الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وخمسين وثمانمائة
في خامسها بويع بالخلافة القائم بأمر الله حمزة بن المتوكل على الله بعد وفاة أخيه المستكفي بالله سليمان بن المتوكل على الله [1] بويع سليمان هذا بالخلافة يوم موت أخيه المعتضد بالله [2] وذلك في سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وأقام في الملك عشر سنين، وبلغ من العزّ فوق أخيه، وحمل السلطان نعشه.
وفيها توفي كمال الدّين أبو المناقب أبو بكر بن ناصر الدّين محمد بن سابق الدّين أبي بكر بن فخر الدّين عثمان بن ناصر الدّين محمد بن سيف الدّين خضر بن نجم الدّين أيوب بن ناصر الدّين محمد بن الشيخ العارف بالله همام الدّين الهمامي الخضيري السّيوطي الشافعي [3] .
قال ولده في «طبقات النحاة» : ولد في أوائل القرن بسيوط، واشتغل بها، ثم قدم القاهرة بعد عشرين وثمانمائة، فلازم الشيوخ شيوخ العصر، [ودأب] إلى أن برع في الفقه، والأصلين، والقراآت، والحساب، والنحو، والتصريف، والمعاني، والبيان، والمنطق، وغير ذلك، ولازم التدريس والإفتاء. وكان له في الإنشاء اليد الطّولى. وكتب الخطّ المنسوب، وصنّف «حاشية» على «شرح الألفية» لابن
[1] ترجمته في «تاريخ الخلفاء» ص (511- 513) و «النجوم الزاهرة» (16/ 1) و «الدليل الشافي» (1/ 320) و «المنهل الصافي» (5/ 183- 184) .
[2]
ترجمته في «تاريخ الخلفاء» ص (509- 511) و «الدليل الشافي» (1/ 296) .
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (11/ 72- 73) و «حسن المحاضرة» (1/ 441) و «بغية الوعاة» (1/ 472) و «التبر المسبوك» ص (356- 357) و «نظم العقيان» ص (95- 96) و «حوادث الدهور» (2/ 344) .
المصنّف حافلة في مجلدين، وكتابا في القراآت، وحاشية على «العضد» . وتعليقا على «الإرشاد» لابن المقرئ، وكتابا في صناعة التوقيع، وغير ذلك.
أخبرني بعض أصحابه أن الظّاهر جقمق عيّنه مرّة لقضاء القضاة بالديار المصرية، وأرسل يقول للخليفة المستكفي بالله: قل لصاحبك يطلع نوليه. فأرسل الخليفة قاصدا إلى الوالد [1] يخبره بذلك فامتنع.
قال الحاكي: فكلّمته في ذلك، فأنشدني:
وألذّ من نيل الوزارة أن ترى
…
يوما يريك مصارع الوزراء
ومن نجباء تلامذته الشيخ فخر الدّين المقدسي، وقاضي مكّة برهان الدّين بن ظهيرة، وقاضيها نور الدّين بن أبي اليمن، وقاضي المالكية محيي الدّين بن تقي الدّين [2] ، والعلّامة محيي الدّين بن مصيفح في آخرين.
مات ليلة الاثنين وقت أذان العشاء خامس صفر، ودفن بالقرافة قريبا من الشّمس الأصفهاني. انتهى.
وفيها أمير المدينة أميان بن مانع بن علي بن عطية الحسيني [3] .
توفي في جمادى الآخرة، واستقرّ بعده زبيري [4] بن قيس.
وفيها جمال الدّين أبو محمد بن عبد الله بن الشيخ الإمام العالم محبّ الدّين أبي عبد الله محمد بن هشام الأنصاري المصري الحنبلي [5] القاضي.
كان من أهل العلم، ومن أعيان فقهاء الديار المصرية وقضاتها، باشر القضاء
[1] في «آ» : «قاصدا للوالد» .
[2]
لفظة «الدين» سقطت من «ط» .
[3]
ترجمته في «النجوم الزاهرة» (16/ 5- 6) و «الضوء اللامع» (2/ 321) .
[4]
في «آ» و «ط» : «زيري» وما أثبته من «الضوء اللامع» وفي «النجوم الزاهرة» : «زبير» .
[5]
ترجمته في «الضوء اللامع» (5/ 56) و «السحب الوابلة» ص (266) و «المنهج الأحمد» الورقة (494) .
نيابة عن قاضي القضاة محبّ الدّين بن نصر الله، ثم عن قاضي القضاة بدر الدّين البغدادي، فوقعت حادثة أوجبت تغيّر خاطر بدر الدّين المذكور عليه، فعزله عن القضاء، ثم صار يحسن إليه ويبره إلى أن توفي بمصر في المحرّم الحرام.
وفيها الشيخ عبد الواحد البصير المقرئ الحنبلي الوفائي [1] .
توفي بدرب الحجاز الشريف في عوده من الحجّ بالعلا [2] .
وفيها قاضي القضاة شمس الدّين محمد بن أحمد بن سعيد المقدسي الحنبلي [3] قاضي مكّة المشرّفة.
ولد بكفر لبد من أعمال نابلس في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وسكن مدينة حلب قديما ودمشق، وسمع على الأعيان، وقرأ على ابن اللحّام، والتّقي ابن مفلح، والحافظ زين الدّين بن رجب، وكان عالما، خيّرا، كتب الشروط، ووقّع على الحكّام دهرا طويلا، وتفرّد بذلك، وصنّف التصانيف الجيدة، منها «سفينة الأبرار الحاملة للآثار والأخبار» ثلاث مجلدات في الوعظ، وكتاب «الآداب» وكتاب «المسائل المهمة فيما يحتاج إليه العاقل في الخطوب المدلهمّة» وكتاب «كشف الغمّة في تيسير الخلع لهذه الأمة» و «المنتخب الشافي من كتاب الوافي» اختصر فيه «الكافي» للموفق. وجاور بمكّة مرارا، وجلس بالحضرة النبوية بالمدينة الشريفة بالرّوضة، واستجازه الأعيان، وآخر مجاوراته سنة ثلاث وخمسين، فمات قاضي مكّة في تلك السنة فجهّز إليه الولاية في أوائل سنة أربع وخمسين، فاستمر بها قاضيا نحو سنة.
وتوفي في أوائل هذه السنة وخلّف دنيا ولا وارث له، رحمه الله تعالى.
[1] ترجمته في «المنهج الأحمد» الورقة (494) .
[2]
جاء في «المعانم المطالبة» ص (282) ما نصه: العلا- بالضم والقصر- موضع بناحية وادي القرى.
نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى تبوك. وعلّق عليه محققه العلّامة الشيخ حمد الجاسر بقوله:
أصبح هذا الموضع بلدة كبيرة الآن.
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (6/ 309) و «التبر المسبوك» ص (363) و «معجم الشيوخ» لابن فهد ص (204- 205) وفيه: «المقدسي ثم الحلبي الحنبلي» .
وفيها القاضي شمس الدّين محمد بن محمد بن خالد بن زهر الحمصي الحنبلي [1] .
قرأ «المقنع» وشرحه على والده، وأصول ابن الحاجب، و «ألفية ابن مالك» .
على غيره، وأذن له القاضي علاء الدّين ابن المغلي بالإفتاء، وولي القضاء بحمص بعد وفاة والده، واستمرّ قاضيا إلى أن توفي بها في ذي القعدة ودفن بباب تدمر.
وفيها بدر الدّين أبو الثناء، وأبو محمد، محمود بن القاضي شهاب الدّين أحمد بن القاضي شرف الدّين موسى بن أحمد بن حسين بن يوسف بن محمود العينتابي الأصل والمولد والمنشأ المصري الدار والوفاة، الحنفي، المعروف بالعيني [2] .
قال تلميذه ابن تغري بردي: هو العلّامة، فريد عصره ووحيد دهره، عمدة المؤرّخين، مقصد الطّالبين قاضي القضاة.
ولد سادس عشري شهر رمضان سنة اثنتين وستين وسبعمائة في درب كيكن.
ونشأ بعينتاب، وحفظ القرآن العظيم، وتفقّه على والده وغيره، وكان أبوه قاضي عينتاب.
وتوفي بها في سنة أربع وثمانين وسبعمائة.
ورحل صاحب الترجمة إلى حلب، وتفقه بها أيضا، وأخذ عن العلّامة جمال الدّين يوسف بن موسى الملطي الحنفي وغيره، ثم قدم القدس، فأخذ عن العلاء السّيرامي لأنه صادفه زائرا به، ثم صحبه معه إلى القاهرة في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، وأخذ عنه علوما جمّة، ولازمه إلى وفاته، وأقام بمصر مكبّا على
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (9/ 79) وفيه: «محمد بن محمد بن خالد بن موسى، ويعرف بابن زهرة» و «السحب الوابلة» ص (434) و «المنهج الأحمد» الورقة (494) .
[2]
ترجمته في «النجوم الزاهرة» (16/ 8) و «الضوء اللامع» (10/ 131) و «بغية الوعاة» (2/ 275) و «الدليل الشافي» (2/ 721- 722) و «حسن المحاضرة» (1/ 473) و «معجم الشيوخ» ص (292- 295) .
الاشتغال والإشغال [1] . وولي حسبة القاهرة بعد محن جرت له من الحسدة، وعزل عنها غير مرة، وأعيد إليها. ثم ولي عدة تداريس ووظائف دينية، واشتهر اسمه، وبعد صيته، وأفتى، ودرّس، وأكب على الأشغال والتصنيف، إلى أن ولي نظر الأحباس، ثم قضاء قضاة الحنفية بالديار المصرية يوم الخميس سابع عشري ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثمانمائة، فباشر ذلك بحرمة وافرة وعظمة زائدة، لقربه من الملك الأشرف برسباي، واستمرّ فيه إلى سنة اثنتين وأربعين، وكان فصيحا باللغتين العربية والتركية. وقرأ وسمع ما لا يحصى من الكتب والتفاسير، وبرع في الفقه، والتفسير، والحديث، واللغة، والنحو، والتصريف، والتاريخ.
ومن مصنّفاته: «شرح البخاري» في أكثر من عشرين مجلدا، و «شرح الهداية» و «شرح الكنز» و «شرح مجمع البحرين» و «شرح تحفة الملوك» في الفقه، و «شرح الكلم الطّيب» لابن تيمية، و «شرح قطعة من سنن أبي داود» و «قطعة كبيرة من سيرة ابن هشام» و «شرح العوامل المائة» و «شرح الجاربردي» وله كتاب في «المواعظ والرقائق» في ثمان مجلدات، و «معجم مشايخه» مجلد.
و «مختصر الفتاوى الظهيرية» و «مختصر المحيط» و «شرح التّسهيل» لابن مالك مطولا ومختصرا، و «شرح شواهد ألفية ابن مالك» شرحا مطولا وآخر مختصرا، وهو كتاب نفيس احتاج إليه صديقه وعدوه، وانتفع به غالب علماء عصره فمن بعدهم، و «شرح معاني الآثار» للطحاوي في اثنتي عشرة مجلدة، وله كتاب «طبقات الشعراء» و «طبقات الحنفية» و «التاريخ الكبير» [2] على السنين في عشرين مجلدا، واختصره في ثلاث مجلدات، و «التاريخ الصغير» في ثمان مجلدات، وعدة تواريخ أخر. وله «حواش على شرح ألفية بن مالك» و «حواش على شرح السيد عبد الله» و «شرح عروض ابن الحاجب» و «اختصر تاريخ ابن خلكان» . وله غير ذلك. وكان أحد أوعية العلم، وأخذ عنه من لا يحصى. ولما أخرج عنه نظر
[1] لفظة «والاشغال» سقطت من «آ» .
[2]
وهو معروف ب «عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان» وقد نشرت منه بعض الأجزاء في مصر بتحقيق الدكتور عبد الرزاق الطنطاوي القرموط.
الأحباس في سنة ثلاث وخمسين عظم عليه ذلك لقلّة موجودة، وصار يبيع من أملاكه وكتبه، إلى أن توفي ليلة الثلاثاء رابع ذي الحجّة بالقاهرة، وصلّي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بمدرسته التي بقرب داره، وكثر أسف الناس عليه، رحمه الله تعالى