الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورجال، فأعد لها أنواعاً من آلات المحاصرة، وأخذها يوم الأربعاء عاشر جمادى الآخرة، سنة خمس وثمانمائة، سادس كانون الأول من السنين الرومية، فقتل كبارها، وأسر نساءها وصغارها، وبنى من أبدان القتلى جوامع وشيد من رؤوسها منارها، ثم سلب عن القلعة غناها وأفقرها، وأقواها من ذخائرها وأقفرها، وأخلاها وقد استصفى منها أبيضها وأصفرها، وطير بهذه الأمور أجنحة البشائر، وأطار بها على زعمه في الآفاق بأسعد فأل أسرع طائر
ذكر ما صنعه من أمر مروم وهو في بلاد الروم
من قصده بلاد الخطا واستخلاص ممالك الترك والجتا، وافتكاره وهو في الغرب
مشغول في استصفائه سائر ولايات الشرق والمغول، وكيف عانده القضاء المبرم بنازل ألهب فؤاده وأضرم، فصادمه الزمان وعكس غرضه وهذه كالجملة المعترضة
ثم إن تيمور كان قد استدعى من سمرقند سبطه، محمد سلطان والأمير سيف الدين ورهطه، كما ذكر أولاً وكان محمد سلطان هذا للفضلاء ملاذاً وللعلماء معاذا، مخايل السعادة في غضون جبهته لائحة،
وبشائر النجابة من أسارير طلعته واضحة
في المهد ينطق عن نجابة جده
…
أثر السعادة لائح البرهان
وسيف الدين هذا هو أحد رفقاء تيمور في مبداه، وأس أركان دولته في منتهاه، وهما اللذان كانا بنيا أشبارة، وأسسا فيها قواعد النهب والغارة، وهي في نحر بلاد المغول والجتا، وأقصى حدود ما ينتهي إليه حكم تيمور ومبدأ بلاد الخطا، ووليا بها أميراً يدعى أرغون شاه، وأمداه بطوائف من العساكر وفي ثغر المغول أرصداه، كل هذه الأمور، بأوامر تيمور ولما شرعا في ذلك، لم يرض المغول بهذا الفعل الحالك، لأنهم كانوا يعلمون أن ذلك الأفعى إذا جاورهم لابد أنه في الفساد يسعى، فلا يأمنون غائلته، ولا يطيقون مجاورته، فتشوشت خواطرهم، وتكدرت ضمائرهم، فاستوفزوا للفرار، وإخلاء الديار، فزاد الجغتاي فيهم طمعاً، ومد كل من الطائفتين إلى الإضرار يد التطاول ورجل الفساد وسعى، وشرب كاسات التجرم فأكل ما حل بيده وما تزهد في تعففه ورعا،
وفرح الجغتاي بذلك، ووقعت العداوة بين الجانبين فسد كل على الآخر طرق المسالك، وجعلوا يرسلون إليهم السرايا، ويحلون بما تصل يدهم إليه من متعلقاتهم البلايا، وجعل المغول أيضاً يفعلون مع الجغتاي ذلك، وتربصوا بتيمور لبعده عنهم ريب المنون وتشبثوا بعشويات المهالك، واتصل الخبر بتيمور، فسر بذلك أشد السرور ثم إنهما حصناها بالأهبة الكاملة، والعدة الشاملة، والرجال المقاتلة، منهم طائفة من عساكر الهنود وملتان، وقوم من جند عراق العرب، وأذربيجان، وفرقة من فوارس فارس وخراسان، وشرذمة من أناس تدعى جانى قربان، وأضافوا هؤلاء الكماة، مع تومان من ياساق الجغتاي إلى الأمير أرغون شاه، ووصلا إلى خجند، وقطعا سيحون وقدما سمرقند، ووليا بها أميراً يدعى خواجه يوسف، فكان في قيد الطاعة والإخلاص يرسف ثم خرجا من سمرقند قاصدين ذلك الغشوم، ثم إنهما ماتا جميعاً سيف الدين في خراسان ومحمد سلطان في بلاد الروم، فوقع تيمور في الأحزان، على حفيده محمد سلطان، ولبس عسكره السواد، وأقاموا شرائط الحداد، لم يكن بهم حاجة