الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث عشرة وثمانمائة
في ليلة الحادي والعشرين من محرّمها اجتمع رجلان من العوام بدمشق فشربا الخمر فأصبحا محروقين ولم يوجد بينهما نار ولا أثر حريق في غير بدنهما وبعض ثيابهما، وقد مات أحدهما وفي الآخر رمق، فأقبل الناس أفواجا لرؤيتهما في [1] والاعتبار بحالهما [2] .
وفيها كانت الحادثة العظيمة [3] بفاس من بلاد المغرب حتّى خربت [4] .
وفيها توفي شهاب الدّين أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن رضوان الحريري الدّمشقي، المعروف بالسّلاوي الشافعي [5] .
ولد سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة أو نحوها، وسمع من ابن رافع، وابن كثير، وتفقه على علاء الدّين ابن حجي، والتّقي الفارقي، وسمع الحديث بنفسه فأخذه عن جدّه محمد بن عمر السّلاوي، وتقي الدّين بن رافع، وابن كثير. ثم أخذ في قراءة المواعيد، وقرأ «الصحيح» مرارا على عدة مشايخ، وعلى العامة، وكان صوته حسنا وقراءته جيدة، وولي قضاء بعلبك سنة ثمانين، ودرّس وأفتى، ثم ولي قضاء المدينة، ثم تنقل في ولاية القضاء بصفد، وغزّة، والقدس، وغيرها. وكان كثير العيال.
وتوفي في صفر.
[1] في «ط» : «إلى رؤيتهما» .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (6/ 226) .
[3]
في «آ» : «العظيمي» وما جاء في «ط» موافق لما في «إنباء الغمر» مصدر المؤلف.
[4]
انظر «إنباء الغمر» (6/ 236) .
[5]
ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 244) و «الضوء اللامع» (2/ 81) .
وفيها غياث الدّين أحمد بن أويس بن الشيخ حسن بن حسين بن أقبغا ابن أيلكان [1] سلطان بغداد، وتبريز، وغيرهما، من بلاد العراق.
قال في «المنهل الصّافي» : ملك بعد موت أخيه الشيخ حسين بن أويس سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وكان سلطانا فاتكا له سطوة على الرّعية، مقداما، شجاعا، مهابا، سفّاكا للدماء، وعنده جور وظلم على أمرائه وجنده، وكانت له مشاركة في عدة علوم ومعرفة تامّة بعلم النّجامة، ويد في معرفة الموسيقا، وفي تأديته يجيد ذلك إلى الغاية، منهمكا في اللّذات التي تهواها الأنفس [2] مسرفا على نفسه جدا.
وكان الأستاذ عبد القادر من جملة ندمائه.
وكان يقول الشعر باللغات الثلاث: الأعجمية، والتركية، والعربية.
ومن شعره:
حماك ما قربت حماك لعلّة
…
فلا تروم وتشتهي ما أشتهي
لو لم تكن مشغوفة بك في الهوى
…
ما عانقتك وقبّلت فاك الشّهي
واستمر ببلاد العراق إلى سنة خمس وتسعين، فخرج من بغداد فارّا من تيمور، فأرسل اللّنك ابنه في أثره، فأدركه بالحلّة، فتواقعا، وانتصر ابن تيمور ونهب ابن أويس، وسبيت حريمه، ونجا هو في طائفة وهم عراة، وقصد حلب لائذا بجناب الملك الظّاهر برقوق سلطان مصر، فأكرمه نائب حلب غاية الإكرام بأمر برقوق، ثم برز المرسوم السلطاني بطلبه إلى القاهرة، فتوجه إليها [2] ، فأكرمه برقوق غاية الإكرام، وأنعم عليه أجل الإنعام، وأعطاه تقليد نيابة السلطنة ببغداد، فأهوى ابن أويس لتقبيل الأرض فلم يمكّنه الظّاهر من ذلك إجلالا له، ثم سار إلى بغداد فدخلها بعد ذهاب التتار منها بعد وفاة تيمور، واستمرّ بها حاكما على عادته،
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 238- 242) و «الضوء اللامع» (1/ 244) و «الدليل الشافي» (1/ 41) .
[2، 2] ما بين الرقمين سقط من «ط» وانفردت به «آ» فقط.
إلى أن تغلب قرا يوسف على التتار وأخذ منهم تبريز وما والاها، فوقع الخلف بينه وبين ابن أويس، فتقابلا للقتال، فكانت الكرّة على ابن أويس، وأخذ أسيرا، ثم قتل يوم الأحد آخر شهر ربيع الآخر.
وفيها تقي الدّين عبد الرحمن بن محمد بن عبد النّاصر بن تاج الرئاسة المحلّي الزّبيري الشافعي [1] .
ولد سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، واشتغل قديما، ووقع على القضاة، وصاهر القاضي موفق الدّين الحنبلي على ابنته، وكان قد سمع من الميدومي وحدّث عنه، ثم ناب في الحكم مدة طويلة، وكانت معه عدة جهات من الضواحي ينوب فيها، وقرّره الملك الظّاهر في القضاء سنة تسع وتسعين في جمادى الأولى فباشره إلى أثناء رجب سنة إحدى وثمانمائة، واستمرّ بطالا خاملا إلى أن مات.
وكان عارفا بالشروط والوثائق، ومطّرحا للتكلف، وفوض له تدريس الناصرية والصالحية فباشرهما مباشرة حسنة، ولم يذم في مدة قضائه، وكتب قطعة على «التنبيه» وعمل تاريخا حسنا نقل منه ابن حجر كثيرا.
وتوفي في أول شهر رمضان.
وفيها علاء الدّين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن المؤرخ شمس الدّين محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن عبد العزيز الجزري ثم الدمشقي الشافعي، المعروف بابن الجزري [2] . ولد سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، ومات أبوه وله سنة، فربّاه عمّه نصير الدّين، وأسمعه من جماعة من أصحاب الفخر، وحضر على المرداوي صاحب عمر الكرماني، وقرأ وأعاد بالتقوية، وحدّث، وباشر نظر الأيتام، مع خفض جناح، وطهارة لسان، ولين عريكة، وحج غير مرّة، وجاور، وعلّق وفيات، وأصيب بماله في فتنة اللّنك، ولم يكن فيه [3] ما يعاب به إلّا مباشرته مع قضاة السوء.
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 246) و «الضوء اللامع» (4/ 138) .
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 248) و «الضوء اللامع» (5/ 157) .
[3]
لفظة «فيه» سقطت من «ط» .
وبرع في مذهبه وعمل الميعاد، وأقرأ الحديث بجامع بني أميّة.
وتوفي بدمشق في ذي الحجة.
وفيها علي بن أحمد بن أبي بكر بن عبد الله الأدمي الشافعي [1] .
سمع من الطيالسي، وحدّث عنه، ولازم الشيخ ولي الدّين المنفلوطي ونحوه، واشتغل كثيرا، وتنبه، وأشغل، وأفاد، ودرّس، وأعاد، وأفتى، وشارك في العلوم، وانتفع به أهل مصر كثيرا، مع الدّين المتين، والسكون، والتقشف، والانجماع، وكان يتكلم على الناس بجامع عمرو، وتحوّل إلى القاهرة، وسكن جوار جامع الأزهر.
ومات رابع شعبان عن سبعين سنة.
وفيها أبو زيد علي بن زيد بن علوان بن صبرة [2] بن مهدي بن حريز الردماوي الزّبيدي [3] تسمى بأخرة عبد الرحمن.
ولد برد ما وهو مشارق اليمن دون الأحقاف في جمادى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، ونشأ بها، وجال في البلاد، ثم حجّ وجاور مدة، وسكن الشام، ودخل العراق ومصر، وسمع من اليافعي، والشيخ خليل، وابن كثير، وابن خطيب يبرود، وبرع في فنون، من حديث، وفقه، ونحو، وتاريخ، وأدب، وكان يستحضر من الحديث كثيرا ومن الرجال، ويذاكر من «كتاب سيبويه» ويميل إلى مذهب ابن حزم، وتحوّل إلى البادية، فأقام بها نحو عشرين سنة يدعو إلى الكتاب والسّنّة، ثم قدم القاهرة وقد ضعف بصره، وكان شهما قوي النّفس، له معرفة بأحوال الناس على اختلاف طبقاتهم.
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 249) و «الضوء اللامع» (5/ 163) .
[2]
في «ط» : «ابن صبرط» وهو خطأ.
[3]
ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 250) و «الضوء اللامع» (5/ 221) و «بغية الوعاة» (2/ 167) وفيه:
«الدّرماوي» مكان «الردماوي» .
ومن شعره:
ما العلم إلّا كتاب الله والأثر
…
وما سوى ذاك لا عين ولا أثر
إلا هوىّ وخصومات ملفقّة
…
فلا يغرّنّك من أربابها هدر
توفي بالقاهرة في أول ذي القعدة. قاله المقريزي.
وفيها نور الدّين علي بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الرّبعي الرّشيدي [1] ، نزيل القاهرة الشافعي.
قدم القاهرة فاشتغل بالعلم، ولازم البلقيني، ثم الدّميري، ودرّس بعده في الحديث بقبة بيبرس، وكان قد فاق في استحضار الفقه، فصار كثير [2] النقل، كثير البحث، وكان يقظا نبيها، كثير العصبية.
توفي في رجب وقد جاوز الخمسين، ودرّس بعده بالقبة المذكورة ابن حجر.
وفيها نور الدّين علي بن عبد الرحمن الصّريحي [3] .
قال ابن حجر: سمع «صحيح مسلم» على ابن عبد الهادي، و «سنن أبي داود» على عبد القادر بن أبي الدّر. سمعت منه قديما وحديثا، وحدّث في العام الماضي مع الشيخ نور الدّين الأنباري بالسنن في البيبرسية، وكان صوفيا بها.
مات في شعبان. انتهى.
وفيها علاء الدّين علي بن محمد بن علي الدمشقي الحريري [4] الحنفي [5] .
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 252) و «الضوء اللامع» (5/ 237) .
[2]
تصحفت في «ط» إلى «كبير» .
[3]
في «آ» و «ط» : «الصريحي» والتصحيح من «إنباء الغمر» (6/ 252) و «الضوء اللامع» (5/ 238) وفيه: «الصرنجي: بصاد أو سين مهملة» .
[4]
في «آ» و «ط» : «الجزيري» وما أثبته منه من «الضوء اللامع» و «إنباء الغمر» .
[5]
ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 253) و «الضوء اللامع» (5/ 328) .
ولد سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، وتفقه، وتعانى، حفظ السير والمغازي، فكان يستحضر شيئا كثيرا منها، وكان كثير اليسار، فتزوج الشيخ شهاب الدّين الغزّي ابنته فماتت بعد أمّها بقليل. قاله ابن حجر.
وفيها أبو الحسن علي بن مسعود بن علي بن عبد المعطي المالكي المكّي الخزرجي [1] .
ولد سنة أربعين وسبعمائة، وسمع من عثمان بن الصّفي الطّبري «سنن أبي داود» ومن إبراهيم بن محمد بن نصر الله الدمشقي «مشيخته» وحدّث بمكة، وكان مشاركا في الفقه، مع الدّيانة والمروءة.
وتوفي في تاسع المحرم.
وفيها أمّ الحسن فاطمة بنت أحمد بن محمد علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن زيد الحسنية الحلبية [2] ، أخت نقيب الأشراف.
ولدت سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وسمعت على جدّها لأمّها جمال الدّين إبراهيم بن الشّهاب محمود، وأجاز لها المزّي وجماعة، وحدّثت بحلب.
وتوفيت في العشر الأول من المحرم وقد جاوزت الثمانين سنة.
وفيها بدر الدّين محمد بن خاص بك السّبكي الحنفي [3] .
كان ينسب إلى الظّاهر بيبرس من جهة النساء.
اشتغل في مذهب الحنفية فبرع، وأخذ عن أكمل الدّين وغيره، وكان يجيد البحث، مع الدّيانة، والمروءة، والعصبية لمذهبه وأهله.
وتوفي في خامس رجب وقد جاوز الخمسين.
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 253) و «الضوء اللامع» (6/ 38) .
[2]
ترجمتها في «إنباء الغمر» (6/ 255) و «الضوء اللامع» (12/ 88) .
[3]
ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 258) .
وفيها شمس الدّين محمد بن علي بن محمد بن عمر بن عيسى المصري الشافعي، المعروف بابن القطّان [1] .
كان أبوه قطّانا وأخوه كذلك، واشتغل هذا بالعلم، ومهر، ولازم الشيخ بهاء الدّين بن عقيل وصاهره على بنت له من جارية، وسكن مصر، ودرّس، وأفتى، وصنّف.
قال ابن حجر: قرأت عليه، وأجاز لي، ولم يحصل له سماع في الحديث على قدر سنه، وقد حدّث ب «صحيح مسلم» بإسناد نازل، وسمع معنا على بعض شيوخنا كثيرا وبقراءتي، وكان ماهرا في القراءات، والعربية، والحساب، وناب في الحكم بأخرة فتهالك على ذلك إلى أن مات انتهى. أي وتوفي في أواخر شوال عن نيف وثمانين سنة.
وفيها شمس الدّين محمد بن سعد الدّين بن محمد بن نجم الدّين محمد البغدادي، نزيل القاهرة الزركشي [2] مهر في القراءات، وشارك في الفنون، وتعانى النّظم، وله قصيدة حسنة في العروض وشرحها، ونظم «العواطل الحوالي» ست عشرة قصيدة على ستة عشرة بحرا ليس فيها نقطة، وسمع منه ابن حجر، وسمع هو أيضا من ابن حجر، ورافقه في السماع، وجرت له في آخر عمره محنة.
وتوفي في ذي الحجّة.
وفيها شمس الدّين محمد بن محمد الشّوبكي الحنبلي [3] .
قدم دمشق، وتفقه بها، وتولى وظائف وخطابة.
وتوفي في المحرم.
وفيها شمس الدّين محمد بن محمود بن بون [4] الخوارزميّ الحنفي،
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 259) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (4/ 72) و «البدر الطالع» (2/ 226) .
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 262) و «الضوء اللامع» (9/ 208) .
[3]
ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 263) و «السّحب الوابلة» ص (451) .
[4]
في «آ» و «ط» : «ابن نون» والتصحيح من «إنباء الغمر» و «العقد الثمين» .
المعروف بالمعيد [1] ، نزيل مكة وإمام مقام الحنفية بها.
جاور بمكّة زيادة على أربعين سنة، وسمع الحديث، وتفقّه، وبرع، وأفتى، ودرّس، واستقرّ معيدا بدرس الحنفية للأتابك يلبغا العمري بمكة فعرف بالمعيد، وكان بارعا في الفقه، والأصول، والعربية، وتصدّر للإقراء بالمسجد الحرام عدة سنين وانتفع الناس به، مع الدّيانة والصّيانة، وحدّث عن الوادي آشي وغيره.
ومن شعره:
أفنى بكلّ وجودي في محبّته
…
وأنثني ببقاء الحبّ ما بقيا
لا خير في الحبّ إنّ لم يغن صاحبه
…
وكيف يوجد صبّ بعد ما لقيا
وتوفي بمكة المشرّفة في آخر جمادى الأولى وقد جاوز الثمانين.
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (6/ 263) و «الضوء اللامع» (10/ 45) و «العقد الثمين» (2/ 349) .