الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة عند الإمام المهدي، وسائرُ أرباب الدولة كانوا يُجلُّونه ويهابونه، وكان يعمل بالأدلة، ويرشد الناس إليها، وينفر عن التقليد، وله في النهي عن المنكر عناية عظيمة، وكان لا يسمع بمنكر إلا أتعب نفسه في القيام على صاحبه حتى يزيله، وإذا أُصيب رجل بمظلمة فر إليه، فيقوم معه قومة صادقة حتى ينتصف له - فرحمه الله، وكافاه بالحسنى -، فلقد كان من محاسن الدهر، وما زال كذلك حتى توفاه الله في سنة 1173، انتهى.
415 - عبد الله بن محسن الحيمي الصنعاني
.
ولد تقريبًا سنة 1170.
قال الشوكاني: قرأ عليَّ في الأصول، وسمع مني "تيسير الوصول" للدَّيْبَع، واستفاد في عدة فنون، ودرَّس في كثير منها، ونقل كثيرًا من رسائلي، وما زال ملازمًا لي في كثير من الأوقات، وبيني وبينه صداقة خالصة، ومحبة صحيحة، ولم يسلم من التعصبات عليه من جماعة الجهال، حتى جرت له بسبب ذلك محن، وهو صابر محتسب، وهذا شأن هذه الديار وأهلها، فالعالمُ المنصفُ بينهم في غربة، لا يزال يكابد شدائد، ويجاهد واحدًا بعد واحد، و {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، وهو الآن حي، نفع الله به، انتهى.
416 - السيد عبد الله بن محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
.
قال في "البدر الطالع": ولد سنة 1160، وبرع في جميع العلوم، وهو أحد علماء العصر العاملين بالأدلة، الراغبين عن التقليد، مع قوة ذهن، وجودة فهم، ووفور ذكاء، وحسن تعبير، وخبرة بمسالك الاستدلال، ومتانة دين، واشتغال بالعبادة، ودراية كاملة بمؤلفات والده ورسائله وأشعاره، وهو الذي جمع شعره في مجلد، وبلغني أنه نظم (1) بلوغ المرام وأنه الآن يشرحه، ولا شغل له بغير العلم والإكباب على كتب الحديث وتحرير مسائله وتقرير دلائله، وله نظم منه قصيدة، مطلعها:
(1) لوالده الأمير نظم لبلوغ المرام من بحر الرجز مفيد جدًا، فصاحب الترجمة نظمه كوالده، إن ثبت ذلك.
للهِ دَرُّكَ أَيُّها البَدْرُ الذي
…
يَهْدي إلى نَهْجِ الصوابِ الظاهِرِ
أبرزتَ من تَيَّارِ عِلْمِكَ دُرَّةً
…
في سِلْكِ تِبْرِ قعْرِ بحرٍ زاخِرِ
وهو الآن حي ينتفع به الناس، وله إلي أشعار كثيرة، قال: ثم توفي سنة 1244، رأى الفقيه الفاضل عبد الله بن حسين الأنسي ليلة يوم موته: أنه رأى جبلاً انهدم، فكان جبل العلم هذا:
هوَى يا لَعَمْري طودُ علمٍ تَضَعْضَعَتْ
…
معالِمُ آثارٍ لَهُ ومَدارِسُ
قال في "النفس اليماني": ومنهم ولد شيخنا السيد الجليل، العالم النبيل، فخر الإسلام وزينة الليالي والأيام، السيد عبد الله، ذكرته في "تحفة الإخوان" أيام طلبه، وقد صار الآن بحمد الله من العلماء الأعلام، النبلاء الفخام، أحد أئمة العصر وحامل لواء الفخر، له اليد الطولى في العلوم العقلية والنقلية، وجودةُ النظر النقادة في الأحاديث النبوية، مشتغلاً بذلك غاية الاشتغال، حتى نال من هذا العلم الشريف كُلَّ منال، مواظبًا على الإفادة في جميع أوقاته، مقبلاً على الآخذين منه بالتعليم والتفهيم في حركاته وسكناته، تاركًا للتعصبات المذهبية، يدور مع الحديث حيث دار، لا يعتريه ملل، ولا يميل إلى الراحة والكسل، فاكهتُه النظرُ في الزبر والأسفار، وغذاؤه من المعاني سمان الأفكار، ولذته منها افتضاضُ الأَبكار، جعل العلم النفيس النبوي له جليسًا، وعند الخلوة أنيسًا، يعرف الرمزة وإن خفي مكانها، واللمحة وإن عظم شأنها، فهو المجلِّي في حَلْبَة العلوم، والحائزُ قصبَ السبقِ إن تأخرت الفُهوم، مع أخلاق شريفة، وشيم لطيفة، ثمراتُها دانية قطيفة، يسمح بها للمتعلمين، ويعدها للطالبين، فهم لها عاشقون، وإليها ناظرون، وعليها مُعَوَّلون، مع حسن نية، وسلامة طوية، وهمة علية، يحلو منها الإطناب والإيجاز، وهما لديهم في رتبة الإعجاز مع طاعة لأوامر الله ونواهيه، تسر الودود، وتسوء كلَّ هَمَّازٍ حسود، حاز من الرتب الشريفة أعلاها، ومن الأوصاف السنية أغلاها وأجلاها، ومن رآه أحبه بمجرد النظر، فكيف إذا خالطه واختبر، تالله لقد أقر الله به عين الوالد، وتَيَّمَ به قلبَ الوارد والوافد، وكَبَتَ بطلعته البهية عينَ العدو والمعاند والحاسد، وأطلع