الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بني إسرائيل، فَسُئِل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم. فَعَتَبَ الله عليه إذ لم يردَّ العلم إليه
…
)) . رواه: البخاري (122) ، ومسلم (2380) .
2-
قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يقص ما جرى بين النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته: ((فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة، وكان قد قال: ما أنا بداخل عليهن شهراً؛ من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله
…
)) . رواه البخاري (2468)
وفي ((القاموس)) : ((يطلق العتاب على الموجِدَة والسخط والغضب واللوم)) .
قال أبو موسى المديني في ((المجموع المغيث)) (2/400) : ((وفي حديث أبيٍّ
في ذكر موسى حين سئل: أي الناس أعلم؟ قال: أنا ((فعتب الله عليه)) العتبُ:
أدنى الغضب)) اهـ.
وهذا منه رحمه الله إثباتٌ لهذه الصفة بمعناها، وهو أدنى الغضب.
الْعَجَبُ
صفةٌ من صفاتِ الله عز وجل الفعليَّة الخبريَّة الثابتة له بالكتاب والسنة.
الدليل من الكتاب:
1-
قوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12] .
قال ابن جرير في ((التفسير)) : ((قوله: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} ؛ اختلفت القرَّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرَّاء الكوفة:{بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} ؛ بضم التاء من {عَجِبْتَ} ؛ بمعنى: بل عظم عندي وكبر اتخاذهم لي شريكاً وتكذيبهم تَنْزيلي وهم يسخرون، وقرأ ذلك عامة قرَّاء المدينة والبصرة وبعض قرَّاء الكوفة {عَجِبْتَ} ؛ بفتح التاء؛ بمعنى: بل عجبت أنت يا محمد ويسخرون من هذا القرآن.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان في قرَّاء الأمصار، فبأيتهما قرأ القاريء؛ فمصيب.
فإن قال قائل: وكيف يكون مصيباً القاريء بهما مع اختلاف معنييهما؟ ! قيل: إنهما وإن اختلف معنياهما؛ فكلّ واحد من معنييه صحيح، قد عجب محمد مما أعطاه الله من الفضل، وسخر منه أهل الشرك بالله، وقد عجِب ربنا من عظيم ما قاله المشركون في الله، وسَخِر المشركونَ مما قالوه)) اهـ.
وقال أبو زرعة عبد الرحمن بن زنجلة في كتابه ((حجة القراءات)) (ص 606) : ((قرأ حمزة والكسائي: {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} ؛ بضم التاء، وقرأ الباقون بفتح التاء
…
)) ، ثم قال: ((قال أبو عبيد: قوله: {بَلْ عَجِبْتَ
وَيَسْخَرُونَ} ؛ بالنصب: بل عجِبت يا محمد من جهلهم وتكذيبهم وهم يسخرون منك، ومن قرأ:{عَجِبْتُ} ؛ فهو إخبار عن الله عز وجل) اهـ.
وقد صحت القراءة بالضم عن ابن مسعود رضي الله عنه كما سيأتي.
2-
وقوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولهمْ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [الرعد: 5] .
نقل ابن جرير في ((تفسير)) هذه الآية بإسناده إلى قتادة قوله: ((قوله: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ} : إن عجِبت يا محمد؛ فعََجَبٌ {قولهمْ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} : عجِب الرحمن تبارك وتعالى من تكذيبهم بالبعث بعد الموت))
قال ابن زنجلة في ((حجة القراءت)) (ص 607) بعد ذكر قراءة {بَلْ عَجِبْتُ} بالضم: ((قال أبو عبيد: والشاهد لها مع هذه الأخبار قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولهمْ} ، فأخبر جل جلاله أنه عجيب)) .
? الدليل من السنة:
1-
حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((لقد عَجِبَ الله عز وجل (أو: ضحك) من فلان وفلانة)) . رواه البخاري (4889)، ومسلم (2054) بلفظ:((قد عَجِب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة)) .
2-
حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((عَجِبَ الله من قوم يدخلون الجنة
في السلاسل)) . رواه البخاري (3010)
3-
روى الحاكم في ((المستدرك)) (2/430)، ومن طريقه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (2/225) ؛ بسند صحيح عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة؛ قال:((قرأ عبد الله (يعني: ابن مسعود) رضي الله عنه: {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} ؛ قال شريح: إنَّ الله لا يعجب من شيء، إنما يعجب من لا يعلم. قال الأعمش: فذكرت لإبراهيم، فقال: إنَّ شريحاً كان يعجبه رأيه، إنَّ عبد الله كان أعلم من شريح، وكان عبد الله يقرأها:{بَلْ عَجِبْتُ} )) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي)) .
قال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (ص 245) بعد أن ذكر ثلاثة أحاديث في إثبات صفة العَجَب: ((اعلم أنَّ الكلام في هذا الحديث (يعني: الثالث) كالكلام في الذي قبله، وأنه لا يمتنع إطلاق ذلك عليه وحمله على ظاهره؛ إذ ليس في ذلك ما يحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه؛ لأنا لا نثبت عَجَبَاً هو تعظيم لأمر دَهَمَه استعظمه لم يكن عالماً به؛ لأنه مما لا يليق بصفاته، بل نثبت ذلك صفة كما أثبتنا غيرها من صفاته)) .
وقال قوَّام السُّنَّة الأصبهاني في (الحجة)) (2/457) : ((وقال قوم: لا يوصف الله بأنه يَعْجَبُ؛ لأن العَجَب ممَّن يعلم ما لم يكن يعلم، واحتج مثبت هذه الصفة بالحديث، وبقراءة أهل الكوفة: {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} ؛ على أنه إخبار من الله عز وجل عن نفسه)) .