الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان في الحديث وأسماء رجاله والتاريخ من الحفاظ المشهورين، والنبلاء المذكورين، وصنف كتابًا جعله ذيلًا على تاريخ أبي سعد عبد الكريم بن السمعاني الحافظ المقدم المذيل على "تاريخ بغداد" للخطيب، وذكر فيه ما لم يذكره السمعاني ممن أغفله، وما أقصر فيه، وهو في ثلاث مجلدات، وصنف تاريخًا لواسط، وصنف غير ذلك، ذكره ابن المستوفي في "تاريخ أربل"، ولم يزل على اجتهاده وتعليقه إلى أن توفي.
ولد سنة ثمان وخمسين وخمس مئة بواسط، وتوفي سنة 637 ببغداد رحمه الله.
والدبيتي: نسبة إلى دبيتا، وهي قرية بنواحي واسط، وأصله من كنجه، وقدم جده من دبيتا، وسكن واسط، وبها توالدوا.
112 - أبو الحسين، مسلمُ بنُ الحَجَّاج بنِ مسلم، القُشيريُّ، النيسابوريُّ
.
صاحبُ "الصحيح"، أحدُ الأئمة الحفاظ، وأعلام المحدثين.
رحل إلى الحجاز والعراق والشام ومصر، وسمع يحيى بن يحيى النيسابوري، وأحمد بن حنبل، وإسحقَ بنَ راهويه، وعبد الله بن مسلمة القعنبيَّ، وغيرَهم، وقدم بغداد غير مرة، فروى عنه أهلها، وآخر قدومه إليها في سنة 259، وروى عنه الترمذي، وكان من الثقات.
وقال محمد الماسرجسيُّ: سمعت مسلمَ بنَ الحجاج يقول: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاث مئة ألف حديث مسموعة. وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم في علم الحديث.
وقال الخطيب البغدادي: كان مسلم يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي بسببه، وقال أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ: لما استوطن البخاري نيسابور، أكثر مسلم من الاختلاف إليه، فلما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري ما وقع في مسألة اللفظ، ونادى عليه، ومنع الناس من الاختلاف إليه حتى هجر، وخرج من نيسابور في تلك المحنة، وقطعه
أكثر الناس غير مسلم؛ فإنه لم يتخلف عن زيارته، فأُنهي إلى محمد بن يحيى أن مسلم بن الحجاج على مذهبه قديمًا وحديثًا، وأنه عوتب على ذلك بالحجاز والعراق، ولم يرجع عنه، فلما كان يوم مجلس محمد بن يحيى، قال في آخر مجلسه - إلا من قال - باللفظ: فلا يحل أن يحضر مجلسنا.
فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته، وقام على رؤوس الناس، وخرج من مجلسه، وجمع كلَّ ما كتب منه، وبعث به على ظهر حَمَّال إلى باب محمد بن يحيى، فاستحكمت بذلك الوحشة، وتخلف عنه وعن زيارته.
وتوفي مسلمٌ المذكور عشيةَ يوم الأحد، ودُفن بنصر آباد ظاهرَ نيسابور يوم الاثنين لخمس، وقيل: لست بقين من شهر رجب الفرد سنة 261 بنيسابور، وعمره خمس وخمسون سنة، هكذا وجدته في بعض الكتب، ولم أر أحدًا من الحفاظ ضبط مولده، ولا تقدير عمره، وأَجمعوا على أنه ولد بعد المئتين.
قال ابن خلكان: وكان شيخنا تقي الدين أبو عمرو عثمان المعروف بابن الصلاح يذكر مولده، وغالب ظني أنه قال: سنة 202، ثم كشفت ما قاله ابن الصلاح، فإذا هو في سنة 206، نقل ذلك من كتاب "علماء الأمصار" تصنيف الحاكم أبي عبد الله بن البيع النيسابوري الحافظ.
ووقفت على الكتاب الذي نقل منه، وملكت النسخة التي نقل منها أيضًا، وكانت ملكه، وبيعت في تركته، ووصلتْ إليَّ وملكتُها، وصورة ما قاله: إن مسلم بن الحجاج توفي بنيسابور لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنة 261، وهو ابن خمس وخمسين سنة، فتكون ولادته في سنة 206، والله أعلم.
وأما محمد بن يحيى المذكور، فهو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد ابن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري، وكان أحد الحفاظ الأعيان، روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه القزويني، وكان ثقة مأمونًا، وكان سبب الوحشة بينه وبين البخاري: أنه لما دخل البخاري مدينة نيسابور، شغب عليه محمد بن يحيى في مسألة خلق اللفظ، وكان قد سمع منه، فلم يمكنه تركُ الرواية عنه، وروى عنه في الصوم،