الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمن صلَّى عليك وحضرَ جنازتك، ولم يلبث الرائي أن مات، وفي "شرح المناوي" في ترجمت ما لفظه: ابنُ رسلان رأس الصوفية المتشرعة في وقته. ولد برملة فلسطين سنة 773، ونشأ بها، ثم رحل لأخذ العلوم، فسمع الحديث على جمع، وسلك طريق الصوفية القديم، وجدَّ واجتهد حتى صار منارًا يهتدي به السالكون، وإمامًا يقتدي به الناسكون، غُرِسَتْ محبته في أفئدة الناس، فأثمر له ذلك الغراس، وكان أعظم أهل عصره اتَّباعًا للسنة النبوية، واقتفاء الآثار المصطفوية، فكان يراعي ذلك حسب الأمكان في دقيق الأمور وجليلها، يؤاخذ نفسه بفاضل الأقوال والأعمال دون مفضولها، أوقاته موزَّعة على أنواع العبادة؛ ما بين قيام وصيام وتأليف وإفادة، فمن تآليفه:"نظم أنواع علوم القرآن"، و"شرح البخاري"، و"شرح سنن أبي داود"، و"شرح أذكار النووي"، و"شرح جمع الجوامع"، و"شرح ألفية العراقي"، وانتقل لبيت المقدس إلى أن مات به في سنة 844، وله كرامات ظاهرة حصلت عند أهل الرملة والقدس وما حولهما، وتواترت - رحمه الله تعالى -، انتهى.
384 - الحافظ ابن حجر العسقلاني: هو أحمدُ بنُ عليَّ بنِ محمدٍ، شهابُ الدين، المصريُّ، الشافعيُّ
.
قال سليم الخوري في "آثار الأدهار": وينعت بشيخ الإسلام، ولد بمصر سنة 774، ونشأ بها يتيمًا، وحفظ القرآن وهو ابن تسع سنين، وتفقه على الأنباسي، والبلقيني، ولازمهما مدة، واشتغل بالعلم وحصَّل، وارتحل إلى الشام والحجاز، فأخذ عن جماعة، ثم اقتصر على الحديث، وصنف كثيرًا، وله نظم جيدة، وخطب بليغة، انتهى. وذكر من تصانيفه شيئًا كثيرًا سمَّاها بأسمائها، قال: وتوفي بمصر سنة 852.
وقد ترجمه تلميذه السخاوي في كتاب سماه: "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر"، وترجمه البلقيني أيضًا في كتاب وقف عليه في حياته.
وقال المعلم بطرس البستاني في "دائرة المعارف": جدَّ في الفنون حتى بلغ الغاية، وعكف على الزين العراقي، وانتفع به، وأخذ عن الشيوخ، وأُذن له في
الإفتاء والتدريس، وتصدى لنشر الحديث، وقصر نفسه عليه مطالعةً وقراءة وإقراءً وتصنيفًا، وشهد له أعيان شيوخه بالحفظ، وزادت تصانيفه التي انتهى معظمها في فنون الحديث، وفنون الأدب، والفقه، وغير ذلك على مئة وخمسين تصنيفًا، ورزق فيها السعد والقبول، خصوصًا "فتح الباري في شرح البخاري" الذي لم يسبق لنظيره، وقد بيع بثلاث مئة دينار، وله النظم (1) البليغ الذي أفحم الشعراء، والخطب البليغة، انتهى.
قال الشوكاني في "البدر الطالع" في ترجمته: نقل عنه: أنه قال: لست راضيًا عن شيء من تصانيفي؛ لأني عملتها في ابتداء الأمر، ثم لم يتهيأ لي من يحررها معي سوى "شرح البخاري"، ومقدمته، و"المشتبه"، و"التهذيب"، و"لسان الميزان. وروي عنه في موضع آخر: أنه أثنى على "شرح البخاري"، و"التعليق" و"النخبة"، ولا ريب أن أجل مصنفاته "فتح الباري"، وكان تصنيفه على طريق الإملاء، ثم صار يكتب من خطه مداولة بين الطلبة شيئًا فشيئًا، والاجتماع في يوم من الأسبوع للمقابلة والمباحثة إلى أن انتهى في سنة 842، سوى ما ألحق فيه بعد ذلك، وقد سبقه إلى هذه التسمية شيخه صاحبُ "القاموس"؛ فإنه وجد له في أسماء مصنفاته أن من جملتها "فتح الباري في شرح صحيح البخاري"، وأنه كمل ربعه في عشرين مجلدًا، انتهى. ثم قال في "البدر الطالع": ولما كمل "شرح البخاري" تصنيفًا وقراءة، عمل مصنفُه - رحمه الله تعالى - وليمةً عظيمة، وقرأ المجلس الأخير، وجلس المصنف على الكرسي. قال تلميذه السخاوي: وكان يومًا مشهودًا لم يعهد أهل العصر مثله بمحضر من العلماء والقضاة والرؤساء والفضلاء، وقال الشعراء في ذلك فأكثروا، وفرق عليهم الذهب،
(1) له ديوان شعر، أبرزه الدكتور السيد أبو الفضل أستاذ اللغة العربية بالجامعة العثمانية، وسماه:"ديوان ابن حجر العسقلاني"، ونال شهادة الدكتوراه بحيدر أباد الهند، وطبعه بالطباعة العادية الحجرية سنة (1381 هـ 1962 م). والديوان المذكور يحتوي على 141، والملحقات 18 ص، وترجمة صاحب الديوان 6 ص، وأيضًا ترجمته باللغة الإنكليزية تحتوي على 46 ص.