الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤمنين، وبارك لهما في الدنيا والدين، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.
542 - خليفةُ العصر، وتاجُ هامة الفخر، الرئيسُ البطلُ الأعظم، لأعلى طبقات من كواكب الهند، أهلُ بيتنا "نواب شاه جهان بيكم" والية "بهوبال" المحمية، وحاميةُ حوزتها السنية - حفظها الله وسلَّم
-.
أصلها من قوم أفغان، وهم من نسل العمالقة عند التحقيق والإتقان، من أولاد الضحاك التازي، ولدت (1) في قلعة إسلام نكر، موضع بقرب بهوبال - على ثلاث فراسخ منها - سنة 1254، ونشأت في حجر أمها الكريمة "نواب سكندر بيكم" المرحومةِ، يتيمةً، ووليت الرياسة مرتين، فهي صاحبة القِرَان، مرة من جهة الأب، وأخرى من جهة الأم.
ومنحت الرئاسة أمها المتوفاة في سنة 1285 - وهي عام سفري إلى الحجاز -، وتزوجتْ بامرأين، آخرُهما كاتب هذا الأحرف، و {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الإسراء: 58]. ووقع تزوجي هذا إياها في سنة 1288، باطلاع ملكة إِنكلند (2) ومالكتها المخاطبة: بقيصر الهند، على مرأى من أعيان الحكام، ومسمع من الأمراء الكرام، وجاء هذا الزواج (3) بما يلزمه من رفعة المراتب، وترقي المدارج المعمولة في الديار الرئاسية (4)، والممالك الدولية؛ من الخطاب الرفيع، والإقطاع الكبير، ودفع المدافع عند الإيراد والإصدار، وتسليم العساكر والجيوش والجنود الكبار، إلى غير ذلك مما يعرف ويعمل في زمرة الرؤساء، وعصابة الملوك والأمراء.
وقد قرأتْ - حفظها الله تعالى - القرآن الكريم مع الترجمة بلسانها، وهي على
(1) وتوفيت - رحمها الله - بعد وفاة زوجها، وهو مؤلف هذا الكتاب، سنة (1319 هـ 1901 م)، وسنها إذ ذاك 65 سنة، ومدة حكمها 34 سنة.
(2)
إنكلند: إنكلترا.
(3)
ولم تكن لهما ذرية بهذا الزواج.
(4)
أي: الدولة.
طرف بنانها حفظًا، وقرأتْ علي:"مشكاة المصابيح"، و"مشارق الأنوار"، و"بلوغ المرام" في علم الحديث، وكتبت بيدها الشريفة: كتاب "تقوية الإيمان"، و"ضمان الفردوس"، ونظرت في رسائل ومسائل من فقه السنة المطهرة، وجمعت رسالة في بعض المسائل.
وهي تصلي الصلاة بجماعة النساء في مسجد البيت، وتُكثر من الصوم، والذكر، وقراءة "الحزب الأعظم"، و"حصن الحصين" - زاد الله أهل الرئاسة وذوي الدولة بأمثالها، ويرزقهم العبرة بأحوالها -.
وقد حررتُ لها ترجمة حسنة في أكثر مؤلفاتي، وأوردتُ أشعارها الفارسية في "تذكرتي"، ولها ديوان الشعر بالهندي، فمن شاء زيادة الاطلاع على محاسنها، ومكارمها ومناصب جودها وسخائها، وآثارها الحسنة المتزايدة كل حين من عمارة المساجد، والمدارس، والحدائق، والآبار، وجمع الفضلاء وأهل الآثار، فليرجع إليها، وهي إلى حال تحرير هذه الأحرف - حفظها الله - على حالتها الجميلة، ولها من حسن الخَلق والخُلق، ولطف الطبع، وكرم الشيم، ورفعة الهمة، ومحاضرة الجواب والشجاعة، والود للعلماء العاملين بالكتاب والسنة، وفصاحة اللسان، وقوة الجَنان، وسرعةِ الإدراك ما لا يُعبر عنه وصف، ولا يأتي عليه حصر، وكم من قصائدَ فرائدَ نظمها أدباءُ الزمان وبلغاءُ العصر من بلاد شتى باللسانين العربي والفارسي، بل بالهندي أيضًا، حتى اجتمع منها مؤلف كبير.
وجاء إليها مثال "السلطان عبد الحميد خان"، ملك قسطنطينية، مع النشان (1) الرفيع من الدرجة الأولى، وفيه الثناء عليها، والشكر لها على إعانة الجرحى والمرضى في حرب الروس، وكذلك جاء إلينا ذلك النشان من الدرجة المجيدي مع المثال السلطاني.
وأما ما تختص به من المدارج العليا، الحاصلةِ لها من جهة الدولة البريطانية ومليكتِها، فهي أزيدُ وأكثرُ من أن تُستوفى، وكذلك خيراتُها وصدقاتُها على
(1) النشان: هو النيشان؛ أي: الوسام.
ساكني الحرمين الشريفين، وعلى غيرهم من أهل العجم والعرب من المسافرين والواردين إليها، والصادرين عنها، مع إخراج الزكاة المفروضة بالحساب الصحيح - مع كونها كثيرة - تزيد على آلاف في كل عام، وعلى لكوك (1) في أعوام، وقد أعانت جرحى الروم ومرضاهم في حرب الروس بمئتي ألف ربية من الخزانة العامرة، وبخمسين ألفًا من خزانة بيتها، وقد شاركتُها في هذا الأمر بخمس وعشرين ألف ربية من خزانتي، وهي - حفظها الله تعالى - من أكثر النساء صلةً للأرحام، وإن كانوا من الجهلة الطغام، والأوغادِ اللئام.
ودولتُها هذه تليها النساء من أربعة أصلاب، وكانت كل واحدة منهن على مزاج خاص بها، ولا يخلو الزمان من العجائب، ونوع الإنسان من الطرائف والغرائب، والسبب في ذلك: أن رجال الدولة لا يكاد يصلحون لإقامة الأمور السياسية، وتنظيمات الدولية الرئاسية؛ لجهلهم عن العلم، وخوضهم فيما لا يعني، وفرارِهم عن تحصيل المَلَكات الشريفة، والنساءُ لهنَّ إلمامٌ بالدولة وأحوالها، وبجمع أهل الفضل واللياقة، وأصحاب الرأي لنظمها ونسقها، وسماعة لإغاثة اللهفان، وإعانة الولهان، وإيصال الحقوق إلى أهلها، وكفِّ أيدي الظَّلَمة عن المظلومين، ونظارة المداخل والمخارج، وهمة في إتقان الرتق والفتق، حتى جمعت رئيستنا هذه - حفظها الله - كتابًا في السياسة الدولية، سمتها:"التنظيمات الشاه جهانية" أكثرُ ضوابط هذا الكتاب، توافقُ الشرع المستطاب.
فخواتين هذه الدولة هن القائماتُ منذ زمن كثير، وعصر مديد بالرئاسة، وإن كن احتجن في تمشية الأمور المالية والملكية إلى أرباب الحل والعقد، ومن يتحمل عنهن أعباء ذلك، وهم ملازمو هذه الرئاسة [الدولة] العلية من أبناء بلاد شتى، ولهم وظائف معلومة، وخدمات مختصة، وولايات متشخصة يؤدونها على القانون الرئاسي، والطريق السياسي - الجاريين في هذا القطر، وقد قضت للقاضي والمفتي بالقضاء والفتيا في قضاياهم وفتاواهم بما يوافق الكتاب
(1) لكوك جمع اللك، واللك: مئة ألف.
والسنة، ولا يخالفهما، وتعمل بنفسها الشريفة بالدليل، ولا تقلد أحدًا من أصحاب القال والقيل، بل تسأل في كل مسألة في العبادة والمعاملة ثبتًا بالأدلة، وتلك خصيصة خصها الله تعالى بها من بين الرؤساء والملوك، ولا يُعلم نظيرُها في هذه المماشاة والسلوك - فتح الله عليها أبواب العلم والنعم، وحفظها عن كل رزية وبلية ونقم -، ع: وهذا دعاء للبرية شامل.
543 -
أبو الطيب، صديقُ بنُ حسن بنِ عليِّ بنِ لطفِ الله الحسينيُّ، البخاريُّ، القنوجيُّ، نزيلُ "بهوبال"، وجامعُ هذا القيل والقال (1) عفا الله عن معاصيه، وجعل مستقبله خيرًا من ماضيه -.
نسبه ينتهي إلى الإمام الشهيد حسين السِّبط الأصغرِ بنِ عليِّ بن أبي طالب - كرم الله وجهه -
ولد سنة 1248، يوم الأحد، لعله التاسع عشر من شهر جمادى الأولى (2).
نشأ بموطنه بلدة "قنوج" وهي من أسن [أقدم] بلاد الهند وأعظمها، ذكرت ترجمتها [تاريخها] في "حظيرة القدس"، و"رياض المرتاض".
وذكرها العلامة المَجْدُ في "القاموس"، وشارحُه السيد المرتضى في "تاج العروس".
وبالجملة: قرأ صاحبُ الترجمة القرآنَ على معلمي بلده، والمختصرات من فنون شتى على جماعة من أعيان نواحيها، وعلماء ضواحيها، و"مختصر المعاني" على أخيه المرحوم السيد العلامة أحمد بن حسن، المتخلص (3) بالعرشي، المالك لأَزمة المنطوق والمفهوم - رحمه الحيُّ القيوم -، ثم ارتحل إلى مدينة "دهلي" قاعدة المملكة الهندية، ودار خلافتها السنية، فلقي بها عصابة
(1) أي: "التاج المكلل".
(2)
توفي رحمه الله ليلة الخميس 29 جمادى الثانية سنة (1307 هجرية، الموافقة 20 فبراير سنة 1890 ميلادية)، وسنه إذ ذاك 59 سنة و3 أشهر. ودفن ببهوبال. ويوجد من أحفاده وأسباطه الآن، بعضهم مقيم في الهند، وبعضهم مقيم في باكستان.
(3)
أي: اللقب.
من العلماء، ودار على جماعة من مشايخها النبلاء، فقرأ سائر الفنون من العقليات والنقليات والأدب والعربية، وأخذ هناك من فاضلها الفهامة، المشهور بالشيخ المفتي محمد صدر الدين خان صدرِ الصدور، تلميذ أبناء مسند الوقت الشيخِ الأجلِّ أحمدَ وليِّ الله، المحدِّثِ الدهلويِّ المبرور، وأجازه إجازة عامة تامة للعلوم كلها، عقليِّها ونقليِّها.
ثم عاد إلى "قنوج" وسافر إلى "بهوبال" طلبًا للمعيشة، فأخذ ها هنا عن الشيخِ القاضي حسين بن محسن السبيعي، وأخيه المرحوم الشيخ زين العابدين، تلميذي الشيخ محمد بن ناصر الحازمي الشريف، الآخذِ عن العلامة الشوكاني، ودرَّس قليلاً، وصنف كثيرًا، أحاط بالفنون المتداولة وغيرها من الشاذة الفاذة علمًا، وحصل منها على قسط أوفر، ونصيبٍ أجمع، وأجاز له مشايخُ آخرون، منهم: الشيخُ المُعَمَّرُ عبدُ الحق الهنديُّ، المتوفى بمنى في سفر الحج، في سنة 1286، المجازُ عن الإمام الرباني قاضي القضاة محمد بن علي الشوكاني اليماني رضي الله عنه مواجهةً ومشافهةً في بلده صنعاء اليمن، والشيخُ الصالحُ محمد يعقوب الدهلويِّ، أخو الشيخ محمد إسحاق، المهاجران إلى مكة المكرمة، المتوفَّيان بها، سبطا الشيخ المفسر العلامة، المحدث عبد العزيز الدهلوي بن الشيخ أحمد وليِّ الله.
وكنتُ كثير الاشتغال بمطالعة الكتب وكتابة الصحف من أيام كوني في المكتب، فطالعتُ زبرًا عديدة، وبيناتٍ كثيرة، وكتبًا غزيرة، وأسفارًا غريبة وشهيرة من كل فن ملائم، وعلم أجنبي، وحصلت منها على فوائد شتى، لا تكاد تنحصر في: إلى، وحتى، وألفت في زمان الطلب رسائلَ ومسائل، وحررتُ تراجم كثيرة لكتب الدين باللسانَين.
وأولُ ما صنفت: "ترجمة المراح في التصريف"، وذلك في سنة 1270، ثم تتابعت التواليف، وبلغت إلى حال تحرير هذا الكتاب تسعةً وخمسين مؤلفًا (1)
(1) حسب ما ذكر، أن جميع مؤلفاته عددها 222 منها العربية 54، والفارسية 42، وأردوية 107، ولم يحصر على العدد الصحيح.
ما بين مطوَّل منها ومختصر، عربيًا وفارسيًا، وطُبعت واشتُهرت. وحُبِّبَ إليَّ علمُ الأدب والعربية والشعر، والتاريخ والتصوف، ونفرَ الطبعُ الكليلُ والخاطر العليل عن معقولات الفن نفرةً زائدة، مع كوني محصلًا لها بتمامها، وعَوَّض الله سبحانه عنها علمَ الكتاب والسنة، وما إليهما، فاشتغلت به شغلة لم تترك لغيرها موقعًا، ولا لعلم من علوم الدنيا وفنون أهلها مسرحًا ومنزعًا، حتى أخرجت مؤلفات زمان الطلب الأول عن عداد التآليف، وجعلت مكانها مصنفات الحديث والقرآن، وهي ممتعة نافعة شائعة مقبولة عند أولي الطبع اللطيف، ولله الحمد على ذلك. وقد ذكرت ما قرأت من الكتب، وما كتبت، وما صنفت، وما ألفت من المصنفات المختصرة والمطولة في تراجمي في غير هذا الكتاب جملةً وتفصيلًا، وألحقتُ جدول ذلك في خاتمة كتاب "حضرات التجلي من نفحات التحلي والتخلي" تكميلًا.
وقد سارت بها الركبان في حياتي إلى أقصى المدائن والبلاد، وأكبَّ عليها جماعة عظيمة من علماء العصر والزمان، وعصابة كبيرة من أمثال الفضلاء والأقران، أصحاب الحديث والقرآن، والأدب والبيان، وقَرَّظَ عليها جمعٌ جَمٌّ من فضلاء العصر، وطائفة عظيمة من نبلاء الدهر، إلا من حسد، وطُبع على اللَّدَد. وانتشرت تلك الدفاتر بعد الطبع الجميل، والتشكيل الجليل، في بلاد الهند وبهوبال المحمية، ومصر القاهرة، وقسطنطينية، إلى الحرمين الشريفين - زاد الله شرفهما -، وإلى البلاد الحجازية كلِّها من أبي عريش، وصنعاء اليمن، وزَبيد، وبيت الفقيه، وحُديدة، وعدن، ومراوعة، وبغداد، ومصر، والشام، والإسكندرية، وتونس، وبيروت، وإسلامبول، والقدس، والجزائر، وبلغار، وقازان، وجميع بلاد الترك، والفرس؛ كأصفهان، وطهران، وإيران، وغير ذلك، وأخذ [ها] الملوك والأمراء والرؤساء والوزراء، والعلماء الموجودون الآن في حدود تلك البلدان على أيدي العظمة والإجلال والقبول والإقبال، وعرفها كل إنسان، ووردت بذلك كتب ومَهارق جَمَّةٌ من فضلاء الأعصار والأمصار، حتى اجتمع شيء واسع من ذلك عندي، وجمعَ منها العلامةُ سليم فارس أفندي بنِ أحمد فارس - صاحب "الجاسوس" مدير "الجوائب" كتابًا لطيفًا
يختص بالتقاريظ، وسماه:"قرة الأعيان ومسرة الأذهان"، ونشرها في البلاد، ووزعها على العلماء الأمجاد، وترجم له بعض العلماء المرحومين، وسماه:"قطر الصَّيِّب في ترجمة الإمام أبي الطَّيِّب".
وورد في تاريخنا هذا - وهو غرة ربيع الآخر من شهور سنة 1298 - كتابٌ من مدير الجوائب، يطلب منا تلك الخطوط للطبع على هيئة الكتاب، وكل ذلك نعمة جليلة من الله الكريم الوهاب، وسعادة فخيمة قلَّ مَنْ يظفر بها من أهل العلم وأصحاب الألباب، {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11]. وإن كنت أنا عندَ نفسي أحقرَ من كل حقير، وأحوجَ إلى عف ربه وصونِه وعونِه من كل فقير، ولستُ بأهل لبعض ذلك، فضلاً عن كله، ولكن النعم الربانية تُلحق السافل بالعالي، وتُلصق الخالي بالمالي، وتحيي العظمَ البالي، وفضلُه سبحانه واسع، وعطاؤه جَمٌّ لا يبالي.
وإني - مع انجماعي عن الناس، وعدم المبالاة بسفهائهم والأكياس - تعتريني عداوة الحساد، وتعترضني بغضاؤهم من غير وجه يُراد، وأنا في غفلة من ذلك، وذهولٍ وجهلٍ عَمَّا هنالك، ولكن الله سبحانه يحفظني في كل حين وأوان من سوء إرادات هؤلاء، ويصونني بمحض رحمته وعفوه عن جملة الابتلاء والمحن، إذا لم تؤثر، فهي من الله إحسان، وأيُّ إحسان، لا أحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيت على نفسك، يا رحيم يا رحمن، اللهم إن أعدائي بلغوا من عداوتهم لي غاية، وإن حُسَّادي بالغوا في أذاي إلى نهاية، وإني لا أقدر على دفعهم عني، ولا أهتدي إلى الصون منهم سبيلًا، وأنت تعلم عجزي وضعفي، فكنتَ أنتَ الرقيبَ عليهم، فعوضني رغمًا لأنوفهم جميلًا، واحفظني عن شرورهم بما تحفظ به عبادك الصالحين، واجعل لي لسانَ صدقٍ في الآخرين، ولا تَكِلْني إلى نفسي طرفةَ عين، وأصلحْ لي شأني كُلَّه يا أرحم الراحمين، فإني برحمتك أستغيث - يا حيُّ يا قيوم، وليس لي ملاذ ولا منجًى ولا مفزع ولا مهرب ولا مأوى غيرك عند أحد كان في هند أو في روم.
هذا، وإني منذ استسعدت بمدارك علوم الحديث والقرآن، واختصصت
بخدمتهما الشريفة من بين الأقران والأعيان، واجتهدت رأيي في العمل بالدليل، وتركت التقليد في جانب، لما أنه مجرد قال وقيل، وأخرجت كتبَ الرأي والفروع من بيتي، وشحنت عوضها داري بالكتب من دواوين السنة وشروحها وحواشيها، وكتب الأصول، والتفسير، والأدب، والسلوك، والتاريخ، وما إليها؛ مما يعينني على تلك المقاصد الحسنة.
وقد صرتُ - بحمد الله تعالى - بقلبي منجمعًا عن بني الدنيا وأهلها وفقهائها، وأحببتُ بصميم جَناني وقوةِ إيماني العزلةَ والاستغناء عن أمرائها ورؤسائها، ولم أقف قَطُّ على باب أمير ولا فقير لغرض من الأغراض، ولا لعَرَض من الأعراض، بل اشتغلتُ في جميع أوقاتي - مذ شعرت - بالعلم تصنيفًا وتأليفًا، وبكتبه تصحيحًا وتنقيحًا، مؤثِرًا للأدلة على الآراء، ومختارًا للحديث على الأهواء.
يا حَبَّذا عِلْمُ الحديثِ، فإنَّه
…
علمٌ يؤيِّدُ مُحْكَمَ القرآنِ
علمٌ به نطقَ النبيُّ وخَصَّهُ
…
بالفضلِ "أحمدُ" ناسخُ الأديانِ
يَشْفي القلوبَ بنوره وبيانِه
…
وبدرسِه ويزيدُ في الإيمان
لا تَعْدِلَنَّ إلى سِواهُ فإنَّه
…
كهفُ الهُدى وسفينةُ الطُّوفانِ
وإذا تقابَلَتِ الخصومُ فإنَّه
…
سيفٌ يفلِّقُ هامَةَ الطُّغيانِ
وقد مَنَّ الله سبحانه - وله عليَّ المنةُ - بتيسير الكتب الحديثية السلفية، مما لم يكن بحساب، حتى وصل إلي في شهري هذا - صفر من شهور سنة 1298 - من مكة المكرمة - زاد شرفها - كتابُ "بلوغ المرام من أدلة الأحكام"، عليه قراءة جمع جم من حفاظ الإسلام والعلماء الأعلام، منهم: الشيخ العلامة يوسفُ بنُ شاهين قطلوبغا، سبطُ الحافظ ابن حجر، والشيخُ الحافظ عبدُ الباسط كاتبُه، وغيرهما، وقد كتب على هامش الجزء الثاني منه ما لفظه: نقلته من خط الحافظ ابن حجر رضي الله عنه، وهؤلاء الجماعة قد قرؤوه على شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، تلميذِ المؤلف رضي الله عنهم أجمعين -.
وكذلك وصل معه كتاب "تعجيل المنفعة برجال الأربعة"؛ يعني: "الموطأ"،
و"مسند الإمام الشافعي"، و"مسند الإمام أحمد"، و"المسند" الذي خرجه الحسين بن محمد بن خسرو من حديث الإمام أبي حنيفة - رحمهم الله تعالى -. وقد قوبل على نسخة كانت بقلم الحافظ السخاوي تلميذِ المؤلف، والسخاويُّ قرأه على شيخه الحافظِ ابن حجر، فلله الحمد على ذلك.
وكلَّ حين يُمدني ربي سبحانه وتعالى، بأمثال هذا الإمداد، ويسوق إليّ بكرمه ومنّه ما لا يأتي عليه الحصر والتَّعداد من صنوف النعم، والتفضل والجود؛ رحمة منه واسعة على عبده وابنِ أمتِه مرغمًا للحسود، ويحفظني من الأعداء ومكارِهِ الزمان، ويشملُني بأنواع من الصون والعون والإحسان؛ {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 77]، وهو حسبي وكفى من شرورهم في الدنيا والدين.
هذا، ولما امتطيت مطية الهمم، ووجَّهْتُ وجهَ عزمي إلى قبلة الأمم، ورعيتُ بالأحداق حدائقَ تلك المسارح، وقد سالت بأعناقِ المطايا الأباطح، لم أزلْ أدأبُ في التسيار، إلى أن نفضت عن مناكب المحن غبارَ الأسفار، فنزلتُ بجوار بيت الله الحرام، وتطيبتُ بمِسْكِ ترابِ الحطيمِ والمَقام، وأنا "أبو الطيب" المستهام، وقلت:
بمكةَ لي غَناءٌ ليس يَفْنَى
…
جوارُ الله والبيتُ المُعَظَّم
ففيها كيمياءُ سعادةٍ، قد
…
ظفرتُ بها من الحَجَرِ المُكَرَّم
فلما أفضت من تلك المناسِكِ بتلك البقاع، طُفْتُ بها بل بالمسرة طوافَ الوداع، وخرجتُ من أحبِّ البلاد، والله لا يدعو إلى داره إلا مَنِ استخلصَه من العباد.
وما دَرَى البيتُ أَنِّي بعدَ فُرْقَتِه
…
ما سرتُ من حَرَمٍ، إلا إلى حَرَمِ
قاصدًا مسجدَ طيبةَ المطيبة، واردًا مواردَ آمالي المستعذبة، شعر:
وقد قيلَ في زُرْقِ العيونِ شآمَةً
…
وعنديَ أَنَّ اليُمْنَ في عينِها الزَّرقا
إلى أن لمعت أنوارُ الهدى من سماء العلا وقباب الحِمى.
لِمَهْبِطِ الوَحْي حَقًّا تُرْحَلُ النُّجُبُ
…
وعندَ هذا المُرَجَّى ينتهي الطَّلَبُ
فنزلتُ أعتنق الأَراك مسلِّمًا، وكدتُ أَلثم أخفافَ الرواحل، إذا وصلتني إلى أعذب المناهل.
فإذا المَطِيُّ بِنا بَلَغْنَ مُحَمَّدًا
…
فَظُهورُهُنَّ على الرجالِ حَرامُ
قَرَّبْنَنا من خيرِ مَنْ وَطِىءَ الثَّرَى
…
فَلَها علينا حُرْمَةٌ وذِمامُ
فَحَلَلْتُ في أرفَعْ مَقامٍ تُفا
…
خِرُ فيها الرؤوسَ الأقدامُ
فنزَّهْتُ عيونَ أملي في روضةٍ ذاتِ أنوار، وعلمت - وهي من رياض الجنة - أني لا أدخل بعدَها النار، وأنا الآن منتظر لألطاف ربي، وهو في كل الأمور حسبي، أن يعدني لجواره، واجتلاء نور حبيبه ومختاره، به إليه متوسلًا، وفي نيل رجائي متوكلاً.
ثم إني لم أمدح في عمري هذا أحدًا من الأمراء طمعًا في صلته وملازمته كما هي عادة الشعراء، وإنما نظمت الشعر العربيَّ والفارسي، إذا طاب الوقت، وطاب الهواء.
وغالب نظيمي في التحريض على اتباع الكتاب والسنة؛ لأنهما يكشفان عن كل مدلهمة ودُجُنَّة، وفي ذم التقليد المشؤوم، والابتداع المذموم.
حَسْبي بِسُنَّةِ أحمدٍ مُتَمَسَّكًا
…
عن كلِّ قولٍ في الجدالِ مُلَفَّقٍ
أَوْرِدْ أدلتها على أهلِ الهَوَى
…
إن شئتَ أن تلهو بلحيةِ أَحْمَقٍ
واتْرُكْ مقالًا حادِثًا مُتَجَدِّدًا
…
من مُحْدِثٍ مُتَشَدِّقٍ مُتَفَيْهِقِ
ودعِ اللطيفَ وما بهِ قَدْ لَفَّقُوا
…
فهو الكثيفُ لدى الخبيرِ المُتَّقي
ودعِ الملقبَ حكمةً فحكيمُها
…
أبدًا إلى طُرُقِ الضَّلالَةِ يَرْتقي
قدْ جاءَ عن خيرِ البريةِ "أحمدٍ"
…
أَنَّ البلاءَ مُوَكَّلٌ بالمَنْطِقِ
واللهِ! ما كانَ الجدالُ بعصرِهِ
…
في رُبى "بدرٍ" ولا في "خَنْدَقِ"
وأنا راغبٌ في مجالسة أهل العلم والأدب، ومذاكرتِهم وملاقاتِهم، ومَنْ بآدابهم تأدَّبَ وتدرَّب. وابتُليت بقَدَر الله وقضائه، بفصل الخصومات، وسماع
المنازعات، وإصدار الأحكامات، وإيراد المثالات، من غير اقتراح مني ولا اختيار، ولا بد واقع ما قضى الرحمن من الأقضية والأقدار، ومع ذلك لم أدعْ جهدي الاشتغالَ بالعلم، وإن كان اشتغالي الآن بالنسبة إلى ما كان كلا شيء. وكان ابتلائي هذا بذاك، وأنا بين الثلاثين والأربعين من العمر المستعار، ووجدت علماء عصرنا هذا من أهل الهند، اتخذوا علومَ الفلسفة وفنونَ يونان، وهم معرِضون عن الاشتغال بالحديث والقرآن. ورأيت من بينهم أقربَ إلى الدين واتباع سنة سيد المرسلين، قومًا ينتسبون إلى إرادة السيد أحمد البريلوي من مريدي الشيخ العلامة عبد العزيز المحدِّث الدهلوي، فإنهم على هدى مستقيم، وطريق قويم، وهَدى الله بهم طوائف كثيرة، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، ولكن الآن اكثرُهم درجوا في خبر كان، وذهب ما كان بهم من العمل والعلم والكمال، وعاد إلى بقيتهم النقصان، ولله الأمر من قبلُ ومن بعدُ، وهو المستعان في كل آن.
وكذلك آلَ حالُ الزمان في مدائنَ أخرى من البلاد الإسلامية، التي كانت ديار العلم وبقاعَها؛ فإن قُصارى هممِ علمائها الجمودُ على التقليد، والاشتغال بعلوم الأوائل من أهل يونان، وفلسفتهم المبنية على خطوات الشيطان، وعدم الالتفات إلى علوم الحديث والقرآن، مع تعصب كثير لأحبارهم الرهبان، ورَدًّ وتعقُّبِ وجَرْحٍ وقَدْحٍ على الأكابر والأعيان، ومكابرةٍ وتعسُّفٍ وحسدٍ وبغضٍ وحقدٍ مع أهل الحق والإيقان، وأصحابِ الإيمان والإحسان، وهذا لا شك من أشراط الساعة الكبرى.
وكذلك صار حال أهل الدول الإسلامية، وأولي الأمر وولاة العصر في هذا الزمان؛ فإنهم كلَّهم - إلا ما شاء الله تعالى - سفهاء، وحُمقاء العقول لا عقلَ لهم، ولا دينَ ولا فكرةَ في أمر دنياهم، ولا عبرةَ من حال الآخرة، لا يفقهون حديثًا، ولا يفهمون شيئًا، ولا يهتدون سبيلاً، حتى صاروا لُكَعَ بنَ لُكَعَ، وعادُوا لا يعرفون الوِتْرَ من الشفع، والجهلُ أحبُّ إليهم من العلم بكثير، وهم عن أهل العلم على مد [ى] بعيد ومسير كبير. ومع ذلك يرون أنفسَهم أعقلَ أهلِ زمانهم،
وينظرون إلى كل أحدٍ بعين الازدراء، وفي ذلك عبرة للمعتبرين، وعظة بليغة لأهل الدين، وإنما العاقبة للمتقين.
والذي غمني أني ظهرتُ في زمان خلا عن وجود العلم والعلماء، وبرزت في أناس هم الأوغاد والسفهاء، وولدت في عصر طغى فيه أهل البدع على أهل الاتباع، وخفي فيه أصحاب الفضائل والكمال، ومن كان منهم نادرًا فله الصداع، وجئت في دهر غلبَ على أهله حبُّ المال على الكمال، وفاق شرُّه على خيره بلا احتيال، وطُمِس فيه أعلامُ الدول الإسلامية، وظهر فيه راياتُ الفرق الكفرية، وكلَّ حين يزدادُ ذلك قوةً ورفعة، ويندرس معه الإسلام وأهله.
والله أعلم ماذا يكون فيما يُستقبل من الزمان، وإلى ما يرجع مآلُ نوع الإنسان، فقد بَعُد عهدُ النبوة، وظهرت الفتن، وعَمَّت المحن، وذهبت الفتوة والمنن، وأطلق أفراخُ الفلسفة وأوساخُ الدهرية ألسنتَهم طعنًا في الدين، وهضمًا للمسلمين، وفشا الكذب، وأُشرب في قلوب الخلق حُبُّ العجل، ترى الناسَ زِيُّهم زِيُّ الأحبّاء، وهم ببواطنهم أعدى الَأعداء، ميلُهم في تكثير المآكل والمشارب، والملابس والمراكب والمساكن، والمتنزهات وتحسينها فوقَ ميلهم إلى تحصيل العلم وكسبِ الفضائل والكمالات، إلى أن رفضوا ما كان عليه سلفُهم، وأئمةُ خلفهم من العضِّ بالنواجذ على الدين، والاعتصامِ بمشاعر الإسلام، وشعائرِ الإيمان، وتكميلِ منازل الإحسان، وهدايةِ الجيران، وإصلاحِ ذاتِ بَيْنِ الإخوان، بإيثار أوامرِ المِلَّة ونواهيها، وإحكام أحكامِ النِّحْلة وغاياتها ومباديها، والاهتمام في محوِ آثار الظلام، المؤديةِ إلى ذِلَّة وقِلَّة وعِلَّة.
وقد استعبد ولاةُ الزمان هؤلاء كلِّهم، حتى صاروا كالأرقاء لهم والمملوكين، لا يقدرون على شيء من مخالفتهم وخلافِهم، في أيِّ أمرٍ من أمور الدنيا والدين، وقد أظلَّ زمانٌ لم يبق فيه لمؤمن بالغيب وباليوم الآخر، مقر يقرُّ فيه، ومفرٌّ يفر إليه، ومأمنٌ يأمَنُ فيه، ومعوَّلٌ يعوِّلُ عليه.
حتى مكةُ والمدينة، فإن فيهما من المحن لمن يعمل بالأدلة، ولا يقول بتقليد الضالة المضلَّة ما لا يقدر قدره، بل هي فيهما زيادة على غيرهما من البلاد
الهندية؛ فإنها - مع كونها بأيدي البريطانية - آمنة مطمئنة لقوم مسلمين. وسمعت أن الحال هكذا في سائر بلاد المغرب من ممالك الشام والروم وسائر أقطار الأريسيين؛ فإن المُتَّبِعَ للسنن، والعاملَ بالدليل، والمتمسكَ بالحديث، والمعتصمَ بالكتاب، والتاركَ للتقليد، لا يستطيع أن يُقيم أو يقومَ بين أظهرهم، ويفوهَ وينطقَ ويُفْصِحَ بما يجب عليه من أمرهم ونهيهم.
ولا بد للهجرة من دار إلى دار من الأمان، والأمنُ قد ارتفع في هذا الزمان من كل مكان، وقد بلغني عن بعض الرواة الثقات: أن بعض مَنْ بمكة من الفقهاء الهندية يفتي بقتل العَمَلَة بالأدلةِ والفَعَلَة للسنة، ويقول: يُقتل هؤلاء سياسة، وهذا من الجهل والظلم والضلالة بمكان لا يخفى، ولا ينطق به لسانُ أحد من له أدني حظ من علم، فضلًا عمن يعرف الشرع ويتلَبَّسُ به، وإنما يقول به وبمثله ونحوِه مَنْ أعمى اللهُ بصرَ بصيرته، وذهبَ بنور الإسلام من قلبه وقالبه بِرُمَّته.
ويا لله العجب! يُقتل الرجلُ، يقولُ: ربي الله، ونبيي محمد، وديني الإسلام، ويُهدر دمُه المعصوم، ولا يُسفك دمُ من يقلد الآراء، ويتبع الأهواء، ويُحْدِث المُحْدَثات، ويجتهد في البدعات، ويجدِّد المهلكات، ويحبُّ الدنيا، يؤثرها على الآخرة، ويدعُ الدين، ويَذَرُ سنة سيدِ المرسلين، ويحطُّ على أهل الكتاب والسنة، ويحمي حِمَى الضلالة والبدعة، ويحرِّضُ الحكامَ على أذى المُتَّبِعين، ويكذب عندهم بما يسوّل له الشياطين، فإلى الله المشتكى .... ثم إلى الله المشتكى .... وعلى الجملة: فزمانُنا الحاضر زمانُ شَرًّ وشرُّ زمان، ومكانُنا الموجود أضرُّ مكان وأسوأُ ديار الإمكان، فأين المفر، وقد علم الله سبحانه وتعالى ما صارت إليه الحال، وآل إليه المآل؟! شعر:
والعَفْوُ يُرْجَى من بَني آدم
…
فكيفَ لا يُرْجَى مِنَ الرَّبِّ
فإنَّه أَرْأَفُ بِي منهمُ
…
حَسْبي بِه حَسْبِي به حَسْبي
وإني الآن أسألُ الله العظيم الذي لا إله إلا هو ربَّ العرش العظيم، أَنْ يُحسن ختامي، ويُنيلني من خيرَي الدنيا والآخرة مَرامي، ويسددني في الأقوال والأفعال والأحوال كلها، ويحفظَني عن الشرور وأهلها، دِقِّها وجِلِّها، وينزع حُبَّ الدنيا
وأبنائها من قلبي وفؤادي وجَناني، ويُخرجه من صميم خَلَدي، وقَعْرِ صدري، وعُقْدَةِ لساني حتى أنظرَ إلى الحقيقة، وأفوزَ بمعارف العرفاء بنيل دقائقِ الطريقة.
أنا راضٍ بما قضى
…
واقف تحت حكمه
سائل أن أفوز بالـ
…
خيرِ من حُسْنِ خَتْمِه
{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19] وأسألك اللهم العفو والعافية في الدنيا والدين.
وأقول: اللهمَّ أحسنْ عاقبَتنا في الأمور كُلِّها، وأجِرْنا من خزيِ الدنيا وعذابِ الآخرة، {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلامِ على عبده ورسوله محمد خاتمِ النبيين، وشفيعِ المذنبين، وآلهِ وصحبِه الأكرمين، ما ذَرَّ شارِق، ولمعَ بارِق.
***