الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وعشرين وثمانمائة
في رمضانها كان فتح قبرس، وعمل زين الدّين عبد الرحمن بن محمد بن الخرّاط موقّع الدست بالقلعة قصيدة طويلة فائية أولها:
بشراك يا ملك الملوك الأشرف
…
بفتح قبرس بالحسام المشرفي
فتح بشهر الصّوم تمّ قتاله
…
من أشرف في أشرف في أشرف
قالت دمى تلك البلاد وقد عفا
…
إنجيلهم أهلا بأهل المصحف
وفي آخرها:
لم تخلف الأيام مثلك فاتكا
…
ملكا ومثلي شاعرا لم تخلف
فيك التّقى والعدل والإحسان في
…
كلّ الرّعية والوفا والفضل في
وبيع السّبي والغنائم، وحمل الثمن إلى الخزانة السلطانية، وفرّق في الذين جاهدوا منه بعضه.
وفيها نهب المدينة عاملها عجلان بن ثابت لما بلغه أنه عزل بابن عمه حسن بن جمّاز، وهدم أكثر بيوتها، وحرق، وسلم منه بيوت الرافضة، وأقام قاضيا رافضيا بها يقال له: الصّيقل، ولم يسلم منه من أرباب الخدم إلّا القاضي الشافعي لأنه استجار بقريب لعجلان يقال له: مانع فأجاره.
وفيها توفي شهاب الدّين أحمد بن محمد القطوي الشافعي [1] .
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 109) و «الضوء اللامع» (2/ 208) .
ولد بقطية سنة تسع وسبعين وسبعمائة، وأبوه إذ ذاك الحاكم [1] بها، ونشأ نشأة حسنة، وحفظ «الحاوي» ، واشتغل في الفرائض، ولازم الشيخ شمس الدّين العراقي في ذلك، وكان يستحضر «الحاوي» وكثيرا من شرحه، واشتغل في العربية قليلا، ثم ولي قضاء قطية [2] بعد أبيه، ثم ولي قضاء غزّة في أول الدولة المؤيدية، ثم استقرّ في دمياط [3] مع بقاء قطية معه، فاستناب فيها قريبة زين الدّين عبد الرحمن، واستمرّ في دمياط [3] في غاية الإعزاز والإكرام، وكان كثير الاحتمال، حسن الأخلاق، وصاهر ابن حجر على ابنته رابعة، ودخل بها وهي [4] بكر سنة خمس عشرة، وولدت منه بنتا، ثم مات عنها في شهر رمضان، وكثر الأسف عليه.
وفيها الشيخ تقي الدّين أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن بن حريز بن معلى بن موسى بن حريز بن سعيد بن داود بن قاسم بن علي بن علوي بن ناشي بن جوهر بن علي بن أبي القاسم بن سالم بن عبد الله بن عمر بن موسى بن يحيى بن علي الأصغر بن محمد المتّقي بن حسن العسكري [5] بن علي بن محمد الجواد بن علي الرّضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الحصني،- نسبة إلى الحصن قرية من قرى حوران [6]- ثم الدمشقي الفقيه الشافعي [7] .
ولد سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، وتفقه بالشّريشي، والزّهري، وابن الجابي، والصّرخدي، والغزّي، وابن غنّوم. وأخذ عن الصّدر الياسوفي، ثم
[1] تحرفت في «ط» إلى «الحكم» .
[2]
تحرفت في «ط» إلى «قضية» .
[3، 3] ما بين الرقمين سقط من «ط» .
[4]
لفظة «وهي» سقطت من «آ» .
[5]
لفظة «العسكري» سقطت من «ط» .
[6]
قال ياقوت في «معجم البلدان» (2/ 265) : «حصن مقدية» : هو من أعمال أذرعات من أعمال دمشق.
[7]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 110) وفيه «محمد بن عبد الله» و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (4/ 97- 99) و «الضوء اللامع» (11/ 81) و «درر العقود الفريدة» (1/ 190- 191) .
انحرف عن طريقته، وحطّ على ابن تيميّة [1] ، وبالغ في ذلك، وتلقى ذلك عنه الطلبة بدمشق، وثارت بسبب ذلك فتن كثيرة، وكان يميل إلى التقشف ويبالغ في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وللناس فيه اعتقاد زائد، ولخّص «المهمات» في مجلد، وكتب على «التنبيه» .
قال القاضي تقي الدّين الأسدي: كان خفيف الرّوح، منبسطا، له نوادر، ويخرج إلى النّزه ويبعث الطلبة على ذلك، مع الدّين المتين، والتّحري في أقواله وأفعاله، وتزوّج عدة نساء، ثم انقطع وتقشّف وانجمع، وكل ذلك قبل القرن [2] ثم ازداد بعد الفتنة تقشّفه وانجماعه، وكثرت مع ذلك أتباعه، حتّى امتنع من مكالمة الناس، ويطلق لسانه في القضاة وأصحاب الولايات، وله في الزّهد والتّقلّل من الدنيا حكايات تضاهي ما نقل عن الأقدمين، وكان يتعصب للأشاعرة، وأصيب في سمعه وبصره فضعف، وشرع في عمارة رباط داخل باب الصغير، فساعده الناس بأموالهم وأنفسهم، ثم شرع في عمارة خان السّبيل ففرغ في مدة قريبة، وكان قد جمع تآليف كثيرة قبل الفتنة، وكتب بخطّه كثيرا في الفقه والزّهد.
وقال السخاوي: شرح «التنبيه» و «المنهاج» وشرح «مسلم» في ثلاث مجلدات، ولخص «المهمات» في مجلدين، وخرّج أحاديث «الإحياء» مجلد [3] وشرح «النواوية» مجلد، و «أهوال القيامة» مجلد، وجمع «سير نساء السّلف العابدات» مجلد، و «قواعد الفقه» مجلد، و «تفسير القرآن إلى الأنعام» آيات متفرقة مجلد، و «تأديب القوم» مجلد، و «سير السالك» مجلد، و «تنبيه السالك على مضار [4] المهالك» ست مجلدات، و «شرح الغاية» مجلد، و «شرح النهاية»
[1] لفظة «تيمية» سقطت من «آ» .
[2]
أي قبل دخول القرن التاسع الهجري.
[3]
قلت: لم أعثر على ذكر لكتابه المذكور عند السخاوي في «الضوء اللامع» ولكن ذكره ابن قاضي شهبة في «طبقاته» في معرض حديثه عن مؤلفاته ولعل المؤلف قد نقل عنه وعزا النقل للسخاوي.
والله أعلم.
[4]
في «ط» : «مظان» وما جاء في «آ» موافق لما عند ابن قاضي شهبة والسخاوي، وفي اسم الكتاب اختلاف.
مجلد، و «قمع النّفوس» مجلد، و «دفع الشّبه» مجلد، و «شرح أسماء الله الحسنى» مجلد، و «المولد» مجلد.
وتوفي بخلوته بجامع المزّاز بالشاغور بعد مغرب ليلة الأربعاء خامس عشر جمادى الآخرة وصلّى عليه بالمصلي، صلّى عليه ابن أخيه، ثم صلّي عليه ثانيا عند جامع كريم الدّين، ودفن بالقبيبات في أطراف العمارة على جادة الطريق عند والدته، وحضر جنازته عالم لا يحصيهم إلا الله، مع بعد المسافة وعدم علم أكثر الناس بوفاته، وازدحموا على حمله للتبرك به، وختم عند قبره ختمات كثيرة، وصلّى عليه أمم ممن فاتته الصلاة على قبره، ورؤيت له منامات صالحة في حياته وبعد موته. انتهى.
وفيها شمس الدّين شمس بن عطاء الهروي الرّازي الأصل [1] القاضي الشافعي.
كان يكتب أيام قضائه محمد بن عطا قال ابن حجر: كان شيخا عالما [2] ، ضخما، طوالا، أبيض اللحية، مليح الشكل، إلا أن في لسانه مسكة.
وقال الحافظ تاج الدّين محمد بن الغرابيلي [3] ما نصه- كما نقله عنه البرهان البقاعي-: محمد بن عطا شمس الدّين أبو عبد الله الهروي، شيخنا الامام العالم، أحد عجائب الوقت في كل أموره، حتى في كذبه وزوره، ولم ير مثل نفسه، ولا والله ما رأى أحد من أهل عصره المخرّفة مثله [4] في كل شيء من العلوم والظلم،
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 113) .
[2]
لفظة «عالما» لم ترد في «ط» و «إنباء الغمر» .
[3]
هو محمد بن محمد بن محمد بن مسلم بن علي بن أبي الجود السالمي القاهري ثم الكركي المقدسي الشافعي، ويعرف بابن الغرابيلي، محدّث، حافظ، مؤرخ، مشارك في بعض العلوم.
ولد بالقاهرة وتوفي فيها سنة (835 هـ-) . انظر «الضوء اللامع» (9/ 306- 308) و «معجم المؤلفين» (11/ 296) .
[4]
في «ط» : «ولا والله ما رأى من أهل عصره أحد مثله» ولفظة «المخرّقة» تصحفت فيها إلى «المخرقة» وتأخرت إلى ما بعد لفظة «والظلم» .
ولولا أني كنت أشاهد جوارحه في كل وقت لقلت: إنه شيطان، خرج إلى الناس في زي إنسان. أفردت ترجمة تشتمل على عجائبه في نحو كرّاسة.
مات- رحمه الله وأرضى عنه خصومه- يوم الاثنين بعد الفجر تاسع عشر ذي الحجّة من جمرة طلعت بين كتفيه، وصلّى عليه بعد الظهر بالمسجد الأقصى، وحمل إلى تربة ماملا فدفن إلى جوار شيخنا العلّامة أحد الزّهّاد عمر البلخي، رحمه الله تعالى. انتهى بحروفه.
وفيها علاء الدّين أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن علي بن إسحاق بن سلام بن عبد الوهاب بن الحسن بن سلام الدمشقي الشافعي [1] .
ولد سنة خمس أو ست وخمسين وسبعمائة، وحفظ القرآن، و «التنبيه» و «الألفية» و «مختصر ابن الحاجب» . وتفقه على علاء الدّين بن حجي، وابن قاضي شهبة، وغيرهما. وأخذ الأصول عن الضّياء القرمي، وارتحل إلى القاهرة، فقرأ «المختصر» على الركراكي، وكان يطريه، حتّى كان يقول يعرفه أكثر من مصنّفه، فاشتهر وتميّز ومهر، وأصيب في الفتنة الكبرى بماله وفي يده بالحرق وأسروه، فسار معهم إلى ماردين، ثم انفلت منهم، وقرّره ابن حجي في الظّاهرية البرّانية، ونزل له التّاج الزّهري عن العذراوية، ودرّس بالرّكنية، وكان يقرئ في الفقه و «المختصر» إقراء حسنا، وله يد في الأدب والنّظم والنثر، وكان بحثه أقوى من تقريره، وكان مقتصدا في ملبسه وغيره، شريف النّفس، حسن المحاضرة، ينسب إلى نصرة مقالة ابن العربي، وكان يطلق لسانه في جماعة من الكبار، واتفق أنه حجّ في هذه السنة، فلما ردّ من الحجّ والزيارة مات في وادي بني سالم في أواخر ذي الحجّة، وحمل إلى المدينة فدفن بالبقيع وقد شاخ.
وفيها سراج الدّين أبو حفص عمر بن علي بن فارس المصري الحنفي،
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 114) و «الضوء اللامع» (5/ 251) .
المعروف بقارئ الهداية [1] .
قال في «المنهل» : شيخ الإسلام وعالم [2] زمانه.
ولد بالحسينيّة ظاهر القاهرة، ونشأ بالقاهرة، وحفظ القرآن العظيم، وطلب العلم، وتفقه بجماعة من علماء عصره، وجدّ ودأب، حتّى برع في الفقه وأصوله، والنحو، والتفسير، وشارك في عدة علوم، وصار إمام عصره ووحيد دهره، وتصدّى للإقراء والتدريس والفتوى عدة سنين، وانتهت إليه رئاسة السادة الحنفية في زمانه، وانتفع به غالب الطلبة، وصار المعوّل عليه في الفتوى بالدّيار المصريّة، وشاع ذكره، وبعد صيته، وتولى عدّة مدارس ووظائف دينية، وكان مهابا، وقورا، أوقاته مقسّمة للطلبة، وعلى دروسه خفر ومهابة، هذا مع اطراح الكلفة، والاقتصاد في ملبسه، والتعاطي لشراء ما يحتاجه من الأسواق بنفسه، وكان يسكن بين القصرين، ويذهب لتدريس الشيخونية على حمار، ولم يركب الخيل. انتهى ملخصا.
وفيها كمال الدّين أبو الفضل محمد بن أحمد بن ظهيرة المخزومي المكّي الشافعي [3] ابن عمّ الشيخ جمال الدّين محمد.
ولد في ربيع الأول سنة ست وخمسين وسبعمائة، وسمع من عزّ الدّين بن جماعة، والشيخ خليل المالكي، والموفق الحنبلي، وابن عبد المعطي، وناب في الخطابة، وحدّث، وأضر بأخرة، وتوفي في صفر.
وفيها القاضي جمال الدّين يوسف بن خالد بن أيوب الحفناوي- بفتح الحاء المهملة، وسكون الفاء، ونون، نسبة إلى حفنا قرية بمصر [4]- الشافعي [5]
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 115) و «الضوء اللامع» (6/ 109) و «الدليل الشافي» (1/ 501- 502) .
[2]
في «ط» : «وعلم» .
[3]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 117) و «العقد الثمين» (1/ 293) .
[4]
انظر «التحفة السنية» ص (29) .
[5]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 117) و «الضوء اللامع» (10/ 312) .
نشأ بحلب، وقرأ الفقه على ابن أبي الرضي، وقرأ عليه القراآت، ثم سافر إلى ماردين، فأخذ عن زين الدّين سريجا، وولي قضاء ملطية مدة، ثم دخل القاهرة، وولي [1] قضاء حلب، ثم قضاء طرابلس، ثم كتابة السرّ بصفد، وكان حسن الشكل، فائق الخطّ، قوي النّظم.
وتوفي بطرابلس في ثالث عشر المحرم.
[1] في «ط» : «وتولى» .