الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وله ديوان شعر، وسمع بالبصرة من أبي العباس الأثرم، وأبي بكر الصولي، وطبقتهم، ونزل بغداد، وأقام بها، وحدث إلى حين وفاته، وكان سماعه صحيحًا، وكان أديبًا شاعرًا إخباريًا، وكان أول سماعه الحديث في سنة 333. وله أشياء فائقة.
كانت ولادته في سنة 327، وتوفي في سنة 384 ببغداد - رحمه اللَّه تعالى -.
78 - الإمام أبو عبد اللَّه، محمدُ بنُ إدريسَ بنِ العباسِ بنِ عثمانَ بنِ شافعِ بنِ السائبِ بنِ عبيدِ بنِ عبدِ يزيدَ بنِ هاشمِ بنِ المطلبِ بنِ عبد مناف، القريشيُّ، المطلبيُّ الشافعيُّ
.
يجتمع مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في عبدِ مناف المذكور، وباقي النسب إلى عدنان معروف، لقي جدُّه شافعٌ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو مترعرع.
وكان أبوه السائب صاحبَ راية بني هاشم يوم بدر، فأُسر، وفدى نفسه، ثم أسلم، فقيل له: لِمَ لم تسلمْ قبل أن تفدي نفسك؟ فقال: ما كنت أحرمُ المؤمنين مطمعًا لهم فِيَّ.
وكان الشافعي كثير المناقب، جمَّ المفاخر، منقطع القرين، اجتمعتْ فيه من العلوم بكتاب اللَّه وسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكلام الصحابة رضي الله عنهم وآثارهم، واختلاف أقاويل العلماء، وغير ذلك؛ من معرفة كلام العرب، واللغة والعربية، والشعر، حتى إن الأصمعي - مع جلالة قدره في هذا الشأن - قرأ عليه أشعارَ الهُذَليين ما لم يجتمع في غيره، حتى قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: ما عرفتُ ناسخَ الحديث من منسوخه حتى جالستُ الشافعي. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: ما رأيت رجلًا قط أكملَ من "الشافعي".
وقال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: أَيَّ رجل كان الشافعيُّ، سمعتك تكثر من الدعاء له؟ فقال: يا بني! كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للبدن، هل لهذين من خلف، أو عنهما من عِوَض؟
وقال أحمد: ما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي، وأستغفر له.
وقال يحيى بن معين: كان أحمد بن حنبل ينهانا عن الشافعي، ثم استقبلته يومًا والشافعيُّ راكبٌ بغلةً وهو يمشي خلفه، فقلت: يا أبا عبد اللَّه! تنهانا عنه، وتمشي خلفه؟! فقال: اسكت! لو لزمتَ البغلة لانتفعتُ.
وقال الشافعي: قدمت على مالك بن أنس، وقد حفظتُ "الموطأ"، فقال لي: أَحضرْ من يقرأ لك، فقلت: أنا قارىء، فقرأت عليه "الموطأ" حفظًا، فقال: إن يكُ أحدٌ يفلح، فهذا الغلام.
وكان سفيان بن عُيينة إذا جاءه شيء من التفسير أو الفتيا، التفت إلى الشافعي، فقال: سلوا هذا الغلام. وقال الحميدي: سمعت الزنجيَّ بنَ خالد - يعني: مسلمًا - يقول للشافعي: أَفتِ يا أبا عبد اللَّه! فقد واللَّه آنَ لك أن تفتي، وهو ابن خمس عشرة سنة.
وقال محفوظ بن أبي توبة البغدادي: رأيت أحمد بن حنبل عند الشافعي في المسجد الحرام، فقلت: يا أبا عبد اللَّه! هذا سفيان بن عُيينة في ناحية المسجد يحدث، فقال: إن هذا يفوت وذاك لا يفوت.
وقال أبو حسان الزيادي: ما رأيت محمدَ بنَ الحسن يعظِّم أحدًا من أهل العلم تعظيمَه للشافعي، ولقد جاءه يومًا، فلقيه وقد ركب محمد بن الحسن، فرجع إلى منزله، وخلا به يومه إلى الليل، ولم يأذن لأحد عليه.
والشافعي أول من تكلم في أصول الفقه، وهو الذي استنبطه. وقال أبو ثور: من زعم أنه رأى مثلَ محمد بن إدريس في علمه وفصاحته ومعرفته وثباته وتمكنه، فقد كذب، كان منقطع القرين في حياته، فلما مضى لسبيله، لم يعتض منه.
وقال أحمد بن حنبل: ما أحد ممن بيده محبرة أو ورق إلا وللشافعي في رقبته منة. وكان الزعفراني يقول: كان أصحاب الحديث رقودًا حتى جاء الشافعي فأيقظهم، فتيقظوا. ومن دعائه:"اللهمَّ يا لطيفُ أسألك اللطفَ فيما جرت به المقادير"، وهو مشهور بين العلماء بالإجابة، وهو مجرب، وفضائله أكثر من أن تعد.
ومولده سنة خمسين ومئة، وقد قيل: إنه ولد في اليوم الذي تُوفي فيه الإمام