الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم تحملوا وخرجوا من المدينة وتركوا الدار تنعي من بناها، فلم يسع الباقين إلا اتباعهم في الخروج، لأن مقاماتهم من أول الزمان هناك كانت كبنيان القصور على الثلوج، فتحملوا بقضهم وقضيضهم، وتجهزوا بصحيحهم ومريضهم وتركوا البلد بما فيه من غلات ومستغلات، ونعم وخيرات، وأموال وأقمشة، ونفائس مدهشة، ولم يبق فيه من تلك الأمم المسجونة، سوى ما عجزوا عن حمله من أموال مشحونة، وسوى امرأة واحدة مجنونة، ولحقوا بألله داد، وهو عند خدايداد، فلم يعنف واحداً منهم بما فعل، واعتذر إليهم بأن خدايداد منعه أن يتوجه إلى سمرقند ويجهز لهم البدل، وأمرهم بالإقامة معه مستوفزين، وأن يكونوا لفرصة التوجه إلى سمرقند إذ لاحت منتهزين
ذكر ما تم لألله داد مع خدايداد
وكيف ختله وخلبه واسترق عقله وسلبه
ثم إن خدايداد، تحقق بوقوع هذا الفساد، وتأكد العداوة بين خليل سلطان وألله داد، فركن إليه بعض الركون، وجعل يستشيره
فيما يصير من أمره وما يكون، وكان عند خدايداد طائفة من مماليك الأجناد، وتخلفوا من العساكر في تلك البلاد، وقد ضيق عليهم المسالك، وأراد أن ينقلهم من مالك إلى مالك فلم ينعم له ألله داد بذلك، وقال إن عادة الأكياس استجلاب خواطر الناس خصوصاً في مبادئ الأمور، وحدوث أوائل الشرور، فلا تنفر عنك الخلق وعاملهم أولاً بالإحسان والملق وأي فائدة من قتل هؤلاء وتمزيق أديمهم، سوى نفي الصداقة وتأكد العداوة بيننا وبين مخاديمهم، وربما يكون في خاطر أحد مخاديمهم نفرة من خليل سلطان، ويروم لذلك ظهراً وملجأ يلوذ به من رفيق ومكان، فتلجئه الضرورة إلى أن يقصد ممالك تركستان، فإذا آذيته في متعلقيه أنى يبقى له إليك ركون واطمئنان؟ وأقل ما تفعل مع هؤلاء يا إنسان، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ومخاديم هؤلاء لنا رفقاء، ولخليل سلطان أصدقاء، فإن زرعت معهم الجميل، ملكت كل رقيق وجليل، وألقيت العداوة بين من عاداك من صديق وخليل فلما سمع كلامه، ألقى إلى يده من ذلك