الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وثمانين وثمانمائة
فيها توفي كما قال في «ذيل الدول» [1]- شيخ فضلاء العصر أبو بكر بن محمد بن شادي الحصني الشافعي [2] الإمام العلامة توفي في ربيع الأول عن خمس وستين سنة.
وفيها القاضي شهاب الدّين أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد النّويري الغزّي المالكي [3] قاضي المالكية الإمام العالم.
توفي بغزّة في جمادى الآخرة.
وفيها تقريبا الشيخ جمال الدّين بير جمال الشّيرازي العجمي [4] الشافعي الصّوفي الإمام القدوة المسلّك العارف.
قال المناوي: كان من كبار العابدين المسلّكين، ومن أهل العلم والدّين المتين.
قدم مكّة ثم القاهرة، وصحبته نحوا من أربعين [5] من مريديه ما بين علماء أكابر، وصوفية أماثل، وأبناء رؤساء، منهم الإمام عميد الدّين قاضي شيراز، ترك
[1] قلت: ترجمته في القسم الساقط من النسخة التي اعتمدنا عليها في مراجعة «الذيل التام على دول الإسلام» للسخاوي، وقد استدركنا هذه الترجمة في الكتاب المذكور نقلا عن «الشذرات» .
[2]
ترجمته في «الضوء اللامع» (11/ 76) وفيه: «ابن شاذي» بالذال، و «البدر الطالع» (1/ 166) .
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (2/ 188) .
[4]
ترجمته في «جامع كرامات الأولياء» (1/ 370) .
[5]
في «ط» : «وصحبته نحو أربعين» .
الدنيا وتبعه، وكان أتباعه على قلب واحد في طاعته والانقياد التام [1] إليه، وكلّهم على طهر دائما، وكان طريقه مداومة الذكر القلبي لا اللساني، وإدامة الطهارة، ولبس المسوح من وبر الإبل، وملازمة كل إنسان حرفته. وكانت جماعته على أقسام، فالعلماء والطلبة يشغلهم بالكتابة، ومن دونهم كلّ بحرفته ما بين غزل، ونسج، وخياطة، وتجليد كتب، وغيرها.
وكان دائم النصيحة والتسليك، موصلا إلى الله تعالى من أراده. وله كرامات منها أن السيد علي بن عفيف الشّيرازي عارضه وأنكر عليه، فأصابه خرّاج في جنبه. فمات فورا.
وتوفي صاحب الترجمة ببيت المقدس. انتهى.
وفيها داود بن بدر الحسني الصّوفي [2] .
قال المناوي: كان من الأولياء المشهورين، وأكابر العارفين.
نشأ بشرافات قرية بقرب بيت المقدس [3] ، وله كرامات، منها أن القرية التي كان بها أهلها كلهم نصارى ليس فيهم مسلم إلّا الشيخ وأهل بيته، وكانت حرفة أهل القرية عصر العنب وبيعه، فشق ذلك عليه، فتوجه بسببهم، فصار كل شيء عملوه خلّا وماء، وعجزوا، فارتحلوا منها، ولم يبق فيها إلا الشيخ وجماعته، فشق على مقطعها، فاستأجرها منه، وبنى بها زاوية لفقرائه.
ومنها أنه لما عقد القبة التي على القبر الذي أعدّه ليدفن فيه أتي طائر فأشار إليها فسقطت، فأمر الشيخ بإعادتها، ففعل كذلك، فأمر ببنائها ثالثا، وحضر الشيخ، فلما انتهت أتى الطائر ليفعل فعله، فأشار إليه الشيخ فسقط ميتا، فنظروا إليه فإذا هو رجل عليه أبّهة وشعر رأسه مسدول طويل، فغسّله وكفّنه، وصلى عليه
[1] لفظة «التام» سقطت من «آ» .
[2]
لم أعثر على ترجمته فيما بين يدي من المصادر باستثناء «جامع كرامات الأولياء» (2/ 7) وقد ذكر بأن وفاته كانت سنة (701) نقلا عن «الأنس الجليل» .
[3]
وقال في «معجم بلدان فلسطين» ص (467) : شرفات: قرية تطل على مدينة القدس من بعد نحو خمسة أكيال.
ودفنه، وقال: بعث لحتفه، وهو ابن عمي، اسمه أحمد الطير، غارت همته من همتنا، وأراد طفي الشهرة بهدم القبة، ويأبى الله إلّا ما أراده، فكان أول من دفن بها [1] .
وتوفي المترجم في هذه السنة ودفن بالقبة أيضا. انتهى.
وفيها سيف الدّين محمد بن محمد بن عمر بن قطلوبغا البكتمريّ القاهري الحنفي النحوي [2] .
قال السيوطي في كتابيه «حسن المحاضرة» و «طبقات النّحاة» : شيخنا الإمام العلّامة سيف الدّين الحنفي.
ولد تقريبا على رأس ثمانمائة، وأخذ عن السّراج قارئ الهداية، والزّين التّفهني، ولزم العلّامة كمال الدّين ابن الهمام وانتفع به، وبرع في الفقه، والأصول، والنحو، وغير ذلك. وكان شيخه ابن الهمام يقول عنه: هو محقّق الدّيار المصرية، مع ما هو عليه من سلوك طريق السّلف، والعبادة، والخير، وعدم التردّد إلى أبناء الدنيا، والانقباض عليهم. لازم التدريس، ولم يفت، واستنابه ابن الهمام في مشيخة الشيخونية لمّا حجّ أول مرة. وولي مشيخة مدرسة زين الدّين الأستادار، ثم تركها، ودرّس التفسير بالمنصورية، والفقه بالأشرفية العتيقة.
وسئل تدريس الحديث في مدرسة العيني لما رتّبت فيها الدروس في سنة سبعين، فامتنع مع الإلحاح عليه. وله «حاشية» مطوّلة على «توضيح ابن هشام» كثيرة الفوائد.
وتوفي يوم الثلاثاء ثاني عشري ذي القعدة، وهو آخر شيوخي موتا، لم يتأخر بعده أحد ممن أخذت عنه العلم إلّا رجل قرأت عليه ورقات «المنهاج» وقلت أرثيه:
[1] في «ط» : «فيها» .
[2]
ترجمته في «الضوء اللامع» (9/ 173) و «حسن المحاضرة» (1/ 478) وما بين الحاصرتين مستدرك منه و «بغية الوعاة» (1/ 231) .
مات سيف الدّين منفردا
…
وغدا في اللّحد منغمدا
عالم الدّنيا وصالحها
…
لم تزل أحواله رشدا
[يبكيه دين النّبيّ إذا
…
مات أتاه ملحد كمدا]
إنّما يبكى على رجل
…
قد غدا في الخير معتمدا
لم يكن في دينه وهن
…
لا ولا للكبر منه ردا
عمره أفناه في نصب
…
لإله العرش مجتهدا
من صلاة أو مطالعة
…
أو كتاب الله مقتصدا
لا يوافيه لمظلمة
…
بشر [1] أو مدّع فندا
في الّذي قد كان من ورع
…
لم يخلّف بعده أحدا
دانت الدّنيا لمنصرم
…
ورحيل النّاس قد أفدا
ليت شعري من نؤمّله
…
بعد هذا الحبر ملتحدا
ثلمة في الدّين موتته
…
ما لها من جابر أبدا
قد روينا ذاك في خبر
…
وهو موصول لنا سندا
فعليه هامعات رضا
…
ومن الغفران سحب ندى
وبعثنا ضمن زمرته
…
مع أهل الصّدق والشّهدا
انتهى.
وفيها القاضي شمس الدّين محمد بن محمود بن خليل الحلبي الحنفي، المعروف بابن أجا [2] الإمام العالم.
توفي بحلب في جمادى الآخرة عن ستين سنة.
وفيها محمد بن يعقوب بن المتوكل العبّاسي [3] أخو أمير المؤمنين.
[1] في «ط» : «بشره» .
[2]
ترجمته في «الضوء اللامع» (10/ 43) .
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (10/ 86) .
توفي في جمادى الثانية عن أربع وستين سنة.
وفيها قاضي القضاة بدر الدّين أبو عبد الله محمد بن قاضي القضاة شرف الدّين عبد القادر بن العلّامة المحقّق شمس الدّين أبي عبد الله محمد الجعفري النابلسي [1] الحنبلي.
تقدم ذكر والده وجدّه.
ولد سنة اثنتين، وقيل: إحدى وتسعين وسبعمائة، ونشأ على طريقة حسنة، وهو من بيت علم ورئاسة، وسمع من جدّه، وابن العلائي، وجماعة، وباشر القضاء بنابلس نيابة عن ابن عمّه القاضي تاج الدّين عبد الوهاب المتقدم ذكره. ثم وليها استقلالا بعد الأربعين والثمانمائة عوضا عن القاضي شمس الدّين بن الإمام المتقدم ذكره. ثم أضيف إليه قضاء القدس مدة، ثم عزل من القدس، واستمرّ قاضيا بنابلس. وولي أيضا قضاء الرّملة، ونيابة الحكم بالديار المصرية. وكان حسن السيرة، عفيفا في مباشرة القضاء، له هيبة عند الناس، حسن الشكل، عليه أبّهة ووقار. رزق الأولاد، وألحق الأحفاد بالأجداد، ومتّع بدنياه، وعزل عن القضاء في أواخر عمره، واستمر معزولا إلى أن توفي بنابلس يوم الخميس سادس عشر شهر رمضان وله نحو التسعين سنة.
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (9/ 69) و «المنهج الأحمد» الورقة (505- 506) و «السحب الوابلة» ص (390) .