الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسبق الجيش، فقال له بعض من معه من الجماعة لو يلبث مولانا السلطان ساعة، حتى يتلاحق العسكر، كان أحزم وأوفق وأجدر، وإن كانت حرمة مولانا السلطان فيها كفاية ولها أيد، لكن قرايلوك تركماني ذو دهاء وكيد، فلم يلتفت السلطان إلى هذا الكلام، ولم يزل هاجماً وراءه حتى هجم الظلام، فكر عليه قرايلوك بجماعته، فقبض عليه باليد من ساعته، ولم يدر بحاله العسكر، وتفرق أمره وجنده شغر بغر
ذكر ما كان نواه قرايلوك من الرأي
المصيب ورجعه عنه لسوء طويته شيخ نجيب
ثم إن قرايلوك عزم أن يجدد معه العهد والميثاق، ويقلع غراس الخلاف ويؤسس بنيان الصداقة والوفاق، ويرده إلى مكانه، ويصير كما كان أولاً من أنصاره وأعوانه، ويعلم بذلك السلطان أنه له ناصح، فلا يسمع في كلام واش وكاشح، وإذا بشيخ نجيب الذي كان متولي قلعة توقات، وحاصره السلطان وضيق عليه مسالك الطرقات، ثم قهره وغلبه، وأخذ قلعته، وبالكراهية استصحبه،
وجد فرصة فانتهزها، وكان في قلبه كمائن سخيمة فأبرزها، فجاء إلى قرايلوك، ووقف في خدمته كالمملوك، وقال أعيذ عالم عقلك أن يزل، ودليل فهمك أن يضل، ومصيب رأيك أن يصاب، وجميل فكرك أن يعاب، قد أمكن الله من العدو، وأنى لك مع هذا سكون وهدو؟ قلت
ما الدهر إلا ساعة وتنقضي
…
والمرء فيها حازم أو نادم
فلئن أبقيت عليه لا يبقى عليك، ولئن نظرت إليه بعين الرحمة والله لا ينظر إليك، فإنه رجل غبي، وبأنواع المكر وأصناف الخديعة عبي، عسر القياد وأبيك لا ينجع في الخير وأبي، وهبك والعياذ بالله منه مكانه منك، أكان يرق لك أو يصفح عنك؟ هيهات هذا والله محال، فقد وقع لك والله مجال، فما كل أوان، يسمح بالمراد الزمان، والدهر فرص، وأكثره غصص، فإياك أن تفوت الفرصة، فتقع في غصة وأي غصة، ولا ينفعك الندم إذا زلت بك القدم، وتفكر فيما أقول، واستنبط دليل هذه المسألة من المعقول، واستبق شرفك الرفيع بإراقة دمه، وصن أستار حرمك بابتذال حرمه، وتذكر يا أمير، أمور
قابوس بن وشمكير، ولا زال ذلك الشيطان، يحسن له الرأي في قتل السلطان ويقول هذا الرأي أنفع لك وعليك أعود كما فعل بسطام أمير الكرد بقرا يوسف لما قبض على السلطان أحمد، فرجع قرايلوك عن رأيه لما خدعه ودهاه، فقتل السلطان من غير إهمال ولا توقف رحمه الله وكان قتل قرا يوسف السلطان أحمد ابن الشيخ أويس في عاشر شهر رجب سنة ثلاث عشرة وثمانمائة والقصة مشهورة وكان السلطان رحمه الله كما ذكر أولاً، عالماً فاضلاً كريماً متفضلاً، محققاً في التقرير، مدققاً في التحرير، قريباً من الناس، مع كونه شديد البأس، رقيق الحاشية أديباً، شاعراً ظريفاً لبيباً أريباً، جواداً مقداماً، قرماً هماماً، نهاب الدنيا وهابها، يهب الألوف ولن يهابها يحب العلماء ويجالسهم، ويدني الفقراء ويكايسهم، قد جعل يوم الاثنين والخميس والجمعة للعلماء وحفاظ القرآن خاصة، لا يدخل عليه معهم غيرهم من تلك الأمم الغاصة وكان قد أقلع قبل وفاته عن جميع ما كان عليه، وتاب إلى الله تعالى ورجع إليه، وله مصنفات منها الترجيح على التلويح
وكان عنده نديم للفضل حريز، بغدادي الأصل