الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالتتار، وخاف على نفسه البوار، أخذ أهله ومتعلقيه وسار، وذلك بعد أن هجمت التتار الرومية المضافة إلى أرغون شاه، وعبروا جيحون وهو جمد ورجع أرغون شاه إلى مأواه، فوصل إيدكو إلى خوارزم واستولى عليها، واستطرد بخيله بخارى فنهب ما حواليها ثم رجع إلى خوارزم وقد أذكى في الجغتاي اللهيب، وأنكى وولى من جهته في خوارزم وولاياتها شخصاً يدعى آنكا، فتمهدت أيضاً تلك الأماكن، واطمأنت الظواعن والسواكن، بواسطة أن خليل سلطان، قابل كل من أساء إليه بالإحسان، وصار يسترضي كل ساخط، ويستدني بمكارمه كل شاحط، ويصطاد النفوس بالنفائس، ويفترس الأسود بالفوارس، فأحبه الأجانب والأباعد، ورغب فيه كل صادر ووارد، غير أن شيخ نور الدين، وخدايداد، تماديا في الفساد، ولجا في العناد، وخربا ما تجوذب بين الطرفين من البلاد
ذكر بير محمد حفيد تيمور ووصيه
وما جرى بينه وبين خليله ووليه
ثم إن بير محمد ابن عم خليل سلطان، وهو الذي عهد إليه تيمور، كان بعد فوت أخيه محمد سلطان، خرج من قندهار، وقصد سمرقند
بعسكر جرار وأرسل إلى خليل سلطان، وسائر الأكابر من الوزراء والأعيان، بأنه هو ولي العهد، وخليفة جده تيمور من بعده، والسرير حقه فأنى يغصبه؟ والملك ملكة فكيف يسلبه؟ فكل منهم جاوبه، بما يليق بما خاطبه وأما خليل سلطان فتصدى للمعارضة، وقابل كل مسألة من الخطاب بما ينافيها من المعاكسة والمناقضة، وقال لا تخلو مسألتنا يا فلان، من أن الملك في هذا الزمان، إما أن يكون بالانتساب، أو يظفر به بطريق الاكتساب، فإن كانت الأولى، فثم من هو أحق به مني ومنك وأولى، وذلك أبي أميران شاه، وعمي شاه رخ أعني أخاه، فيكون بينهما بالسوية نصفين، فما لك كلام مع وجود هذين، وأنا أولى أن أكون صاحبه، فأرعى جوانبه، وأسلك مذاهبه، إما بأن يقطع كل منهما عنى المشاغبة، ويترك لي ماله فيه ولاية المطالبة، ويقنع بما هو فيه من مملكته ويحفظ جانبه، وإما بأن يجعلني خليفته في سلطانه فأصون نصيبه ونائبه، وإن كانت الثانية فكلامك لا يستقيم، لأن الملك كما زعموا عقيم، ومن قبلي وقبلك قيل، في الأقاويل
صونوا جيادكم واجلوا سلاحكم
…
وشمروا إنها أيام من غلبا
وإن زعمت أن جدك عهد إليك، أو عول في وصيته لك أو عليك، فهو من أين استولى إلا بطريق التغلب، وأنى حصل له ملك وملك إلا بالاغتصاب والتألب؟ وعلى تقدير التسليم وأن أمر وصيته مستقيم، فإنه كان في حياته قسم بلاده، ووزع عليها أولاده وأحفاده، فولى والدي ممالك أذربيجان، وقرر عمي في ولايات خراسان، وابن عمي بير عمر في عراق العجم وتلك الديار، وولاك أنت من جملة ذلك قندهار، وجعلك وصيه كما رسم وأشار، وتحمل هو المظالم وانتقل، فأين نصيبي أنا من هذا النفل فاجعلوا حصتي من ذلك ما استوليت عليه، وليقنع كل منكم بما تقرر فيه وفوض إليه، ومع هذا إن تابعك أبي وعمي تابعتك، أو صادقاك على الوصية وبايعاك بايعتك، وإن سلكنا في ذلك طريق الحق، فالملك صيد والأولى به من حاز فيه قصب السبق، وإن الله أزاح علله إذ شبثني بأسبابه، وأباحه لي مباحاً ومن سبقت يده إلى مباح فهو أولى به
هذا وإن كلا من مدرسي فقه الملك تابعني، ومن له في عقود السلطنة شركة ترك المضاربة وطاوعني، وعد عقد توليتي مرابحة ولما وقف على سيري ألقى إلي السلم وبايعني وأما الوزراء والأعيان فأجابوه بما لا طائل فيه، سوى ما تمجه أذن مستمعيه، غير أن الخواجه عبد الأول وهو صدر صدور العلماء، والمتصرف في رؤساء ما وراء النهر من السادات والكبراء، والمنفذ سهام أحكامه في جميع الأمراء والزعماء، أجاب فأجاد، وأصاب وأفاد، واختصر واقتصر، وهصر من بير محمد ولخليل سلطان انتصر فقال في جوابه، مجاريه في خطابه نعم أنت ولي العهد، وخليفة الأمير تيمور من بعد، ولكن ما صادف طالعك سعد، ولو ساعدك البخت، كنت قريباً من التخت، فالأولى بحالك أن تقنع بما لك ومالك، وتبقى على خيلك ورجالك، وتضبط ما في يدك من ممالك، وأن أبيت إلا طلب النما، ولم تقنع بما قسم الله لك وقضى، وخرجت من مملكتك إلى هذا الفضاء، فإنك تقع في العناء، وتخرج ولايتك من يدك فتصير مذبذبا، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء