الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وخمسين وثمانمائة
فيها وقع سيل عظيم بمكّة، ودخل الحرم حتّى قارب الحجر الأسود.
وفيها توفي أمير مكة الزّين أبو زهير بركات بن البدر أبي المعالي حسن بن عجلان بن رميثة [1] ولم يكمل ستين سنة.
وفيها صاحب حصن كيفا حسن بن عثمان بن العادل الأيوبي [2] .
وفيها عزّ الدّين عبد السلام بن أحمد بن عبد المنعم بن محمد بن أحمد القيلوي [3]- بالقاف، ثم تحتانية ساكنة، ثم لام مفتوحة، وبعد الواو ياء النسب، نسبة إلى قرية بأرض بغداد يقال لها قيلويه مثل نفطويه- نزيل القاهرة الحنفي الإمام العلّامة.
قال البرهان البقاعي في «عنوان الزمان» : ولد سنة ثمانين وسبعمائة تقريبا بالجانب الشرقي من بغداد، وقرأ به القرآن برواية عاصم، وحفظ كتبا في الفقه، والأصول، والنحو، والمعاني، وغير ذلك. فأكثر من المحفوظات جدا، ثم سمع «البخاري» على الشيخ محمد بن الجاردي، وأخذ عنه فقه الحنابلة، وعن الشيخ عبد الله بن عزيز- بالزايين والتثقيل والمصغر- وعن الشيخ محمود المعروف بكريكر- بالتصغير-، وغيرهم. وبحث في فقه الشافعية أيضا. ثم تحنّف، وأخذ الأصول عن الشيخ أحمد الدواليبي، والنحو عن الشيخ أحمد بن المقداد وغيره، والطب
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (3/ 13) و «النجوم الزاهرة» (16/ 178) و «الدليل الشافي» (1/ 188) .
[2]
ترجمته في «الضوء اللامع» (3/ 103) .
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (4/ 198) و «الدليل الشافي» (1/ 412) .
عن الموفق الهمذاني، والفرائض عن الشيخ عبد القادر الواسطي، وانتفع به في غير ذلك، ثم ارتحل إلى العجم لما نجّاه [1] الله تعالى من فتنة تمرلنك العظمى، فلازم ضياء الدّين الهروي الحنفي، وأخذ عنه فقه الحنفية بعد أن حفظ «مجمع البحرين» [2] وقرأ على غيره، وقرأ في عدة علوم على من لا يحصى، ثم ارتحل إلى أرزنجان [3] من بلاد الرّوم، فأخذ التصوف عن الشيخ يار علي السيواسي، ثم دخل بلاد الشام، وحلب، وبيت المقدس، فاجتمع بالقدوة العلّامة شهاب الدّين بن الهايم، ثم رحل إلى القاهرة، فأخذ الحديث عن الولي العراقي، والجمال الحنبلي الجندي، والشّمس الشّامي، وهذه الطبقة فأكثر جدا، ودرّس في القاهرة بعدة أماكن، ولازمه الناس، وانتفعوا به جدا، وهو رجل خيّر، زاهد مؤثر للانقطاع عن الناس والعفّة والتقنّع بزراعات يزرعها، ولم يحصل له إنصاف من رؤساء الزّمان في أمر الدنيا، وعنده رياضة زائدة، وصبر على إشغال الناس له [4] واحتمال جفاهم، ولم يعتن بالتصنيف.
ومن شعره:
شرابك المختوم في آنيه
…
وخمر أعدائك في آنيه
فليت أيّامك لي آنيه
…
قبل انقضاء العمر في آنيه
انتهى ملخصا. أي وتوفي في رمضان بالقاهرة وقد تجاوز الثمانين.
[1] في «آ» : «أنجاه» .
[2]
يعني «مجمع البحرين وملتقى النهرين» وهو في فروع الحنفية، لمصنّفه الامام مظفر الدّين أحمد بن علي بن تغلب المعروف بابن الساعاتي، المتوفى سنة (694) . انظر «كشف الظنون» (2/ 1599- 1600) و «تاج التراجم» ص (16) .
[3]
قال ياقوت في «معجم البلدان» (1/ 150) : أرزنجان: بالفتح، ثم السكون، وفتح الزاي، وسكون النون، وجيم وألف ونون، وأهلها يقولون: أرزنكان، بالكاف: وهي بلدة طيبة مشهورة نزهة كثيرة الخيرات والأهل، من بلاد إرمينية بين بلاد الروم وخلاط، قريبة من أرزن الروم، وغالب أهلها أرمن، وفيها مسلمون وهم أعيان أهلها، وشرب الخمر والفسق بها ظاهر وشائع، ولا أعرف أحدا نسب إليها.
قلت: وقد تحرف اسمها في «آ» إلى «أذربيجان» .
[4]
لفظة «له» سقطت من «آ» .
وفيها معين الدّين عبد اللطيف بن أبي بكر بن سليمان القاضي بن القاضي الحلبي الأصل المصري المولد والمنشأ [1] الشافعي.
قال في «المنهل الصّافي» : ولد بالقاهرة سنة اثنتي عشرة وثمانمائة تخمينا، ونشأ بها تحت كنف والده، وحفظ القرآن العزيز، وصلّى بالناس في سنة أربع وعشرين، وحفظ عدة مختصرات، وتفقه على الشّرف السّبكي. وقرأ المعقول على التّقي الشّمنّي، وعلى الشّمس الرّومي، وكتب الخط المنسوب، وتدرّب بوالده وغيره، وكتب في التوقيع بديوان الإنشاء بالديار المصرية. ثم ولي كتابة سرّ حلب بعد عزل والده في آخر الدولة الأشرفية، فباشرها على أحسن وجه، وحظي عند نائبها ثم عزل، وعاد إلى توقيع دست القاهرة، واستمرّ على ذلك إلى أن توفي والده سنة أربع وأربعين وثمانمائة، فاستقرّ مكانه في كتابة السرّ بمصر.
وفيها شمس الدّين محمد بن حسن بن علي بن عثمان النّواجي [2] الشافعي المصري [3] الإمام العلّامة الأديب.
قال في «عنوان الزمان» : ولد بالقاهرة بعد سنة خمس وثمانين وسبعمائة تقريبا، وقرأ بها القرآن، وتلا بعض السبع على الشيخ أمير حاج، والشّمس الزراتيتي [4] ، وعلى شيخنا الشّمس الجزري، وحفظ «العمدة» و «التنبيه» و «الشاطبية» و «الألفية» وعرض بعضها على الشيخ زين الدّين العراقي، وذكر أنه أجاز له [هو] وغيره، ثم أقبل على التفهم، فأخذ الفقه عن الشمس البرماوي، والبرهان البيجوري، وغيرهما. والنحو وغيره من المعقول عن الشيخ عزّ الدّين بن جماعة، والشّمس البساطي، والشمس بن هشام العجيمي، وحجّ مرتين، ودخل دمياط، وإسكندرية، وتردّد إلى المحلّة، وأمعن النّظر في علوم الأدب، وأنعم حتى
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (4/ 325) و «النجوم الزاهرة» (16/ 206) ووفاته فيهما سنة (863) .
[2]
قال السخاوي: النواجي: نسبة لنواج بالغربية بالقرب من المحلّة. وانظر «التحفة السنّية» ص (99) .
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (7/ 229- 232) و «الدليل الشافي» (2/ 615) .
[4]
تصفحت في «ط» إلى «الزراتيني» .
فاق أهل العصر، فما رام بديع معنى إلّا أطاعه، وأنعم وأطال الاعتناء بالأدب، فحوى فيه قصب السّبق إلى أعلى الرّتب.
ومن مصنّفاته «حاشية على التوضيح» في مجلدة، وبعض حاشية على «الجاربردي» وكتاب «تأهيل الغريب» يشتمل على قصائد مطوّلات كلّها غزل، و «الشّفا في بديع الاكتفاء» و «خلع العذار في وصف العذار» و «صحائف الحسنات» و «روضة المجالسة [1] [2] في بديع المجانسة [2] » و «مراتع الغزلان في وصف الحسان من الغلمان» و «حلبة [3] الكميت في وصف الخمر» . وكان سمّاه أولا «الحبور والسّرور في وصف الخمور» فحصلت له بسببه محنة عظيمة واستفتى عليه فغيّر تسميته.
ومن شعره ما ذكره في «الشّفا» :
بعد صباح الوجه عيشي مضى
…
فيا رعى الله زمان الصّباح
وبتّ أرعى النّجم لكنّني
…
أهفو إذا هبّ نسيم الصّباح
ومنه:
عسى شربة من ماء ريقك تنطفي [4]
…
بها كبدي الحرّي وتبرى من الظّما
فحتّام لا أحظى بها وإلى متى
…
أقضي زماني في عسى ولعلّ ما
ومنه:
لقد تزايد همّي مذ نأى فرج
…
عنّي وصدري أضحى ضيّقا حرجا
ورحت أشكو الأسى والحال ينشدني
…
يا مشتكي الهمّ دعه وانتظر فرجا
ثم ذكر له أشياء حسنة وأخرى بضدها، وأظهر تحاملا عليه، فلذلك لم أذكر شيئا من ذلك، فرحمهما الله تعالى.
[1] في «آ» : «روضة المجانسة» وفي «ط» : «وروضة المجالس» والتصحيح من «كشف الظنون» (1/ 932) و «الضوء اللامع» (7/ 230) .
[2، 2] ما بين الرقمين سقط من «آ» .
[3]
في «ط» : «حلية» وهو تصحيف، وانظر «كشف الظنون» (1/ 687) و «الضوء اللامع» (7/ 230) .
[4]
في «آ» : «ينطفي» .