الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى السواد المعلم، فإنهم كانوا هم السواد الأعظم، ثم جهز عظامه في تابوت، إلى سمرقند مع عظموت وجبروت، ورسم أن يتلقاه أهل المدينة بالنوح والبكاء، ويقيموا عليه شرائط العزاء، وأن لا يبقى أحد من العباد، إلا ويلبس من فرقه إلى قدمه السواد فخرج أهل سمرقند عند موافاته، وقد انغمسوا في السواد لملاقاته، وصار الشريف والوضيع، والدني والرفيع، بالسواد معلما، فكأنما أغشي وجه الكون قطعاً من الليل مظلما، فدفنوه بمدرسته الحصينة المعروفة بإنشائه، داخل المدينة، وذلك في سنة خمس وثمانمائة ولما أهلك الله تعالى جده دفنوه كما سيأتي ذكر ذلك عنده
ذكر حلول غضب ذلك الصياد
على الله داد ونفيه إياه إلى أقصى البلاد
ولما توجه الثقل من ماردين صحبة الله داد، وفارقه تيمور متوجهاً إلى استخلاص بغداد، وكان الله داد، له أنداد، وأكفاء وحساد، وأعداء وأضداد، والحسد في عنق صاحبه غل قمل، وتحاسد الأكفاء جرح لا يندمل وجد أعداؤه للطعن فيه مجالاً، وفي مقام ثلب عرضه مقالا، فانتهزوا فرصة غيبته، وأكلوا بلا ملح
لحمه، وتنقلوا بغيبته، ووشوا به إلى تيمور، وذكروا ما فعله في الشام من الأمور، وإنه التمس من ذخائرها مالا يحصى، واختلس لنفسه من نفائسها وتعلق به من أعلاقها مالا يستقصى وكان كما قالوا، وما أهملوا أكثر مما نالوا، فبددوا أمره، وأوغروا عليه صدره، لا سيما وقد قص جناحه بموت سيف الدين أخيه، وكان من الأبهة والمهابة بحيث أن تيمور كان يخافه ويرتجيه، وله في ممالك ما وراء النهر مآثر مشهودة، ونتائج فكر باقية معهودة، فما وصل الله داد إلى سمرقند، أعقبه تيمور مرسوماً من عنده، بأن يتوجه إلى أشباره، ويستعد هناك للنهب والغارة، وذلك كالنفي لألله داد، وإلقائه في أقصى البلاد، وطرحه في نحر المخالفين وثغر ذوي العناد
وانتقل منها إلى سمرقند أرغون شاه، ولم يزل بها الله داد إلى أن انتقل تيمور إلى لعنة الله، فجعلت المغول تجهز إلى أشبارة الفيالق، وتنهب ما تصل إليه يدها من صامت وناطق، وتغتنم الفرصة لبعد تيمور عنها، وكان الله داد يحترز أشد الاحتراز منها، وهو مع ذلك يجهز لهم التجاريد، ويحفر لهم بالمكر الآبار والأخاديد، ويقتل