الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وعشرين وثمانمائة
فيها كما قال برهان الدّين البقاعي: ومن خطّه نقلت في ليلة الأحد تاسع شعبان أوقع ناس من قريتنا خربة [1] روحا من البقاع يقال لهم بنو مزاحم بأقاربي بني حسن من القرية المذكورة، فقتلوا تسعة أنفس، منهم أبو عمر بن حسن الرّباط بن علي بن أبي بكر، وأخواه محمد سويد شقيقه وعلي أخوهما لأبيهما، وضربت أنا بالسيف ثلاث ضربات إحداها في رأسي فجرحتني، وكنت إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة، فخرجنا من القرية المذكورة واستمرّينا ننقل في قرى وادي التّيم والعرقون وغيرهما، إلى أن أراد الله تعالى بإقبال السعادتين الدّنيوية والأخروية، فنقلني جدّي لأمي علي بن محمد السّليمي إلى دمشق، فجودت القرآن وجددت حفظه، وأفردت القراآت وجمعتها على بعض المشايخ، ثم على الشّمس بن الجزري لما قدم إلى دمشق سنة سبع وعشرين وثمانمائة، واشتغلت بالنّحو، والفقه، وغيرهما من العلوم، وكان ما أراد الله من التنقل في البلاد والفوز بالعزّ والحجّ أدام الله نعمه آمين، ومن ثمرات ذلك أيضا الإراحة من الحروب والوقائع التي أعقبتها هذه الواقعة، فإنها استمرّت أكثر من ثلاثين سنة، ولعلها زادت على مائة وقعة، كان فيها ما قاربت القتلى فيه ألفا. انتهى بحروفه.
وفيها توفي القاضي شهاب الدّين أحمد بن علي بن أحمد القلقشندي الشافعي [2] نزيل القاهرة.
[1] في «ط» : «خرجت» وهو خطأ والصواب ما جاء في «آ» وخربة روحا تابعة مدراشيا. انظر «قاموس لبنان» لوديع نقولا حناص (95) .
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (7/ 330) و «الضوء اللامع» (2/ 8) .
تفقه، ومهر، وتعانى الأدب، وكتب في الإنشاء، وناب في الحكم، وكان يستحضر «الحاوي» وكتب شيئا على «جامع المختصرات» وصنّف كتابا حافلا سمّاه «صبح الأعشى في معرفة الإنشا» [1] . وكان مستحضرا لأكثر ذلك، وصنّف غير ذلك، وكان مفضالا، وقورا في الدول إلى أن توفي ليلة السبت عاشر جمادى الآخرة عن خمس وستين سنة.
وفيها بدر الدّين أبو عمر حسين بن علي بن محمد بن داود البيضاوي الأصل المكّي، المعروف بالزّمزمي [2] .
ولد قبل السبعين وسبعمائة، وأجاز له الصّلاح بن أبي عمر، وابن أميلة، وحسن بن الهبل، وجماعة من قادمي مكّة، واشتغل بالعلم، ومهر في الفرائض والحساب، وفاق الأقران في معرفة الهيئة والهندسة، وحدّث باليسير.
وتوفي في ذي الحجّة.
وفيها صلاح الدّين وغرس الدّين أبو الصّفا خليل بن محمد [3] بن محمد [3] بن عبد الرحمن الأقفهسي المصري [4] المحدّث الحافظ.
ولد سنة ثلاث وستين وسبعمائة تقريبا، واشتغل بالفقه قليلا وبالفرائض والحساب والأدب، ثم أحب الحديث، فسمع بنفسه من غرس الدّين المليجي، وصلاح الدّين البلبيسي، وصلاح الدّين الزّفتاوي، وغيرهم، ثم حجّ سنة خمس وتسعين، وجاور، فسمع بمكة من شيوخها، ثم قدم دمشق سنة سبع وتسعين للسماع، فسمع من ابن الذّهبي وغيره، وأكثر عن ابن العزّ، وسمع الكثير.
[1] وهو من خيرة الكتب المصنفة في المعارف العامة في عصر المؤلف، وقد طبع في مصر منذ سنوات طويلة، وصورت طبعته من بعد ذلك عدة مرات، واختصره الأستاذ عبد القادر زكّار في خمسة أجزاء صغيرة أصدرتها وزارة الثقافة بدمشق ضمن سلسلة المختار من التراث العربي.
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (7/ 331- 332) و «الضوء اللامع» (3/ 151) و «العقد الثمين» (4/ 205) .
[3، 3] ما بين الرقمين سقط من «آ» .
[4]
ترجمته في «إنباء الغمر» (7/ 332) و «الضوء اللامع» (3/ 202) .
قال ابن حجر: ثم قدم إلى مصر سنة ثمان وتسعين فلازمنا في الأسمعة، وسافر صحبتي إلى مكة في البحر، فجاور بها، ثم رحل إلى دمشق مرة ثانية، فأقام بها، ورافقني في السماع في سنة اثنتين وثمانمائة بدمشق، ورجع معي إلى القاهرة، ثم حجّ سنة أربع، وجاور سنة خمس، فلقيته في آخرها مشمرا على ما أعهده من الخير، والعبادة، والتخريج، والإفادة، وحسن الخلق، وخدمة الأصحاب، واستمر مجاورا إلى أن خرج إلى المدينة وتوجه في ركب العراق، ثم ركب البحر إلى كنباية [1] من بلاد الهند، ثم رجع إلى هرمز، ثم جال في بلاد المشرق، فدخل هراة، وسمرقند، وغيرها، وقد خرّج لشيخنا مجد الدّين الحنفي «مشيخة» ولشيخنا جمال الدّين بن ظهيرة «معجما» وخرّج لنفسه «المتباينات» فبلغت مائة حديث، وخرّج أحاديث الفقهاء الشافعية، ونظم الشعر.
وتوفي بيزد، خرج من الحمام فمات فجأة. انتهى.
وفيها سعد الله بن سعد بن علي بن إسماعيل الهمداني الحنفي [2] .
قدم حلب مع والده وهو شاب، واشتغل بالعلم، وتفقّه، ومهر، ودرّس في حلب بمدارس منها، فاتفق أن فجأة الموت في رابع جمادى الأولى وأسف الناس عليه.
وفيها عبد الله بن إبراهيم بن أحمد الحرّاني ثم الحلبي الحنبلي [3] .
كان يذكر أنه من ذريّة ابن أبي عصرون، وكان شافعي الأصل، وولي قضاء الثّغر شافعيا، وكانت له وظائف في الشافعية، ثم انتقل حنبليا، وولي قضاء الحنابلة بحلب.
قال القاضي علاء الدّين في «تاريخ حلب» : كان حسن السيرة، ولي القضاء، ثم صرف، ثم أعيد مرارا ثم صرف قبل موته بعشرة أشهر، فمات في شعبان.
[1] انظر «أحسن التقاسيم» للمقدسي ص (359 و 365) طبع دار إحياء التراث العربي ببيروت.
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (7/ 334) و «الضوء اللامع» (3/ 247) .
[3]
ترجمته في «إنباء الغمر» (7/ 334) و «الضوء اللامع» (5/ 2) و «السحب الوابلة» ص (246) .
وفيها عبد الرحمن بن هبة الله الملحاني اليماني [1] .
قال ابن حجر: جاور بمكة، وكان بصيرا بالقراءات، سريع القراءة، قرأ في الشتاء في يوم ثلاث ختمات وثلث ختمة، وكان ديّنا، عابدا، مشاركا في عدة علوم.
مات في رجب. انتهى.
وفيها كمال الدّين محمد بن حسن بن محمد بن محمد بن خلف الله الشّمنّي- بضم المعجمة والميم، وتشديد النون، نسبة إلى شمنّة مزرعة بباب قسطنطينية- ثم الإسكندري المالكي [2] .
ولد سنة بضع وستين، واشتغل بالعلم في بلده ومهر، ثم قدم القاهرة، فسمع بها من شيوخها، وسمع في الإسكندرية، وتقدم في الحديث، وصنّف فيه، وتخرّج بالبدر الزّركشي، والزّين العراقي، ونظم الشعر الحسن، ثم استوطن القاهرة، وأصيب في بعض كتبه.
وتوفي في ربيع الأول.
وفيها غياث الدّين محمد بن علي بن نجم الكيلاني التاجر [3] .
ولد في حدود سبعين وسبعمائة، وكان أبوه من أعيان التّجار، فنشأ ولده هذا في عزّ ونعمة طائلة، ثم شغله أبوه بالعلم بحيث كان يشتري له الكتاب الواحد بمائة دينار وأزيد، ويعطي معلميه فيفرط، فمهر في أيام قلائل، واشتهر بالفضل، ونشأ متعاظما، ثم لما مات أبوه التهى عن العلم بالتجارة، وتنقلت به الأحوال، فصعد وهبط، وغرق وسلم، وزاد ونقص، إلى أن تزوّج جارية من جواري الناصر يقال لها سمراء، فهام بها، وأتلف عليها ماله وروحه، وطلّق لأجلها زوجته ابنة عمه، وأفرطت هي في بغضه إلى أن قيل: إنها سقته السّمّ فتعلّل مدة، ولم تزل به [4]
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (7/ 335) و «الضوء اللامع» (4/ 248) .
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (7/ 339) و «الضوء اللامع» (8/ 71) .
[3]
ترجمته في «إنباء الغمر» (7/ 71) .
[4]
في «ط» : «بها» وهو خطأ.
حتى فارقها، فتدلّه عقله من حبّها إلى أن مات ولها بها، ويحكى أنها تزوجت بعده رجلا من العوام فأذاقها الهوان وأحبّته وأبغضها عكس ما جرى لها مع غياث الدّين، ويحكى أنها زارته في مرضه واستحللته فحاللها من شدّة حبّة لها.
ومن شعره فيها:
سلوا سمراء عن حربي وحزني
…
وعن جفن حكى هطّال مزن
سلوها هل عراها ما عراني
…
من الجنّ الهواتف بعد جن
سلوا هل هزّت الأوتار بعدي
…
وهل غنّت كما كانت تغنّي
ويقول في آخرها:
سأشكوها إلى مولى حليم
…
ليعفو في الهوى عنّها وعنّي
قال ابن حجر: وهذا آخر ما عرفنا خبره من المتيّمين.
مات في سابع عشر شوال.
وفيها شرف الدّين أبو الطّاهر محمد بن عزّ الدّين أبي اليمن محمد بن عبد اللّطيف بن أحمد بن محمود، المعروف بابن الكويك الرّبعي التّكريتي ثم الإسكندري [1] ، نزيل القاهرة الشافعي المسند المحدّث.
ولد في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، وأجاز له فيها المزّي، والبرزالي، والذهبي، وبنت الكمال، وإبراهيم بن القريشة، وابن المرابط، وعلي بن عبد المؤمن في آخرين، وهو آخر من حدّث عنهم بالإجازة في الدنيا، وسمع بنفسه من الإسعردي، وابن عبد الهادي، وغيرهما، ولازم القاضي عزّ الدّين بن جماعة، وتعانى المباشرات، فكان مشكورا فيها، وتفرّد بأخرة بأكثر مشايخه، وتكاثر عليه الطلبة ولازموه، وحبّب إليه التّحديث ولازمه.
قال ابن حجر: قرأت عليه كثيرا من المرويات بالإجازة والسماع، من ذلك «صحيح مسلم» في أربعة مجالس سوى مجلس الختم.
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (7/ 341) و «الضوء اللامع» (9/ 111) و «الدليل الشافي» (2/ 687) .
وقال في «المنهل» تصدّر للإسماع عدة سنين، وأضرّ بأخرة، وكان شيخا، ديّنا، ساكنا، كافّا عن الشّرّ، من بيت رئاسة، ولم يشتهر بعلم.
وتوفي يوم السبت سادس عشري ذي القعدة.
وفيها جمال الدّين يوسف بن محمد بن عبد الله الحميدي- نسبة إلى امرأة ربّته كانت تعرف بأمّ عبد الحميد- الحنفي [1] .
نشأ بالإسكندرية، وتفقّه، وبرع في عدة علوم، وكانت له ثروة، ويتعانى المتجر، وتولى قضاء الإسكندرية فحمدت سيرته، وكانت له ديانة وصيانة، وأفتى ودرّس بالثّغر، إلى أن توفي بالإسكندرية ليلة خمس وعشرين من جمادى الآخرة وقد أناف على الثمانين.
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (7/ 343) و «الضوء اللامع» (10/ 331) .