الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أتيتُ رَبِّي بمثلِ هَذَا
…
فقالَ ذا المذهبُ الرشيدُ
محفوظ! نم في الجِنان حتى
…
ينقلَكَ السائِقُ الشَّهيدُ
وله مسائل ينفرد بها عن الأصحاب، منها: أن للعصر سنةً راتية قبلَها أربع ركعات، ومنها: أن الكفار لا يملكون أموال المسلمين بالقهر، وإنما ترد إلى من أُخذت منه من المسلمين على كل حال، ولو قسمت في المغنم إذا أسلم الكافر وهي في يده، ومنها: أن الأضحية يزول الملك فيها بمجرد الإيجاب، ولا يملك صاحبُها أبدًا لها بحال، ومنها: أن الزافة حرام. قال السامري: هو سهو منه، ومنها: أن القرآن إذا كُتب بالذهب تجب فيه الزكاة إن بلغ نصابًا، ويجوز له حكه وأخذه، ووافقه ابن الزاغوني، وزاد: أن كتابته بالذهب حرام، ويؤمر بحكه، ولا يجوز للرجل اتخاذه.
190 - طلحة بن أحمد بنِ طلحةَ، القاضي أبو البركات
.
ولد سنة 432. سمع من جماعة، قال ابن شافع: سماعه صحيح، وكان ثقة أمينًا، مضى على السلامة والستر، سمع منه ابن كامل وغيره. قال: كان لي صديق اسمه ثابت، رأيته في المنام، وقلت له: كيف أنت بقرب أحمد بن حنبل؟ - لأنه دفن هناك -، فقال: ليس في قرب أحمد أحدٌ يعذب بالنار. توفي سنة 512.
191 - علي بن عقيل بنِ محمدِ، أبو الوفاء
.
أحد الأعلام وشيخ الإسلام، ولد سنة 431، حفظ القرآن، وسمع الحديث، وتعلم الفرائض والأصول، وبرع في العلوم كلها. ذكره أبو إسحق الشيرازي، وقال: إمام الدنيا وزاهدها، وفارس المناظرة وواحدها. قال ابن الجوزي: درَّس وناظرَ الفحولَ وصنَّف، وكان دائمَ التشاغل بالعلم، حتى إني رأيت بخطه: لا يحلُّ في أن أُضيع ساعة من عمري، وإني لأجد من حرصي على العلم - وأنا في عمر الثمانين - أشدَّ مما كنت أجده وأنا ابن عشرين. فلما كانت سنة 475 جرت فيها فتن بين الحنابلة والأشاعرة، فترك الوعظ، واقتصر على التدريس، ومتعه الله بسمعه وبصره وجميع جوارحه.
قال السِّلفي: ما رأتْ عيناي مثلَه، ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه؛ لغزارة علمه، وحسن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوة حجته، وله في ذم الكلام وأهله شيء كثير، قال: أنا أقطعُ أن الصحابة ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض، قال: ولقد بالغتُ في الأصول طول عمري، ثم رجعت القهقرى إلى مذهب المكتب، وله من الكلام في السنة، والانتصارِ لها، والردِّ على المتكلمين شيءٌ كثير، وقد صنف في ذلك مصنفًا.
وكتب بعضهم إليه يقول له: صف لي أصحابَ أحمدَ على ما عرفتَ من الإنصاف، فكتب إليه يقول: هم قوم خشن، تقلصت أخلاقهم عن المخالطة، وغلُظت طباعهم عن المداخلة، وغلب عليهم الجد، وقلَّ عندهم الهزل، وعَرِيَتْ نفوسهم عن ذلَّ المرايات، وفزعوا عن الآراء إلى الروايات، وتمسكوا بالظاهر تحرجًا عن التأويل، وغلبت عليهم الأعمال الصالحة، فلم يدققوا في العلوم الغامضة، بل دققوا في الورع، وأخذوا ما ظهر من العلوم، ولم أحفظ على أحد منهم تشبيهًا، إنما غلب عليهم الشناعة؛ لإيمانهم بظواهر الآي والأخبار، من غير تأويل ولا إنكار، والله يعلم أنني لا أعتقد في الإسلام طائفة محقة خاليةً من البدع سوى مَنْ سلكَ هذا الطريق، والسلام.
ومن كلامه: ومن عجيب ما أسمعه من هؤلاء الأحداث الجهال: أنهم يقولون: أحمد ليس بفقيه، لكنه محدِّث، وهذا غاية الجهل؛ لأنه قد خرَّجَ اختيارات بناها على الأحاديث بناء لا يعرفه أكثرُهم، وخرَّج من دقيق الفقه ما لا تراه لأحد منهم وذكر مسائل من كلام أحمد، وقال: إن أكثر العلماء يقولون: أصلي: أصلُ أحمد، وفرعي: فرع فلان، فحسبُك بمن ترضى به الأصول قدوة.
وكان يقول: هذا المذهب إنما ظلمه أصحابه؛ لأن أصحاب أبي حنيفة والشافعي إذا برع واحد منهم في العلم، تولى القضاء وغيرَه من الولايات، فكانت الولاية سببًا لتدريسه واشتغاله بالعلم، وأما أصحاب أحمد، فإنه قلَّ فيهم من يعلق بطرف من العلم إلا ويخرجه ذلك إلى التعبد والتزهد؛ لغلبة الخير على القوم، فينقطعون عن التشاغل بالعلم.