الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سبب انكسار ذلك الجبار
وانتقاله إلى دار البوار، واستقراره في الدرك الأسفل من النار
وجعل تيمور يواصل التسيار، حتى وصل إلى كورة تدعى أترار، ولما كان بظاهره من البرد آمناً، أراد أن يصنع له ما يرد الأبردة عنه باطناً، فأمر أن يستقطر له من عرق الخمر المعمول فيها الأدوية الحارة، والأفاويه والبهارات النافعة غير الضارة، وأبى الله أن تخرج تلك الروح النجسة، إلا على صفات ما اخترعه من الظلم وأسسه، فجعل يتناول من ذلك العرق ويتفوق أفاويقه من غير فرق لا يسأل أخبار عسكره وأنباءهم ولا يعبأ بهم ولا يسمع دعاءهم، حتى سقته يد المنية كأس " وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم " فإنه لم يزل للقضاء معاندا، وللزمان مجاهداً ولنعم الله تعالى جاحدا، ولا شك أنه جاء ناقصاً وتحمل مظالم فراح زائدا، فأثر ذلك العرق في أمعائه وكبده، فتريخ بنيان جسمه، ورتخ أركان جسده، فطلب الأطباء، وعرض عليهم هذا الداء فعالجوه في ذلك البرد، بأن وضعوا على بطنه وجبينه الجمد، فانقطع ثلاث ليال، وعكم أحمال
الانتقال، إلى دار الخزي والنكال، وتفتت كبده، ولم ينفعه ماله وولده، وصار يتقيأ دماً، ويأكل يديه حسرة وندماً
وإذا المنية أنشبت أظفارها
…
ألفيت كل تميمة لا تنفع
وجرعه ساقي المنية أمر كأس، وآمن حينئذ بما كان جاحده، فلم ينفعه إيمانه لما رأى البأس، فاستغاث فلم يوجد له مغيث، ونودي عليه اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة، ظالمة أثيمة، وابشري بحميم وغساق، ومجاورة الفساق، فلو تراه وهو يغط غطيط البكر المخنوق، ويخمد لونه ويزبد شدقاه كالبعير المشنوق، ولو ترى ملائكة العذاب وقد أظهروا استبشارهم وأخنوا على الظالمين ليخربوا ديارهم ويطفئوا نارهم، ويهدموا منارهم " ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم " ولو ترى نساءه وحاشيته وهم حواليه يجأرون، وأعوانه وجنده وقد ضل عنهم ما كنوا يفترون " ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون
عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون " ثم أنهم أحضروا من جهنم المسوح، وسلوا سل السفود من الصوف المبلول تلك الروح، فانتقل إلى لعنة الله وعقابه، واستقر في اليم رجزه، وعذابه وذلك في ليلة الأربعاء سابع عشر شعبان ذي الأنوار سنة سبع وثمانمائة بنواحي أترار ورفع الله تعالى برحمته عن العباد العذاب المهين " فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين " قلت
الدهر دولاب يدور
…
فيه السرور مع الشرور
بينا الفتى فوق السما
…
وإذا به تحت الصخور
كم من شموس في سما
…
فلك العلاء لها يدور
لما استوت في عزها
…
زالت وأكسفها الفتور
وملوك دنيا أضرمت
…
من نار عدواها البحور
ملكوا البلاد وأهلها
…
مضي الأوامر والأمور
أغراهم الدهر الخئو
…
ن وغر بالله الغرور
ضحك الزمان بثغره
…
لهم وقد ملكوا الثغور
فغدوا ذئاباً في الأذى
…
وغدوا أسوداً في الشرور
غنى لهم فتراقصوا
…
مثل الشخوص بلا شعور
وحكوا على باباتهم
…
طيف الخيال إذا يدور
وتوهموا أن الزمان
…
مطاوع غير النفور
أو أن ما ناله من
…
دنيا يفور ولا يغور
فتواثبوا وتضاربوا
…
وتكالبوا شبه النمور
وتلاكزوا وتلاحزوا
…
وتناجزوا الضرب الهصور
وتناحروا وتدابروا
…
وتناقروا نقر النسور
هذا وإن يتصالحوا
…
يتصافحوا ميناً وزرو
فتهافتوا في نارها
…
متصورين النار نور
بينا هم في عزهم
…
والدهر مكار غيور
انقض فيهم صرفه
…
كالصقر في دقل الطيور
أمسوا وكل منهم
…
كاللحم يلقى للصقور
لا ملك رد يد الردى
…
عنهم ولا ملك ودور
كلا ولا جيش ولا
…
ولد ولا مدد نصور
ثم انمحت آثارهم
…
محو الحيا نقش السطور
لم يبق منهم دهرهم
…
شيئاً سوى ذكر يدور
ناهيك منهم فتنة
…
كالأبحر الظلما تمور
الأعرج الدجال من
…
قصم الجماجم والظهور
داخ البلاد ودارها
…
ونوائب الدنيا تدور
أملى له الله الحليم
…
فزاد عدواً في فجور
وأمده مستدرجاً
…
اباه في شيء يبور
ليراه في أمضائه
…
حكماً أيعدل أم يجور
فاجتاح كل الخلق من
…
عرب ومن عجم ولور
ومحا الهدى، وغدا الردى
…
بحسامه الباغي يمور
أفنى الملوك وكل ذي
…
شرف وذي علم وقور
وسعى على إطفاء نور
…
الله والدين الطهور
بفروع جنكيز خان ذا
…
ك الظالم النحس الكفور
فأباح إهراق الدما
…
من كل صبار شكور
وأحل سبي المحصنا
…
ت المؤمنات من الخدور
ورمى على النار الصغا
…
ر كأنهم فيها بخور
وأضاف في هذا إلى
…
فعل الزنى شرب الخمور
طوراً يرى نكث العهو
…
د وتارة نقض النذور
وعدا على السادات من
…
أهل الصيانة والوقور
من كل ذئب صائل
…
منهم ومن كلب عقور
فتكوا وقد بتكوا القلو
…
ب وبعدما هتكوا الستور
وشووا جباهاً طالما
…
سجدت لذي الرب الغفور
وكووا جنوباً وقد جفت
…
طيب المضاجع والظهور
واستخلصوا الأموال من
…
أيدي البرايا بالفجور
وسقوهم كأس السمو
…
م وجرعوا كأس الحرور
واستأسروا آل النبي
…
المصطفى لطهر الطهور
باعوهم من مشركي
…
الأتراك في أقصى الكفور
وكذاك واحد أمه
…
من كل مقلات نذور
وجروا على هذي الجرا
…
ئم واستمر لهم مرور
ما بين إيران وتو
…
ران البلاد لهم عبور
وامتد ذاك من الخطا
…
أخذاً إلى أقصى القطور
لما انتهى إفساده
…
وتكاملت تلك الشرور
هجم القضاء لأخذه
…
ولكل تكميل قصور
حذفته أيدي الموت من
…
تلك القصور إلى القبور
وتبدلت منه الكرا
…
مة بالمذلة والعثور
ومضى إلى دار النكا
…
ل بما تحمل من وقور
وتفرقت تلك الجمو
…
ع وهد ما شاد الدثور
أبقت عليه فعاله
…
لعناً على مر العصور
وتخلدت آثار ما
…
آذى على كر الدهور
فانظر أخي ثم افتكر
…
في ذا المساء وذا البكور
لا فرق عند الموت بين
…
شكور فضل أو كفور
أين الذين وجوههم
…
كانت تلألأ كالزبور
أهل السعادة والحجا
…
وذوو السيادة والوقور
المطفئو بدر السما
…
والمخلجو فيض البحور
كانوا عظاماً في الصدو
…
ر وهم صدور في البدور
طحن الردى تلك العظا
…
م وفت هاتيك الصدور
وسفتهم ريح الفنا
…
سفي الرمال يد الدبور
أين البنون ومن غدا
…
للقلب أفراحاً ونور
كانوا إذا رفع الحجا
…
ب وزحزحت عنهم ستور
تلقى الدنا قد أشرفت
…
كالشمس في سجف الخدور
من كل ظبي أحور
…
أو ظبية تزرى بحور
نشر الجمال عليهم
…
ثوب الدلال على حبور
وفدتهم مهج الورى
…
من شر أحداث الدهور
كانوا إذا سكنوا مكا
…
نا حركوه من السرور
كانوا على وجه الدنا
…
حدقاً وللأحداق نور
وحدائقاً لرياضها
…
وعلى حدائقها زهور
بينا هم في سكرهم
…
قد مازج الدل الغرور
والعمر غض والزما
…
ن مسلم لهم الأمور
وإذا بساقي الموت فا
…
جأهم بكاسات الثبور
فسقى رياض حياتهم
…
قدحاً أعاد الكل بور
تركوا فسيح قصورهم
…
رغماً إلى ضيق القبور
وسقوا كئوس فراقهم
…
صبراً لكل شج غيور
من شق حزناً جيبه
…
ولفقدهم دق الصدور
لو كان ينفعه الرشا
…
أو كان يجديه النذور
لفداهم ووقاهم
…
ورعاهم رعى الحذور
سكنوا الثرى فتغيرت
…
تلك المحاسن والشعور
ورعاهم دود البلى
…
وفراهم فري الجزور
أمسوا رميماً في الثرى
…
وثووا إلى يوم النشور
يسعى المحب مخاطباً
…
أجداثهم يوماً يزور
ينعي ويندب نائحاً
…
قبراً تناوشه الدثور
ويمرغ الخدين في
…
ترب يراها كالذرور
يدعو فليس يجيبه
…
إلا صدى صم الصخور
بينا تراه زائرا
…
وإذا به أمسى مزور
هذا بتقدير الإل
…
هـ وحكم فعال صبور