ومن جلالته أن السلطان صلاح الدّين لما أخذ دمشق وتمنّعت عليه القلعة أياما، مشى إلى دار القاضي كمال الدّين فانزعج وخرج لتلقّيه، فدخل وجلس. وقال: طب نفسا فالأمر أمرك والبلد بلدك.
قال ابن قاضي شهبة [2] : ولّاه نور الدّين قضاء دمشق سنة خمس وخمسين، وهو الذي أحدث الشبّاك الكمالي الذي يصلي فيه نواب السلطنة اليوم، وبنى مدرسة بالموصل، ومدرستين بنصيبين، ورباطا بالمدينة المنورة، ووقف الهامة [3] على الحنابلة، وحكم في البلاد الشامية، واستناب ولده محيي الدّين بحلب، وابن أخيه أبي القاسم في قضاء حماة، وابن أخيه الآخر في قضاء حمص.
قال ابن عساكر: وكان يتكلم في الأصول كلاما حسنا، وكان أديبا شاعرا، فكه المجالسة.
وقال صاحب «المرآة» [4] : لما قدم أحمد بن قدامة والد الشيخ أبي عمر
[1] انظر «العبر» (4/ 215- 216) و «النجوم الزاهرة» (6/ 79- 80) .
[2]
انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 16) .
[3]
الهامة: قرية صغيرة إلى الشمال الغربي من دمشق، ذات مناخ معتدل، يخترق أراضيها نهر بردى، يقصد بساتينها أهل دمشق في فصل الصيف للتنزه والاستجمام، وقد شهدت في السنوات العشر الأخيرة توسعا في العمران أتى على خيرة أراضيها الزراعية الخصبة. ولم أقف على ذكر لها فيما بين يدي من كتب البلدان.
[4]
يعني «مرآة الزمان» وهو مترجم فيه (8/ 215- 216) .
إلى دمشق، خرج إليه القاضي كمال الدّين ومعه ألف دينار، فعرضها عليه فلم يقبلها، فاشترى بها قرية الهامة، ووقف نصفها على الشيخ أحمد والمقادسة، ونصفها [الآخر] على الأنباري [1] . انتهى.
ومن شعر الشهرزوري:
وجاءوا عشاء يهرعون وقد بدا
…
بجسمي من داء الصّبابة ألوان
فقالوا وكلّ معظم بعض ما يرى
…
أصابتك عين قلت عين [2] وأجفان
وفيها مسلم بن ثابت بن زيد بن القاسم بن أحمد بن النحّاس البزّار البغدادي المأموني [3] الفقيه الحنبلي، أبو عبد الله بن أبي البركات، ويعرف بابن جوالق- بضم الجيم-.
ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة، وسمع من أبي علي بن نبهان، وتفقّه على أبي الخطّاب الكلوذاني، وناظر وروى عنه ابن الأخضر. توفي يوم الأحد عشري ذي الحجة، ودفن بمقبرة باب حرب.
وفيها أبو الفتح نصر بن سيّار [4] بن صاعد بن سيّار الكتّاني الهروي الحنفي [5] القاضي شرف الدّين. كان بصيرا بالمذهب، مناظرا، ديّنا متواضعا. سمع الكثير من جدّه القاضي أبي العلاء، والقاضي أبي عامر الأزدي، ومحمد بن علي العميري، والكبار، وتفرّد في زمانه، وعاش سبعا وتسعين سنة، وتوفي يوم عاشوراء، وهو آخر من روى «جامع الترمذي» عن أبي عامر. قاله في «العبر» .
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الأساري» والتصحيح من «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة.
[2]
في «آ» و «ط» : «قل أن» والتصحيح من «النجوم الزاهرة» .
[3]
انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 337) .
[4]
تحرفت في «آ» إلى «يسار» .
[5]
انظر «العبر» (4/ 261) و «الجواهر المضية» (3/ 195) .