الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وثلاثين وثمانمائة
فيها خرب الشرق من بغداد إلى تبريز من فرط الغلاء وعمومه، حتّى أكلوا الكلاب والميتة [1] .
وفيها أجريت عيون مكة حتى دخلتها وامتلأت برك باب المعلى ومرت على الصفا وسوق الليل وعم النفع بها [2] .
وفيها- كما قال ابن حجر [3]- ثارت فتنة عظيمة بين الحنابلة والأشاعرة بدمشق، وتعصب الشيخ علاء الدّين البخاري نزيل دمشق على الحنابلة، وبالغ في الحطّ على ابن تيميّة [4] وصرّح بتكفيره، فتعصب جماعة من الدماشقة لابن تيميّة [4] .
وصنّف صاحبنا الحافظ شمس الدّين بن ناصر الدّين جزءا في فضل ابن تيميّة [5] وسرد أسماء من أثنى عليه وعظّمه من أهل عصره فمن بعدهم على حروف المعجم، مبينا لكلامهم، وأرسله إلى القاهرة، فكتب عليه غالب المصريين التصويب، وخالفوا علاء الدّين البخاري في إطلاق القول بتكفيره وتكفير من أطلق
[1] انظر الخبر بأوسع من هذا في «إنباء الغمر» (8/ 260) .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (8/ 251) .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (8/ 258) .
[4، 4] ما بين الرقمين سقط من «آ» .
[5]
هو كتابه «الردّ الوافر» وقد طبع أول مرة طبعة تجارية في مطبعة كردستان العلمية في مصر سنة (1329 هـ) ، ثم طبعه صاحب المكتب الإسلامي ببيروت سنة (1393 هـ) ، وأعاد طبعه بعد ذلك طبعة أخرى احتوت على إضافات كثيرة.
عليه أنه شيخ الإسلام، وخرج مرسوم السلطان إلى أن كل أحد لا يعترض على مذهب غيره، ومن أظهر شيئا مجمعا عليه سمع منه، وسكن الأمر. انتهى.
وفيها توفي الشيخ شهاب الدّين أحمد بن إسماعيل الإبشيطي [1] .
قال ابن حجر: تفقه قليلا، ولزم قريبه الشيخ صدر الدّين الإبشيطي، وأدّب جماعة من أولاد الأكابر، ولهج بالسيرة النبوية، فكتب منها كثيرا، إلى أن شرع في جمع كتاب حافل في ذلك، وكتب منه نحوا من ثلاثين سفرا تحتوي على «سيرة ابن إسحاق» وما وضع عليها من كلام السّهيلي وغيره، وعلى ما احتوت عليه «المغازي» للواقدي، وضم إلى ذلك ما في السيرة للعماد بن كثير، وغير ذلك، وعنى بضبط الألفاظ الواقعة فيها، ومات في سلخ شوال، وقد جاوز السبعين.
انتهى.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن أبي بكر بن علي، المعروف ببوّاب الكاملية الحنبلي [2] .
قال العليميّ في «طبقاته» : الشيخ الإمام العالم القدوة، عنى بالحديث كثيرا، وسمع، وكان يتغالى في حبّ الشيخ تقي الدّين [3] ، ويأخذ بأقواله وأفعاله، وكتب بخطّه «تاريخ ابن كثير» وزاد فيه أشياء حسنة، وكان يؤم في مسجد ناصر الدّين تجاه المدرسة التي أنشأها [4] نور الدّين الشهيد، وكان قليل الاجتماع بالناس وعنده عبادة وتقشف وتقلل من الدّنيا. وكان شافعيا ثم انتقل إلى عند جماعة الحنابلة وأخذ بمذهبهم.
وتوفي يوم السبت تاسع عشر صفر وقد قارب الثمانين ودفن بسفح قاسيون.
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 261) و «الضوء اللامع» (1/ 244) .
[2]
ترجمته في «المقصد الأرشد» (1/ 81) و «المنهج الأحمد» الورقة (485) من القسم غير المنشور منه، و «السحب الوابلة» ص (53) .
[3]
يعني ابن تيمية رحمه الله تعالى.
[4]
في «المقصد الأرشد» ، و «المنهج الأحمد» :«الذي أنشأه» .
وفيها شهاب الدّين أحمد بن تقي الدّين عبد الرحمن بن العلّامة جمال الدّين بن هشام المصري النّحوي [1] .
اشتغل كثيرا بمصر، وأخذ عن الشيخ عزّ الدّين ابن جماعة وغيره، وفاق في العربية وغيرها، وكان يجيد لعب الشطرنج، وانصلح بأخرة.
قال البرهان البقاعي: كان شريف النّفس لم يتدنس بشيء من وظائف الفقهاء، وكان ثاقب الذّهن، نافذ الفكر، فاق جميع أقرانه في هذا الشأن، مع صرف غالب زمانه في لعب الشطرنج. انتهى.
سكن دمشق فمات بها في رابع جمادى الآخرة.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن عثمان بن محمد بن عبد الله الكلوتاتي الحنفي [2] .
قال في «المنهل الصّافي» : المسند المعمّر المحدّث.
ولد سنة اثنتين وستين وسبعمائة، واعتنى بالحديث، وسمع الكثير، وقرأ من سنة تسع وسبعين بنفسه على المشايخ فأكثر، حتى قرأ «صحيح البخاري» نحوا من خمسين مرة، ودأب وحصّل، وأفاد الطلبة، وحدّث سنين بالقاهرة إلى أن توفي يوم الاثنين الرابع والعشرين من جمادى الآخرة. انتهى.
وفيها حسين بن علاء الدولة بن أحمد بن أويس [3] ، وآخر ملوك العراق من ذرية أويس.
كان اللّنك أسره وأخاه حسنا وحملهما إلى سمرقند ثم أطلقا فساحا في الأرض فقيرين مجرّدين، فأما حسن فاتصل بالناصر فرج، وصار في خدمته، ومات عنده قديما، وأما حسين هذا فتنقّل في البلاد إلى أن دخل العراق فوجد شاه محمد بن شاه ولد بن أحمد بن أويس، وكان أبوه صاحب البصرة فمات فملك ولده
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 263) و «الضوء اللامع» (2/ 329) و «بغية الوعاة» (1/ 322) .
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 263) و «الضوء اللامع» (1/ 378) و «الدليل الشافي» (1/ 59) .
[3]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 264) و «الضوء اللامع» (3/ 160) و «الدليل الشافي» (1/ 274) .
شاه محمد، فصادفه حسين قد حضره الموت فعهد إليه بالمملكة، فاستولى على البصرة وواسط وغيرها، ثم حاربه أصبهان شاه بن قرا يوسف، فانتهى حسين إلى شاه رخ بن اللّنك فتقوى بالانتماء إليه، وملك الموصل وإربل، وتكريت، وكانت مع قرا يوسف فقوي أصبهان شاه واستنقذ البلاد، وكان يخرّب كل بلد ويحرقه، إلى أن حاصر حسينا بالحلّة منذ سبعة أشهر، ثم ظفر به بعد أن أعطاه الأمان، فقتله خنقا.
وفيها زين الدّين خالد بن قاسم العاجلي ثم الحلبي الحنبلي [1] .
ولد في رمضان سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، ولازم القاضي شرف الدّين بن فيّاض، وولده أحمد، وأخذ عن شمس الدّين بن اليّونانيّة [2] وأحبّ مقالة ابن تيميّة، وكان من رؤوس القائمين مع أحمد بن البرهان على الظّاهر، وهو آخر من مات منهم، وتنزّل بالآثار النبوية، وكان قد غلب عليه حبّ المطالب، فمات ولم يظفر بطائل، ونزله المؤيد بمدرسته في الحنابلة.
ومات في ثالث ذي الحجة. قاله ابن حجر.
وفيها قطب الدّين وجمال الدّين عبد الله بن نور الدّين محمد بن قطب الدّين عبد الله بن حسن بن يوسف بن عبد الحميد بن أبي الغيث البهنسي [3] .
ولد في رجب سنة خمس وخمسين وسبعمائة، واشتغل، وسمع الحديث، وقال الشعر. وكان موسرا، لكنه أكثر التّقتير على نفسه جدا، وأصيب في عقله بأخرة وأكمل الثمانين سنة.
ومن شعره:
إذا الخلّ قد ناجاك بالهجر فاصطبر
…
وسامح له واغفر بنصح وداره
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 265) و «الضوء اللامع» (3/ 172) و «السحب الوابلة» ص (162) .
[2]
تصحفت في «آ» و «إنباء الغمر» «ابن اليانونية» والصواب ما جاء في «ط» وقد تقدمت ترجمته في وفيات سنة (793) من المجلد الثامن ص (566) .
[3]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 266) و «الضوء اللامع» (5/ 53) .
فإن عاد فأقله ثمّ لا تذكر اسمه
…
وحوّل طريق القصد عن باب داره
وتوفي في شهر رمضان.
وفيها القاضي زين الدّين عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن هاشم التّفهني [1]- بفتح المثناة الفوقية، وكسر الفاء وسكون الهاء، ونون، نسبة إلى تفهن [2] قرية بمصر- الحنفي.
ولد سنة بضع وستين وسبعمائة، ومات أبوه وهو صغير، فانتقل إلى القاهرة وهو شاب، وتنزل في مكتب اليتامى بمدرسة صرغتمش، ثم ترقّى إلى أن صار عريفا، وتنزل في الطلبة هناك، ولازم الاشتغال، ودار على الشيوخ، فمهر في الفقه والعربية، وجاد خطّه، وشهر اسمه، وخالط الأتراك، وصحب بدر الدّين محمود الكلستاني كاتب السرّ، فاشتهر ذكره، وناب في الحكم، وولي تدريس الصّرغتمشية، وولّاه المؤيد شيخ قضاء الحنفية في سنة اثنتين وعشرين فباشره مباشرة حسنة، وكان حسن العشرة، كثير العصبيّة لأصحابه، عارفا بأمور الدّنيا، على أنه يقع منه في بعض الأمور لجاج شديد يعاب به، ولا يستطيع بتركه، وصرف عن القضاء سنة تسع وعشرين بالعيني، ثم أعيد في سنة ثلاث وثلاثين، ثم صرف قبل موته في جمادى الآخرة، وتوفي ليلة الأحد تاسع شوال، ويقال: إن أمّ ولده دسّت عليه سمّا لأنه لما توفيت زوجته ظنّت أمّ ولده أنها تنفرد به، فتزوج امرأة، وأخرج أم ولده فحصل [3] لها غيرة، والعلم عند الله.
وفيها زين الدّين عمر بن أبي بكر بن عيسى بن عبد الحميد المغربي الأصل البصروي [4] .
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 266) و «الضوء اللامع» (3/ 98) .
[2]
تنبيه: كذا في «آ» و «ط» : «تفهن» وفي «معجم البلدان» (2/ 37) ذكر ياقوت بليدة في مصر من ناحية الجيزة سمّاها «تفهنا» وذكرها هكذا أيضا ابن الجيعان في «التحفة السّنية بأسماء البلاد المصرية» ص (74) وذكر أخرى باسم «تفهنه الصغرى» ص (27) .
[3]
في «ط» : «فحصلت» .
[4]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 268) و «بغية الطلب» (2/ 216) .
قدم دمشق، فاشتغل بالفقه، والعربية، والقراآت وفاق في النحو، وشغل الناس وهو بزي أهل البرّ، وكان قانعا باليسير، حسن العقيدة، موصوفا بالخير والدّين، سليم الباطن، فارغا من الرئاسة.
توفي في رابع جمادى الآخرة.
وفيها شرف الدّين عيسى بن محمد بن عيسى الأقفهسي الشّافعي [1] أحد نوّاب الحكم تفقه بالجمال الإسنوي، ولازم البلقيني، وأذن له بالتدريس، قيل والفتوى، وناب في الحكم عن البرهان بن جماعة. وغيره مدة طويلة.
ومات في جمادى الآخرة وقد جاوز الثمانين.
وفيها جمال الدّين محمد بن سعد الدّين [2] ملك الحبشة للمسلمين.
وليّ بعد فقد أخيه منصور في سنة ثمان وعشرين، وكان شجاعا بطلا مديما للجهاد، وأسلم على يديه خلائق من الحبشة، قتله بنو عمه في جمادى الآخرة، واستقرّ بعده أخوه شهاب الدّين أحمد.
وفيها الحافظ تاج الدّين محمد بن ناصر الدّين محمد بن محمد بن محمد بن مسلم بن علي بن أبي الجود الكركي ابن الغرابيلي [3] ، سبط العماد الكركي.
قال ابن حجر: ولد سنة ست وتسعين بالقاهرة، حيث كان جدّه لأمّه حاكما، ونقله أبوه إلى الكرك حيث عمل إمرتها ثم تحوّل به إلى القدس سنة سبع عشرة، فاشتغل، وحفظ عدة مختصرات، ك- «الكافية» لابن الحاجب، و «المختصر» الأصلي، و «الإلمام» و «الألفية» في الحديث، ولازم الشيخ عمر البلخي فبحث عليه في العضد، والمعاني، والمنطق، وتخرّج أيضا بنظام الدّين قاضي العسكر، وبابن الديري الكبير، ومهر في الفنون إلّا الشعر، ثم أقبل على الحديث بكليته،
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 268) و «الضوء اللامع» (6/ 156) و «الدليل الشافي» (1/ 510) .
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 268) .
[3]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 269) و «الضوء اللامع» (9/ 306) .
فسمع الكثير، وعرف العالي والنازل، وقيّد الوفيات وغيرها من الفنون، وشرع في شرح على «الإلمام» ونظر في التواريخ والعلل، وسمع الكثير ببلده، ورحل إلى الشام والقاهرة فلازمني، وكان الأكابر يتمنون رؤيته والاجتماع به لما يبلغهم من جميل أوصافه فيمتنع، انتهى باختصار.
وألّف مجلدا لطيفا في الحمام يرحل إليه.
وتوفي بالقاهرة في جمادى الآخرة.