الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن كلام أبي يوسف: العلمُ شيء لا يعطيك بعضَه حتى تعطيه كُلَّك، وأنت إذا أعطيته كلك من إعطائه البعضَ على غرور. وأخبار أبي يوسف كثيرة، وأكثر الناس من العلماء على تفضيله وتعظيمه. وقد نقل الخطيب البغدادي في "تاريخه الكبير" ألفاظًا عن عبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسن الدارقطني، وغيرهم ينبو السمع عنها، فتركت ذكرها، واللَّه أعلم بحاله.
وكانت ولادته سنة 113، وتوفي يوم الخميس أول وقت الظهر لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة 182 ببغداد. وولي القضاء سنة 166، ومات وهو على القضاء.
وأما ولدُه يوسف، فإنه كان قد نظر في الرأي، وفَقُهَ، وسمع الحديث من يونس بن أبي إسحق السَّبيعي، والسري بن يحيى، وغيرهما، وولي القضاء بالجانب الغربي من بغداد في حياة أبيه، وصلى بالناس الجمعة في مدينة منصور بأمر هارون الرشيد، ولم يزل على القضاء إلى أن مات في رجب سنة 192 ببغداد - رحمه الله تعالى -.
131 - أبو عوانة، يعقوبُ بنُ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ بنِ زيدٍ، النيسابوريُّ، ثم الإسفراييني الحافظُ
.
صاحبُ "المسند الصحيح" المخرج على كتاب مسلم بن الحجاج.
كان أبو عوانة أحد الحفاظ الجوَّادين، والمحدثين المكثرين، طاف الشام ومصر والبصرة والكوفة وواسط والحجاز والجزيرة واليمن وأصبهان والري وفارس.
قال الحافظ أبو القاسم المعروف بابن عساكر في "تاريخ دمشق": سمع أبو عوانة بدمشق يزيدَ بن محمد بن عبد الصمد، وإسماعيل بن محمد بن قيراط، وشعيب بن شعيب بن إسحق، وغيرهم، وبمصر يونس بن عبد الأعلى، وابن أخي وهب، والمزني، والربيع، ومحمدًا وسعدًا ابني عبد الحكم. وبالعراق سعدانَ بنَ نصر، والحسن الزعفراني، وعمر ابن شبة، وغيرهم،
وبخراسان محمد بن يحيى الذهلي، ومسلم بن الحجاج، ومحمد بن رجاء السندي، وغيرهم، وبالجزيرة عليَّ بن حرب وغيره.
وروى عنه: أبو بكر الإسماعيلي، وأحمد بن علي الرازي، وأبو علي الحسين بن علي، وأبو أحمد علي، وسليمان الطبراني، ومحمد بن يعقوب بن إسماعيل الحافظ، وأبو الوليد الفقيه، وابنه أبو مصعب محمدُ بن أبي عوانة. وحج خمس مرات، قال: وكنت بالمصيصة، فكتب إليَّ أخي محمد بن إسحاق، فكان في كتابه، شعر:
فإنْ نحنُ التقينا قبلَ موتٍ
…
شَفَينا النفسَ من مضضِ العِتابِ
وإن سبقتْ بنا أيدي المنايا
…
فكَمْ من غائب تحتَ الترابِ
وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو عوانة من علماء الحديث وأثباتهم، ومن الرحالة في أقطار الأرض لطلب الحديث.
توفي سنة 316، قال أبو القاسم بن عساكر: إن قبر أبي عوانة بأسفرايين مزارُ العالم، ومتبَّرك الخلق، وبجنب قبره قبر الراوية عنه أبي نعيم عبد الملك بن أبي الحسن الأزهر الأسفراييني في مشهد واحد داخل المدينة على يسار الداخل من باب نيسابور من أسفرايين، وقريب من مشهده مشهد الإمام الأستاذ أبي إسحاق الأسفراييني على يمين الداخل من نيسابور، وبجنب قبره قبر الأستاذ أبي منصور البغدادي الإمام الفقيه المتكلم صاحبه الصاحب بالجنب حيًا وميتًا، المتظاهرين لنصرة الدين بالحجج والبراهين، سمعت جدي الإمام عمرَ بنَ الصفار - رحمه الله تعالى - ونظر إلى القبور حول قبر الإمام الأستاذ أبي إسحاق، وأشار إلى المشهد، وقال: قد قيل: ها هنا من الأئمة والفقهاء على مذهب الإمام الشافعي أربعون إمامًا، كل واحد منهم لو تصرف في المذهب، وأفتى برأيه واجتهاده - يعني: على مذهب الشافعي - لكان حقيقًا بذلك، والعوام يتقربون إلى مشهد الأستاذ أبي إسحق أكثرَ مما يتقربون إلى أبي عوانة، وهم لا يعرفون قدرَ هذا الإمام الكبير المحدَّث أبي عوانة؛ لبعد العهد بوفاته، وقرب العهد بوفاة الأستاذ أبي إسحق، وأبو عوانة هو الذي أظهر لهم مذهب الإمام الشافعي -