الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً} [النساء: 22] ؛ قال الزجاج: ((المَقْت: أشد البغض)) اهـ.
وقد استشهد شيخ الإسلام في ((الواسطية)) (ص 108) لإثبات صف (المَقْت) بقوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} .
وقال الشيخ محمد خليل الهرَّاس شارحاً هذه الآيات: ((تضمنت هذه الآيات بعض صفات الفعل؛ من الرضى لله والغضب
…
والمَقْت والأَسَف، وهي عند أهل الحق صفات حقيقية لله عز وجل، على ما يليق به، ولا تشبه ما يتصف به المخلوق من ذلك، ولا يلزم منها ما يلزم في المخلوق)) اهـ.
وقال شيخ الإسلام أيضاً في ((التدمرية)) (ص 26) : ((وكذلك وصف نفسه بأنه يمقت الكفار، ووصفهم بالمَقْت، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ
…
} ، وليس المَقْت مثل المَقْت)) .
الْمُقِيتُ
يوصف الله عز وجل بأنه مُقِيت، يقدر لعباده القوت، ويحفظ عليهم رزقهم، وهذا ثابت بالكتاب العزيز. والمقيت من أسمائه تعالى.
? الدليل:
قوله تعالى: {وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً} [النساء: 85] .
قال ابن جرير في تفسير الآية (8/583-شاكر) : ((اختلف أهل التأويل
في تأويل قوله: {وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً} ، قال بعضهم: تأويله: وكان الله على كل شيء حفيظاً وشهيداً - ونقل بإسناده هذا القول عن ابن عباس ومجاهد -
…
وقال آخرون: معنى ذلك: القائم على كل شيءٍ بالتدبير
…
وقال آخرون: هو القدير - ونقل ذلك بإسناده عن السدي وابن زيد -
…
والصواب من هذه الأقوال قول من قال: معنى (المُقِيت) : القدير)) اهـ.
وممَّن قال من أهل اللغة: المُقِيت بمعنى القدير: أبو إسحاق الزَّجَّاج في ((تفسير أسماء الله الحسنى)) (ص 48) - وله قولٌ آخر سيأتي -، وتلميذه أبو القاسم الزَّجَّاجِي - نسبةً إلى شيخه الزَّجَّاج - في ((اشتقاق أسماء الله)) (ص 136) ، والفراء في ((معاني القرآن)) (1/280) .
ومِمَّن قال: المُقِيت بمعنى الحفيظ: الزجاج في ((معاني القرآن وإعرابه)) (2/85) ، وهذا قولٌ آخرٌ له، ووافقه أبو جعفر النحاس في ((معاني القرآن الكريم)) (2/147) .
قال القرطبي في ((الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى)) (1/275) : ((وعلى القول بأنه القادر يكون من صفات الذات، وإن قلنا إنه اسم الذي يعطي القوت؛ فهو اسم للوهَّاب والرزاق، ويكون من صفات الأفعال)) .
وقد عدَّ الشيخ العثيمين رحمه الله (المُقِيت) من أسماء الله تعالى، انظر:((القواعد المثلى)) ، وانظر أيضاً:((النهج الأسمى)) (1/337) .
الْمَكْرُ عَلَى مَنْ يَمْكُرُ بِهِ
من صفات الله الفعليَّة الخبريَّة التي لا يوصف بها وصفاً مطلقاً، وهي ثابتة بالكتاب والسُّنَّة.
? الدليل من الكتاب:
1-
قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران54]
2-
وقوله: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل50]
? الدليل من السُّنَّة:
حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي
…
)) . رواه أبو داود (صحيح سنن أبي داود/1337) ، والترمذي (2816) ، وابن ماجه.
قال أبو إسحاق الحربي في ((غريب الحديث)) (1/94) : ((والكيد من الله خلافه من الناس، كما المَكْر منه خلافه من الناس)) .
وهذا إثبات منه لصفتي الكَيْد والمَكْر على الحقيقة.
قال شيخ الإسلام في ((التدمرية)) (ص 26) : ((وهكذا وصف نفسه بالمَكْر والكيد، كما وصف عبده بذلك، فقال:{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ} ،
وقال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً - وَأَكِيدُ كَيْداً} ، وليس المَكْر كالمَكْر، ولا الكيد كالكيد)) .
وانظر كلام تلميذه ابن القيم في ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/32-34)
وفي ((المجموع الثمين)) (2/65) سئل الشيخ العثيمين رحمه الله هل يوصف الله بالمَكْر؟ وهل يسمى به؟ فأجاب: ((لا يوصف الله تعالى بالمَكْر إلا مقيداً، فلا يوصف الله تعالى به وصفاً مطلقاً؛ قال الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} ، ففي هذه الآية دليل على أنَّ لله مكراً، والمَكْر هو التوصل إلى إيقاع الخصم من حيث لا يشعر، ومنه جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ((الحرب خدعة)) .
فإن قيل: كيف يوصف الله بالمَكْر مع أنَّ ظاهره أنه مذموم؟ قيل: إن المَكْر في محله محمود، يدل على قوة الماكر، وأنه غالب على خصمه، ولذلك لا يوصف الله به على الإطلاق، فلا يجوز أن تقول: إنَّ الله ماكر! وإنما تذكر هذه الصفة في مقام يكون مدحاً؛ مثل قوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ} ، وقوله {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} ، ومثل قوله تعالى:{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ} ، ولا تنفى عنه هذه الصفة على سبيل الإطلاق، بل إنها في المقام التي تكون مدحاً؛ يوصف بها، وفي المقام التي لا تكون مدحاً؛ لا يوصف بها، وكذلك لا يسمى الله به؛ فلا يقال: إنَّ من أسماء الله الماكر.