الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأحاط بهم عزاهم، فانحلت قواهم، وانخرمت عراهم، وقعدت بهم الحيلة وقامت عليهم القيامة، وتجهمت بهم إلى جهنم الزبانية وأسلمتهم السلامة وتفاءل تيمور بحصول الفلج، وانثنى عزمه إلى استخلاص ممالك الكرج، وانبثت شياطينه فيها فهزتهم هزا، وقدت ثوب حياتهم قدا وجزتهم جزا، وخاطت لهم أكفان المنايا بالسلاح فأوسعتهم شلا وكفاً ودرزا، وتلا عليهم لسان الانتقام " ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تأزهم أزا "
ذكر طلب الكرج الأمان، واستشفاعهم
إلى ذلك الجان، بجارهم الشيخ إبراهيم حاكم شروان
فاستدركوا تقصيرهم، واستنهضوا تدبيرهم، ورقعوا خرقهم قبل الاتساع، ووصلوا حبل حياتهم قبل الانقطاع، واستغاثوا الأمان الأمان، واستعانوا في خلاصهم بالشيخ إبراهيم حاكم شروان، وألقوا إلى أيادي تدبيره الزمام، ورضوا أن يكون لجماعتهم وإن كان على غبر ملتهم الإمام، وجعلوه خطيب ذلك الخطب، واستحلوا ما تثمر لهم سعايته من يابس ورطب، وكان إذ ذاك وجيوش المصيف
كجمع الكرج قد ولت، وجنود الخريف والشتاء كجيش تيمور قد أطلت، وسلطان الأجرد، قد صقل فرند المياه وجرد، ورفع من الأغصان الأعلام السلطانية، ونصب على قلل الجبال الصيوانات البلارية، وألبس متن الغدير من نسيج نسيم الأصيل الدروع الداودية، فكان ما في الكون من جوامد ونوام، من جملة عساكر تيمور حام له أو محام قلت
وإذا أراد الله نصرة عبده
…
كانت له أعداؤه أنصارا
وإذا أراد خلاصه من هلكة
…
أجرى له من نارها أنهارا
فترى العقول تقاصرت عن نوكه
…
وترى له في شوكه أزهارا
فدخل الشيخ إبراهيم عليه، وقبل الأرض بين يديه، وحياه بتحية الأكاسرة من الملوك، ووقف في مقام أصغر مملوك، ثم استأذن في الخطاب، واستلطف في رد الجواب، فأذن له فقال إن عموم شفقة مولانا الأمير، وحسن حنوه على المسكين والفقير، وشمول عاطفته الكريمة ورحمته المنيفة، حملت المملوك على عرض ما عن له
على الآراء الشريفة، وهو أنه بحمد الله المرام حاصل، والمراد على وفق الاختيار متواصل، والولي مجبور، والعدو مكسور، وهيبة مولانا الأمير في الشرق والغرب، أغنته عن الاستعداد للضرب والحرب، ثم إن العساكر المنصورة أكثر من أن تحصى، وفيهم من الأسرى والمرمق الحال ما فات الإحصا، وخصوصاً جماعات التتار، الذين ولى سعدهم الأدبار، وأحلوا قومهم دار البوار، قد أضر بهم البرد، وتردد نقش حظهم بين العكس والطرد، فإن استمرت الأمور، على هذا الدستور، رق الجليل وهلك الرقيق، ودق العظيم وانطحن الدقيق وهذه البلاد بل وسائر الأقاليم، محال إلا بأمرك أن تستقيم، وإن رؤساءها من الفجرة والفسقة، علموا ما لمولانا الأمير على مملوكه من الحنو والشفقة، فتراموا لعلة المجاورة على المملوك، ورجوا من الصدقات الشريفة ما يرجوه من الغني الكريم المحتاج الصعلوك، ومهما برزت به المراسيم المطاعة، تلقاه بالقبول كل من المملوك وهؤلاء الجماعة، وقابلوا الأوامر الشريفة بالسمع والطاعة، وإن كان المقصود جمع مال، فالمملوك يقوم به على كل حال، وأنى للمملوك