الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وثلاثين وخمسمائة
فيها توفي أبو البدر الكرخي إبراهيم بن محمد بن منصور [1] . ثقة ذو مال، حدّث عن ابن سمعون، وعن خديجة الشاهجانية، وسمع أيضا من الخطيب وطائفة، وتوفي في ربيع الأول.
وفيها تاشفين [2] صاحب المغرب، أمير المسلمين، ولد علي بن يوسف بن تاشفين المصمودي البربري الملثّم، ولي بعد أبيه سنتين وأشهرا، وكانت دولته في ضعف وانتقال، وزوال، مع وجود عبد المؤمن، فتحصّن بمدينة وهران، فصعد ليلة في رمضان إلى مزار بظاهر وهران، فبيّته أصحاب عبد المؤمن، فلما أيقن بالهلكة ركض فرسه فتردّى به إلى البحر، فتحطم وتلف، ولم يبق لعبد المؤمن منازع، فأخذ تلمسان.
وفيها ولّى جقر [3] بالموصل رجلا ظالما يقال له القزويني، فسار سيرة قبيحة، وشكا الناس إليه، فولّى مكانه عمر بن شكله، فأساء السيرة أيضا، فقال الحسن بن أحمد الموصلي:
[1] انظر «العبر» (4/ 106) و «سير أعلام النبلاء» (20/ 79- 80) .
[2]
انظر «العبر» (4/ 106- 107) و «النجوم الزاهرة» (5/ 275) .
[3]
هو أبو سعيد جقر بن يعقوب الهمذاني، الملقب نصير الدّين. كان نائب عماد الدّين زنكي صاحب الجزيرة والموصل والشام، استنابه عنه بالموصل، وكان جبارا عسوفا، سفاكا للدماء، مستحلا للأموال. مات يوم الخميس التاسع من ذي القعدة سنة (539) هـ. انظر «الكامل في التاريخ» (11/ 100- 101) و «وفيات الأعيان» (1/ 364- 365) .
يا نصير الدّين يا جقر
…
ألف قزويني ولا عمر
لو رماه الله في سقر
…
لاشتكت من ظلمه سقر
وفيها توفي أبو منصور بن الرزّاز، سعيد بن محمد بن عمر البغدادي، شيخ الشافعية، ومدرّس النظامية، تفقّه على الغزالي، وأسعد الميهني، وإلكيا الهرّاسي، وأبي بكر الشاشي، وأبي سعد المتولي. وروى عن رزق الله التميمي، وبرع وساد، وصار إليه رئاسة المذهب، وكان ذا سمت ووقار وجلالة، كان مولده سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتوفي في ذي الحجة، ودفن بتربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.
وفيها أبو الحسن شريح بن محمد بن شريح الرّعيني الإشبيلي، خطيب إشبيلية ومقرئها ومسندها. روى عن أبيه، وأبي عبد الله بن منظور، وأجاز له ابن حزم، وقرأ القراءات على أبيه وبرع فيها، ورحل الناس إليه من الأقطار للحديث والقراءات، ومات في شهر جمادى الأولى عن تسع وثمانين سنة.
وفيها- أو في التي قبلها كما جزم به ابن ناصر الدّين [1]- أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن أحمد بن محمد المروزي الحلواني- بفتح الحاء [المهملة] ، نسبة إلى الحلوى- البزّاز. كان حافظا فقيها عالما نبيها. قاله ابن ناصر الدّين.
وفيها علي بن هبة الله بن عبد السلام، أبو الحسن الكاتب البغدادي. سمع الكثير بنفسه، وكتب، وجمع، وحدّث عن الصريفيني، وابن النّقور، وتوفي في رجب عن ثمان وثمانين سنة.
وفيها أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد الزّيدي الكوفي النحوي
[1] في «التبيان شرح بديعة البيان» (162/ آ) وما بين حاصرتين مستدرك منه.
الحنفي. أجاز له محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، وسمع من أبي بكر الخطيب وخلق، وسكن الشام مدة، وله مصنفات في العربية، وكان يقول:
أفتي برأي أبي حنيفة ظاهرا، وبمذهب جدّي زيد بن علي تديّنا.
وقال أبيّ النّرسي: كان جاروديا [1] لا يرى الغسل من الجنابة.
وقال في «العبر» [2] : قلت: وقد اتهم بالرفض، والقدر، والتجهّم.
توفي في شعبان، وله سبع وتسعون سنة، وشيّعه نحو ثلاثين ألفا، وكان مسند الكوفة. انتهى.
وفيها فاطمة بنت محمد بن أبي سعد البغدادية أم البهاء الواعظة، مسندة أصبهان. روت عن أبي الفضل الرازي [3] وسبط بحرويه [4] ، وأحمد ابن محمود الثقفي، وسمعت «صحيح البخاري» من سعيد العيّار. وتوفيت في رمضان، ولها أربع وتسعون سنة.
وفيها القاسم بن المظفّر علي بن القاسم الشهرزوري، والد قاضي الخافقين أبي بكر محمد، والمرتضى أبي محمد عبد الله، وأبي منصور المظفّر، وهو جد بيت الشهرزوري، قضاة الشام، والموصل، والجزيرة، وكلهم إليه ينتسبون. كان حاكما بمدينة إربل مدة، وبمدينة سنجار مدة، وكان من أولاده وحفدته أولاد علماء نجباء كرماء، نالوا المراتب العلية، وتقدموا
[1] نسبة أبي الجارود زياد بن المنذر الهمذاني، وقيل الثقفي، ويقال النهدي الأعمى. كان رافضيا يضع الحديث في الفضائل والمثالب، وإليه ينسب الجارودية، ويقولون: إن عليا- رضي الله عنه أفضل الصحابة، وتبرءوا من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وزعموا أن الإمامة مقصورة على ولد فاطمة رضي الله عنها، وبعضهم يرى الرجعة ويبيح المتعة. قال ابن معين: كذّاب عدوّ الله. عن «ميزان الاعتدال» للذهبي (2/ 93- 94) باختصار.
[2]
(4/ 108) .
[3]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «المرازي» والتصحيح من «العبر» (4/ 109) و «سير أعلام النبلاء» (20/ 148) .
[4]
تصحفت في «آ» و «ط» إلى «نحرويه» والتصحيح من «العبر» و «سير أعلام النبلاء» .
عند الملوك، وتحكموا وقضوا، ونفقت أسواقهم، خصوصا حفيده القاضي كمال الدّين محمد، ومحيي الدّين بن كمال الدّين، وقدم بغداد غير مرّة، وذكره جماعة وأثنوا عليه، منهم: أبو البركات المستوفي في «تاريخ إربل» [1] وأورد له شعرا، فمن ذلك قوله:
همّتي دونها السّها والزّبانا
…
قد علت جهدها فما تتدانى
فأنا متعب معنىّ إلى أن
…
تتفانى الأيام أو نتفانى
هكذا وجدت هذه الترجمة في «تاريخ الإسلام» لابن شهبة.
والصحيح أن البيتين لولده أبي بكر محمد قاضي الخافقين، فإنه المتوفى في هذا التاريخ.
وأما والده القاسم فذكر ابن خلّكان [2] أن وفاته سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وهذا غاية البعد والوهم، وكانت ولادة قاضي الخافقين بإربل سنة ثلاث أو أربع وخمسين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الآخرة ببغداد، ودفن بباب أبرز، وإنما قيل له قاضي الخافقين لكثرة البلاد التي وليها، وممن سمع منه، السمعاني، وقال في حقه: إنه اشتغل بالعلم على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وولي القضاء بعدة بلاد، ورحل إلى العراق، وخراسان، والجبال، وسمع الحديث الكثير.
وأما أخو قاضي الخافقين المرتضى، فهو أبو محمد عبد الله بن القاسم بن المظفّر والد القاضي كمال الدّين، كان أبو محمد المذكور مشهورا بالفضل والدّين، مليح الوعظ، مع الرشاقة والتجنيس، أقام ببغداد مدة يشتغل بالحديث والفقه، ثم رحل إلى الموصل، وتولى بها القضاء، وروى
[1] انظر «تاريخ إربل» (1/ 203) بتحقيق الأستاذ سامي الصقار.
[2]
انظر «وفيات الأعيان» (4/ 69) .
الحديث، وله شعر رائق، فمن ذلك قصيدته التي على طريقة الصوفية، ولقد أحسن فيها، ومنها:
لمعت نارهم وقد عسعس اللي
…
ل وملّ الحادي وحار الدليل
فتأمّلتها وفكري من البي
…
ن عليل ولحظ عيني كليل
وفؤادي ذاك الفؤاد المعنّى
…
وغرامي ذاك الغرام الدخيل
ثم قابلتها وقلت لصحبي
…
هذه النّار نار ليلى فميلوا
فرموا نحوها لحاظا صحيحا
…
ت وعادت خواسئا وهي حوّل
ثم مالوا إلى الملام وقالوا
…
خلّب ما رأيت أم تخييل
فتنحّيتهم وملت إليها
…
والهوى مركبي وشوقي الزميل
وهي طويلة.
ومن شعره قوله:
يا ليل ما جئتكم زائرا
…
إلّا وجدت الأرض تطوى لي
ولا ثنيت العزم عن بابكم
…
إلّا تعثرت بأذيالي
وكانت ولادته في شعبان سنة خمس وستين وأربعمائة وتوفي في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وخمسمائة بالموصل ودفن بالتربة المعروفة بهم.
وأما أخوه المظفّر، فإن السمعاني ذكره في «الذيل» فقال: ولد بإربل، ونشأ بالموصل، وورد بغداد وتفقّه بها على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، ورجع إلى الموصل، وولي قضاء سنجار على كبر سنه وسكنها، وكان قد أضرّ، ثم قال: سألته عن مولده فقال: ولدت في جمادى الآخرة- أو رجب- سنة سبع وخمسين وأربعمائة بإربل، ولم يذكر وفاته، والله أعلم.
وفيها أبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي ثم النيسابوري [1] ،
[1] انظر «سير أعلام النبلاء» (20/ 93) وما بين حاصرتين زيادة منه.
راوي «السّنن الكبير» عن البيهقي وراوي « [صحيح] البخاري» عن [سعيد] العيّار، توفي في جمادى الآخرة، وله إحدى وتسعون سنة.
وفيها [أبو عبد الله] محمد بن عبد العزيز السّوسي [ثم البصري] الشاعر [1] . كان ظريفا [ماجنا] ، له منظر حسن، ورث من أبيه مالا جزيلا فأنفقه في اللهو وافتقر، فعمل قصيدته الظريفة المعروفة بالسّوسية، التي أولها
الحمد لله ليس [لي] بخت
…
ولا ثياب يضمّها تخت
وفيها أبو المنصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن محمد بن خيرون البغدادي المقرئ الدبّاس، مصنّف «المفتاح» و «الموضح في القراءات» أدرك أصحاب أبي الحسن الحمّامي، وسمع الحديث من أبي جعفر بن المسلمة، والخطيب، والكبار، وتفرّد بإجازة أبي محمد الجوهري.
توفي في رجب، وله خمس وثمانون سنة.
وفيها أبو المكارم المبارك بن علي السّمّذي- بكسرتين وتشديد الميم، نسبة إلى السّمّذ، وهو الخبز الأبيض، يعمل للخواص- البغدادي سمع الصريفيني وطائفته، ومات يوم عاشوراء.
[1] انظر «الوافي بالوفيات» (3/ 261) وما بين حاصرتين في الترجمة منه.