الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد صلوة الظهر، بمقبرة ابن عباس - بالقرب من قبر يحيى بن يحيى - رحمه الله تعالى -.
20 - أَبو عمرو، خليفة بن خياط بن أبي هبيرة، خليفة بن خياط الشيباني العصفري البصري، المعروف بشباب صاحب "الطبقات
".
كان حافظًا عارفًا بالتواريخ وأيام الناس، غزير الفضل.
روى عنه: محمد بن إسماعيل البخاري في "صحيحه"، و"تاريخه"، وعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل، وأبو يعلى الموصلي، والحسن بن سفيان النسري في آخرين، وروى هو: عن سفيان بن عيينة، وأبي داود الطيالسي، ودرست بن حمزة، وتلك الطبقة.
توفي في شهر رمضان سنة 230، وقال الحافظ ابن عساكر - في "معجم مشايخ الأئمة الستة": إنه توفي سنة 240، وقيل: سنة 246 رحمه الله والعُصْفُري - بالضم -: نسبة إلى العُصفر الذي يُصبغ به الثياب حمرًا، وشباب: اختلفوا في تلقيبه بذلك لأي معنى هو.
21 - أَبو سليمان، داود بن علي بن خلف الأصبهاني، الإمام المشهور المعروف بالظاهري
.
كان زاهدًا متقللًا، كثيرَ الورع.
أخذ العلم عن إسحق بن راهويه، وأبي ثور، وغيرهما، وكان من أكثر الناس تعصبًا للإمام الشافعي، وصنف في فضائله والثناء عليه كتابين، وكان صاحب مذهب مستقل، وتبعه جمع كثير يعرفون بالظاهرية، وكان ولده أَبو بكر محمدٌ على مذهبه، وانتهت إليه رياسة العلم ببغداد، وهو إمام أصحاب الظاهر.
قال أَبو عبد الله المحاملي: صليت صلاة عيد الفطر في جامع المدينة، وقلت: أدخل على داودَ بن عليٍّ فأهنئه، فجئته، وإذا بين يديه طبق فيه أوراق هندبا، وعصارة فيها نخالة، وهو يأكل - فهنأته، وعجبت من حاله، ورأيتُ أن جميع ما في الدنيا ليس بشيء، فخرجتُ من عنده، ودخلت على رجل من محبي
الصَّنيعة، يقال له: الجرجاني، فخرج إليَّ حاسر الرأس حافيَ القدمين، وقال لي: ما عنى القاضي؟ قلت: مهم، قال: ما هو؟ قال: في جوارك داود بن علي، ومكانه من العلم ما تعلمه، وأنت كثيرُ الصلة والرغبة في الخير تغفل عنه، وحدثته بما رأيت، فقال: داودُ شرسُ الخلق، وجهتُ إليه البارحة بألف درهم ليستعين بها، فردها عليّ، وقال للغلام: قل له: بأي عين رأيتني؟ وما الذي بلغك من حاجتي وخُلَّتي حتى بعثت إليّ بهذا؟ فعجبتُ، وقلتُ له: هات الدراهم، فإني أحملها إليه، فدفعها إليّ، وقال للغلام: ائتني بكيس آخر، فوزن ألفًا أخرى، وقال: تلك لنا، وهذه لعناية القاضي، فأخذت له الألفين وجئت إليه، فقرعت الباب، ودخلتُ، وجلستُ ساعة، ثم أخرجت الدراهم، وجعلتها بين يديه، فقال: هذا جزاء من ائتمنك على سره، أنا بأمانة العلم، أدخلتك إليّ، ارجع فلا حاجة لي فيما معك، قال المحاملي: فرجعتُ وقد صَغُرَتِ الدنيا في عيني، وأخبرت الجُرجَاني، فقال: إني قد أخرجت هذه الدراهم لله تعالى، فلا ترجع في مالي، فليتولَّ القاضي إخراجَها في أهل البِرِّ والعفاف.
قيل إنه كان يحضر مجلسه كل يوم: أربعُ مئة صاحب طيلسان أخضر.
قال داود: حضر مجلسي يومًا أَبو يعقوب الشريطي، وكان من أهل البصرة، وعليه خرقتان، فتصدَّر لنفسه من غير أن يرفعه أحد، وجلس إلى جانبي، وقال لي: سلْ يا فتى عمَّا بدا لك، فكأني غضبتُ منه، فقلتُ له مستهزئًا: أسألك عن الحجامة؟ فبرك أَبو يعقوب، ثم روى طريق:"أفطر الحاجم والمحجوم"، ومن أرسلَه ومن أسندَه، ومن وقفه، ومن ذهب إليه من الفقهاء، وروى اختلاف طريق احتجام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإعطاء الحجام أجره، ولو كان حرامًا لم يعطه، ثم روى طرق:"أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بقرن"، وذكر أحاديث صحيحة في الحجامة، ثم ذكر الأحاديث المتوسطة، مثل "ما مررت بملأ من الملائكة"، ومثل:"شفاء أمتي في ثلاث"، - وما أشبه ذلك، وذكر الأحاديث الضعيفة، مثل: قوله عليه السلام: "لا تحتجموا يوم كذا، ولا ساعة كذا"، ثم ذكر ما ذهب إليه أهلُ الطبِّ من الحجامة في كل زمان، وما ذكروه فيها، ثم ختم كلامه - بأن قال: وأول ما خرجتِ الحجامةُ من أصبهان، فقلت له: واللهِ! لا حقرتُ بعدَك أحدًا أبدًا.