الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وأربعين وخمسمائة
فيها في صفر أخذ نور الدّين دمشق من مجير الدّين أبق بن محمد ابن بوري بن طغتكين، على أن يعوّضه بحمص، فلم يتم، وأعطاه بالس [1] ، فغضب وسار إلى بغداد، وبنى بها دارا فاخرة، وبقي بها مدة، وكانت الفرنج قد طمعوا في دمشق بحيث أن نوّابهم استعرضوا من بدمشق من الرقيق، فمن أحب المقام تركوه، ومن أراد العود إلى وطنه أخذوه قهرا، وكان لهم على أهل دمشق القطيعة كلّ سنة، فلطف الله، واستمال نور الدّين أحداث دمشق، فلما جاء ونازلها استنجد أبق بالفرنج، وسلّم إليه النّاس البلد من شرقيه، وحاصر أبق في القلعة، ثم نزل بعد أيام، وبعث المقتفي عهدا بالسلطنة لنور الدّين وأمره بالمسير إلى مصر، وكان مشغولا بحرب الفرنج.
وفيها توفي الظافر بالله أبو منصور إسماعيل بن الحافظ لدّين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي الرافضي. بقي في الولاية خمسة أعوام، ووزر له ابن مصال، ثم ابن السلّار، ثم عبّاس، ثم إن عبّاسا وابنه نصرا قتلا الظافر غيلة في دارهما وجحداه في شعبان، وأجلس عباس في الدست الفائز عيسى بن الظافر صغيرا، وكان الظافر شابا لعّابا منهمكا في
[1] بالس: بلدة بين حلب والرّقّة على عشرين فرسخا من حلب. انظر «الأنساب» (2/ 54) و «معجم البلدان» (1/ 328) .
الملاهي والقصف، فدعاه نصر إليه، وكان يحبّ نصرا. فجاءه متنكّرا معه خويدم، فقتله وطمره. وكان من أحسن أهل زمانه، عاش اثنتين وعشرين سنة.
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : بنى الظّافر الجامع الظّافري داخل باب زويلة، ودعاه عبّاس- وكان خصيصا به- إلى داره التي هي اليوم مدرسة الحنفية، وتعرف بالسيفية، فقتله ومن معه ليلا، وأقام ولده الفائز عيسى، ثم اطلع أهل القصر على القصة، فكاتبوا الصالح، فقصد القاهرة ومعه جيش، فهرب نصر بن عبّاس وأبوه، وكان قد دبّر ذلك أسامة بن منقذ، فخرج معهما، ودخل الصالح القاهرة، وأتوا إلى الدار، فأخرجوا الظافر من تحت بلاطة وحملوه إلى تربتهم التي في القصر، وكاتبت أخت الظافر الفرنج بعسقلان وشرطت لهم مالا على إمساك عباس، فخرجوا عليه، فصادفوه فقتلوه، وأمسكوا نصرا وجعلوه في قفص من حديد، وأرسلوه إلى القاهرة، فقطعوا يديه وقرضوا جسمه بالمقاريض، وصلبوه على باب زويلة، وبقي سنة ونصفا مصلوبا. انتهى.
وفيها أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي صفي الدّين النيسابوري. سمع من جدّه ومن جدّه لأمه طاهر الشحامي، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، وطبقتهم، وكان رأسا في معرفة الشروط. حدّث ب «مسند أبي عوانة» ومات من الجوع بنيسابور في فتنة الغزّ، وله خمس وسبعون سنة.
قاله في «العبر» [1] .
وفيها عبيد الله بن المظفّر الباهلي الأندلسي [2] . خدم السلطان
[1](4/ 136- 137) .
[2]
انظر «خريدة القصر» (قسم شعراء المغرب) ص (289- 299) و «وفيات الأعيان» (3/ 123- 124) و «نفح الطيب» (2/ 133- 135) .
محمد بن ملكشاه، وأنشأ له مرستانا يحمل على الجمال في الأسفار، وكان شاعرا خليعا، له ديوان شعر سماه «نهج الوضاعة» [1] يذكر فيه مثالب الشعراء الذين كانوا بدمشق، وكان يهاجي أهل عصره ويرثي من يموت. حبّابا للمجون والهزل، وكان يجلس على دكان بجيرون للطب [2] ، ويدمن شرب الخمر، ولما مات ابن القيسراني رثاه بقوله:
مذ توفي محمد القيسراني
…
هجرت لذّة الكرا أجفاني
لم يفق بعده الفؤاد من الحز
…
ن ولا مقلتي من الهملان
في أبيات كثيرة فيها مجون.
ولما مات رثاه عرقلة الدمشقي بقوله:
يا عين سحّي بدمع ساكب ودم
…
على الحكيم الذي يكني أبا الحكم
قد كان لا رحم الرّحمن شيبته
…
ولا سقى قبره من صيّب الدّيم
شيخا يرى الصلوات الخمس نافلة
…
ويستحل دم الحجّاج في الحرم
وفيها عبد الخالق بن زاهر بن طاهر، أبو منصور الشحّامي الشروطي المستملي. سمع من جدّه، وأبي بكر بن خلف، وطبقتهما، وهلك في العقوبة والمطالبة في فتنة الغزّ، وله أربع وسبعون سنة. وكان يملي ويستملي في الآخر.
وفيها الحافظ دادا النّجيب، أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن الحسين ابن محمد بن دادا الجرباذقاني المنعوت بالمنتجب. كان ذا علم ودين [وتعفف متين] أثنى عليه ابن نقطة وغيره. قاله ابن ناصر الدّين [3] .
[1] واسمه الكامل: «نهج الوضاعة لأولي الخلاعة» كما في «الخريدة» و «نفح الطيب» .
[2]
في «آ» : «للطلب» .
[3]
في «التبيان شرح بديعة البيان» (164/ آ) وما بين حاصرتين زيادة منه.
وفيها أبو العشائر محمد بن خليل بن فارس القيسي الدمشقي. سمع أبا القاسم المصّيصي. وصحب [1] نصر المقدسي مدة.
وفيها أبو الفتح الهروي محمد بن عبد الله بن أبي سعد الصوفي، الملقب بالشيرازي. أحد الذين جاوزوا المائة، صحب شيخ الإسلام وغيره، وكان من كبار الصالحين.
وفيها أبو المعمّر الأنصاري المبارك بن أحمد الأزجي الحافظ. سمع أبا عبد الله النّعالي فمن بعده، وله «معجم» في مجلد، وكان سريع القراءة معتنيا [2] بالرواية.
وفيها المظفّر بن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن جهير الوزير ابن الوزير، أبو نصر بن أبي القاسم. ولي وزارة المقتفي سبع سنين، وعزل سنة اثنتين وأربعين، وتوفي في ذي الحجة، عن نيف وستين سنة.
وفيها مؤيّد الدولة ابن الصّوفي الدمشقي، وزير صاحب دمشق أبق.
كان ظلوما غشوما، فسرّ الناس بموته، ودفن بداره [3] بدمشق.
وفيها أبو المحاسن البرمكي نصر بن المظفّر الهمذاني، ويعرف بالشخص العزيز. سمع أبا الحسين بن النّقور، وعبد الوهاب بن مندة، وتفرّد في زمانه، وقصده الطلبة.
[1] في «آ» و «ط» «وسمع نصر» وما أثبتناه من «العبر» بطبعتيه.
[2]
في «العبر» بطبعتيه: «معنيا» .
[3]
في «آ» : «في داره» .