الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وخمسين وثمانمائة
فيها توفي شهاب الدّين أحمد بن محمد بن علي بن أبي بكر النّاشري [1] الإمام العالم [2] .
توفي في حياة أبيه عن بضع وأربعين سنة.
وفيها الملك الظّاهر أبو سعيد جقمق بن عبد الله العلائي الظّاهري [3] ، سلطان الديار المصرية، والبلاد الشامية، والأقطار الحجازية، الرابع والثلاثون من ملوك التّرك، والعاشر من الجراكسة. جلب من بلاد الجركس إلى الدّيار المصرية.
آل أمره بعد تنقلات وتقلبات إلى أن ولي السلطنة، وتوطدت له الدولة خصوصا بعد أن قتل نائب حلب ونائب الشام [4] لما خرجا عن طاعته، وصفا له الوقت، وغزا في أيامه رودس ولم يفتحها، وعمّر في أيامه أشياء كثيرة من مساجد، وجوامع، وقناطر، وجسور، وغير ذلك مما فعله هو وأرباب دولته، وعمّر عين حنين، وأصلح مجاريها، وعمّر مسجد الخيف بمنى، وجدّد في الحرم الشريف مواضع، ورمّم [5] الكعبة، وصرف مالا عظيما في جهات الخير، وله مآثر حميدة.
وكان مغرما بحب الأيتام والإحسان إليهم وإلى غيرهم، متواضعا، محبّا للعلماء،
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (2/ 146) .
[2]
قال السخاوي: درّس وأفتى، واشتغل أولا بالقراءات السبع، له يد طولى في الجبر والمقابلة.
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (3/ 71) و «حوادث الدهور» (2/ 460- 463) و «النجوم الزاهرة» (15/ 256 و 449- 454) و «الدليل الشافي» (1/ 246) و «نظم العقيان» ص (103) .
[4]
في «آ» : «ونائب دمشق» .
[5]
في «ط» : «ورم» .
والفقهاء، والأشراف، والصالحين، يقوم لمن يدخل عليه منهم، جوادا، برّا، طاهر الفم والذيل، فقيها، فاضلا، شجاعا، عارفا بأنواع الفروسية، لم يزن، ولم يلط، ولم يسكر، عفيفا عن المنكرات والفروج، لا نعلم أحدا من ملوك مصر في الدولة الأيوبية والتّركية على طريقته من العفّة والعبادة، مرض في أواخر ذي الحجة سنة ست وخمسين، وطال به المرض إلى أن خلع نفسه من السلطنة في يوم الخميس الحادي والعشرين من محرّم هذه السنة، وسلطن ولده الملك المنصور عثمان.
ثم توفي ليلة الثلاثاء ثالث صفر بعد خلعه باثني عشر يوما عن نيف وثمانين سنة، وكانت مدة سلطنته أربع عشرة سنة وعشرة أشهر، ثم خلع ولده المنصور بعد أربعين يوما من ولايته وحبس بالإسكندرية.
وتولى السلطنة الملك الأشرف إينال.
قلت: وجقمق هذا غير جقمق [1] باني الجقمقية بقرب دمشق، فإن ذاك كان أمير دوادارا ثم ناب في دمشق، وتقدم ذكره في سنة أربع وعشرين وثمانمائة.
وفيها أبو القاسم محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن جعمان الصّوفي [2] ، وبنو جعمان [3] بيت علم وصلاح قل أن يوجد لهم نظير في اليمن.
قال المناوي في «طبقات الأولياء» في حقّ صاحب الترجمة: كان إماما، عالما، عارفا، محقّقا، عابدا، زاهدا، مجتهدا. أخذ عن النّاشري وغيره، وانتهت إليه الرئاسة في العلم والصّلاح في اليمن، وله كرامات، منها أنه كان يخاطبه الفقيه أحمد بن موسى عجيل من قبره، وإذا قصده أحد في حاجة توجه إلى قبره فيقرأ عنده ما تيسر من القرآن ثم يعلمه فيجيبه [4] . انتهى.
[1] لفظة «جقمق» سقطت من «ط» .
[2]
لم أعثر على ترجمة له فيما بين يدي من المصادر والمراجع المطبوعة، و «طبقات الأولياء» للمناوي مخطوط يوجد القسم الأول منه فقط في الظاهرية وهو في الطبقات المبكرة من الأولياء فقط.
[3]
قال الامام الشوكاني في «ملحق البدر الطالع» ص (7) في حديث عن العلّامة الشيخ إبراهيم بن عبد الله بن جعمان اليمني الزّبيدي ما نصه: «جعمان: بفتح الجيم، وسكون العين المهملة» .
[4]
قلت: هذا وأمثاله من الشطحات التي تبدو آفتها للجاهل قبل العالم من الناس، فهل حصل هذا
وفيها أبو القاسم محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد النّويري القاهري المالكي [1] .
اشتغل على علماء عصره، ومهر، وبرع، ونظم ونثر، وكان علّامة.
وتوفي بمكة في جمادى الأولى.
وفيها أكمل الدّين أبو عبد الله محمد بن الشيخ شرف الدّين عبد الله [2] بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرّج [3] الشيخ الإمام العلّامة المفتي الحنبلي.
اشتغل بعد فتنة تمرلنك، ولازم والده، ومهر على يديه، وكان له فهم صحيح، وذهن مستقيم، وسمع من والده، والشيخ تاج الدّين بن بردس، وأفتى في حياة والده وبعد وفاته، وناب في الحكم عن القاضي محب الدّين بن نصر الله بالقاهرة، وعيّن لقضاء دمشق فلم ينبرم ذلك، وكان له سلطنة على الأتراك، ووعظ، ووقع له مناظرات مع جماعة من العلماء والأكابر، وحصل له في سنة ثلاث وأربعين داء الفالج، وقاسى منه أهوالا، ثم عوفي منه، ولكن لم يتخلص منه [4] بالكلية.
وتوفي بدمشق ليلة السبت سادس عشر شوال، ودفن بالروضة على والده إلى جانب جدّه صاحب «الفروع» رحمهم الله تعالى.
وفيها قاضي القضاة بدر الدّين أبو المحاسن محمد بن ناصر الدّين للصحابة الكرام وللتابعين وأتباعهم وهم خير خلق الله عز وجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم حتى يحصل لمتأخر عنهم بستة قرون، نسأل الله تعالى أن يلهمنا الصواب في القول والعمل والاعتقاد، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه إنه خير مسؤول. وانظر التعليق الذي كتبه والدي حفظه على الصفحة (422) .
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (9/ 246) و «نيل الابتهاج» ص (311) .
[2]
في «آ» و «ط» : «أبو عبد الله محمد بن الشيخ شرف الدّين أبي عبد الله بن محمد» وما أثبته من مصادر الترجمة.
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (8/ 112) و «المنهج الأحمد» الورقة (495) و «السحب الوابلة» ص (408) .
[4]
لفظة «منه» سقطت من «ط» .
محمد بن شرف الدّين عبد المنعم بن سليمان بن داود [1] البغدادي الأصل ثم المصري [2] الحنبلي الإمام العالم.
ولد بالقاهرة سنة إحدى وثمانمائة، ونشأ بها، واشتغل بالعلم، وناب في القضاء بالديار المصرية، واشتغل، ودرّس، وناظر وأفتى، ثم استقلّ بقضاء القضاة يوم الاثنين عشري جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وثمانمائة، فباشر على أحسن وجه، وكان عفيفا في ولايته، لا يقبل رشوى ولا هدية، وبهذا ظهر أمره واشتهر اسمه في الآفاق. وكان مقصدا، وانتهت إليه في آخر عمره رئاسة المذهب، بل رئاسة عصره. وكان معظّما عند الملك الظّاهر جقمق، مسموع الكلمة عند أركان الدولة، وكانت له معرفة تامة بأمور الدنيا، ويقوم مع غير أهل مذهبه، ويحسن إليهم، ويرتّب لهم الأموال، ويأخذ لهم الجوائز، ويعتني بشأنهم، خصوصا أهل الحرمين الشريفين. وكان عنده كرم ويميل إلى محبّة الفقراء، وفتح عليه بسبب ذلك.
قال البرهان بن مفلح: ولقد شاهدته- وهو في أبهته وناموسه- بمسجد الخيف يقبّل يد شخص من الفقراء ويمرها على وجهه.
توفي يوم الخميس ثامن شهر جمادى الأولى.
وكان ولده شرف الدّين محمد [3] توفي قبله. وكان ديّنا، عفيفا، فاضلا، له معرفة بالأمور كأبيه، وباشر نيابة الحكم عن والده، وانقطع نسله، ودفن خارج باب النصر في تربة جدّ والده الشيخ عبد المنعم، ووجد عليه والده والناس.
[1] في «الضوء اللامع» و «السحب الوابلة» : «ابن داود بن سليمان» .
[2]
ترجمته في «الضوء اللامع» (9/ 131) و «المنهج الأحمد» الورقة (495) و «السحب الوابلة» ص (438) و «المقصد الأرشد» (2/ 514- 516) .
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (9/ 235) .