الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وعشرين وخمسمائة
فيها توفي أبو السعود بن المجلّي أحمد بن علي البغدادي البزّاز، شيخ مبارك عامّيّ. روى عن القاضي أبي يعلى، وابن المسلمة، وطبقتهما.
وفيها أبو المواهب بن ملوك الورّاق، أحمد بن محمد بن [عبد الملك البغدادي، عن خمس وثمانين سنة، وكان صالحا خيّرا، روى عن القاضي أبي الطيب، والجوهري][1] .
وفيها أبو نصر الطّوسي أحمد بن محمد بن عبد القاهر الفقيه، نزيل الموصل. تفقه على الشيخ أبي إسحاق، وسمع من عبد الصمد بن المأمون وطائفة.
وفيها الشيخ حمّاد بن مسلم [2] بن ددّوة الدّبّاس أبو عبد الله الرّحبي الزاهد، شيخ الشيخ عبد القادر الكيلاني. نشأ ببغداد، وكان له معمل للدّبس، وكان أمّيا لا يكتب. له أصحاب وأتباع وأحوال وكرامات. دوّنوا كلامه في مجلدات، وكان شيخ العارفين في زمانه، وكان ابن عقيل يحطّ عليه ويؤذيه. قاله في «العبر» [3] .
[1] ما بين حاصرتين سقط من «آ» و «ط» واستدركته من «العبر» (4/ 64) مصدر المؤلف.
[2]
قوله: «ابن مسلم» سقط من «آ» .
[3]
(4/ 64) .
وقال السخاوي: كان قد سافر وتغرّب، ولقي المشايخ، وجاهد نفسه بأنواع المجاهدات، وزاول أكثر المهن والصنائع في طلب الحلال، والتورع في الكسب، والتحري، ثم فتح له بعد ذلك خير كثير، وأملى في الآداب، والأعمال، والعلوم المتعلقة بالمعرفة وتصحيح المعاملات شيئا كثيرا، وكان كأنه مسلوب الاختيار، مكاشفا بأكثر الأحوال، ومن كلامه: انظر إلى صنعه تستدل عليه ولا تنظر إلى صنع غيره فتعمى عنه. اللّسان ترجمان القلب والنظر، فإذا زال ما في القلب والنظر من الهوى، كان نطقه حكمة.
والحساب على أخذك من ماله، وهو الحلال، والعقاب [1] على أخذك من مالهم وهو الحرام.
وقال- رضي الله عنه: من هرب من البلاء لا يصل إلى باب الولاء.
وقال- رضي الله عنه: ما لأحد في مأكول عليّ منّة، فإنّي بالغت في طلب الرزق الحلال بكد يميني، وعملت في كلّ شيء إلّا أني ما كنت غلاما لقصاب، ولا لوقاد، ولا لكنّاس، فإن هذه الحرف تؤدي إلى إسقاط المروءة.
وكان الشيخ يأكل من النذر، كأن يقول بعضهم: إن سلم مالي، أو ولدي، أو قرابتي، فلله عليّ أن أعطي حمّادا كذا، ثم ترك ذلك لأنه بلغه حديث النّبي- صلى الله عليه وسلم:«النّذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل» [2]
[1] سبق قلم ناسخ النسخة «آ» فكتب «والحساب» هنا أيضا وقد وردت في السطر الذي سبقه.
[2]
قطعة من حديث رواه البخاري رقم (6692) في الأيمان والنذور: باب الوفاء بالنذر، وقوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ 76: 7 [الإنسان: 7]، و (6608) في القدر: باب إلقاء العبد النذر إلى القدر، ومسلم رقم (1639) (4) في النذر: باب النهي عن النذور أنه لا يرد شيئا، وأبو داود رقم (3287) في الأيمان والنذور: باب النهي عن النذور، والترمذي رقم (1538) في النذور والأيمان: باب في كراهية النذر، وأحمد في «المسند» (2/ 61 و 235 و 301 و 412 و 463) من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
فكره أكل مال البخيل، وصار يأكل بالمنامات، كأن يرى الإنسان في النوم أن قائلا يقول له: أعط حمّادا كذا، فيصبح، ويحمل الذي قيل له إلى الشيخ.
توفي- رحمه الله تعالى- ليلة السبت، الخامس من شهر رمضان، ودفن في الشونيزية، وكان مسلوب الاختيار، تارة زيه زيّ الأغنياء، وتارة زيّ الفقراء، متلون كيف أدير دار، أي شيء كان في يده جاد به، وكانت المشايخ بين يديه كالميت بين يدي الغاسل. انتهى كلام السخاوي ملخصا [1] .
وفيها أبو العلاء زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان [بن] زهر الإيادي الإشبيلي، طبيب الأندلس، وصاحب التصانيف. أخذ عن أبيه، وحدّث عن أبي علي الغسّاني، وجماعة، ونال دنيا عريضة ورئاسة كبيرة، وله شعر رائق، نكب في الآخر من الدولة.
قال ابن الأهدل: له شعر رائق، ورئاسة عظيمة، وأموال عميمة، وهو أحد شيوخ أبي الخطّاب بن دحية، وكان يحفظ شعر ذي الرّمّة، وهو ثلث اللغة، مع معرفة الطب التامة، وأهل بيته كلهم وزراء علماء. انتهى.
وفيها عين القضاة الهمذاني أبو المعالي عبد الله بن محمد الميانجي- بالفتح وفتح النون، نسبة إلى ميانة بلد بأذربيجان- الفقيه العلّامة الأديب، وأحد من كان يضرب به المثل في الذكاء. دخل في التصوف ودقائقه ومعاني إشارات القوم، حتى ارتبط عليه الخلق، ثم صلب بهمذان على تلك الألفاظ الكفرية، نسأل الله العفو. قاله في «العبر» [2] .
وفيها أبو عبد الله الرّازي، صاحب «السداسيات» و «المشيخة» .
[1] قلت: وعقب ابن شقدة في «المنتخب» (108/ آ) بقوله: قلت: وترجمه الشيخ محمود البصروي في «تاريخه» ثم سرد ترجمته عنده.
[2]
(4/ 65) .
محمد بن أحمد بن إبراهيم الشاهد، المعروف بابن الحطّاب [1] ، مسند الدّيار المصرية وأحد عدول الإسكندرية. توفي في جمادى الأولى، عن إحدى وتسعين سنة. سمّعه أبوه الكثير من [2] مشيخة مصر: ابن حمّصة، والطّفّال، وأبي القاسم الفارسي، وطبقتهم.
وفيها أبو غالب الماوردي محمد بن الحسن [3] بن علي البصريّ، في رمضان ببغداد، وله خمس وسبعون سنة. روى عن أبي علي التّستري، وأبي الحسن بن النّقور، وطبقتهما. وكان ناسخا فاضلا صالحا. رحل إلى أصبهان، والكوفة، وكتب الكثير، وخرّج «المشيخة» .
وفيها الشيخ الفقيه محمد بن عبدويه المدفون بجزيرة كمران من اليمن ببحر القلزم [4] تفقّه بالشيخ أبي إسحاق ببغداد، وقرأ عليه كتابه «المهذب» ونكته في الأصول والجدل، وهو أول من دخل ب «المهذب» إلى [5] اليمن، وكان سكن عدن، ثم انتقل إلى زبيد في دولة الحبشة، فلما دخل مفضل بن أبي البركات بعسكر من العرب انتهب مالا لابن عبدويه، كان يتجر فيه في جملة من انتهب، ثم خرج إلى كمران وأقام بها إلى أن توفي وقبره هناك مشهور مزور، وكان زاهدا ورعا لا يأكل إلّا رزا يأتي من بلاد الهند، وكان عبيده يسافرون إلى الحبشة، والهند، ومكة، وعدن، للتجارة، فأخلفه الله مالا عن ماله المنهوب، وكان ينفق على طلبة العلم، وكانت طريقته سنّية سنية، وله تصنيف في أصول الفقه يسمى «الإرشاد» وكان له ولد عالم في الأصول والفقه، يسمى عبد الله، تفقّه بأبيه، ومات قبله، وله ذرية
[1] انظر «حسن المحاضرة» (1/ 375) .
[2]
لفظة «من» سقطت من «آ» .
[3]
لفظة «الحسن» سقطت من «آ» .
[4]
يعني البحر الأحمر. انظر «صفة جزيرة العرب» للهمداني ص (92) و (232) .
[5]
لفظة «إلى» لم ترد في «ط» و «المنتخب» (108/ ب) .
بمشهده، أخيار أبرار، وابتلي بذهاب بصره، فأتي بقداح [1] فأنشد:
وقالوا قد دهى عينيك سوء
…
فلو عالجته بالقدح زالا
فقلت الرّبّ مختبري بهذا
…
فإن أصبر أنل منه النّوالا
وإن أجزع حرمت الأجر منه
…
وكان خصيصتي منه الوبالا
وإني صابر راض شكور
…
ولست مغيّرا ما قد أنالا
صنيع مليكنا حسن جميل
…
وليس لصنعه شيء مثالا
وربّي غير متصف بحيف
…
تعالى ربّنا عن ذا تعالى
روي [2] أنه لما قال هذه الأبيات أعاد الله عليه بصره. قاله ابن الأهدل.
وفيها السلطان محمود بن السلطان محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان السّلجوقي، الملقب مغيث الدّين. ولي بعد أبيه سنة اثنتي عشرة، وخطب له ببغداد وغيرها، ولعمه سنجر معا، وكان له معرفة بالشعر، والنحو، والتاريخ، وكان متوقدا ذكاء، قوي المعرفة بالعربية، حافظا للأشعار والأمثال، عارفا بالتواريخ والسّير، شديد الميل إلى أهل العلم والخير، وكان حيص بيص [3] الشاعر قد قصده من العراق، ومدحه بقصيدته الدالية المشهورة، التي أولها:
ألق الحدائج تلق [4] الضّمّر القود
…
طال السّرى وتشكّت وخدك البيد
يا ساري الليل لا جدب ولا فرق
…
فالنبت أغيد والسلطان محمود
قيل تألفت الأضداد خيفته
…
فالمورد الضنك فيه الشاء والسيّد
وهي طويلة من غرر القصائد، وأجازه عليها جائزة سنية.
[1] تحرفت في «ط» إلى «بقراح» .
[2]
في «المنتخب» (108/ ب) : «وروي» .
[3]
سترد ترجمته في وفيات سنة (574) ص (408- 409) من هذا المجلد.
[4]
في «وفيات الأعيان» (5/ 182) : «ترع» .
وكانت السلطنة في آخر [1] أيامه قد ضعفت وقلّت أموالها، حتّى عجزوا عن إقامة وظيفة الفقاعي، فدفعوا له يوما بعض صناديق الخزانة حتّى باعها وصرف ثمنها في حاجته، وكان في آخر مدته قد دخل بغداد، ثم خرج منها [2] فمرض في الطريق، واشتد به المرض، وتوفي يوم الخميس منتصف شوال بباب أصبهان، ودفن بها.
وفيها أبو القاسم بن الحصين هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن العبّاس بن الحسين الشيباني البغدادي، الكاتب الأزرق، مسند العراق.
ولد في ربيع الأول، سنة اثنتين وثلاثين، وسمع ابن غيلان، وابن المذهب، والحسن بن المقتدر، والتنوخي، وهو آخر من حدّث عنهم، وكان ديّنا صحيح السماع، توفي في رابع عشر شوال.
وفيها يحيى بن المشرف بن علي أبو جعفر المصري التمّار. روى عن أبي العبّاس بن نفيس، وكان صالحا من أولاد المحدّثين. توفي في رمضان.
[1] في «وفيات الأعيان» : «أواخر» .
[2]
في «آ» و «ط» : «عنها» وما أثبتناه من «وفيات الأعيان» .