الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وستين وثمانمائة
فيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن محمد بن محمد بن محمد بن سليمان بن علي البعلي [1] الشافعي، المعروف بابن المراحلي [2] .
كان إماما فاضلا نبيلا.
توفي في ذي الحجّة عن أربع وثمانين سنة.
وفيها أبو العبّاس أحمد بن محمد بن عبد الغني السوسي [3] الحنفي العارف بالله تعالى المسلك العالم العامل القطب الغوث.
قال المناوي في «طبقاته» : كان من أفراد الصّلحاء المسلّكين بالقاهرة. عالي الرّتبة جدا، حتى يقال: إن الشيخ محمد الحنفي إنما نال ما وصل إليه بلحظه.
وكان تفقّه على ذوي المذاهب الأربعة. وله كرامات ومكاشفات، منها أن الكمال بن الهمام لما دخل مكّة سأل العارف عبد الكريم الحضرمي أن يريه القطب فوعده لوقت معين، ثم دخل معه فيه إلى المطاف، وقال له: ارفع رأسك، فرفع،
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 159) و «الذيل التام على دول الإسلام» (2/ 67) من المنسوخ.
[2]
تنبيه: كذا في «آ» و «ط» و «المنتخب» لابن شقدة الورقة (272/ ب) من نسخة شستربتي، والصفحة (1250) من نسخة الشيخ الرئيس تاج الدّين الحسني:«المعروف بابن المراحلي» وفي «الضوء اللامع» و «الذيل التام» : «المعروف بابن المرحّل» .
[3]
تنبيه: كذا في «آ» و «ط» : «المنتخب» لابن شقدة (272/ ب) : «السّوسي» والصواب «السّرسي» كما في مصادر الترجمة. والسّرسي: نسبة إلى «سرس» من أعمال المنوفية. انظر «التحفة السّنية» ص (105) .
فوجد شيخا على كرسي بين السماء والأرض، فتأمله فإذا هو صاحب الترجمة، فاندهش [1]، وصار يقول من دهشته بأعلى صوته: هذا صاحبنا، ولم نعرف مقامه، فاختفى عنه، ولما رجع الكمال إلى مصر بادر للسلام عليه، وقبّل قدميه، فقال:
أكتم ما رأيته [2] .
وتوفي بالقاهرة عن نحو ثمانين سنة ودفن بالقرافة.
وفيها القاضي قاسم بن القاضي جلال الدّين أبي [الفضل عبد الرحمن بن] عمر البلقيني [3] الشافعي [4] الإمام العالم.
توفي في شوال عن خمس وستين سنة. قاله في «ذيل الدول» .
وفيها كمال الدّين محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود السيواسي ثم الإسكندري، المعروف بابن الهمام الحنفي [5] الإمام العلّامة.
قال في «بغية الوعاة» : ولد سنة تسعين وسبعمائة، وتفقه بالسّراج قارئ الهداية، ولازمه في الأصول وغيرها، وانتفع به وبالقاضي محبّ الدّين بن الشّحنة لما دخل القاهرة سنة ثلاث عشرة، ولازمه، ورجع معه إلى حلب، وأقام عنده إلى أن مات، وأخذ العربية عن الجمال الحميديّ والأصول. وغيره عن البساطي [6] ،
[1] في «ط» : «فدهش» .
[2]
أقول: وهذا أيضا من الشطحات. (ع) .
[3]
تحرفت نسبته في «آ» و «ط» إلى «التلفيتي» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[4]
ترجمته في «الدليل الشافي» (2/ 527) و «النجوم الزاهرة» (16/ 188) و «معجم الشيوخ» لابن فهد ص (197) و «الضوء اللامع» (6/ 181) و «الذيل التام على دول الإسلام» (2/ 68) من المنسوخ وما بين الحاصرتين مستدرك منها.
[5]
ترجمته في «الدليل الشافي» (2/ 650) و «النجوم الزاهرة» (16/ 187) وقد تحرفت نسبته فيه إلى «السيرامي» و «معجم الشيوخ» لابن فهد ص (240- 241) و «الضوء اللامع» (8/ 127) و «الذليل التام» (2/ 69) من المنسوخ، و «بغية الوعاة» (1/ 166) وما بين الحاصرتين في الترجمة مستدرك منه.
[6]
تحرفت ترجمته في «بغية الوعاة» إلى «السّنباطي» فلتصحح، والبساطي نسبة إلى «بساط» من قرى الغربية بالأعمال البحرية من أعمال مصر. كما في «الضوء اللامع» (7/ 5) وهو محمد بن أحمد بن عثمان بن نعيم البساطي، وقد تقدمت ترجمته في وفيات سنة (842) من هذا المجلد ص (356) .
والحديث عن أبي زرعة ابن العراقي، والتّصوف [1] عن الخوافي [1] ، والقراآت عن الزّراتيتي، وسمع الحديث عن الجمال الحنبلي، والشمس الشامي، وأجاز له المراغي، وابن ظهيرة [1] ورقية المدنية [1] ، وتقدم على أقرانه، وبرع في العلوم، وتصدى لنشر العلم فانتفع به خلق، وكان علّامة في الفقه، والأصول، والنحو، والتصريف، والمعاني، والبيان، والتصوف، والموسيقي وغيرها، ومحقّقا، جدليا، نظّارا.
وكان يقول: [1] أنا [1] لا أقلّد في المعقولات أحدا.
وقال البرهان الأبناسي من أقرانه: طلبت حجج الدّين ما كان في بلدنا من يقوم بها غيره.
وكان للشيخ نصيب وافر ممّا لأرباب الأحوال من الكشف والكرامات، وكان تجرّد أولا بالكلّية، فقال له أهل الطريق: ارجع فإنّ للناس حاجة بعلمك.
وكان يأتيه الوارد كما يأتي الصّوفيّة لكنه [2] يقلع عنه بسرعة لأجل مخالطته للناس [3] .
أخبرني بعض الصّوفية من أصحابه أنه كان عنده في بيته الذي بمصر، فأتاه الوارد، فقام مسرعا [4] .
قال الحاكي: وأخذ بيدي يجرّني، وهو يعدو في مشيه [5] ، وأنا أجري معه إلى أن وقف عليّ المراكب، فقال: ما لكم واقفين ها هنا؟ فقالوا: أوقفتنا [6] الرّيح. وما هو باختيارنا، فقال: هو الذي يسيّركم، وهو الذي يوقفكم. قالوا: نعم.
قال الحاكي: وأقلع عنه الوارد، فقال [لي] : لعلي شققت عليك؟ قال:
[1، 1] ما بين الرقمين مستدرك من «بغية الوعاة» .
[2]
في «بغية الوعاة» : «إلا أنه» .
[3]
في «آ» و «ط» : «بالناس» وما أثبته من «بغية الوعاة» مصدر المؤلف.
[4]
أقول: وهذا أيضا من الشطحات. (ع) .
[5]
في «بغية الوعاة» : «في مشيته» .
[6]
في «آ» و «ط» : «أوقفنا» وما أثبته من «بغية الوعاة» .
فقلت: أي والله، وانقطع قلبي من الجري. فقال: لا تأخذ عليّ فإني لم أشعر بشيء مما فعلته.
وكان الشيخ يلازم لبس الطّيلسان كما هو السّنّة، ويرخيه كثيرا على وجهه وقت حضور الشيخونية. وكان يخفّف الحضور جدا ويخفّف صلاته، كما هو شأن الأبدال، فقد نقلوا أن صلاة الأبدال خفيفة.
وكان الشيخ أفتى برهة من عمره، ثم ترك الإفتاء جملة.
وولي من الوظائف تدريس الفقه بالمنصورية وبقبّة الصالح، وبالأشرفية، [التي بقرب المشهد النّفيسي، ثم نزل عنها لشيخنا الشيخ سيف الدّين الحنفي تلميذه، لما قرّره الأشرف برسباي شيخنا في مدرسته عوضا عن العلاء الرّومي، ثم رغب عنها، واستقرّ بعد ذلك في مشيخة] الشيخونية [1] ، فباشرها مدة أحسن مباشرة، غير ملتفت إلى أحمد من الأكابر وأرباب الدولة، ثم رغب عنها لمّا جاور بالحرمين، واستقرّ بعده شيخنا العلّامة محيي الدّين الكافيجي.
وكان حسن اللّقاء، والسّمت، والبشر، والبزّة، طيّب النّغمة، مع الوقار والهيبة والتواضع المفرط، [والإنصاف] والمحاسن الجمّة. وكان أحد الأوصياء عليّ.
وله تصانيف، منها «شرح الهداية» سمّاه «فتح القدير للعاجز الفقير» وصل فيه إلى أثناء الوكالة، و «التحرير في أصول الفقه» و «المسايرة» [2] في أصول الدّين، و «كرّاسة في إعراب سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» . وله «مختصر» في الفقه سمّاه «زاد الفقير» . وله نظم نازل.
مات يوم الجمعة سابع رمضان. انتهى.
[1] في «آ» و «ط» : «وبالأشرفية والشيخونية» .
[2]
تحرفت في «بغية الوعاة» إلى «والمسامرة» فلتصحح.