الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذابل وهم قوم نبال النبال وعضال النضال لا يطيشون سهماً، وهم من بني ثعل أرمى، إذا عقدوا الأوتار أصابوا الأوتار وإن قصدوا الأوطار وجدوا المقصد جثم أو طار ثم نهض للمصادمة، واستعد للمقاحمة والمقاومة، بعساكر كالرمال كثرة، وكالجبال كرة وفرة
ذكر ما وقع من الخلاف في عساكر
توقتاميش وقت المصاف
وحين تواقف الصفان، وتثاقف الزحفان، برز من عسكر توقتاميش أحد رؤوس الميمنة، له دم على أحد الأمراء فطلبه منه وفي قتله استأذنه، فقال له لينعم بالك وليجب سؤالك قلت
لكن ترى ما قد طرا
…
على الورى وما جرى
فأمهلنا، حتى إذا انفصلنا وعلى المراد حصلنا، أعطيتك غريمك وناولتك خصيمك، فأدرك منه ثأرك، واقض أوطارك، قال لا ولكن الساعة، وإلا فلا سمع لك ولا طاعة
فقال نحن في كرب مهم، هو من مرامك أهم، وخطب مدلهم هو من مصابك أعم، فاصبر ولا تعجل واطمئن ولا توجل، فما يذهب لأحد حق، ولا يضيع مستحق، فلا تلجئ الأعمى إلى الجرف ولا تكن ممن يعبد الله على حرف،
فكأنك بليل الشدة وقد أدبر وبصباح الفلاح وقد أسفر، فالزم مكانك ونازل أقرانك، وتقدم ولا تتأخر، واصدع بما تؤمر فانخذل ذلك الأمير، بجمع كثير، وأتبعه كل باغ وعاق، وقبيلته كلها واسمها آقتاق فانطلق يروم ممالك الروم، فوصل هو وحشمه إلى ضواحي أدرنه، واستوطنوا تلك الأمكنة فاختل لذلك عسكر توقتاميش، وصارت سهام مرامه عن مراميه تطيش، ولم ير بداً من اللقاء، وصدق الملتقى، فثبت جأشه وجيشه، وهزم وقاره طيشه، وقدم من أطلابه الأبطال، ورتب الخيالة والرجال، وقوى القلب والجناح، وسدد النبل والصفاح " فصل " أما جيش تيمور فإنه مستغن عن هذه الأمور، لأن أمره معلوم، ووصفه مفهوم وسطر النصر والتمكين على جبين راياته مرقوم، ثم تدانى الجيشان واصطدما واصطليا بنار الحرب واصطلما والتفت الأقران بالأقران، وامتدت الأعناق للضراب وشرعت النحور للطعان، واكفهرت الوجوه واغبرت وكشرت ذئاب الضراب
واهرت، وتهارشت نمور الشرور واسبطرت وتعانشت أسود الجنود وازبأرت واكتست بريش النبال الجلود فاقشعرت، وأهوت جباه الجباه ورؤوس الرؤوس في محراب الحرب للسجود فخرت، وثار الغبار وقام القتام، وخاض بحار الدماء كل خاص وعام، وصارت نجوم السهام في ظلام القتام لشياطين الأساطين رجوماً رواشق، ولوامع السيوف في سحاب التراب على الملوك والسلاطين نجوماً صواعق، ولا زالت سلاهب المنايا تجوب وتجول، وضراغم السرايا تصوب وتصول ونقع السنابك إلى الجو راقيا، ونجيع السوافك على الدو جاريا، حتى غدت الأرضون ستاً والسموات كالبحار ثمانيا واستمر هذا اللدد والخصام نحواً من ثلاثة أيام، ثم انجلى الغبار عن انهزام جيش توقتاميش ولى الأدبار وفرت عساكره وانذعرت وانتشرت جنود تيمور في ممالك الدشت واستقرت، واستولى على قبائلها وأتى على ضبط أواخرها وأوائلها، واحتوى على الناطق فمازه وعلى الصامت فحازه، وجمع الغنائم، وفرق المغانم، وأباح النهب والأسر وأذاع القهر والقسر، وأطفأ قبائلهم، وأكفأ مقاولهم، وغير الأوضاع وحمل ما استطاع