الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى عن: محمد بن بشار، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وخلقٍ كثير، وروى عنه: الطبراني، وأبو حاتم بن حبان البستي.
وله تصانيف مفيدة في التاريخ ومواليدِ العلماء ووَفياتهم، واعتمد عليه أربابُ هذا الفن في النقل، وأخبروا عنه في كتبهم ومصنفاتهم المشهورة. وبالجملة: فقد كان من الأعلام في هذا الشأن، وممن يرجَع إليه، وكان حسن التصنيف.
توفي سنة 320 بالعرج.
والدولابيُّ: نسبة إلى دولاب، وهي قرية من أعمال الري - رحمه الله تعالى -.
108 - أبو عبد الله، محمدُ بنُ عمرانَ بنِ موسى بنِ سعيد، الكاتبُ المرزبانيُّ
.
صاحب أخبار (1). وتواليفه كثيرة، وكان ثقة في الحديث، ومائلًا إلى التشيع في المذهب، حدَّث عن: عبد الله بن محمد البغوي، وأبي بكر بن داود السجستاني، في آخرين.
ولد سنة 297، أو سنة 296 وتوفي سنة 384، والمرزُباني: نسبة إلى أجداده، وكان اسمه المَرْزُبان، وهذا الإسم لا يطلق عند العجم إلا على الرجل المقدم العظيم القدر، وتفسيره بالعربية: حافظ الحد، قاله ابن الجواليقي في كتابه "المعرب".
109 - أبو عبد الله، محمدُ بنُ القاسمِ الخضرِ بنِ محمدِ بنِ عليِّ بنِ عبدِ الله المعروفُ بابن تيمية الحَرَّاني، الملقب: فخر الدين، الخطيبُ، الواعظُ، الفقيهُ، الحنبليُّ
.
كان فاضلًا، تفرد في بلاده بالعلم، وكان المشار إليه في الدين، لقي جماعة من العلماء، وأخذ عنهم العلوم، وقدم بغداد، وتفقه بها على أبي الفتح بن المَنِّي.
وسمع الحديث بها من: شهدة بنتِ الأبري، وابنِ المقرب، وابن البطي، وغيرهم؛ وصنف في مذهب الإمام أحمد مختصرًا أحسنَ فيه، وله ديوان خطب مشهور، وهو في غاية الجودة، وله "تفسير القرآن الكريم"، وله شعر حسن.
(1) ذكرت كنيته "أبو عبيد الله" في "الأعلام" للزركلي.
وكانت إليه الخطابة بحرَّان، ولأهلِه من بعده، ولم يزل أمرُه جاريًا على سداد وصلاح حال.
ولد سنة 542 بمدينة حَرّان، وتوفي بها سنة 621.
ذكره أبو البركات بنُ المستوفي في "تاريخ أربل"، فقال: ورد أربل حاجًّا، ثم قال: سألته عن اسم تيمية ما معناه؟ فقال: حج أبي أو جدي، وكانت امرأته حاملًا، فلما كان بتيماء، رأى جويرية حسنة قد خرجت من خباء، فلما رجع إلى حران، وجد امرأته قد وضعت جارية، فلما رفعوها إليه، قال: يا تيمية! يا تيمية! يعني: أنها تشبه التي رآها بتيماء، فسمي بها، أو كلامًا هذا معناه.
وتيماء: بليدة في بادية تبوك، وتيمية: منسوبة إلى هذه البليدة، وكان ينبغي أن يكون تيماوية؛ لأن النسبة إلى تيماء تيماوية، لكنه هكذا قال، واشتهر كما قال.
قال ابن رجب في ترجمته: قرأ القرآن، وشرع في الاشتغال بالعلم من صغره، وارتحل إلى بغداد، وسمع الحديث بها، وأيضًا بحران، ولازم أبا الفرج ابنَ الجوزي ببغداد، وسمع منه كثيرًا من مصنفاته، وقرأ الأدب على ابن الخشاب، وبرع في الفقه، والتفسير، وغيرهما، ثم أخذ في التدريس والوعظ والتصنيف، وشرع في إلقاء التفسير بكرةَ كل يوم بجامع حران، وولي الخطابة والإمامة بها، وبنى مدرسة، وهو واعظ البلد، وله القبول من عوام البلد، والوجاهة عند ملوكها. وكان بارعًا في تفسير القرآن، وجميع العلوم له فيها يد بيضاء، أثنى عليه ابن نقطة، وقال ابن النجار: سمعت منه ببغداد وحران، وقال المنذري: له خطب مشهورة وشعر، ولنا منه إجازة، وحجَّ، وله تصانيف كثيرة، منها:"ترغيب القاصد في تقريب المقاصد"، و"بلغة الساغب وبغية الراغب".
وكانت بينه وبين الشيخ موفق الدين مراسلاتٌ ومكاتبات، ووقع بينهما تنازع في مسألة تخليد أهل البدع المحكوم بكفرهم في النار، وكان الشيخ الموفق لا يطلق عليهم التخليد، فأنكر عليه الشيخ الفخر، وقال: إن كلام الأصحاب مخالف لذلك.
وأرسل يقول للشيخ موفق الدين: انظر! كيف تستدرك هذه الهفوة، فأرسل إليه الشيخ الموفق كتابًا، أوله: أخوه في الله عبدُ الله بن أحمد يسلِّم على أخيه الإمام الكبير فخر الدين جمال الإسلام ناصر السنة - أكرمه الله بما أكرم به أولياءه، وأجزل من كل خير عطاءه، وبلغه أمله ورجاءه؛ وأطال في طاعة الله بقاءه - إلى أن قال: إنني لم أنه عن القول بالتخليد نافيًا له، ولاعِبْتُ القولَ به منتصرًا لضده، وإنما نهيت عن الكلام فيها من الجانبين إثباتًا أو نفيًا؛ كفًا للفتنة بالخصام فيها، واتباعًا للسنة في السكوت عنها، إذ كانت هذه المسألة من جملة المُحْدَثات، وأشرت على من قبل نصيحتي بالسكوت عما سكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، والأئمة المقتدى بهم من بعده، إلى أن قال: وأما قوله - وفقه الله -: إني كنت مسألة إجماع فصرت مسألة خلاف، فإنني إذا كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حزبه متبعًا للسنة، ما أبالي مَنْ خالفني، ولا مَنْ خالف فيَّ، ولا أستوحش لفوات من فارقني، وإني لمعتقد أن الخلق كلهم لو خالفوا السنة وتركوها، وعادَوْني من أجلها، لما ازددت لها إلا لزومًا، ولا بها إلا اغتباطًا - إن وفقني الله لذلك -؛ فإن الأمور كلها بيده، وقلوب العباد بين إصبعيه.
وأما قوله: إن هذه المسألة مما لا يخفى، فقد صدق وبرّ، ما هي - بحمد الله - عني خفية، بل هي متجلية مضيئة، ولكن إن أظهر عنده بسعادته تصويب الكلام فيها تقليدًا للشيخ أبي الفرج، وابن الزاغوني، فقد تيقنت تصويب السكوت عن الكلام فيها اتباعًا لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ومن هو حجة على الخلق أجمعين، ثم لخلفائه الراشدين، وسائر الصحابة والأئمة المرضيين، لا أبالي مَنْ لامني في اتباعهم، ولا من فارقني في وفاقهم، فأنا كما قال الشاعر:
أجدُ الملامةَ في هواكِ لذيذةً
…
حُبًّا لذِكْرِكِ فَلْيَلُمْني اللُّوَّمُ
فمن وافقني على متابعتهم، وأجابني إلى مرافقتهم وموافقتهم، فهو رفيقي وحبيبي وصديقي، ومن خالفني في ذلك، فليذهب حيث شاء، فإن السبل كثيرة، لكن خطرة لا خضرة. وقوله بسعادته: إن تعلقه بأن لفظة التخليد لم ترد، ليس بشيء، فأقول: لكن عندي - أنا - هو الشيء الكبير، والأمر الجليل الخطير؛
فأنا أوافق أئمتي في سكوتهم كموافقتي لهم في كلامهم.
أقول إذا قالوا؛ واسكت إذا سكتوا؛ وأسير إذا ساروا؛ وأقف إذا وقفوا، وأحتذي طريقتهم في أحوالهم جهدي، ولا أنفرد عنهم خيفة الضيعة إن سرت وحدي. إلى أن قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أطلق التكفير في مواضع لا تخليد فيها؛ وذكر حديث: "سبابُ المؤمن فسوق، وقتاله كفر"، وغيره من الأحاديث، وقال، قال أبو نصر السجزي: اختلف القائلون بتكفير القائل بخلق القرآن، فقال بعضهم: كفرٌ ينقل عن الملة، وقال بعضهم: كفرٌ لا ينقل عن الملة.
ثم إن الإمام أحمد الذي هو أشدُّ الناس على أهل البدع، قد كان يقول للمعتصم: يا أمير المؤمنين! ويرى طاعة الخلفاء الداعين إلى القول بخلق القرآن وصلاة الجمع والأعياد خلفهم، وأما قولك: انظر كيف تتلافى هذه الهفوة، وتزيل تكدير هذه الصفوة؛ فإن قنع مني بالسكوت، فهو مذهبي وسبيلي، وعليه تعويلي، وقد ذكرتُ عليه دليلي، وإن لم يرض مني إلا أن أقول ما لا أعلم، وأسلك السبيل الذي غيره أسد وأسلم واخلع عذاري في سلوك، ما فيه عثاري، ويسخط عليَّ الباري، ففي هذا التلافي إتلافي، وتكدير صافي أوصافي، ولا يرضاه لي الأخ المُصافي، ولا من يريد إنصافي، ولا من سعى في إسعافي، وما أتبعه ولو أنه بشرٌ الحافي. إلى أن قال:
واعلم أيها الأخ الناصح أنك قادم على الله، ومسؤول عن مقالتك هذه، فانظر من السائل، وانظر ما أنت له قائل، فاعد للمسألة جوابًا؛ وادرع للاعتذار جلبابًا؛ ولا تظن أنه يقنع منك في الجواب تقليد بعض الأصحاب، ولا يكتفي منك بالحوالة على الشيخ أبي الفرج، وابن الزاغوني، وأبي الخطاب، ولا يخلصك الاعتذار بأن الأصحاب اتفقوا على أنهم من جملة الكفار، ولازم هذا الخلود في النار؛ فإن هذا كلام مدخول، وجواب غير مقبول. إلى أن قال: فأنتم إن كنتم أظهركم الله على غيبه، وبرأكم من الجهل وعيبه، وأطلعكم على ماهو صانع بخلقه، فنحن قوم ضعفاء، فقد قنعنا بقول نبينا عليه الصلاة والسلام، وسلوك سبيله، ولم نتجاسر على أن نتقدم بين يدي الله ورسوله، فلا
تجملوا قوتكم على ضعفنا، ولا علمكم على جهلنا.
قال ابن رجب وهي رسالة طويلة لخَّصتُ منها هذا القدر.
وأخذَ العلمَ عن الشيخ فخر الدين جماعة، منهم: ولده أبو محمد عبد الغني خطيب حران، وابن عمه الشيخ مجد الدين عبد السلام، وسمع منه خلق كثير من الأئمة والحفاظ، منهم: ابن نقطة، وابن النجار، وسبط ابن الجوزي، وله شعر كثير حسن منه:
أَرى قُوَّتي في كلِّ يومٍ وليلة
…
تؤول إلى نقصٍ وتُفْضي إلى ضعفِ
وما ذاكَ من كَرِّ الليالي ومَرِّها
…
ولكنْ صروفُ الدهرِ صرفٌ على صَرْفِ
فراقٌ وهجرٌ واخترامُ منيةٍ
…
وكيدُ حسودٍ للعداوة لا يُخفي
وداءٌ دخيلٌ في الفؤاد مقلقلُ
…
الضُّلوعِ يَجِلُّ الخَطْبُ فيه عنِ الوَصْفِ
وعِشْرةُ أبناءِ الزمان ومكرُهم
…
وواحدةٌ منها لِهَدِّ القُوَى تكفي
بُليت بها منذُ ارتقيتُ ذرا العلا
…
كما البدرُ في النقصان من ليلةِ النصفِ
وما برحَتْ تَتْرى إلى أن بكيت من
…
تَضاعيفها ضَعفًا يزيدُ على ضَعْفِ
وأصبحت شبهًا بالهلال صبيحةَ
…
الثلاثينَ أخفاه المحاقُ عن الطَّرْفِ
توفي - رحمه الله تعالى - يوم الخميس عاشر صفر سنة 621، ولما مات، كان في الصلاة.
وقد ذكر ولده مناماتٍ صالحة رُئيت له بعد وفاته، وهي كثيرة جدًا، جمعَها في جزء. منها: أن رجلًا حدثه: أنه رأى والده الشيخ فخر الدين جالسًا على تخت عالٍ، وعليه ثياب جميلة، فقلت له يا سيدي! ما هذا؟ فقرأ:{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} [الكهف: 31]. ورآه آخر فسأله: ماذا فعل الله بك؟ قال: غفر لي. ورأى غير واحد جماعة معهم سيوف ورايات، فسألوا عن حالهم، فقالوا: السلطان يركب، ونحن في انتظاره، فقيل له: من السلطان؟ قالوا: الشيخ فخر الدين. ورآه رجل آخر وهو على أحسن حالة، فقال: أليس قد مِتَّ؟ قال: بلى! ولكن أنا - إن شاء الله تعالى - في الأحياء. ورآه آخر، فقال أخبرني الموت كيف هو؟ فقال: والله! الموت وقت حضوره صعب شديد، وبعد الموت كله هين، ثم