الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسندها إلى المنامات تارة، وإلى بعض الشيوخ أخرى، وغالبُ الناس يعتقد أنه يقصد بذلك التستر، مات في سنة 808، ومن نظمه رحمه الله:
بمكارم الأخلاق كُنْ مُتَخَلِّقًا
…
ليفوحَ نَدُّ شذائِكَ العَطِرِ النَّدِي
واصدُقْ صديقكَ إنْ صدقتَ صداقةً
…
وادفعْ عدوَّك بالتي، فإذا الذي
379 - محمد بن عبد الله بنِ أحمدَ، الدمشقيُّ، الشافعيُّ، المعروف بابن [ناصر] الدين
.
قال في "البدر الطالع": ولد في سنة 777، أتقن فن الحديث، واشتهر به حتى صار المشار إليه فيه ببلده وما حوله، واستفاد منه الناس، وصنف التصانيف، وقد قام عليه العلاء البخاري، لكونه صنف "الرد الوافر على من زعم أن من أطلق على ابن تيمية أنه - شيخ الإسلام - كافر"، وكان ذلك كالرد على العلاء البخاري، لكونه كان من أعظم المنكرين على ابن تيمية، ثم جاوز في ذلك الحد حتى أفتى بكفر ابن تيمية - صانه الله عن ذلك -، واتفقت بسبب ذلك حوادث شنيعة. وبالجملة: فكان صاحب الترجمة إمامًا حافظًا مفيدًا للطلبة، وقد أثنى عليه جماعة من معاصريه؛ كابن حجر، والبرهان الحلبي، والمقريزي، ومات في ربيع الثاني سنة 842. ومن نظمه - رحمه الله تعالى -:
لعبتُ بالشطرنجِ مَعْ شادِنِ
…
رِمى بقلبي من سناهُ سِهامْ
وجدتُ شاماتٍ على خَدِّه
…
فَمِتُّ من وجدي به والسلامْ
380 - إبراهيم بن عمر بنِ حسنٍ البقاعيُّ
(1).
قال في "البدر الطالع": برع في جميع العلوم، وفاق الأقران، لا كما قال السخاوي: إنه ما بلغ رتبة العلماء، بل قصارى أمره إدراجه في الفضلاء، وأنه ما أتقن فنًا، قال: وتصانيفه شاهدة بما قلته.
قلت: بل تصانيفه شاهدة بخلاف ما قال، وإنه من الأئمة المتقنين المتبحرين في جميع المعارف، ولكن هذا من كلام الأقران في بعضهم بعضًا بما يخالف الإنصاف؛ لما يجري بينهم من المناقشات تارة على العلم، وتارة على الدنيا، وقد
(1) مولده البقاع في سوريا سنة (809 هـ 1409 م).
كان المترجَم له منحرفًا عن السخاوي، وجرى بينهما - من المناقضة والمراسلة والمخالفة - ما يوجب عدم قبول [قول] أحدهما على الآخر، ومن أمعن النظر في كتاب المترجَم له في التفسير الذي جعله في المناسبة بين الآي والسور (1)، علم أنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء، الجامعين بين علمي المعقول والمنقول، وكثيرًا ما يشكل عليّ شيء في الكتاب العزيز، فأرجع إلى مطولات التفسير ومختصراتها، فلا أجد ما يشفي، وأرجع إلى هذا الكتاب، فأجد ما يفيد في الغالب. وقد نال منه علماء عصره بسبب تصنيف هذا الكتاب، وأنكروا عليه النقل من التوراة والإنجيل، وترسلوا عليه، وأغروا به الرؤساء، ورأيت له رسالة يجيب بها عليهم، وينقل الأدلة على جواز النقل من الكتابين، وفيها ما يشفي، ولما تنكَّر له الناس، وبالغوا في أذاه، لمَّ أطرافه، وتوجه إلى دمشق، وقد كان بلغ جماعة من أهل العلم في التعرض له بكل ما يكره إلى حد التكفير، حتى رتبوا عليه دعوى عند القاضي المالكي، وقد كان رام المالكيُّ الحكمَ بكفره وإراقة دمه، وقد امتحن الله أهلَ تلك الديار بقضاة من المالكية يتجرؤون على سفك الدماء بما لا يحل به أدنى تعزير، فأراقوا دماء جماعة من أهل العلم جهالةً وضلالة على الله، ومخالفة لشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلاعبًا بدينه، بمجرد نصوص فقهية، واستنباطات فروعية ليس عليها أثارة من علم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولم يزل المترجَم له رحمه الله يكابد الشدائد، ويناهد العظائم قبل رحلته من مصر، وبعد رحلته إلى دمشق، حتى توفاه الله في سنة 885، وقد ترجم له السخاوي ترجمة مظلِمة، كلها سب وانتقاص، وطوَّلها بالمثالب، بل ما زال يحطُّ عليه في جميع كتابه المسمى بالضوء اللامع؛ لأن المترجَم له كتب لأهل عصره تراجم، ونال من أعراض جماعة منهم، لا سيما الأكابر الذين أنكروا عليه، فكان السخاوي ينقل قوله في ترجمة أولئك الأكابر، ويناقضه، وينتقصه، ولشعراء عصره فيه أمداح وأهاجي، وما زالتِ الأشرافُ تُهجى وتُمْدَحُ.
(1) له تفسير سماه: "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور" في سبعة أجزاء، لم يطبع، قلت: بل طبع عدة طبعات، أهمها طبعة حيدر آباد الدكن في نيف وعشرين جزءًا. (ن).