الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحديث خلق كثير، وروى عنه الدبيتي، وابن النجار، والضياء، وابن الصيرفي، وبالإجازة جماعة، منهم: الكمال البزار.
توفي سنة 616. وعن ابن عمر قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من نزعَ يدًا من طاعة إمام، لقيَ الله عز وجل ليست له حجة، ومن ماتَ مفارقًا للجماعة، مات ميتةَ الجاهلية" رواه ابن رجب بسنده عنه متصلاً، وذكر عنه فوائد في "طبقاته".
236 - محمد بن عبد الله بنِ الحسين السامريُّ، يعرف بابن سنينة
.
ولد سنة 535، برع في الفقه والفرائض، وولي القضاء بسامرة. وتوفي سنة 616، وفي كتابه "المستوعب والفروق" فوائدُ جليلة، ومسائل غريبة.
قال ابن رجب: رأيتُ لابن الوليد المحدث إليه رسالة يعاتبه فيها على قوله: إن أحاديث الصفات لا تقبل؛ لكونها أخبارًا آحادًا، وبسط القول في ذلك على طريقة أهل الحديث، وملأها بالأحاديث والآثار المسندة.
237 - نصر بن محمد بنِ علي، أبو الفتوح بن الخضري، الحافظُ، المحدثُ، الزاهدُ، الأديبُ، يلقب: برهان الدين، نزيلُ مكة، وأمام حطيم الحنابلة
.
ولد سنة 536. قرأ القرآن، وسمع الحديث الكثير من أبي الوقت وطبقته، وعني بهذا الشأن، وقرأ بنفسه، وكتب بخطه الكثير، ولم يزل يسمع ويقرأ ويفيد إلى أن علت سنه. أثنى عليه ابن الدبيتي، وابن نقطة، وقال ابن النجار: كان حافظًا حجة نبيلاً، جمَّ الفضائل، كثيرَ المحفوظ، من أعلام الدين، وأئمة المسلمين، قال أبو المظفر: سمعت منه بمكة - في المسجد الحرام -، وكان محدثًا حافظًا عابدًا، قال: إن سماعه ظهر، ولا أعلم أحدًا قال ذلك غيره، توفي سنة 619 - رحمه الله تعالى -.
238 - عبد الله بن محمد بنِ أحمدَ بنِ قدامةَ، المقدسيُّ، شيخُ الإسلام، وأحدُ الأعلام
.
ولد سنة 541. قرأ القرآن، واشتغل وسمع، وقرأ عليه جماعة، وانتفع بعلمه طائفة كثيرة.
وكان كثير الحياء، عزوفًا عن الدنيا وأهلها، هينًا بينًا متواضعًا، محبًا للمساكين، من رآه، كأنما رأى بعض الصحابة، وكان كامل العقل، شديد التثبت، دائمَ السكوت، نزهًا ورعًا، عابدًا على قانون السلف، على وجهه النورُ، وعليه الوقار والهيبة، ينتفع الرجل برؤيته قبل أن يسمع كلامه. صنف التصانيف، قصده التلامذة والأصحاب، وسار اسمه في البلاد، واشتهر ذكره، وكان حسنَ المعرفة بالحديث، وله يدٌ في علم العربية.
قال عمر بن الحاجب الحافظ في "معجمه": هو إمام الأئمة، ومفتي الأمة، خصه الله بالفضل الوافر، والخاطر الماطر، والعلم الكامل، فأما الحديث، فهو سابق فرسانه، وأما الفقه، فهو فارس ميدانه. وقال أبو شامة: كان شيخ الحنابلة، إمامًا من أئمة المسلمين، وعلمًا من أعلام الدين، سمعت عليه أشياء، ومن أظرف ما حُكي لي عنه: أنه كان يجعل في عمامته ورقة مصرورة فيها رمل يرمل به ما يكتبه للناس من الإجازات وغيرها، أثنى عليه الحافظ الضياء، وأفرد سيرته، وكذلك الذهبيُّ، وقال الضياء: كان إمامًا في القرآن وتفسيره، وفي الحديث ومشكلاته. قال إمام بن غنيمة: ما أعرف أحدًا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق - يعني: المترجم له -، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما أنعم الله على عبد نعمةً أفضلَ من أن يُلهمه ذكره"، فقد ثبت بهذا أن إلهام الذكر أفضلُ من الكرامات، وأفضلُ الذكر ما يتعدى نفعُه إلى العباد، وهو تعليم العلم والسنة، وأعظمُ من ذلك ما كان جِبِلَّة وطبعًا؛ كالعلم والكرم والعقل والحياء.
وكان لا يكاد يناظر أحدًا إلا وهو متبسم، حتى قال بعض الناس: هذا الشيخ يقتل خصمه بتبسمه، ومن كراماته: ما حكاه سبط ابن الجوزي، قال: قلت في نفسي: لو كان لي قدرة، لبنيت للموفق مدرسة، وأعطيته كل يوم ألف درهم، قال: فجئت بعد أيام، فسلمت عليه، فنظر إليّ وتبسم، وقال: إذا نوى شخص نية، كُتب له أجرُها.
وذكر له ابن رجب كرامات أخرى، ثم ذكر تصانيفه، وقال: تصانيفه في
أصول الدين في غاية الحسن، أكثرُها على طريقة أئمة المحدثين، مشحونة بالأحاديث والآثار بالأسانيد كما هي طريقة الإمام أحمد وأئمة الحديث، ولم يكن يرى الخوض مع المتكلمين في دقائق الكلام، ولو كان بالرد عليهم، وهذه طريقة أحمد والمتقدمين، وكان كثيرَ المتابعة للمنقول في باب الأصول وغيره، لا يرى إطلاق ما لم يؤثر من العبارات، ويأمر بالإقرار والإمرار لما جاء في الكتاب والسنة - من الصفات - من غير تفسير ولا تكييف، ولا تمثيل ولا تحريف، ولا تأويل ولا تعطيل.
ومن تصانيفه: "البرهان في مسألة القرآن"، و"مسألة العلو"، و"ذم التأويل" و"رسالة إلى الشيخ العالم فخر الدين بن تيمية" في تخليد أهل البدع في النار، و"مسألة في تحريم النظر في كتب أهل الكلام"، و"مختصر العلل" في فن الحديث، و"المغني" في الفقه، و"ذم الوسواس"، و"الروضة" في أصول الفقه، و"كتاب المتحابين في الله".
قال الشيخ عز الدين: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثلَ "المحلى" و"المجلى" من ابن العربي، وكتاب "المغني" للشيخ موفق الدين بن قدامة، في جودتهما، وتحقيق ما فيهما. وأيضًا قال: لم تطب نفسي في الفتيا حتى صار عندي نسخة "المغني" وقال ابن رجب: كتاب "المغني" عظم النفعُ به، وكثر الثناء عليه، وذكر من شعر ابن قدامة شيئًا كثيرًا، وقال: تفقه عليه خلق كثير، وسمع منه الحديث خلائقُ من الأئمة والحفاظ وغيرهم، وروى عنه الضياء والمنذري.
توفي رحمه الله سنة 620. حكى إسماعيل الكاتب قال: رأيت ليلة عيد الفطر كأن مصحف عثمان قد رُفع من جامع دمشق إلى السماء، فلحقني غم شديد، فتوفي الموفق يوم العيد. ورأى آخر ملائكة ينزلون من السماء، فقال: ما هذا؟ قالوا: ينقلون الموفق لطيبه من الجسد الطيب. وقال آخر: رأيت كأن النبي صلى الله عليه وسلم مات، فوصل الخبر بموت الموفق. وذكر ابن رجب نبذًا من فتاواه في "طبقاته".