الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة
قال في «ذيل الدول» [1] : في أواخر ربيعها الأول أمطرت السماء وقت العصر حصى أبيض زنة الحصاة ما بين رطل وأكثر وأقل، مع برق ورعد وظلمة، ثم وقع في عصر الذي يليه مطر على العادة، انتهى.
وفيها توفي شهاب الدّين أحمد [2] بن عبد الرحمن [2] بن محمد بن خالد بن زهرا الحمصي الحنبلي [3] الإمام العالم.
قرأ «المقنع» على عمّه القاضي شمس الدّين، و «ألفية ابن مالك» وبحثها عليه، وقرأ الأصول على الشيخ بدر الدّين العصياتي.
وتوفي بحمص.
وفيها تقي الدّين أبو العبّاس أحمد بن العلّامة كمال الدّين محمد بن محمد بن علي بن يحيى بن محمد بن خلف الله الشّمنّي [4]- بضم المعجمة والميم، وتشديد النون- القسنطيني [5] الحنفي هو، المالكي والده وجدّه. قال
[1] ذكر السخاوي هذا الخبر في «الذيل التام على دول الإسلام» (2/ 122) من المنسوخ.
[2، 2] ما بين الرقمين سقط من «آ» و «السحب الوابلة» .
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (2/ 178) و «المنهج الأحمد» الورقة (500) و «السحب الوابلة» ص (95) .
[4]
ترجمته في «الضوء اللامع» (2/ 174) و «بغية الوعاة» وما بين الحاصرتين في الترجمة مستدرك منه (1/ 375- 381) و «البدر الطالع» (2/ 174) و «الأعلام» (1/ 230) .
[5]
في «آ» و «ط» : «القسطنطيني» والتصحيح من مصادر الترجمة.
السيوطي في «بغية الوعاة» : هو شيخنا الإمام العلّامة المفسّر المحدّث الأصولي المتكلّم النّحوي البياني، إمام النّحاة في زمانه، وشيخ العلماء في أوانه. شهد بنشر علومه العاكف والبادي، وارتوى من بحار علومه [1] الظمآن والصّادي.
وأما التفسير، فهو بحر [2] المحيط كشّاف دقائقه بلفظه الوجيز الفائق على الوسيط والبسيط.
وأما الحديث، فالرحلة في الرواية والدّراية إليه، والمعوّل في حلّ مشكلاته وفتح مقفلاته عليه.
وأما الفقه، فلو رآه النّعمان لأنعم به عينا، أو رام أحد مناظرته لأنشد:
وألفى قولها كذبا ومينا
[3]
وأما الكلام، فلو رآه الأشعريّ لقرّبه وقرّ به، وعلم، أنه نصير الدّين ببراهينه وحججه المهذّبة المرتّبة.
وأما الأصول: فالبرهان لا يقوم عنده بحجّة، وصاحب المنهاج لا يهتدي معه إلى محجّة.
وأما النحو: فلو أدركه الخليل لاتّخذه خليلا، أو يونس لآنس به وشفى منه غليلا.
وأما المعاني: فالمصباح لا يظهر له نور عند هذا الصباح، وما [ذا] يفعل المفتاح، مع من ألقت إليه المقاليد أبطال الكفاح؟
إلى غير ذلك من علوم معدودة، وفضائل مأثورة مشهودة:
[1] في «بغية الوعاة» : «من بحار فهومه» .
[2]
في «آ» و «ط» : «فبحره» وما أثبته من «بغية الوعاة» مصدر المؤلّف وهو أصح.
[3]
قال الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم رحمه الله في تعليقه على «بغية الوعاة» : عجز بيت لعدي بن زيد، وهو من شواهد «الإيضاح» للقزويني ص (178) وصدره:
وقدّدت الأديم لراهشيه..............
هو البحر لا بل دون ما علمه البحر
…
هو البدر [لا] بل ما دون طلعته البدر
هو النّجم لا بل دونه النّجم رتبة
…
هو الدّرّ لا بل دون منطقه الدّرّ
هو العالم المشهور في العصر والذي
…
به بين أرباب النّهى افتخر العصر
هو الكامل الأوصاف في العلم والتّقى
…
فطاب به في كلّ ما قطر الذّكر
محاسنه جلّت عن الحصر وازدهى
…
بأوصافه نظم القصائد والنّثر
ولد بإسكندرية في رمضان سنة إحدى وثمانمائة، وقدم القاهرة مع والده، وكان من علماء المالكية، فتلا على الزراتيتي، وأخذ عن الشمس الشّطّنوفي، ولازم القاضي شمس الدّين البساطي وانتفع به في الأصلين، والمعاني، والبيان، وأخذ عن الشيخ يحيى السّيرامي وبه تفقه، وعن العلاء البخاري، وأخذ الحديث عن الشيخ ولي الدّين العراقي، وبرع في الفنون، واعتنى به والده في صغره، وأسمعه الكثير من التّقي الزّبيري، والجمال الحنبلي، والشيخ ولي الدّين وغيرهم.
وأجاز له السّراج البلقيني، والزين العراقي، والجمال ابن ظهيرة، والهيثمي، والكمال الدّميري، والحلاوي، والجوهري، والمراغي، وآخرون.
وخرّج له صاحبنا الشيخ شمس الدّين السّخاوي «مشيخة» وحدّث بها وبغيرها، وخرّجت له «جزءا» فيه الحديث المسلسل بالنّحاة وحدّث به.
وهو إمام، علّامة، مفنّن، منقطع القرين، سريع الإدراك. قرأ التفسير، والحديث، والفقه، والعربية، والمعاني، والبيان، والأصلين، وغيرها، وانتفع به الجمّ الغفير، وتزاحموا عليه، وافتخروا بالأخذ عنه، مع العفّة، والخير، والتواضع، والشهامة، وحسن الشكل، والأبّهة والانجماع عن بني الدّنيا.
وأقام بالجمالية مدة. ثم ولي المشيخة والخطابة بتربة قايتباي الجركسي بقرب الجبل، وطلب لقضاء الحنفية بالقاهرة سنة ثمان وستين فامتنع، وصنّف «شرح المغني» لابن هشام، و «حاشية على الشفا» و «شرح مختصر الوقاية» في الفقه و «شرح نظم النّخبة» في الحديث لوالده [1] . وله النّظم الحسن.
[1] في «آ» و «ط» : «ولوالديه» وما أثبته من «بغية الوعاة» مصدر المؤلف.
ولم يزل الشيخ يودّني، ويحبّني، ويعظّمني [1] ، ويثني عليّ كثيرا.
وتوفي- رحمه الله تعالى- قرب العشاء ليلة الأحد سابع عشري ذي الحجّة.
انتهى.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن أبي بكر بن صالح بن عمر المرعشلي الحلبي [2] الإمام العالم العلّامة.
توفي في ذي الحجّة.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن أسد بن عبد الواحد الأميوطي الشافعي [3] الإمام العالم.
توفي في ذي الحجّة أيضا بين الحرمين. قاله في «ذيل الدول» .
وفيها الملك جهان شاه بن قرا يوسف بن قرا محمد التركماني [4] صاحب العراقين.
وفيها السلطان الملك الظّاهر سيف الدّين أبو سعيد خشقدم الناصري [5] .
قال في «الأعلام» : ولي السلطنة يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة خمس وستين وثمانمائة، وهو روميّ جلبه الخواجا ناصر الدّين وبه عرف، واشتراه المؤيد شيخ وأعتقه، وصار خاصكيا عنده، وتقلّب في الدولة إلى أن جعله الأشرف إينال أتابكا لولده، فخلعه وتسلطن مكانه، وكان محبا للخير وكسا الكعبة الشريفة في أول ولايته على العادة، ولكن كانت كسوة الجانب الشرقي
[1] في «آ» : «ويعظني» .
[2]
ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 254) .
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 227) و «الذيل التام على دول الإسلام» (2/ 124) من المنسوخ.
و «نظم العقيان» ص (36) .
[4]
ترجمته في «الدليل الشافي» (1/ 252) و «النجوم الزاهرة» (16/ 384) و «الضوء اللامع» (3/ 80) .
[5]
ترجمته في «النجوم الزاهرة» (16/ 253) و «الدليل الشافي» (2/ 286) و «الضوء اللامع» (3/ 176) .
والجانب الشامي بيضاء بجامات سود، وفي الجامات التي بالجانب الشرقي بعض ذهب، وأرسل في سنة ست وستين منبرا. وكانت مدة سلطنته ست سنين ونصفا تقريبا. ومرض فطال مرضه.
وتوفي يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول.
وتسلطن في ذلك اليوم الملك الظّاهر أبو النصر بلباي المؤيدي وهو الرابع عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم، وكان ضعيفا عن تدبير الملك وتنفيذ الأمور، فخلعه الأمراء من السلطنة في يوم السبت لسبع مضين من جمادى الأولى، فكانت مدة سلطنته شهرين إلّا أربعة أيام.
وتسلطن بعد خلعه عوضا عنه الملك الظّاهر أبو سعيد تمربغا الظّاهري وهو الخامس عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم بمصر، وكان له فضل وصلاح وتودّد للناس وحذق ببعض الصنائع، بحيث صار يعمل القسي الفائقة بيده، ويعمل السّهام عملا فائقا، ويرمي بها أحسن رمي، مع الفروسية التّامة، ومع ذلك ما صفا له دهره يوما. ورماه عن كبد قوسه أبعد مرمى، وما زال به الأمر إلى أن خلعوه ونفوه إلى الإسكندرية.
وولي السلطنة الملك الأشرف قايتباي المحمودي في ظهر يوم الاثنين.
سادس رجب سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، وهو السادس عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم بمصر. انتهى أي وكانت سلطنة الظّاهر تمربغا شهرين إلا يوما واحدا.
وفيها عبد الأول بن محمد بن إبراهيم بن أحمد المرشدي المكّي الحنفي [1] الإمام العالم.
توفي في ربيع الأول عن أربع وخمسين سنة.
وفيها نور الدين علي بن نرد بك [2] الفخري [3] الحنفي الإمام الفاضل أحد الأفراد.
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (4/ 21) .
[2]
في «الضوء اللامع» : «ابن برد بك» .
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (5/ 196- 170) .
توفي في رمضان عن ثلاث وثلاثين سنة.
وفيها القاضي محب الدّين محمد بن أحمد بن محمد بن الجناق القرشي الحنبلي [1] الإمام العلّامة.
اشتغل ودأب، وقرأ على الشيخ تقي الدّين بن قندس، ثم على الشيخ علاء الدّين المرداوي، وأذن له في الإفتاء، وولي نيابة الحكم بالدّيار المصرية، فباشره بعفّة. وكان يلقي الدروس الحافلة، ويشتغل عليه الطلبة، ولما استخلفه القاضي عزّ الدّين في سنة ست وستين وثمانمائة أنشد لنفسه:
إلهي ظلمت النّفس إذ صرت قاضيا
…
وأبدلتها بالضّيق من سعة الفضا
وحمّلتها ما لا تكاد تطيقه
…
فأسألك التّوفيق واللّطّف في القضا
وفيها قاضي القضاة شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد العمري العليمي- نسبة إلى سيدنا علي بن عليل المشهور عند الناس بعلي بن عليم، والصحيح أنه عليل باللام وهو من ذريّة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحنبلي المقدسي [2] .
قال ولده في «طبقات الحنابلة» : ولد في سنة سبع وثمانمائة بالرّملة، ونشأ بها، ثم توجه إلى مدينة صفد، فأقام بها، وقرأ القرآن وحفظه برواية عاصم، وأتقنها، وأجيز بها من مشايخ القراءة، ثم عاد إلى مدينة الرّملة، واشتغل بالعلم على مذهب الإمام أحمد، وحفظ «الخرقي» [3] وكل أسلافه شافعية لم يكن فيهم حنبلي سواه، وهو من بيت كبير. ثم اجتهد في تحصيل العلم، وسافر إلى الشام، ومصر، وبيت المقدس. وأخذ عن علماء المذهب وأئمة الحديث، وفضل في فنون من العلم، وتفقّه بالشيخ يوسف المرداوي، وبرع في المذهب، وأفتى،
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (7/ 72) و «المنهج الأحمد» الورقة (500) و «السحب الوابلة» ص (350) .
[2]
ترجمته في «المنهج الأحمد» الورقة (500) و «السحب الوابلة» ص (384) .
[3]
يعني «مختصر الخرقي» .
وناظر، وأخذ الحديث عن جماعة من أعيان العلماء، وقرأ «البخاري» مرارا و «الشفا» كذلك، وكتب بخطه الكثير، وكان بارعا في العربية، خطيبا، بليغا.
وصنّف في الخطب، وولي قضاء الرّملة استقلالا، ولم يعلم أن حنبليا قبله [1] وليها، ثم ولي قضاء القدس مدة طويلة، ثم أضيف إليه قضاء بلد الخليل عليه السلام، ثم ولي قضاء الرّملة تسعة وخمسين يوما إلى أن دخل الوباء، فتوفي بالطّاعون يوم الثلاثاء رابع ذي القعدة. انتهى ملخصا.
[1] لفظة «قبله» سقطت من «آ» .