الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة وست وعشرين وثمانمائة
فيها كان طاعون مفرط بالشام، حتّى قيل: إن جملة من مات في أيام يسيرة زيادة على خمسين ألفا، ووقع أيضا بدمياط طاعون عظيم.
وفيها توفي إبراهيم بن مبارك شاه الإسعردي الخواجا [1] التّاجر المشهور صاحب المدرسة بالجسر الأبيض.
كان كثير المال، واسع العطاء، كثير البذل. قاله ابن حجر.
وفيها الحافظ ولي الدّين أبو زرعة أحمد بن حافظ العصر شيخ الإسلام عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي [2] الإمام بن الإمام، والحافظ ابن الحافظ، وشيخ الإسلام ابن شيخ الإسلام الشافعي.
ولد في ذي الحجّة سنة اثنتين وستين وسبعمائة، وبكّر به أبوه، فأحضره عند المسند أبي الحرم القلانسي في الأولى، وفي الثانية، واستجاز له من أبي الحسن العرضي، ثم رحل به إلى الشام في سنة خمس وستين وقد طعن في الثالثة، فأحضره عند جمع كثير من أصحاب الفخر ابن البخاري وأنظارهم، ثم رجع، فطلب بنفسه وقد أكمل أربع عشرة سنة، فطاف على الشيوخ، وكتب الطّباق، وفهم الفنّ، واشتغل في الفقه، والعربية، والمعاني، والبيان، وأحضر على جمال
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 120) و «الضوء اللامع» (1/ 118) .
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 21) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (4/ 103) و «الضوء اللامع» (1/ 302) و «حسن المحاضرة» (1/ 206) و «الدليل الشافي» (1/ 53) و «البدر الطالع» (1/ 72) .
الدّين الإسنوي، وشهاب الدّين ابن النّقيب، وغيرهما، وأقبل على التّصنيف، فصنّف أشياء لطيفة في فنون الحديث، ثم ناب في الحكم، وأقبل على الفقه، فصنّف «النّكت على المختصرات الثلاثة» جمع فيها بين «التوشيح» للقاضي تاج الدّين السّبكي، وبين «تصحيح الحاوي» لابن الملقّن، وزاد عليهما فوائد من «حاشية الروضة» للبلقيني، ومن «المهمات» للإسنوي، وتلقى الطلبة هذا الكتاب بالقبول ونسخوه وقرأوه عليه، واختصر أيضا «المهمات» وأضاف إليها «حواشي البلقيني على الروضة» .
وكان لما مات أبوه تقرّر في وظائفه، فدرّس بالجامع الطّولاني وغيره، ثم ولي القضاء الأكبر، وصرف عنه، فحصل له سوء مزاج من كونه صرف ببعض تلامذته، بل ببعض من لا يفهم عنه كما ينبغي، فكان يقول: لو عزلت بغير فلان ما صعب عليّ، وكان من خير أهل عصره بشاشة وصلابة في الحكم، وقياما في الحقّ وطلاقة وجه، وحسن خلق، وطيب عشرة.
وتوفي في يوم الخميس التاسع والعشرين من شهر رمضان عن ثلاث وستين سنة وثمانية أشهر، ودفن عند والده، رحمهما الله تعالى.
وفيها مجد الدّين أبو البركات سالم بن سالم بن أحمد المقدسي ثم المصري الحنبلي [1] ، قاضي القضاة بالدّيار المصرية وشيخ الإسلام بها.
ولد سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وقدم القاهرة في سنة أربع وستين، واستقرّ في القضاء بعد وفاة القاضي موفق الدّين بن نصر الله المتقدّم ذكره، وكان يعدّ من فقهاء الحنابلة وأخيارهم، باشر القضاء نيابة واستقلالا أكثر من ثلاثين سنة بتواضع وعفّة، وعزل بابن مغلي، فقال بعضهم عند عزله:
قضى المجد قاضي الحنبليّة نحبه
…
بعزل وما موت الرّجال سوى العزل
وقد كان يدّعى قبل ذلك سالما
…
فخالطه فرط انسهال من المغلي
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 28) و «الضوء اللامع» (3/ 241) و «السّحب الوابلة» ص (170) .
وتوفي يوم الخميس تاسع عشري [1] ذي القعدة بعد أن ابتلي بالزّمانة والعطلة عدة سنين.
وفيها زين الدّين عبد الرحمن بن الشيخ شمس الدّين محمد بن إسماعيل القلقشندي [2] الشافعي، سبط الشيخ صلاح الدّين العلائي.
اشتغل على أبيه وغيره، وأحبّ الحديث وطلبه، وكتب الطّباق بخطّه، وصنّف، ونظم، وكان فاضلا نبيها.
قال ابن حجر: سمع معي في الرحلة إلى دمشق، كثيرا بها، وبنابلس، والقدس، وغيرها، وصار مفيد بلده في عصره، وقدم القاهرة في هذه السنة فأسمع ولده بها من جماعة، وكان حسن العقل والخط، حاذقا، رجع إلى بلده فمات بها، وأسفنا عليه، رحمه الله تعالى. انتهى.
وفيها عزّ الدّين عبد العزيز بن علي بن أحمد النّويري ثم المكّي الشافعي العقيلي [3] .
ولد سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، وتفقّه، ومهر، وقرأ «سنن أبي داود» على السّراج البلقيني سنة اثنتين وثمانمائة، وكان أبوه مالكي المذهب، فخالفه وأقام بالقاهرة مدة، وأخذ عن شيوخها، وأذن له الشيخ برهان الدّين الأنباسي، وبدر الدّين الطّنبدي، ثم دخل اليمن وولي القضاء بتعزّ، ثم رجع إلى مكة فتوفي بها في حادي عشر ذي الحجّة.
وفيها عبد القادر، ويدعى محمدا، ابن قاضي الحنابلة علاء الدّين علي بن محمود بن المغلي السّليماني ثم الحموي الحنبلي [4] .
نشأ على طريقة حسنة، ونبغ، وحفظ «المحرّر» وغيره.
[1] في «آ» : «تاسع عشر» .
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 29) و «الضوء اللامع» (4/ 124) .
[3]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 31) و «الضوء اللامع» (4/ 221) و «العقد الثمين» (5/ 452) .
[4]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 31) و «الضوء اللامع» (4/ 280) .
وتوفي مراهقا في نصف ذي القعدة وأسف أبوه عليه جدا، ولم يكن له ولد غيره.
وفيها نور الدّين علي بن رمح بن سنان بن قنا الشافعي [1] .
سمع من عزّ الدّين ابن جماعة وغيره، ولم ينجب، وصار بأخرة يتكسّب في حوانيت الشهود، وهو أحد الصّوفية بالخانقاه البيبرسية.
وتوفي عن أزيد من ثمانين سنة.
وفيها زين الدّين وسراج الدّين عمر بن عبد الله بن علي بن أبي بكر، الأديب الشاعر، الأنصاري الأسواني [2] نزيل القاهرة.
ولد بأسوان سنة اثنتين وستين وسبعمائة، وقدم القاهرة فأقام بها مدة، ثم توجه إلى دمشق، وأخذ الأدب عن الشيخ جلال الدّين ابن خطيب داريا، ثم عاد إلى القاهرة واستوطنها إلى أن مات بها.
قال المقريزي: كان يقول الشعر، ويتقن شيئا من العربية، مع تعاظم وتطاول وإعجاب بنفسه، واطّراح جانب الناس، لا يرى أحدا وإن جلّ شيئا، بل يصرّح بأن أبناء زمانه كلّهم ليسوا بشيء، وأنه هو العالم دونهم، وأنه يجب على الكافة تعظيمه والقيام بحقوقه وبذل أموالهم كلها له، لا لمعنى فيه يقتضي ذلك، بل سوء طباع، وكان يمدح فلا يجد من يوفيه حقه بزعمه، فيرجع إلى الهجاء، فلذلك كان مشنوءا عند الناس.
ومن شعره [3] :
إنّ دهري لقد رماني بقوم
…
هم على بلوتي أشدّ حثيثا
إن أفه بينهم بشيء أجدهم
…
لا يكادون يفقهون حديثا
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 32) و «الضوء اللامع» (5/ 220) .
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 33) و «الضوء اللامع» (6/ 95) .
[3]
البيتان في «إنباء الغمر» ورواية الشطر الأول من البيت الأول فيه كما يلي:
إن ذا الدهر قد رماني بقوم
وتوفي يوم الجمعة حادي عشر ربيع الأول.
وفيها زين الدّين عمر بن محمد الصّفدي ثم النّيني [1]- بنون مفتوحة، ثم ياء تحتية ساكنة، ثم نون- الشافعي.
اشتغل قديما، ومهر، حتّى صار يستحضر «الكفاية» لابن الرّفعة، وأخذ بدمشق عن علاء الدّين حجي وأنظاره. وسمع من ابن قوالح، وناب في الحكم في بلاد عديدة في معاملات حلب، ثم قدم القاهرة قبل العشرين وثمانمائة، ونزل بالمؤيدية في طلبة الشافعية، وكان كثير التقتير على نفسه.
وتوفي بمصر في جمادى الأولى وقد قارب الثمانين، ووجد له مبلغ عند بعض الناس فوضع يده عليه ولم يصل لوارثه منه شيء، عفا الله عنه.
وفيها شمس الدّين محمد بن عبد الله بن عمر بن يوسف المقدسي الصّالحي الحنبلي، المعروف بابن المكّي [2] .
ولد سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وتفقه قليلا، وتعانى الشهادة، ولازم مجلس القاضي شمس الدّين بن التّقي، وولي رئاسة المؤذنين بجامع الأموي، وكان من خيار العدول، عارفا، جهوري الصّوت، حسن الشكل، طلق الوجه، منوّر الشّيبة، أصيب بعدة أولاد له كانوا أعيان عدول البلدة مع النجابة والوسامة فماتوا بالطاعون ثم توفي هو في جمادى الأولى.
وفيها شمس الدّين محمد بن علي بن أحمد الغزّي الحلبي المقرئ، المعروف بابن الركّاب [3] .
ولد سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة بغزّة، وتعانى الاشتغال بالقراءات، فمهر، وقطن بحلب، واشتغل في الفقه بدمشق مدة، ثم أقبل على التّلاوة والإقراء، فانتفع
[1] ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 34) و «الضوء اللامع» (6/ 118) .
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 36) و «الضوء اللامع» (8/ 101) و «السحب الوابلة» ص (396) .
[3]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 36) و «الضوء اللامع» (8/ 158) وفيه: «ابن أبي البركات» .
به [1] أهل حلب، واقرأ أكابرهم وفقراءهم بغير أجرة. وممن قرأ عليه قاضي حلب علاء الدّين ابن خطيب الناصرية، وكان قائما بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ومواظبة الإقراء، مع الهرم.
وتوفي في تاسع عشر ربيع الأول.
وفيها محمد بن الشيخ شمس الدّين محمد بن عبد الدائم البرماوي [2] .
كان قد مهر، وحفظ عدة كتب، وتوجه مع أبيه إلى الشام فمات بالطّاعون، ولم يكمل العشرين سنة، وأسف عليه أبوه، ولم يقم بالشام بعده بل قدم القاهرة.
[1] لفظه «به» سقطت من «آ» .
[2]
ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 37) و «الضوء اللامع» (9/ 90) .