الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وأربعين وخمسمائة
فيها أخذت الفرنج طرابلس المغرب بالسيف ثم عمروها.
وفيها توفي أبو البركات إسماعيل بن الشيخ أبي أحمد بن محمد النيسابوري [1] ثم البغدادي، شيخ الشيوخ، وله ست وسبعون سنة. روى عن أبي القاسم بن البسري وطائفة. وكان مهيبا جليلا وقورا متصوّفا [2] .
وفيها حنبل بن علي أبو جعفر البخاري [السّجزي] الصوفي. سمع من شيخ الإسلام [3] بهراة، وصحبه، وببغداد من أبي عبد الله النّعالي، توفي بهراة في شوال.
وفيها زنكيّ الأتابك عماد الدّين [4] ، صاحب الموصل وحلب، ويعرف أبوه بالحاجب قسيم الدولة آق سنقر التّركي. ولي شحنكيّة بغداد في آخر دولة المستظهر بالله، ثم نقل إلى الموصل، وسلّم إليه السلطان محمود ولده فروخشاه الملقّب بالخفاجي ليربيه، ولهذا قيل له أتابك. وكان فارسا شجاعا ميمون النقيبة، شديد البأس، قوي المراس، عظيم الهيبة، فيه ظلم وزعارة،
[1] انظر «سير أعلام النبلاء» (20/ 160- 161) و «مختصر تاريخ دمشق» لابن منظور (9/ 336- 337) .
[2]
في «آ» و «ط» : «مصونا» وما أثبته من «العبر» (4/ 111) طبع الكويت و (2/ 459) طبع بيروت.
[3]
يعني الإمام القدوة أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، كما جاء مبينا في «الأنساب» (7/ 47) ولفظة «السّجزي» التي بين الحاصرتين في الترجمة زيادة منه.
[4]
انظر «العبر» (4/ 112) و «سير أعلام النبلاء» (20/ 189- 191) .
ملك الموصل، وحلب، وحماة، وحمص، وبعلبك، والرّها، والمعرّة. قتله بعض غلمانه وهو نائم وهربوا إلى قلعة جعبر، ففتح لهم صاحبها عليّ بن مالك العقيلي، وكان زنكي- سامحه الله- حسن الصورة، أسمر، مليح العينين، قد وخطه الشيب، وجاوز الستين، قتل في ربيع الآخر، وتملّك الموصل بعده ابنه غازي، وتملّك حلب وغيرها ابنه الآخر نور الدّين محمود.
وفيها أبو الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري الأندلسي، البلنسي المحدّث. رحل إلى المشرق، وسافر في التجارة إلى الصين، وكان فقيها عالما متقنا. سمع أبا عبد الله النّعالي، وطراد بن محمد، وطائفة، وسكن أصبهان مدة ثم بغداد، وتفقّه على الغزالي، وتوفي في المحرم.
وفيها سبط الخيّاط الإمام أبو محمد عبد الله بن علي البغدادي، المقرئ الفقيه، الحنبلي النحوي، شيخ المقرئين بالعراق، وصاحب التصانيف.
ولد سنة أربع وستين وأربعمائة، وسمع من أبي الحسين بن النّقّور وطائفة، وقرأ القرآن على جدّه الزاهد أبي منصور، والشريف عبد القادر، وطائفة، وبرع في العربية على ابن فاخر، وأمّ بمسجد [ابن] جردة بضعا وخمسين سنة، وقرأ عليه خلق. وكان من أندى الناس صوتا بالقرآن، توفي في ربيع الآخر، وكان الجمع في جنازته يفوت الإحصاء. قاله في «العبر» [1] .
وقال ابن الجوزي: قرأت عليه القرآن والحديث الكثير، ولم أسمع قارئا قطّ أطيب صوتا منه، ولا أحسن أداء على كبر سنه، وكان كثير التلاوة، لطيف الأخلاق، ظاهر الكياسة والظرافة وحسن المعاشرة للعوام والخواص، قويا في السّنّة، وكان طول عمره منفردا في مسجده.
[1](4/ 113) .
وقال ابن شافع: سار ذكر سبط الخيّاط في الأغوار والأنجاد، ورأس أصحاب الإمام أحمد، وصار واحد وقته ونسيج وحده، لم أسمع في جميع عمري من يقرأ الفاتحة أحسن ولا أفصح منه. وكان جمال العراق بأسره، ظريفا كريما لم يخلّف مثله في أكثر فنونه.
وقال ابن نقطة: كان شيخ العراق، يرجع إلى دين وثقة وأمانة، وكان ثقة صالحا من أئمة المسلمين، وله شعر حسن، فمنه:
يا من تمسّك بالدنيا ولذتها
…
وجدّ في جمعها بالكدّ والتعب
هلّا عمرت لدار سوف تسكنها
…
دار القرار وفيها معدن الطلب
فعن قليل تراها وهي داثرة
…
وقد تمزّق ما جمّعت من نشب
وقوله أيضا:
أيّها الزائرون بعد وفاتي
…
جدثا ضمّني ولحدا عميقا
سترون الذي رأيت من المو
…
ت عيانا وتسلكون الطريقا
وقوله أيضا:
الفقه علم به الأديان ترتفع
…
والنحو عزّ به الإنسان ينتفع
ثم الحديث إذا ما رمته فرج
…
من كل معنى به الإنسان يبتدع
ثم الكلام فذره فهو زندقة
…
وخرّقه فهو خرق ليس يرتقع
قال ابن الجوزي: توفي بكرة الاثنين ثاني عشر ربيع الآخر، وتوفي في غرفته التي في مسجده فحطّ تابوته بالحبال من سطح المسجد، وأخرج إلى جامع القصر، فصلى عليه عبد القادر، وما رأيت جمعا أكثر من جمعه ودفن في دكة الإمام أحمد عند جده أبي منصور.
وفيها أبو بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشحّامي، أخو زاهر، توفي في جمادي الآخرة عن ست وثمانين سنة. سمع القشيري، وأبا حامد
الأزهري، ويعقوب الصّيرفي، وطبقتهم، وطائفة، بهراة، وببغداد، والحجاز، وأملى مدة، وكان خيّرا متواضعا متعبدا لا كأخيه، وتفرّد في عصره. قاله في «العبر» [1] .
[1](4/ 113) .