الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن أعرف انتسابه - أعجبُ من ذلك؛ لكونه على غير مذهبهم، فلما وقفت على نسبه، علمت أنه استروح إلى ذكر مناقب سلفه. ووُجد بخطه أن تصانيفه زادت على مئتي مجلد.
وكان متبحرًا في التاريخ على اختلاف أنواعه، ومؤلفاته تشهد له بذلك - كان جحده السخاوي - فذلك دأبه في غالب أعيان معاصريه، مات في سنة 845، انتهى.
375 - وفي "البدر الطالع" في ترجمة أحمد بن محمد بن المصري المعروف بابن الرفعة:
ولد في سنة 645، وتوفي في سنة 710.
وكان قد ندب لمناظرة ابن تيمية، فسئل ابن تيمية عنه بعد ذلك، فقال: رأيت شيخًا تتقاطر فروع الشافعية من لحيته، هكذا ذكر ابن حجر في "الدرر الكامنة"، وندبُ مثلِ صاحب الترجمة لمناظرة ابن تيمية لا يفعله إلا من لا يفهم ولا يدري مقادير العلماء؛ فابن تيمية هو ذاك الإمام المتبحر في جميع المعارف على اختلاف أنواعها، وأين يقع صاحبُ الترجمة منه؟ وماذا عساه يفعل في مناظرته؟ اللهم، إلا أن تكون المناظرة بينهما في فقه الشافعية، فصاحبُ الترجمة أهلٌ للمناظرة، وأما فيما عدا ذلك، فلا يقابل ابن تيمية بمثله إلا من لا يفهم، ولعل النادب له بعضُ أولئك الأمراء الذين كانوا يشتغلون بما لا يعنيهم من أمر العلماء؛ كسالار، وبيبرس، وأضرابهما، ولا ريب أن صاحب الترجمة غير مدفوع عن تقدمه في معرفة فقه الشافعية، ولكن لا مدخل للمناظرة بين مجتهد ومقلد، انتهى.
376 - قال في "البدر الطالع" في ترجمة الفناري محمد بن محمد، أو محمد بن حمزة بن محمد
.
ولد في صفر سنة 751، وهو مصنف "فصول البدائع في أصول الشرائع"، جمع فيه "المنار"، و"اليزدوي"، و"محصل الإمام الرازي"، و"مختصر ابن الحاجب"، وغير ذلك، وأقام في عمله ثلاثين سنة، وهو من أجلِّ الكتب
الأصولية، وأنفعِها، وأكثرِها فوائد، وله رسالة أتى فيها بمسائل من مئة فن، وتكلم فيها على مسائل مشكلة، وسماها:"أنموذج العلوم (1) " انتهى. قال: وقد انتفع بعلمه الطلبة في بلاد الروم، مع اشتغاله بالقضاء، وكان له جلالة وأبهة؛ بحيث إن عبيده لا يكادون يحصون، منهم اثنا عشر، يلبسون الثياب الفاخرة النفيسة، وله جوارٍ عدة، منهن أربعون يلبسن القلانس الذهبية، ومع ذلك كان متزهدًا في ملبوسه على زي الصوفية، وكان يقول إذا عوتب في ذلك: إن ثيابي وطعامي من كسب يدي، ولا يفي كسبي بأحسن من ذلك، وخلَّفَ ثروة عظيمة فيها من الكتب نحو عشرة آلاف، ومن تصلُّبه في الدين وتثبته في القضاء: أنه رد شهادة سلطان الروم في قضية، فسأله السلطان عن سبب ذلك، فقال: إنك تارك للجماعة، فبنى السلطان قدام قصره جامعًا، وعين لنفسه فيه موضعًا، ولم يترك الجماعة بعد ذلك، فلله درُّ هذا العالم الصادع بالحق، مع ما هو فيه من التقلب في نعمة سلطانه، وربَّ عالمٍ لا يقدر على الكلمة الواحدة في الحق لمن عليه أدنى نعمة مخافة من زوالها، بل ربَّ عالمٍ يمنعه رجاءُ العطية ونيل الرتبة السنية عن تكلم بالحق، ولم يكن بيده إلا مجرد الأماني الأشعبية، ورحم الله هذا السلطان! الذي سمع الحق، فاتبع، ولم تصده سَوْرَة الملك، وما هو فيه من السلطان الذي كاد يطبق الأرض، وهذا السلطان المرحوم هو: السلطان با يزيد بن مراد. وقد كان ضعف بصره - يعني: بصر الفناري -، فشفي، فحج شكرًا لله - الحجة الأخرى - ويروى في سبب عمى المترجَم له: أنه لما سمع أن الأرض لا تأكل لحوم العلماء العاملين، نبش قبر أستاذه علاء الدين الأسود؛ ليتحقق ذلك، فوجده كما وضع، مع أنه قد مر عليه زمان طويل، فسمع عند ذلك صوتًا يقول: هل صدقتَ أعمى الله بصرك؟ وقد ترجمه السخاوي ترجمة مختصرة، وكان يستحق التطويل، ولعل عذره في ذلك بعد الديار - والله أعلم - انتهى. توفي في سنة 822.
(1) لمؤلف "التاج المكلل" كتاب سماه: "أبجد العلوم" هو في علوم شتى يحتوي على أربع مئة وستة عشر علمًا.