الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
50 -
م - (2767) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. جميعا عن عبد الصمد بن عبد الوارث. أخبرنا همام.
حدثنا قتادة، بهذا الإسناد، نحو حديث عفان. وقال: عون بن عتبة.
51 -
(2767) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ. حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عمارة. حدثنا شداد، أبو طلحة الراسبي عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال "يجيء الناس يوم القيامة، ناس من المسلمين، بذنوب أمثال الجبال. فيغفرها الله لهم. ويضعها على اليهود والنصارى" فيما أحسب أنا. قال أبو روح: لا أدري ممن الشك.
قال أبو بردة: فحدثت به عمر بن عبد العزيز فقال: أبوك حدثك هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلت نعم.
52 -
(2768) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إبراهيم عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن صفوان بن محرز قال:
قال رجل لابن عمر: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ قال: سمعته يقول "يدني المؤمن يوم القيامة من ربه عز وجل. حتى يضع عليه كنفه. فيقرره بذنوبه. فيقول: هل تعرف؟ فيقول: أي رب! أعرف. قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم. فيعطى صحيفة حسناته. وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذي كذبوا على الله".
(كنفه) هو ستره و عفوه.
9 - باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه
53 -
(2769) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عبد الله بن عمرو بن سرح، مولى بني أمية. أخبرني ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب. قال:
ثم غَزَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ تبوك. وهو يريد الروم ونصارى العرب بالشام.
⦗ص: 2121⦘
قال ابن شهاب: فأخبرني عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ عبد الله بن كعب كان قائد كعب، من بنيه، حين عمي. قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. قال كعب بن مالك: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط. إلا في غزوة تبوك. غير أني قد تخلفت في غزوة بدر. ولم يعاتب أحدا تخلف عنه. إنما خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش. حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم، على غير ميعاد. ولقد شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة. حين تواثقنا على الإسلام. وما أحب أن لي بها مشهد بدر. وإن كانت بدر أذكر في الناس منها. وكان من خبري، حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في غزوة تبوك، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة. والله! ما جمعت قبلها راحلتين قط. حتى جمعتهما في تلك الغزوة. فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد. واستقبل سفرا بعيدا ومفازا. واستقبل عدوا كثيرا. فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم. فأخبرهم بوجههم الذي يريد. والمسلمون مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كثير. ولا يجمعهم كتاب حافظ (يريد، بذلك، الديوان). قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب، يظن أن ذلك
⦗ص: 2122⦘
سيخفى له، ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل. وغزا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الغزوة حين طابت الثمار والظلال. فأنا إليها أصعر. فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه. وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم. فأرجع ولم أقض شيئا. وأقول في نفسي: أنا قادر على ذلك، إذا أردت. فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد. فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه. ولم أقض من جهازي شيئا. ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا. فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو. فهممت أن أرتحل فأدركهم. فيا ليتني فعلت. ثم لم يقدر ذلك لي. فطفقت، إذا خرجت في الناس، بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحزنني أني لا أرى لي أسوة. إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق. أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء. ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوكا فقال، وهو جالس في القوم بتبوك "ما فعل كعب بن مالك؟ " قال رجل من بني سلمة: يا رسول الله! حبسه براده والنظر في عطفيه. فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت. والله! يا رسول الله! ما علمنا عليه إلا خيرا. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فبينما هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كن أبا خيثمة "، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري. وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون.
⦗ص: 2123⦘
فقال كعب بن مالك: فلما بلغني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك، حضرني بثي. فطفقت أتذكر الكذب وأقول: بم أخرج من سخطه غدا؟ وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي. فلما قيل لِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما، زاح عني الباطل. حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدا. فأجمعت صدقة. وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما. وكان، إذا قدم من سفر، بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين. ثم جلس للناس. فلما فعل ذلك جاءه المخلفون. فطفقوا يعتذرون إليه. ويحلفون له. وكانوا بضعة وثمانين رجلا. فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم. وبايعهم واستغفر لهم. ووكل سرائرهم إلى الله. حتى جئت. فلما سلمت، تبسم تبسم المغضب ثم قال "تعال" فجئت أمشي حتى جلست بين يديه. فقال لي "ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ " قال قلت: يا رسول الله! إني، والله! لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر. ولقد أعطيت جدلا. ولكني، والله! لقد علمت، لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني، ليوشكن الله أن يسخطك علي. ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه، إني لأرجو فيه عقبى الله. والله! ما كان لي عذر. والله! ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما هذا، فقد صدق. فقم حتى يقضي الله فيك" فقمت. وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني. فقالوا لي: والله! ما علمناك أذنبت ذنبا قبل هذا. لقد عجزت في أن
⦗ص: 2124⦘
لا تكون اعتذرت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بما اعتذر به إليه المخلفون. فقد كان كافيك ذنبك، استغفار رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَكَ.
قال: فوالله! ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فأكذب نفسي قال ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي من أحد؟ قالوا: نعم. لقيه معك رجلان. قالا مثل ما قلت. فقيل لهما مثل ما قيل لك. قال قلت: من هما؟ قالوا: مرارة بن ربيعة العامري، وهلال بن أمية الواقفي. قال فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة. قال فمضيت حين ذكروهما لي.
قال وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا، أيها الثلاثة، من بين من تخلف عنه. قال، فاجتنبنا الناس. وقال، تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض. فما هي بالأرض التي أعرف. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان. وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم. فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد. وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه، وهو في مجلسه بعد الصلاة. فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام، أم لا؟ ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر. فإذا أقبلت على صلاتي نظر
⦗ص: 2125⦘
إلي. وإذا التفت نحوه أعرض عني. حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي، وأحب الناس إلي. فسلمت عليه. فوالله! ما رد علي السلام. فقلت له: يا أبا قتادة! أنشدك بالله! هل تعلمن أني أحب الله رسوله؟ قال فسكت. فعدت فناشدته. فسكت فعدت فنا شدته. فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت، حتى تسورت الجدار. فبينا أنا أمشي في سوق المدينة، إذا نبطي من نبط أهل الشام، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة. يقول: من يدل على كعب بن مالك. قال فطفق الناس يشيرون له إلي. حتى جاءني فدفع إلي كتابا من ملك غسان. وكنت كاتبا. فقرأته فإذا فيه: أما بعد. فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك. ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة. فالحق بنا نواسك. قال فقلت، حين قرأتها: وهذه أيضا من البلاء. فتياممت بها التنور فسجرتها بها. حتى إذا مضت أربعون من الخمسين، واستلبث الوحي، إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك. قال فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا. بل اعتزلها. فلا تقربنها. قال فأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك. قال فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر. قال فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت له: يا رسول الله! إن هلال بن أمية شيخ ضائع
⦗ص: 2126⦘
ليس له خادم. فهل تكره أن أخدمه؟ قال "لا. ولكن لا يقربنك" فقالت: إنه، والله! ما به حركة إلى شئ. ووالله! ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان. إلى يومه هذا.
قال فقال لي بعض أهلي: لو اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في امرأتك؟ فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه. قال فقلت: لا استأذن فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب. قال فلبثت بذلك عشر ليال. فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهي عن كلامنا. قال ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة، على ظهر بيت من بيوتنا. فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا. قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع يقول، بأعلى صوته: يا كعب بن مالك! أبشر. قال فخررت ساجدا. وعرفت أن قد جاء فرج. قال فآذن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بتوبة الله علينا، حين صلى صلاة الفجر. فذهب الناس يبشروننا. فذهب قبل صاحبي مبشرون. وركض رجل إلي فرسا. وسعى ساع من أسلم قبلي. وأوفى الجبل. فكان الصوت أسرع من الفرس. فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني. فنزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته. والله! ما أملك غيرهما يومئذ. واستعرت ثوبين فلبستهما. فانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم. يتلقاني الناس فوجا فوجا، يهنئونني بالتوبة ويقولون: لتهنئك توبة الله عليك. حتى دخلت المسجد، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد، وحوله الناس. فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني. والله! ما قام رجل من المهاجرين غيره. قال فكان كعب لا ينساها لطلحة.
⦗ص: 2127⦘
قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وهو يبرق وجهه من السرور ويقول "أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك" قال فقلت: أمن عندك؟ يا رسول الله! أم من عند الله؟ فقال "لا. بل من عند الله" وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه. كأن وجهه قطعة قمر. قال وكنا نعرف ذلك. قال فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم. "فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "أمسك بعض مالك. فهو خير لك" قال فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر. قال وقلت: يا رسول الله! إن الله إنما أنجاني بالصدق. وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت. قال فوالله! ما علمت أن أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث، منذ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، أحسن مما أبلاني الله به. والله! ما تعمدت كذبة منذ قلت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إلى يومي هذا. وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي.
قال: فأنزل الله عز وجل: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم، إنه بهم رءوف رحيم* وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم} [9 /التوبة /117 و-118] حتى بلغ: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [9 /التوبة /119].
قال كعب: والله! ما أنعم الله علي من نعمة قط، بعد إذ هداني الله للإسلام، أعظم في نفسي، من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم. أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا. إن الله قال
⦗ص: 2128⦘
للذين كذبوا، حين أنزل الوحي، شر ما قال لأحد. وقال الله:{سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم، فأعرضوا عنهم، إنهم رجس، ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون* يحلفون لكم لترضوا عنهم، فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين} [9 /التوبة /95 و-96]. قال كعب: كنا خلفنا، أيها الثلاثة، عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له. فبايعهم واستغفر لهم. وأرجأ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا حتى قضى الله فيه. فبذلك قال الله عز وجل: وعلى الثلاثة الذين خلفوا. وليس الذي ذكر الله مما خلفنا، تخلفنا عن الغزو. وإنما هو تخليفه إيانا، وإرجاؤه أمرنا، عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه.
(ليلة العقبة) هي الليلة التي بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأنصار فيها على الإسلام. وأن يؤووه وينصروه. وهي العقبة التي في طرف منى، التي يضاف إليها جمرة العقبة. وكانت بيعة العقبة مرتين، في سنتين. في السنة الأولى كانوا اثني عشر، وفي الثانية سبعين. كلهم من الأنصار رضي الله عنهم. (تواثقنا على الإسلام) أي تبايعنا عليه وتعاهدنا. (وإن كانت بدر أذكر) أي أشهر عند الناس بالفضيلة. (ومفازا) أي برية طويلة قليلة الماء، يخاف فيها الهلاك. (فجلا للمسلمين أمرهم) أي كشفه وبينه وأوضحه. وعرفهم ذلك على وجهه من غير تورية. يقال: جلوت الشيء كشفته. (ليتأهبوا أهبة غزوهم) أي ليستعدوا بما يحتاجون إليه في سفرهم ذلك. (فأخبرهم بوجههم) أي بمقصدهم. (فقل رجل يريد أن يتغيب
…
الخ) قال القاضي: هكذا هو في جميع نسخ مسلم. وصوابه: إلا يظن أن ذلك سيخفى له. بزيادة إلا. وكذا رواه البخاري. (فأنا إليها أصعر) أي أميل. (وتفارط الغزو) أي تقدم الغزاة وسبقوا وفاتوا. (مغموصا عليه في النفاق) أي متهما به. (حتى بلغ تبوكا) هو في أكثر النسخ: تبوكا، بالنصب. وكذا هو في نسخ البخاري. وكأنه صرفها لإرادة الموقع، دون البقعة. (والنظر في عطفيه) أي جانبيه. وهو إشارة إلى إعجابه بنفسه ولباسه. (مبيضا) هو لابس البياض. ويقال: هم المبيضة والمسودة، أي لابسوا البياض والسواد. (يزول به السراب) أي يتحرك وينهض. والسراب هو ما يظهر للإنسان في الهواجر، في البراري، كأنه ماء. (كن أبا خيثمة) قيل: معناه أنت أبو خيثمة. قال ثعلب: العرب تقول: كن زيدا، أي أنت زيد. قال القاضي عياض: والأشبه عندي أن كن هنا للتحقق والوجود. أي لتوجد، يا هذا الشخص، أبا خيثمة حقيقة. وهذا الذي قاله القاضي هو الصواب. وهو معنى قول صاحب التحرير: تقديره اللهم اجعله أبا خيثمة. (لمزه المنافقون) أي عابوه واحتقروه. (توجه قافلا) أي راجعا. (حضرني بثي) هو أشد الحزن. (أظل قادما) أي أقبل ودنا قدومه كأنه ألقى علي ظله. (زاح) أي زال. (فأجمعت صدقة) أي عزمت عليه. يقال: أجمع أمره وعلى أمره، وعزم عليه، بمعنى. (أعطيت جدلا) أي فصاحة وقوة في الكلام وبراعة، بحيث أخرج عن عهدة ما ينسب إلي، إذا أردت. (ليوشكن) أي ليسرعن. (تجد علي فيه) أي تغضب. (إني لأرجو فيه عقبى الله) أي أن يعقبني خيرا، وأن يثيبني عليه. (يؤنبونني) أي يلومونني أشد اللوم. (العامري) هكذا هو في جميع نسخ مسلم: العامري. وأنكره العلماء وقالوا: هو غلط إنما صوابه العمري. من بني عمرو بن عوف. وكذا ذكره البخاري. وكذا نسبه محمد بن إسحاق وابن عبد البر، وغيرهما من الأئمة. قال القاضي: هو الصواب. (أيها الثلاثة) قال القاضي: هو بالرفع، وموضعه نصب على الاختصاص. قال سيبويه، نقلا عن العرب: اللهم اغفر لنا، أيتها العصابة، وهذا مثله. (فما هي بالأرض التي أعرف) معناه: تغير علي كل شيء. حتى الأرض، فإنها توحشت علي وصارت كأنها أرض لم أعرفها، بتوحشها علي. (فاستكانا) أي خضعا. (أشب القوم وأجلدهم) أي أصغرهم سنا وأقواهم. (حتى تسورت) معنى تسورته علوته وصعدت سوره، وهو أعلاه. (أنشدك بالله) أي أسألك بالله، وأصله من النشيد، وهو الصوت. (نبطي من نبط أهل الشام) يقال: النبط والأنباط والنبيط، وهم فلاحو العجم. (مضيعة) فيها لغتان: إحداهما مضيعة، والثانية مضيعة. أي موضع وحال يضيع فيه حقك. (نواسك) وفي بعض النسخ: نواسيك، بزيادة ياء. وهو صحيح، أي ونحن نواسيك، وقطعه عن جواب الأمر. ومعناه نشاركك فيما عندنا. (فتياممت) هكذا هو في جميع النسخ ببلادنا، وهي لغة في تيممت. ومعناها قصدت. (فسجرتها) أي أحرقتها. وأنث الضمير لأنه أراد معنى الكتاب، وهو الصحيفة. (واستلبث الوحي) أي أبطأ. (وضاقت علي الأرض بما رحبت) أي بما اتسعت. ومعناه: ضاقت علي الأرض مع أنها متسعة. والرحب السعة. (أوفى على سلع) أي صعده وارتفع عليه. وسلع جبل بالمدينة معروف. (فآذن .. الناس) أي أعلمهم. (أتأمم) أي أقصد. (فوجا فوجا) الفوج الجماعة. (أن أنخلع من مالي) أي أخرج منه وأتصدق به. (أبلاه الله) أي أنعم عليه. والبلاء والإبلاء يكون في الخير والشر. لكن إذا أطلق، كان للشر غالبا. فإذا أريد الخير، قيد كما قيد هنا، فقال أحسن مما أبلاني. (أن لا أكون كذبته) هكذا هو في جميع نسخ مسلم، وكثير من روايات البخاري. قال العلماء: لفظة لا في قوله: أن لا أكون، زائدة. ومعناه: أن أكون كذبته. كقوله تعالى: ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك. (وإرجاؤه أمرنا) أي تأخيره.
53 -
م - (2769) وحدثنيه مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. بإسناد يونس عن الزهري. سواء.
54 -
(2769) وحدثني عبد بن حميد. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم، ابن أخي الزهري عن عمه، محمد بن مسلم الزهري. أخبرني عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ عبيد الله بن كعب بن مالك، وكان قائد كعب حين عمى، قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه، حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. وساق الحديث. وزاد فيه، على يونس: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة إلا ورى بغيرها. حتى كانت تلك الغزوة. ولم يذكر، في حديث ابن أخي الزهري، أبا خيثمة ولحوقه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
(إن عبيد الله بن كعب) كذا قال في هذه الرواية: عبيد الله، بضم العين، مصغرا. وكذا قاله في الرواية التي بعدها، رواية معقل بن عبيد الله عن الزهري عن عبد الرحمن عن عبيد الله بن كعب، مصغرا. وقال قبلهما في رواية يونس المذكورة أول الحديث: عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ، مكبرا. قال الدارقطني: الصواب رواية من قال: عبد الله، مكبرا. ولم يذكر البخاري في الصحيح إلا رواية عبد الله، مكبرا، مع تكراره الحديث. (إلا ورى بغيرها) أي أوهم غيرها. وأصله من وراء. كأنه جعل البيان وراء ظهره.