الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان من العارفين بهذا الشأن. قال أبو شامة: كان عالمًا بالحديث، وكان للقاضي ابن شداد له غلو في إعلاء مذهب الشافعي، فرأى في منامه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسألته: أي المذاهب خير؟ ثم كتم جوابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الناصح: الظاهر أنه أشار إلى مذهب أحمد، ولو كان الجواب: مذهب الشافعي، لأظهره؛ لأنه كان داعية إليه. مال إلى الحنابلة، وأجلس الصريفينيَّ في دار الحديث، وقال: ندمت إذ وسمتُها بالشافعية. توفي سنة 641.
248 - عبد الله بن محمد بن الوكيل، البغداديُّ، الحافظُ، المحدثُ
.
أحدُ من عُني بالحديث، وسمع الكثير من الرهاوي وغيره. وكان حافظًا مفيدًا مشهورًا بسرعة القراءة وجودتها، جمع وحدَّث وأجاز، له رسالة إلى السامري - صاحب "المستوعب" - ينكر عليه فيها تأويله لبعض الصفات، وقوله: إن الأخبار الآحاد لا تثبتُ بها الصفات. توفي رح سنة 643، ودفن خلف بشر الحافي.
249 - عبد الله بن محمد بنِ أحمدَ بنِ قدامةَ المقدسيّ
.
ولد سنة 578 بدمشق، وسمع بها من جماعة؛ وببغداد من ابن الجوزي، وحدَّث، أثنى عليه جماعة من الحفاظ والفقهاء، توفي سنة 643. ذكر ابن رجب في ترجمته: أن القاضي نجم الدين قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام - في صورة أخي موسى -، قال: وكان أثر ذلك أن تحول إلى حالة عظيمة في الخير والزهد وترك الدنيا، انتهى.
قلت: ورأيت: - أنا - رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في صورة رجل صالح عامل بالحديث، فكان هذا المنام سببَ اشتغالي بعلم الحديث ومحبته - ولله الحمد -، حتى آل الأمر الآن إلى ما آل، والله أعلم بحقيقة الحال.
250 - محمد بن عبد الواحد بنِ أحمدَ، المقدسيُّ، الحافظُ، الكبيرُ، ضياءُ الدين، محدِّثُ عصره، وشهرته تغني عن الإطناب في ذكرها، والاسهاب في أمره
.
ولد سنة 569، سمع ببغداد الكثير من ابن الجوزي وطبقته، ورحل مرتين
إلى أصبهان، وسمع بها ما لا يوصف كثرة؛ وكتب بخطه الكثير من الكتب الكبار وغيرها، ويقال: إنه كتب [عن] أزيدَ من خمس مئة شيخ، وحصَّل أصولاً كثيرة، وأقام بهراةَ ومرو مدةً، وله إجازة من السِّلفي. قال ابن النجار: كتبتُ عنه، وهو حافظ متقن ثبت ثقة صدوق، نبيل حجة، عالم بالحديث وأحوال الرجال، له مجموعات وتخريجات، وهو محتاط في أكل الحلال، مجاهد في سبيل الله، ولَعمري! ما رأت عيناي مثله.
أثنى عليه جمع جم من الحفاظ، منهم: عمر بن الحاجب، قال: رأيت جماعة من المحدثين ذكروه، فأطنبوا في حقه، ومدحوه بالحفظ والزهد، ومنهم: البرزالي، وابن النابلسي، والصريفيني. ونقل الذهبي عن المزي: أنه قال: كان أعلم بالحديث والرجال من الحافظ عبد الغني، ولم يكن في وقته مثله. وقال الذهبي: الإمامُ العالمُ الحافظُ، محدث الشام، شيخ السنة، ضياءُ الدين، صنف وصحَّح، ولَيَّنَ ورجَّح وعدَّل، وكان الرجوع إليه في هذا الشأن.
وقال الشريف أبو العباس: كان أحدَ أئمة هذا الشأن، عارفًا بالرجال وأحوالهم، والحديث صحيحِه وسقيمِه، انتهى. بنى مدرسة للمحدِّثين، والغرباء الواردين مع الفقر والقلة، ويعمل فيها بنفسه، ولم يقبل من أحد فيها شيئًا، ومناقبه أكثر من أن تحصر.
ومن مؤلفاته: كتاب "الأحاديث المختارة". قال ابن رجب: وهي الأحاديث التي يصلح أن يحتج بها سوى ما في "الصحيحين"، خرجها من مسموعاته، كتب منها تسعين جزءًا ولم تكمل. قال بعض الأئمة: هي خير من "صحيح الحاكم"، وله كتاب "مناقب أصحاب الحديث" أربعة أجزاء، وأطراف الموضوعات لابن الجوزي، وجزء في الاستدراك على الحافظ عبد الغني، وجزء "الأمر باتباع السنن واجتناب البدع"، إلى غير ذلك مما لا يحصى، توفي رحمه الله سنة 643، ودفن بسفح قاسيون.