الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأقبل عليه أعيان البلد وعلماؤها، وتلقوا ما ألفه في ذلك بالقبول التام، وعقد للتعليم والإفادة بما هو بصدده مجلسًا بالمسجد، ويملي في ذلك المسجد من علومه اللدنية الوهبية الفيضية العجب العجاب:
لقد رأيتُ إمامًا
…
أحارَ بالعلم لُبِّي
فقلتُ: مِنْ أيِّ شيخ؟
…
فقالَ: عن فَيْضِ قَلْبي
وقد ألف الغزالي رسالة في حقيقة العلم اللدني، وأسبابه وشروطه وموانعه، وصار غالب أهل البلد ببركة دعائه في اشتغال عظيم بإحسان الوضوء والصلاة - جزاه الله خيرًا -، واستجاز من علماء البلد، واستجازوا منه، ووقعت بينه وبينهم مذاكرات مفيدة، ومشاعرات عديدة، ومن شعره:
مَنْ راقبَ الناسَ ماتَ غَمًّا
…
وحَظُّه الوَيْلُ والثُّبورُ
ومَنْ تَخَلَّى عنهم تَحَلَّى
…
وفازَ باللَّذَّةِ الجَسورُ
535 - الشيخُ، العلامةُ، المشهورُ، عالمُ الحجاز على الحقيقة لا المجاز، أحمدُ بنُ عبد القادر بنِ بكري العجيليُّ - رح
-.
لم يزل مجتهدًا في نيل المعالي، وكم سهر في طلبها الليالي، حتى فاز من ذلك بالقِدْح المُعَلَّى، وصَلَّى في محرابها وجَلَّى، أخذ العلوم عن آبائه الكرام، وعن غيرهم من الأعلام، ومن مشايخه عبدُ الخالق المزجاجي، وأجاز له، وألبسه الخرقة، ومنهم: السيد إبراهيم بن محمد الأمير، والسيد سليمان بن يحيى، وله مؤلفات في التصوف والتوحيد، والقصائد الإلهيات والنبويات، وقد جمع ولده العلامة إبراهيم من ذلك شيئًا كثيرًا، ولعمري! لقد شاع طيبُ شعره وذاع، وأطرب الطباع، وشنف الأسماع. شعر:
وسارَ به مَنْ لا يسير مُشَمِّرًا
…
وغَنَّى به مَنْ لا يُغَنِّي مُغَرِّدا
ومن قصائده المشهورة: عقد الجواهر اللآل، في مدح الآل وقد شرحها شرحًا عظيمًا، وقرظ عليه عدة من العلماء، منهم: السيد الجليل علي بن محمد في مكة المشرفة في سنة 1203.
قال صاحب "النفس اليماني": وأجازني إجازة مطولة في الحديث المسلسل بالأولية، وهو حديث:"الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَنْ في الأرض يرحَمْكم مَنْ في السماء"، وسنده حسن، أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" عن عبد الرحمن بن بشر، وأبو داود، وأبو بكر بن أبي شيبة، والترمذي في "جامعه"، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: وهو صحيح باعتبار ما له من المتابعات والشواهد، قال العبادي: إن الرواية في: يرحمكم بالرفع، على أن الجملة دعائية، لا بالجزم جوابًا للأمر، وبالوجهين تلقيناه عن المشايخ، انتهى. قال شيخنا: ونحن تلقيناه عن مشايخنا بالرفع فقط، وهذا حديث جليل؛ لأنه لما كان بَدْءُ الخلق وأوليتُه من تجلي اسمه الرحمن، وكان الوجود رحمة ونعمة، ناسبَ أن يكون أولَ ما يقرع السمع: حديثُ الرحمة، كما أنه أول ما قرع سمعه كلمة الإيجاد، وهو أول رحمة أوتيها. ثم تكلم شيخنا على هذا الحديث، وما احتوى عليه من الأسرار البديعة، والحقائق العجيبة بما يليق بجلالة قدره، وسعة علومه، فجزاه الله عني وعن الإسلام خيرًا.
قلت - عفا الله عني -: وفيه دلالة على كونه سبحانه فوق السماء وكونه مستويًا على العرش.
ثم مما كتبه صاحب الترجمة في إجازته للسيد عبد الرحمن هذا النص: وأما لبسُ الخرقة الشريفة التي يتداولها الصوفية، ويتبرك بها العلماء والمتعلمون والصالحون؛ رجاءَ الدخول في طريقة التصوف، الذي هو حقيقة المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، وأمر به، وندب إليه من قول وفعل وعقد، وهو حقيقة التقوى التي هي حلية الأولياء، ويستحق بها العبدُ الكرامة من الله تعالى، وهذا الإلباس الصوري من أخذه صدقًا وإخلاصًا إلى اللباس المعنوي المنتج للعلم اللدني، وجميع الكرامات والمبشرات المنزلة على قلوب كل، على حسب استعداده بما تعطيه الحكمة والوجود. ثم ذكر سلسلةَ خرقته، وقال: كما ألبسه غريب الله، وعاش أربع مئة عام. قلت: وفي "القاموس": دريد بن زيد عاش